هذا أحبه.. وهذا لا أحبه ! – أخبار السعودية

هذا أحبه.. وهذا لا أحبه ! – أخبار السعودية

[ad_1]

في السنوات القليلة الماضية، أثبتت الأعمال الفنية السعودية قدرتها على التواجد على خارطة الأعمال الفنية العربية، وقد شهد شهر رمضان الماضي الكثير من الأعمال والبرامج التلفزيونية المختلفة التي تتنافس لتحصل على أكبر قدر ممكن من المشاهدين، والبرامج التلفزيونية صناعة لا تعتمد على الواسطة أو المحسوبيات فالجمهور هو الحكم فيها، فالبرامج المميزة تحصل على نسب مشاهدة عالية من خلال إعادة بثها في العديد من القنوات المحلية والعربية، ومن الملاحظ، أنه خلال هذا التنافس التلفزيوني العربي، تمكنت بعض الأعمال الفنية السعودية من فرض وجودها على الساحة الفنية وحققت نسب مشاهدة مرتفعة ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العربي أيضاً.

قبل أيام نشرت من خلال زاويتي بصحيفة عكاظ مقالاً بعنوان «مرة أخرى.. طاش ما طاش»، تناولت فيه حقيقة قد يتغافلها البعض وهي أن الفن يعكس قضايا المجتمع من خلال عرضها برؤية فنية وتجسيد إبداعي يستقطب انتباه المشاهدين، فالفن هو رسالة ثقافية تجسد الواقع وتعكس ما يدور فيه من أحداث، وهو عين ناقدة ثاقبة استشرافية لنقد بعض السلوكيات المستهجنة أو لتعرية الأفكار الهدامة، ويهدف للتوعية والتحذير من مخاطر بعض السلوكيات التي قد تكون دخيلة على المجتمع.

الفن في حقيقته سجل حضاري خالد وغالباً ما يرتبط بشخصيات بذاتها أحبها الجمهور، شخصيات تمكنت من فرض نفسها من خلال إبداعها في تجسيد بعض الأدوار الفنية، غير أنه قد تكون هناك سلبيات -في بعض الأحيان- بسبب رداءة القصة التي يتناولها الفنان أو بسبب ضعفها، لكنها لا تسيء كثيراً لصاحب الشخصية الأصلية، ويبقى العمل الدرامي شاهداً على الحقبة التي يمثلها، «فشارلي شابلن» «ومستر بين» على سبيل المثال شخصيات فنية، غير أن إرثها باقٍ لا يرتبط بشخص من قام بتجسيدها.

عقب انتهاء العديد من الأعمال الفنية التي تم عرضها في رمضان تابعت العديد من التعليقات من خلال منصات التواصل الاجتماعي، التي تراوحت ما بين مدح وذم، وفي واقع الأمر عندما تأملت الكثير من تلك التعليقات بدا لي أن الكثير منها شخصي (بالدرجة الأولى) كونه لا يعتمد على أسس موضوعية، فالبعض يقوم بالنقد معتمداً على مزاجه الشخصي وهل أحب العمل الفني أم لا، والعكس صحيح فالبعض يمتدح أي عمل فني إذا وافق هواه الشخصي فقط.

من المؤكد أنّ تذوّق أي عمل فني هو أمر شخصي تماماً، ولكن في المقابل لا يعني ذلك تقييم العمل الفني بصورة كاملة من منظور مزاج وتجارب كل شخص بعينه، فالنقد علم له أصوله وقواعده العامة، ولا شك أننا لا نطالب كل مشاهد بأن يصبح ناقداً محترفاً، ولكن تقييم الأعمال الفنية بصورة إجمالية يعتمد على مؤشرات عديدة؛ لعل أهمها هو نسب المشاهدة التي ترصدها القناة التي تقوم ببث العمل الفني، كما أن بعض محركات البحث، مثل جوجل، تقوم بنشر بعض الإحصائيات عن أعلى نسب بحث سواء كانت للعمل الفني أو للممثلين أنفسهم، أضف إلى ذلك أن أي عمل فني لا بد أن يُقيَّم كمحتوى وأداء، ونقد المحتوى يجب أن يُقيَّم كفكرة وكمغزى وكتناوُل، وفي حال كونه عملياً واقعياً يجب أن يُقيَّم من منظور قدرته على تجسيد الظاهرة، وفي حال كونه خيالياً يجب أن يُقيَّم من منظور مدى قدرته على تجسيد أطروحته.

نفس الأمر ينطبق على الممثلين حيث يجب تقييم أدائهم من خلال عدة مؤشرات أهمها قدرتهم على تجسيد الدور المناط بهم، فأحياناً يعود فشل الممثل إلى المخرج ذاته من خلال سوء توزيعه للأدوار، فالشخصية الكوميدية قد لا تنجح في أداء الأدوار الدرامية الحزينة والعكس صحيح، وبصفة عامة لا يصح أن أحكم على أداء شخصية ما -على سبيل المثال- من زاوية مدى تقبلي لها من عدمه فحسب، فتلك الشخصية أحبها ولكن تلك الشخصية لا أحبها، فالنقد الذي يعتمد على المزاجية الشخصية مثل السهام المسمومة التي قد تصيب أعمالنا الوطنية في مقتل وقد تتسبب في انهيار الصرح الثقافي الثمين الذي بدأنا لتونا في تشييده.

للأسف هناك فئة عريضة من الأشخاص لا تكتفي بإظهار رأيها في ما يعرض من أعمال، بل تسارع بالنقد الهدام اللاذع داعية لإيقافه من الأساس ومنع أي مشاهد آخر من مشاهدته، ولعل هذه الفئة ترى نفسها وصية على المجتمع، فما تريده يجب على الجميع السير في فلكه، وما تبغضه يجب على الجميع تجنبه، وهذا السلوك لا يقتصر على الأعمال الدرامية فحسب، بل هو مسلك عام يقوم من خلاله بعض الأشخاص بطرح آرائهم بشكل حاد بل ومستفز في بعض الأحيان، ولعلهم يرون أنفسهم الأحق بتحديد توجهات وأذواق المجتمع، والتي تتحدد طبقاً لتوجهاتهم الشخصية وأذواقهم فحسب.

لا شك أننا جميعاً ضد الأعمال الفنية غير اللائقة أو تلك التي تتجاوز الخطوط الحمراء، كالأعمال التي تدعو للفتنة أو تخرج عن تقاليد المجتمع بأسره، ولكن ما دون ذلك يخضع للاجتهادات الشخصية ومدى تقبل فرد دون آخر لعمل ما أو حتى رفضه، ويقع على عاتق المنابر الإعلامية تقديم المزيد من الحملات التوعوية لرفع الوعي وتوضيح مدى خطورة هذه الظاهرة السلبية على المشهد الثقافي والفني بالمملكة على المديين القصير والبعيد معاً.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply