[ad_1]
انتشر في الأيام الماضية مقطع لأحد الشباب وهو ممسك بيديه آلتي «عود» موسيقية إحداهما كبيرة الحجم والأخرى صغيرة، ولا أعرف سبب التباين بالحجم بينهما أم أن السبب للفت الأنظار للمشهد الفانتازي قبل عملية التكسير لهذه الآلات الموسيقية العربية الضاربة أوتارها بالتاريخ. قام بإلقاء خطبة قصيرة كرر فيها أنه يعتزل الفن وعزف العود ويلعن الشيطان ويدعو بالثبات، مثل هذا التصرف والخطاب قد يكون مقبولاً إذا كان بينه وبين نفسه وفي مكان خاص وهذا من حقه بلا شك، لكن أن يقوم بعملية تكسير وقفز فوق هذه الآلة الرقيقة التي تبعث الألحان الشجية وتثير العواطف في مكان عام فهو يبعث برسالة سلبية للمجتمع ويخطّئ من يقومون بالعزف والغناء والفن بشكل عام. الآن الثقافة والفنون بكافة أشكالها تلقى الرعاية الكاملة من قبل الجهات الرسمية وأنشأت وزارة للثقافة والفنون، ومن ضمنها الموسيقى تعليماً وممارسة في المجتمع، فهناك هيئة تعنى بالموسيقى بكافة أشكالها، حيث أقيمت أيام ومهرجانات للموسيقى العربية وحضرت فرق موسيقية عربية وغربية تعنى بالموسيقى الكلاسيكية وأقامت المهرجانات الشعبية وللمهتمين في مدن المملكة، وزارة الثقافة أنشأت صندوقاً للتنمية الثقافية يدعم الأنشطة الفنية ومنها معاهد تعليم الموسيقى الخاصة المنتشرة في المملكة والمتاحة للجنسين صغاراً وكباراً، هذه النهضة الثقافية ومنها الموسيقية في بدايتها بعد عقود طويلة من محاربتها وتحريمها من تيارات دينية متشددة كانت تقيم حفلات تكسير الآلات الموسيقية وخاصة آلة «العود» في المخيمات الصيفية والمدارس والندوات التي كانوا يقيمونها خاصة في أوقات الإجازات الصيفية، مثل هذه الحادثة تذكرنا بتلك الممارسات الظلامية من بعض الجماعات المتشددة التي اختطفت المجتمع لعقود طويلة وحرّمت الفرح في حياته حتى أننا كنا نعيش في موسم حزناً طويلاً، حتى أعراسنا كانت كئيبة وأقرب إلى الحزن والصمت رغم أن ما كان يمارس فيها من رقصات هي في غالبيتها من الألوان الشعبية، رغم ذلك منعت وحرّمت في المجتمع وفرض المنع بتفسيرات دينية ضيقة تحرّم الفرح بكافة أشكاله.
من حق الذي لا يريد أن يسمع موسيقى ألا يحضر الحفلات الموسيقية ولكن أن يأتي أحد الأشخاص ويعيد مشهد التكسير والتكبير فهذه رسالة سلبية لمسيرة التغير والانفتاح التي نعيشها الآن في كافة المجالات والتي أساسها احترام الآخر والتعاطي مع المختلف وليس بالضرورة إلغاء ثقافة البلد، فوطننا الآن يعيش فيه المئات من الجنسيات من جميع دول العالم ولكل ثقافته وعاداته، والموسيقى أداة مهمة للتواصل مع هذه الشعوب الوافدة لنا بل قد تكون أحد الروافد الأساسية في الاقتصاد المحلي في المستقبل المنظور، لا شك أن تغير نمط التفكير الجمعي في أي مجتمع وخاصة في مجتمع تعرّض لغسيل مخ، يحتاج لعقود حتى يبدأ أن يتعاطى مع أشكال الحياة بشكل طبيعي وإدخال تعليم الموسيقى في التعليم العام والخاص من قبل وزارة التعليم ومشاركة وزارة الثقافة في هذا المشروع الثقافي الهام لهو أداة لخلق مجتمع يتماهى مع ظروف ومعطيات عصره بدون مزايدة وانعزالية من أي تيارات ظلامية عشنا تحت سلطتها في عقود مضت وولّت بدون رجعة.
[ad_2]
Source link