[ad_1]
هل يدفع زلزال سوريا وتركيا شركات الأدوية لإنتاج لقاحات الكوليرا؟
بعد مخاوف أممية من تفشي المرض
الأربعاء – 24 رجب 1444 هـ – 15 فبراير 2023 مـ
كارثة الزلزال في سوريا دمرت البنية التحتية (AFP)
القاهرة: حازم بدر
أثار زلزال تركيا وسوريا مخاوف من انتشار وباء الكوليرا، وهو أحد الأمراض التي يرتبط ظهورها بتدهور البنية التحتية بعد الزلازل، كما حدث في أسوأ تفشٍّ في التاريخ الحديث للمرض، شهدته دولة هايتي في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2010. والكوليرا مرض بكتيري ينتقل بشكل أساسي من خلال المياه الملوثة، ويمكن علاجه والوقاية منه بشكل كبير. ومع ذلك، في غياب العلاج والوصول إلى المياه النظيفة، يمكن أن يسبب الجفاف الشديد والوفاة بسرعة.
وكان المرض قد تفشى في هايتي بعد نحو عشرة أشهر من وقوع زلزال ضخم في يناير (كانون الثاني) من عام 2010، وعانى أكثر من 6 في المائة من الهايتيين من المرض، وهو نفس السيناريو الذي يخشى تكراره في تركيا وسوريا.
وفي اليوم السابق للزلزال، أصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أحدث تقرير عن تفشي المرض، الذي بدأ في أغسطس (آب) من عام 2022 بسوريا، ومنذ ذلك الحين، أحصى مسؤولو الصحة ما يقرب من 85 ألف حالة من العدوى البكتيرية التي تنقلها المياه و101 حالة وفاة بسبب الإسهال المائي الحاد الذي تسببه، وتضمن التقرير بيانات حتى الأسبوع المنتهي في 21 يناير، حيث رُصد خلاله ألفان و750 حالة.
وتتداخل بعض المناطق الأكثر تضرراً من تفشي وباء الكوليرا في سوريا مع تلك التي تضررت بشدة من الزلزال، وهي المناطق المحيطة بمدينتي حلب وإدلب، والقريبة من الحدود مع تركيا، والمعرضة هي الأخرى لعبور المرض إليها.
ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تشكل المناطق المحيطة بإدلب، التي دمرتها الحرب الأهلية 28.5 في المائة من حالات الكوليرا في سوريا، وتشكل المناطق المحيطة بحلب 23 في المائة من الحالات. ويقول أحدث تقرير للمكتب، إن «هناك خوفاً على حالة إمدادات المياه بعد الزلزال»، حيث تشير التقارير الأولية إلى أضرار كبيرة في شبكات المياه، يتوقع معها زيادة حالات الكوليرا، في الوقت الذي يعاني فيه العالم بسبب النقص العالمي في اللقاحات، الذي يرجع إلى حد كبير إلى نقص التمويل وزيادة حالات تفشي المرض في جميع أنحاء العالم.
الأربعاء الماضي، أفادت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا إيمان الشنقيطي بأن منظمة الصحة العالمية أرسلت أكثر من نصف مليون قرص لتطهير المياه إلى سوريا، وهي إحدى أدوات مواجهة المرض، إلى جانب مجموعات علاج الإصابات، ولكن تبقى هناك مشكلة في إمدادات اللقاحات.
وتُمنح اللقاحات في المناطق التي تشهد تفشياً للمرض لمنع انتشاره، وهذه اللقاحات موجودة منذ أكثر من قرن، ولكن المشكلة أن هناك نقصاً في المتاح منها، بسبب تفشي المرض في أكثر من دولة. وبالإضافة إلى سوريا، يتفشى المرض في دول مثل باكستان وأفغانستان وملاوي ونيجيريا وهايتي، وبين 20 ديسمبر (كانون الأول) 2022 و15 يناير الماضي، تم الإبلاغ عن ما يقرب من 75 ألف حالة إصابة بالكوليرا في جميع أنحاء العالم، وهذا يمثل زيادة عالمية كبيرة في تفشي المرض. وفي عام 2022 وحده، أبلغت 29 دولة عن حالات إصابة بالكوليرا، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، حيث يتفاقم تفشي الكوليرا بسبب تغير المناخ.
وحالياً، فإن مخزون لقاحات الأمم المتحدة غير كافٍ لدرجة أن منظمة الصحة العالمية أصدرت توجيهاً طارئاً يقصر التحصين على جرعة واحدة بدلاً من الجرعتين اللتين يتطلبهما البروتوكول المعتاد، ومن غير المرجح أن تتحسن الأمور قريباً.
