نازحون يمنيون في مرمى الابتزاز الحوثي

نازحون يمنيون في مرمى الابتزاز الحوثي

[ad_1]

المئات من السياسيين فضلوا الصمت حرصاً على سلامة أقاربهم

بعد ساعات من ظهور ابنه على شاشة إحدى قنوات التلفزة من العاصمة المصرية القاهرة، فوجئ رجل يمني طاعن في السن بقياديين حوثيين رفقة مسلحين يحاصرون منزله في محافظة المحويت شمال غربي العاصمة اليمنية المحتلة صنعاء. طالبوه بالمثول لديهم في مقر أمني تابع لهم لتفسير ما فعله نجله.
في المقر الأمني، حاول الأب إقناع القياديين الحوثيين أنه لم يكن على علم بموقف ابنه الذي يعمل صحافياً، ولا حتى بسفره خارج البلاد؛ إلا أن القادة الحوثيين لم يقتنعوا بكل تبريراته، وطلبوا منه التبرؤ من ابنه علانية بوثيقة مكتوبة، ورغم صعوبة الموقف فإن الرجل طلب منهم مهلة للتنفيذ.
هذه الحادثة التي طلب أصحابها حجب أسمائهم لم تكن سوى مؤشر لوقوع النازحين اليمنيين من مناطق سيطرة الميليشيات في مرمى الابتزاز، وهي جانب من معاناة شريحة واسعة تجد صعوبة في إبداء مواقفها من الانقلاب وممارسات الانقلابيين؛ خوفاً على عائلاتهم من التنكيل والابتزاز، بينما يقع آخرون في فخ العودة.
يكشف الصحافي لـ«الشرق الأوسط» إبلاغ والده بما حدث عبر رسالة نصية من هاتفه، وعاتبه لإقدامه على الظهور وإعلان موقفه المناهض للحوثيين، ليشارك والده صعوبة الموقف والعبء الناجم عنه، وأقنع والده بأن الأمر لا يتعلق بموقفه من الانقلاب فحسب؛ بل بمزاولة مهنته وممارسة عمله، فهو لا يملك مصدر دخل آخر إلا عمله صحافياً. ويقول: «اضطررت إلى إقناع والدي بالتبرؤ مني كما طلب الانقلابيون الحوثيون، ورغم أن والدي أبلغني أن نتيجة التبرؤ مني قد تعني مصادرة أملاكي بتهمة الخيانة والعمالة. ذكّرت والدي أني لا أملك أموالاً يمكن مصادرتها، وحتى إن كنت أملكها، فهي لن تكون أهم من سلامة العائلة».
منذ أعوام بدأت الميليشيات مصادرة أموال النازحين من مناطق سيطرتها بتهم مزعومة عن «الخيانة والعمالة والارتزاق»، عبر كيان مستحدث بمسمى «اللجنة المركزية المكلفة باستكمال الإجراءات القانونية ضد المتورطين في الخيانة»، وهو الكيان الذي أنشأه القيادي الحوثي صالح الشاعر، والمكلف من قبل زعيم الميليشيات بمصادرة وإدارة أموال وعقارات السياسيين والناشطين والصحافيين الهاربين من بطش الميليشيات.

ملاحقات وتنكيل

إعلامي آخر كان مختطفاً لدى الميليشيات الحوثية، ورغم مساعي والده الكثيرة للإفراج عنه بأي مقابل، ورغم الأموال التي بذلها للميليشيات، وتعهده بإجبار ابنه على التزام الصمت وعدم الإشارة لها بأي حديث، فإن الميليشيات أفرجت عنه في عملية تبادل للأسرى مع الحكومة اليمنية، ليعيش بعيداً عن والده منذ سنوات تضاف إلى سنوات الاختطاف.
اضطر والد الإعلامي بعد ذلك لإعلان تبرؤه من ابنه لتجنيب نفسه وبقية العائلة ملاحقات وتنكيل الميليشيات، بسبب ما يصدر عن ولده من مواقف وكتابات.
ويوضح الإعلامي لـ«الشرق الأوسط» أنه كان مستعداً للصمت بعد الإفراج عنه والسماح له بالبقاء قريباً من عائلته دون ملاحقات، وفي إحدى زيارات والده له في السجن، اتفقا على ذلك، ونقل والده اتفاقهما إلى الميليشيات الحوثية التي كانت تبتزه بنجله، وتفرض عليه دفع الأموال وكتابة التعهدات.
إلا أن الميليشيات، وبعد كل ذلك، أفرجت عن نجله ضمن صفقة تبادل أسرى، لتحرمه من عائلته وأقاربه وأصدقائه، وتفرض عليه المنفى بعد سنوات من الاختطاف، في حين اضطر والده للتبرؤ منه لتجنيب بقية العائلة التنكيل والملاحقة.
واستخدمت الميليشيات عدداً كبيراً من المختطفين لتحقيق مكاسب مختلفة، فمن جهة ابتزت عائلاتهم للحصول على الأموال مقابل الإفراج عنهم دون أن تفرج سوى عن عدد محدود منهم، ومن جهة أخرى ساومت بهم في مفاوضات للإفراج عن أسراها المقاتلين لدى الحكومة والتحالف الداعم لها.

مأساة خارج السجن

في قصة ثالثة، اضطر عبد العظيم، وهو اسم مستعار لناشط اجتماعي وحقوقي، أن يعود من خارج اليمن إلى صنعاء بعدما ابتزت الميليشيات والده وعائلته بسبب كتاباته حول ما يجري في مناطق سيطرتها من ممارسات، وبعد مفاوضات طويلة اتفق والده مع قيادات حوثية على تأمين عودته وضمان عدم المساس به، والسماح له بمزاولة أي مهنة أخرى.
إلا أن الميليشيات نقضت هذا الاتفاق بمجرد بدء تنفيذه، فبعد أن كان عبد العظيم يتوقع أنه قد جرى إسقاط اسمه من قائمة المطلوبين بحسب ما أبلغ به، وأنه سيتم عقد لقاء ودي بينه وقادة الميليشيات بحضور والده لترتيب إقامته، فوجئ باختطافه من نقطة تفتيش حوثية في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) أثناء توجهه إلى العاصمة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
نقل عبد العظيم إلى أحد سجون الميليشيات، وبقي قيد الإخفاء ما يقارب نصف شهر، حتى تمكن من إيصال رسالة إلى والده بمكان احتجازه عن طريق أحد زملائه المسجونين المفرج عنهم، ليخوض والده بعدها مرحلة جديدة من المفاوضات للإفراج عن ابنه، والتي انتهت بتوقيعهما معاً تعهداً يلزمهما بتنفيذ كل ما يطلب منهما.
لم تنتهِ القصة هنا، فقد طلبت الميليشيات من الناشط أن يثبت محل إقامته أسبوعياً من خلال الحضور إلى أقرب مقر أمني لمنزله بداية كل أسبوع، وأن يقدم إفادة عن جميع تحركاته، وفي حال رغب الانتقال إلى خارج أمانة العاصمة أو المبيت خارج المنزل، فعليه إبلاغ الميليشيات مسبقاً.
يؤكد عبد العظيم لـ«الشرق الأوسط» أنه أفضل حالاً من غيره ممن عادوا من خارج البلاد أو المناطق المحررة بعد العفو العام المزعوم الذي أعلنته الميليشيات عنهم؛ فمنهم من اختطف وتم تغييبه في السجون، ومنهم من أُجبر على العمل لصالح الميليشيات في مجال نشاطه.




[ad_2]

Source link

Leave a Reply