مطالب بتشديدات حكومية لفرض كود بناء «زلزالي»

مطالب بتشديدات حكومية لفرض كود بناء «زلزالي»

[ad_1]

مطالب بتشديدات حكومية لفرض كود بناء «زلزالي»

الكوارث الإنشائية في تركيا وسوريا تفتح ملف إعادة النظر في تشريعات التشييد العمراني بالمنطقة العربية


الأربعاء – 8 شعبان 1444 هـ – 01 مارس 2023 مـ رقم العدد [
16164]


الرياض: محمد المطيري

فتح زلزال تركيا وسوريا، الذي ضرب المنطقة خلال فبراير (شباط) الحالي، وخلّفَ نحو 44 ألف قتيل، ملف إعادة النظر في قطاع التشييد وإنشاءات المباني بالمنطقة، ومدى متانة المباني وقدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية كالزلازل والهزات الأرضية، وكذلك متابعة السلطات التشريعية للمقاولين والتزامهم بمتطلبات السلامة العامة وأكواد البناء والاشتراطات الهندسية، بالإضافة إلى مدى جاهزية البنية التحتية المقاومة للكوارث الطبيعية في المدن الكبرى والمزدحمة.
وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» على وجوب تشدد الدول والسلطات التشريعية في قطاع الإنشاءات، وعدم التهاون في الالتزام بأكواد التصميم الزلزالي، والتخطيط الجيد والمستمر لإدارة مخاطر الزلازل، وتطوير أكواد التصميم الإنشائي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وإنتاج خرائط الخطورة الزلزالية الضرورية وتقييمها بشكل دوري، بالإضافة إلى تحديث تشريعات البناء وتوافقها مع التغيرات والظواهر المناخية.
– ضبط قطاع الإنشاءات
قال الدكتور أنيس الشطناوي، عضو نقابة المهندسين، أستاذ الهندسة الإنشائية وهندسة الزلازل في الجامعة الأردنية، إن من واجب الدولة والسلطات المعنية من أجل الحفاظ على أرواح البشر وعلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، الذي قد يتعرض لضرر واختلال كبير جراء الزلازل، التشدد في قطاع الإنشاءات لأقصى حد ممكن، وعدم التهاون، لضمان تلافي أي قصور في التشييد أو حدوث أي اختلالات في مراحل الإنشاء، مشيراً إلى أن معظم المباني القديمة في الدول العربية أنشئت قبل ظهور أكواد التصميم الزلزالي، ولم تأخذ في الاعتبار مقاومة أفعال الزلازل، بالإضافة إلى تقادم بنائها القائم وتأثره بالعوامل البيئية المؤثرة سلباً على خصائص مواد البناء من تآكل وضعف في الخرسانة القديمة، وصدأ لفولاذ التسليح، وعدم تشييدها باختيار النظام الإنشائي الملائم لمقاومة الزلازل، وعدم توفر جدران القص المقاومة للقوى الجانبية الناتجة عن حركة الأرض.
ودعا الدكتور الشطناوي السلطات التشريعية إلى التخطيط الجيد والمستمر لإدارة مخاطر الزلازل، وتطوير أكواد التصميم الإنشائي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، من خلال إنتاج خرائط الخطورة الزلزالية الضرورية، وتقييمها بشكل دوري، وإنتاج تصاميم هندسية مناسبة، يتبعها تدقيق مستقل للتحقق من سلامة وأمان التصميم، ووضع مواصفات قياسية مناسبة لمواد الإنشاء وفحصها، وتطبيق معايير ومنهجيات دقيقة للتنفيذ من قبل المقاولين المؤهلين والمصنفين، مع وجود نظام إشراف هندسي مستمر على كل مرحلة من مراحل المشروع، يرافقه نظام مراقبة وتفتيش من طرف آخر مستقل، يعنى بضمان جودة ونوعية المواد والنظام الإنشائي ومنهجية التنفيذ.
– تحدي النمو السكاني
أوضح الدكتور الشطناوي أنه منذ نشأة الدول العربية في القرن الماضي وتحدي اضطراد النمو السكاني فيها، لم تكن هنالك معايير ومتطلبات واشتراطات قانونية للتصميم الزلزالي للمنشآت، ولم يكن هنالك اهتمام بخرائط الخطورة الزلزالية، وما يتطلبه الأمر من إجراءات تقييم وتنظيم للمناطق السكنية وحسن توزيعها، لافتاً إلى أنه حتى فترة قريبة من مطلع القرن الحالي، بدأ معظم الدول باستصدار أكواد بناء تعنى بموضوع القوى الزلزالية الناشئة على المباني وتفاصيل التصميم الهندسي المقاوم للزلازل، وتحسين أمور تنظيم البناء، والتخطيط من خلال إدارة المخاطر الزلزالية للمنشآت، والاهتمام بنوعية وجودة المواد والأنظمة الإنشائية المستخدمة لزيادة مقاومة المنشآت الحديثة لقوى الزلازل وقدرتها على الاستجابة للحركة الجانبية.