وقال فيليب باربوزا، رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي بالمنظمة، في تصريحات صحافية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن «هناك موردَين للقاحات الكوليرا؛ شركة كوريا الجنوبية (إيوبيولوجكس)، وشركة (شانتا بيوتكنيكس) الهندية، وهي مملوكة بالكامل لشركة (سانوفي) الفرنسية، وقد قررت الهندية إيقاف الإنتاج العام المقبل، أما إنتاج الكورية فمقيد بسبب توسعات في منشآتها، وثمة شركة أخرى ستبدأ قريباً، لكن إنتاجها سيكون منخفضاً مقارنة بالطلب».
ويعاني العالم من نقص في هذا اللقاح المنقذ للحياة، رغم أن الجرعة الواحدة تكلف أقل من 1.50 دولار، والسبب وراء النقص في هذه اللقاحات «يعود إلى رغبة شركات الأدوية في تحقيق الأرباح»، كما يقول محمد الحفناوي، أستاذ الصحة العامة بجامعة بني سويف المصرية، لـ«الشرق الأوسط».
ويوضح الحفناوي أن «الكوليرا مرض يرتبط بالبنية التحتية غير الجيدة، لذلك فهو مرض الفقراء، ولا تستطيع شركات الأدوية فرض أسعار مرتفعة على تلك الدول وتحقيق أرباح ضخمة، ولا يملك المجتمع الصحي العالمي الكثير من النفوذ لإجبار الشركات على إنتاج المزيد من الجرعات، إذا لم ترَ أنها ستحقق أرباحاً».
وهنا تؤكد نينا شوالبي، الأستاذة في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا الأميركية، المعنى نفسه الذي ذهب إليه الحفناوي، وتضيف إليه مزيداً من التفاصيل الاقتصادية. وتوضح في تقرير نشره (الثلاثاء) موقع (كوارتز) الأميركي، المعني بشؤون المال والأعمال: «تقدر السوق العالمية الحالية للقاحات الكوليرا بنحو 95 مليون دولار، وهذا لا يكفي لاحتمالية الكسب لإبقاء شركات الأدوية الكبرى مهتمة، وحتى لو استوعبت شركة (سانوفي) السوق بالكامل، على سبيل المثال، فإن الإيرادات ستشكل أقل من 0.2 في المائة من إجمالي عائدات شركة الأدوية البالغة 47.8 مليار دولار لعام 2022». وتضيف أن «الشركات المصنعة الأصغر مثل (إيوبيولوجكس) في كوريا الجنوبية، لا يمكنها استيعاب المزيد من الطلب العالمي، مقارنة بحجمها».
حول هل تؤدي كارثة زلزال تركيا وسوريا إلى تغيير هذا الوضع؟ تقول شوالبي: «بلا شك، هناك حاجة إلى الاستثمار بشكل عاجل في توسيع إنتاج لقاحات الكوليرا الحالية، وكذلك في تطوير لقاحات جديدة يمكن توفيرها في سياق الأزمات».
من جانبها، لا تنكر منظمة الصحة العالمية وجود أزمة في لقاحات الكوليرا، بسبب أن الاحتياجات الفعلية للاستجابة لتفشي المرض الحاد ولمنع حدوثه (التطعيم الوقائي)، تتجاوز بكثير الجرعات المتاحة، وهو وضع قد يزداد سوءاً حال حدث مزيد من التفشي للمرض بعد الزلزال، كما يقول حسن قمرول، رئيس وحدة اللقاحات بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية لـ«الشرق الأوسط».
وكانت فرقة العمل العالمية لمكافحة الكوليرا قد قدرت سابقاً الحاجة إلى نحو 250 مليون جرعة لكل من تفشي المرض والتلقيح الوقائي، خلال الفترة من 2022 إلى 2026، ولكن قد يتعين مراجعة هذه الأرقام في ضوء التطورات الجديدة، كما يؤكد قمرول.
ولحل المشكلة لا يوجد حل على المدى الطويل سوى زيادة الإمدادات. ويقول قمرول: «يبلغ مخزون الطوارئ من اللقاح لدى المنظمة، نحو 5 ملايين جرعة، ويتم إنتاج نحو 2.5 مليون جرعة شهرياً، ولكن نظراً لأن مصنعي اللقاحات ينتجون بأقصى طاقتهم الحالية، فلا يوجد حل قصير الأجل لزيادة الإنتاج».
[ad_2]
Source link