[ad_1]
يرتاح كيم جونغ أون في حضرة الإناث. يشكّلن طوق أمانٍ مناسباً حول الزعيم الكوري الشمالي الذي اعتاد أن يطلّ على الجماهير، مرةً برفقة شقيقته كيم يو جونغ، ومرةً مع زوجته ري سول جو، وأحياناً مع مَن يقال إنها عشيقته ومستشارته هيون سونغ وول.
رفيقة كيم الجديدة أنثى من نوع آخر. إنها ابنته كيم جو إي، شاغلة كوريا الشمالية وكثيرين حول العالم. لا معلومات تُذكَر عنها سوى أنها لم تتجاوز العاشرة، ويُرجّح أن لديها أخاً أكبر وأختاً صغرى. تَعرّف عليها الرأي العام طفلةً في شهورها الأولى سنة 2013، من خلال صورة نشرها لاعب كرة السلة الأميركي وصديق والدها، دنيس رودمان.
وها هي كيم جو إي تعود إلى الضوء من جديد، إنما هذه المرة بإرادة والدها الذي يصطحبها مؤخراً إلى كل مناسبة، اجتماعيةً كانت أم رياضية أم عسكرية، أو حتى صاروخية!
سيّدة صغيرة وسط الصواريخ
ليس مشهداً مألوفاً أن يحضر طفل تجربة إطلاق صواريخ. لكن هذا ما حدث مع جو إي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما تفحّصت عن كثب «ثروة» بلادها الباليستية. في تلك الإطلالة، وصفها إعلام بيونغ يانغ الرسمي بالابنة «المحبوبة» للقائد. لكن ما هي إلا 3 أشهر، حتى صارت الابنة «المحترمة»، بالتوازي مع تكثيف إطلالاتها الرسمية إلى جانب أبيها.
لا تُمنح تلك الصفة في كوريا الشمالية إلا لأفراد المجتمع «المكرّمين»، أمثال كيم وزوجته والشخصيات المؤثرة داخل الحزب الحاكم. كبرت كيم جو إي قبل الأوان، وأُلبِست ألقاب الكبار؛ من طفلةٍ ترتدي سترة رياضية بيضاء وتمسك بيد والدها، تحوّلت بلمح البصر إلى سيّدة صغيرة تلبس أزياء قاتمة، وتتقن بروتوكول المنابر والصور الرسمية. ورغم ذلك، فإنها تبدو دخيلةً على هذا الديكور الذكوري والعسكري.
خلال شهر فبراير (شباط) وحده، أطلّت جو إي أكثر من 5 مرات على الإعلام برفقة والدها، وقد تحوّل بعض تلك الإطلالات إلى طوابع بريديّة بدأ اعتمادها في البلاد، الشهر الحالي.
تزور حيناً مصنعاً للصواريخ، ثم تشارك في عشاءٍ رسمي إلى جانب والدَيها وعشرات الجنرالات في إحدى ثكنات بيونغ يانغ. تستفيق في اليوم التالي لتتوجّه مباشرةً إلى عرض عسكري ضخم في شوارع العاصمة، حيث تتفرّج مزهوّةً على أكثر من 12 صاروخاً باليستياً عابراً للقارات. ضخامة المشهد المنظّم لا تسلبها عفويّتها، فترمي البروتوكول خلفها لحظةً لتداعب وجه والدها.
قرأ بعض المحللين في تلك الإطلالات المتكررة لجو إي، تمهيداً لخلافة والدها على رأس السلطة في البلاد، وتحضيراً لها للأنشطة العسكرية. وحلّل متابعون الأمر على أنه حملة دعائية تلمّع صورة كيم جونغ أون وتُبرزُه أباً حنوناً. في حين رأى آخرون أنّ إظهارها على العلن بهذه الطريقة، ما هو إلا تأكيد على استمرارية سلالة «كيم» الحاكمة، ومعها البرنامج النووي.
مهما كانت الأسباب التي دفعت كيم إلى وضع ابنته في الواجهة؛ فهو يسترجع بذلك مشهداً ليس غريباً عليه. كيم جونغ أون نفسه كان يحتفل بعيد ميلاده الثامن منذ 31 عاماً، يوم أُهديَ سترة جنرال مزيّنة بالنجوم، وانحنى له الجنرالات الحقيقيون، مفتتحين بذلك أمامه درب الوراثة.
لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن جو إي ستخلف والدها؛ فالسلطة الفعلية في البلاد ما زالت بيد الذكور، ثم إن لديها شقيقاً أكبر، حسب ما هو متوفر من معلومات.
ابنة «الزعيم» والأبناء «العاديّون»
حسب تقارير نقلتها شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فإن السلطات في كوريا الشمالية وجّهت منذ أيام، أوامر إلى مَن يحملن اسم كيم جو إي بضرورة تغيير أسمائهنّ وشهادات ميلادهنّ. على ما يبدو، ليست القواسم المشتركة مسموحاً بها بين ابنة الزعيم وبنات الشعب وأبنائه.
وحدَه ما يجمع بينها وبين أترابها أنهم يكبرون قبل أوانهم. يُحَمّلون المسؤوليات ويُرغمون على النضج المبكر؛ فأطفال كوريا الشمالية ليسوا كباقي أطفال العالم. وفي حين وُلدت كيم جو إي مع لقب «ابنة الزعيم»، يولد الأطفال هناك مع مراتب اجتماعية مختلفة تتراوح بين رتبة «مميّز» و«عدو»، وما بينهما من «أساسي»، «عادي» و«معقّد».
مهما كان لقبهم، فإن النظام المجتمعي والتربوي الشمولي يمنع الأهالي من تدليل أولادهم، فالمطلوب أجيالٌ عاملة ومسؤولة ومطيعة، لا تعرف شيئاً عن الرفاهية. في كوريا الشمالية، يُلقّن الأطفال كل يوم أن «الكسل يودي إلى الانتحار».
يحدّد ولاءُ ذويهم للحزب الحاكم مستقبلَ أولئك الأطفال، لناحية دراستهم ومهنتهم وحالتهم المادية. منذ سنتهم المدرسية الأولى وهم في الخامسة، يُلقَّنون عبادة الزعيم وسلالة كيم من الجدّ إلى الابن، مروراً بالأب. يحفظون ألقابهم عن ظهر قلب، ويدرسون أنشطتهم «الثورية». وعلى قاعدة «اعرف عدوّك»، يتعلّمون معاداة «الأميركيين الإمبرياليين»، و«اليابانيين العسكريتاريين»، و«الكوريين الجنوبيين الخوَنة». حتى أفلام الأطفال الأكثر رواجاً تتمحور حول الأولاد المحاربين لأعداء البلد.
تصبّ الرياضة والفنون هي الأخرى في خانة عبادة الزعيم؛ ففي وقتٍ لا تكترث فيه المدارس باللّغات الأجنبية كالإنجليزية، ينصبّ اهتمامها على التدريب الفني. يخرج من بين الأطفال فنانون صغار لا ينقصهم شيء من الاحتراف، يغنّون ويعزفون ويرقصون لكيم و«للوطن المفدّى».
بعيداً عن المسارح والأغاني والأزياء الزاهية، ترزح أعداد كبيرة من أطفال كوريا الشمالية تحت خط الفقر والجوع والاستغلال؛ فبحسب تقرير صادر عام 2021 عن منظمة «هيومان رايتس واتش»، تسيطر السلطات الكورية الشمالية على الأجيال الصاعدة، عبر إخضاعهم لعمالة الأطفال.
تحت اسم «التطوّع»، يذهب الأطفال بالمئات للعمل في المناجم والمزارع وورش البناء، وسط ظروف قاسية وخطرة وغير إنسانية. معظم هؤلاء مِن الأيتام، ويمضون سنوات يعملون خلالها لساعات طويلة مقابل طعام لا يسدّ جوعهم، دائماً حسب تقرير المنظمة الدولية. أما من يعصي الأوامر ويرفض التطوّع؛ فيكون مصيره العقاب الشديد والتعذيب والسجن الطويل.
تقضي كيم جو إي معظم وقتها في قصر والدها، في حين أن معظم أترابها رهائن المناجم والحقول. لكن مهما تنوّعت أساليب العيش، فإنّ بينها وبينهم هدفاً واحداً؛ تكريم الزعيم كيم أون والحفاظ على سطوته.
[ad_2]
Source link