وبيّن الدكتور الشطناوي أنه مع الاهتمام العلمي بعلوم وهندسة الزلازل، بدأت الدول بالدراسات والأبحاث المتعلقة بحركة الأرض وتأثيراتها على الإنسان، وعلى جميع نشاطاته الأخرى، فوق وتحت الأرض، من منشآت ومبانٍ وسدود، وبنية تحتية من جسور وطرق وسكك حديدية وغيرها، وذلك من خلال تحديد مستويات الخطر الزلزالي للمنشآت عبر 3 عوامل أساسية.
ولفت إلى أن تلك العوامل هي الحد من ضعف المباني، عبر وضع معايير واشتراطات ومتطلبات الحد الأدنى لمقاومة أفعال الزلازل، الذي لا يتأتى إلا عبر أكواد التصميم الزلزالي، للوصول إلى تصميم آمن يؤدي إلى تقوية المنشآت وزيادة مقاومتها والوصول إلى تخفيف أضرار الزلزال، وتحديد مستويات الخطورة الزلزالية للأرض والمناطق، عبر إجراء التقييم اللازم للحركات الأرضية والفوالق والتربة لفهم مستويات الخطورة الزلزالية على سطح الأرض وتصنيفها إلى مناطق أو إحداثيات تبين ذلك المستوى من الخطورة الزلزالية الطبيعية، وإنتاج خرائط الخطورة الزلزالية.
وكذلك التخطيط الجيد لتحديد مواقع الأبنية والمنشآت وتوسع المدن الموجودة أو المدن المستحدثة وتنظيمها بتقليل الاكتظاظات السكنية والسكانية وتحديد المسارات المناسبة للطرق والسكك الحديدية ومواقع السدود وغيرها، بحيث يتم تقليل مستوى التعرض أو الانكشاف لأثر الزلازل، وبالتالي الحد من أضرارها الممكنة.
– الصفيحة التكتونية
ولفت أستاذ الهندسة الإنشائية وهندسة الزلازل الأردني الشطناوي إلى مخاطر الزلازل في المنطقة حيث أفاد أن الدول العربية في غرب آسيا تقع على الصفيحة التكتونية العربية، المجاورة للصفيحة الأفريقية من الغرب، وصفيحة الأناضول الشرقية من الشمال، وصفيحة يورآسيا (الإيرانية) والصفيحة الهندية من الغرب، مضيفاً أن الصفيحة العربية تتحرك باتجاه شمال – غرب، بمعدل 10 إلى 15 مليمتراً سنوياً على حدود فالق البحر الميت، الذي يمتد من بحر العرب عبر منتصف البحر الأحمر، إلى العقبة والبحر الميت، فشمال الأردن عبر لبنان وسوريا، وصولاً إلى جنوب تركيا حيث يلتقي ويصطدم بفالق صفيحة الأناضول الشرقية.
واستطرد: «تتحرك الصفيحة الأفريقية المجاورة باتجاه الشمال تقريباً، بموازاة حركة الصفيحة العربية، لتصطدم مع صفيحة الأناضول الشمالية… وهذه الحركة للصفيحة العربية مع الصفيحة الأفريقية هي من نوع الحركة الانزلاقية الجانبية على التوازي، ما يحفز حدوث الزلازل على امتداد فالق البحر الميت، ويؤدي إلى ابتعاد الصفيحتين إحداهما عن الأخرى نحو 5 مليمترات سنوياً».
وأشار الدكتور الشطناوي إلى أن منطقتنا العربية في آسيا معرضة للزلازل «الضحلة العمق»، وهي من النوع الانزلاقي السطحي الأكثر ضرراً على المباني والمنشآت، ما قد يسبب خسائر بشرية وضرراً كبيراً للمنشآت والاقتصاديات الوطنية للدول وللمواطنين، إذا ما حدث زلزال بمقدار كبير، وما تترتب عليه من آثار اجتماعية سلبية وخيمة.
– الأحمال العمودية
من جانبه، أوضح الدكتور عبد الله العبد الكريم، أستاذ الهندسة الإنشائية في جامعة الملك سعود بالسعودية، أن المباني الخرسانية بشكل عام مصممة لمقاومة الأحمال العمودية كوزن الخرسانة والأسقف، والأحمال الحيّة كالأثاث والأشخاص، ولا تأخذ في الحسبان عادة الأحمال والقوى الجانبية كالزلازل والحركة الأفقية للقشرة الأرضية، مضيفاً: «إننا في منطقة غير مهددة بالزلازل».
وأضاف العبد الكريم أن كود البناء السعودي الذي يلزم المقاولين بالتقيد فيه، يركز على وضع اشتراطات خاصة حول كمية حديد «التسليح» وتوصيل الأعمدة بالقواعد أو بالأسقف وطريقة ربط الزوايا وأبعاد الحديد والزيادة في مقاطع العناصر الخرسانية، بسبب أن نقطة التقاء الأعمدة بالأسقف أو بالقواعد هي أضعف وأخطر نقطة أثناء حدوث الزلزال.
