[ad_1]
في خطوة تعكس مستوى الخلاف في أوساط قادة الانقلاب الحوثي، تراجع قاضي محكمة أمن الدولة في صنعاء عن قرار سابق بالإفراج عن 4 من النشطاء يحاكمون بتهمة تحريض الرأي العام بعد انتقادهم الفساد، في حين أكدت منظمة حقوقية أوروبية أنه لا يمكن التعويل على استقلالية القضاء بسبب سيطرة جماعة الحوثي عليه، واستخدامه ضمن أدوات الانتقام من الخصوم والمعارضين السياسيين.
المحكمة الحوثية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة استأنفت جلسات محاكمة النشطاء الأربعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مصطفى المومري، وأحمد حجر، وأحمد علاو، وحمود المصباحي، وقال رئيسها يحيى المنصور إنه أجّل تنفيذ القرار الذي اتخذه الأسبوع الماضي بالإفراج عن علاو والمصباحي إلى حين الاطلاع على الأدلة الجديدة التي قدمتها النيابة، لكن مصادر على قدر كبير من الاطلاع ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار جاء على خلفية الضغوط التي يمارسها القيادي محمد علي الحوثي الذي نصّب نفسه رئيساً لما تسمى «المنظومة العدلية».
اتهامات متبادلة
وطبقاً لما ذكرته المصادر، فإن محمد علي الحوثي الذي أعلن صراحة من قبل دعمه اليوتيوبر المومري وأحمد حجر، احتج على قرار القاضي الإفراج عن زميليهما، وأنه يطالب بالإفراج عن الجميع أو إبقائهم في السجن معاً، ورأى في الخطوة استهدافاً للمجموعة التي يدعمها ويستخدمها غالباً لمهاجمة خصومه، وتقديم نفسه على أنه يتزعم الجناح المناهض للفساد.
المصادر ذكرت أن الجناح الذي يقوده أحمد حامد مدير مكتب مجلس حكم الانقلابيين، يتهم محمد الحوثي بتشجيع هؤلاء الناشطين، ومعهم محمد العماد مدير قناة «الهوية»، على مهاجمة مسؤولي الجماعة لتصفية حسابات خاصة تحت مبرر مكافحة الفساد، وأن هذا الصراع أفضى إلى توجيهات وُصفت بأنها عليا لتوفير محاكمة عادلة للمتهمين الأربعة؛ لأن ذلك سيؤدي من جهة إلى احتواء الخلافات بين قيادات الميليشيات، ومن ناحية ثانية سيقدم صورة مختلفة عن المحكمة التي أصدرت عشرات الأحكام بالإعدام بحق معارضين سياسيين وناشطين وصحافيين.
وتأكيداً لذلك سمح القاضي المنصور لوسائل الإعلام بحضور جلسات محاكمة النشطاء الأربعة، ولفريق من المحامين بالرد على اتهام النيابة لهم بـ«تحريض الناس على الفوضى والخروج إلى الشوارع، واقتحام الوزارات، وشلّ وظيفتها، وعدم الانقياد للقوانين»، كما تسلمت المحكمة من هيئة الدفاع عريضة تطعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش والإحالة، وقرر القاضي استئناف جلسات محاكمتهم هذا الأسبوع. وكل هذه الإجراءات حُرم منها المئات من الناشطين والصحافيين والسياسيين والبرلمانيين والتجار، ممن صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، أو بالحبس ومصادرة الممتلكات؛ إذ عقدت المحكمة سيئة الصيت بعض جلسات محاكمتهم في مقر جهاز المخابرات، كما تحاط الجلسات بسرية مطلقة، ويُحرم المتهمون من توكيل محامين للدفاع عنهم أو التواصل مع أسرهم.
قمع وتنكيل
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عبّر عن قلقه من محاكمة النشطاء الأربعة الذين يُحتجزون تعسفياً منذ أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي على خلفية تهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير.
وقال مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي، أنس جرجاوي، إن «من المشين احتجاز مدوني الفيديو وتصويرهم كمجرمين مكبلين في قفص الاتهام لمجرد انتقادهم لسلطة الأمر الواقع الحوثية». واعتبر أن هذا المشهد «يعكس مستوى الانحدار السحيق الذي وصلت إليه حالة الحريات تحت حكم جماعة الحوثي».
وفي حين أكد أن «تعمّد وصم كل من يعبر عن رأيه بالخيانة أو التعاون مع الأعداء، ليس جديداً أو مستغرباً، ولكنّه أسلوب تتبعه جماعة الحوثي للقضاء على أي آراء معارضة لممارساتها، وتغييب النشطاء والمعارضين بحجج أمنية واهية»؛ قال إنّه «لا يمكن التعويل على استقلالية القضاء بسبب سيطرة جماعة الحوثي عليه بشكل كامل، واستخدامه ضمن أدوات الانتقام من الخصوم والمعارضين السياسيين، بما ينافي مبدأ استقلالية ونزاهة السلطة القضائية».
وأشار جرجاوي إلى أنّ ظروف الاحتجاز والمحاكمة لدى جماعة الحوثي تثير مخاوف عميقة، سواء على صعيد إساءة معاملة المحتجزين، أو حرمانهم من حقوقهم القانونية وتلفيق تهم غير عادلة لهم؛ إذ وثّق المرصد في حالات سابقة إساءة معاملة المحتجزين في سجون الجماعة، والحكم على آخرين بالإعدام «على خلفية تهم فضفاضة وبعد محاكمات افتقرت لشروط العدالة».
وأضاف: «كان من الأجدر بسلطة الانقلاب التحقيق في مزاعم مدوني الفيديو المحتجزين بشأن الفساد والتعامل بمسؤولية مع تلك الادعاءات، بدلاً من احتجازهم ومصادرة حرياتهم».
ووصف المرصد الحقوقي احتجاز ومحاكمة النشطاء الأربعة بأنها «امتداد لسياسة القمع وتكميم الأفواه التي تنتهجها الجماعة في مناطق سيطرتها في اليمن، وإصرار على المضي قدماً في نهج مصادرة حريات الأفراد، وتقويض قدرتهم على ممارسة حقوقهم المشروعة». وطالب الانقلابيين بالتوقف عن تجريم حرية الرأي والتعبير والانتقاد السلمي.
[ad_2]
Source link