– 4 تقنيات
وأشار الدكتور العبد الكريم إلى وجود 4 تقنيات بناء عامة تستخدم لمقاومة الزلازل والتخفيف منها، وهي استخدام جدران القص الخرسانية المسلحة وتوزيعها من أسفل المبنى حتى أعلاه في الاتجاهين، من أجل جعل حركة المبنى والمفاصل واحدة أثناء الاهتزاز، واستخدام دعامات مائلة بين الأعمدة بشكل هيكلي، بحيث تمتص القوى الأفقية وتحولها للأعمدة، وكذلك استخدام الحديد بشكل مكثف، كما في جميع العناصر الخرسانية، بحيث تساعد على توحيد حركة المبنى، بالإضافة إلى عزل القواعد باستخدام أساسات مرنة لامتصاص القوى الأفقية، وإعطاء حرية أكبر للمبنى للحركة بشكل أفقي أثناء تعرّضه للزلزال.
تكثيف الرقابة
ودعا الدكتور العبد الكريم إلى تكثيف الرقابة والمتابعة لأداء مقاولي البناء ومدى التزامهم بمتطلبات السلامة العامة وبتراخيص وأكواد البناء، مضيفاً: «إن الإهمال الحاصل من قبل بعض المقاولين وانعدام الأمانة عند بعضهم وإخلالهم باشتراطات البناء، وخصوصاً استخدام بعضهم لكثير من الأعمدة (المزروعة) غير الممتدة إلى القواعد، وكذلك البروزات الطويلة، ما يشكل خطراً كبيراً في حال وقوع أي حركة أفقية للمبنى».
– إعادة النظر
من جهته، شدد المستشار الهندسي يزيد العرفج على أهمية إعادة النظر في ملف الإنشاءات والتشييد بالمنطقة، وتحديثه بشكل مستمر، بما يتوافق مع التغيرات والظواهر المناخية في المنطقة، مؤكداً مساهمة ذلك في حماية أرواح البشر، وتقليل الخسائر المادية والمعنوية، والأضرار التي قد تلحق بالمباني والمناطق المتأثرة بالكوارث الطبيعية.
وعرج المهندس العرفج على اهتمام كود البناء السعودي، على سبيل المثال، بمقاومة أحمال الرياح والزلازل وتطبيقه لمعادلات خاصة بذلك، بالإضافة إلى التحديثات المستمرة في الكود، ما سهل على المختصين والمهندسين في تطبيق النمذجة خلال مرحلة تصميم المباني، مضيفاً أن المملكة اهتمت في تشريعات البناء بتحسين معاملات الزلازل والرياح وتوافقها مع الطبيعة المناخية للمملكة، كما ساعد كود البناء السعودي المكاتب الهندسية بتفاصيل إنشائية وتقسيم المباني لدرجات متفاوتة، حسب درجة خطورة المباني، وطبيعة النشاط الزلزالي فيها.
– دور الفساد وإهمال الالتزام بالقوانين المستحدثة
فتح زلزال تركيا باباً واسعاً للحديث عن دور الفساد، إذ أقدمت الحكومة التركية على فتح ملفات فساد كثير من المقاولين والمهندسين المعماريين، وعن الرداءة في إنشاء البنايات والشقق السكنية والغش في جودة مواد البناء المستخدمة فيها، حيث تحركت وزارة العدل التركية، بعد أيام من وقوع الزلزال، ونفذت السلطات حملة اعتقالات طالت أكثر من 100 مقاول في جميع أنحاء المقاطعات العشر المتضررة من الزلزال حيث تطولهم اتهامات بمسؤولية انهيار المباني.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية أن وزارة العدل التركية أمرت المسؤولين في تلك المقاطعات بإنشاء «وحدات للتحقيق في جرائم الزلزال»، كما أمرت بتعيين مدعين عامين لتوجيه تهم جنائية ضد جميع المقاولين والمسؤولين عن انهيار المباني التي أخفقت في تلبية القوانين الحالية المستحدثة بعد زلزال كارثي مماثل وقع عام 1999.
ووفق ما نقلته الوكالة عن وزير العدل بكر بوزداغ، أخيراً، هناك 245 مشتبهاً به، تم اتخاذ إجراءات بحقهم، مضيفاً أنه «يتم تقييم خطأ كل شخص مسؤول عن البناء والتحكم والاستخدام، بشكل منفصل».
ووضعت تركيا قوانين بناء جديدة بعد زلزال عام 1999، إلا أن السلطات التركية تعتقد أن المقاولين لم يلتزموا في كثير من الأحيان بتلك القوانين والتشريعات التنظيمية، بهدف كسب مزيد من المال، باللجوء لمواد أولية رخيصة من بين أشياء أخرى. وأرجعت السلطات أسباب الدمار الهائل، الذي خلّفه الزلزال، لعوامل عدة. من الأبنية الشاهقة، إلى منح تصاريح بناء في عدة مناطق لم تستوفِ الاشتراطات.



العالم العربي


Arabic Economy



[ad_2]

Source link

Leave a Reply