قرأت لك: «الدبلوماسية أخلاق ومهنة» للدكتور جمال رفة – أخبار السعودية

قرأت لك: «الدبلوماسية أخلاق ومهنة» للدكتور جمال رفة – أخبار السعودية

[ad_1]

ما زالت الكتب، والمنشورات الورقية، هي المصدر الرئيس للعلم والثقافة، والمعرفة، بصفة عامة، رغم التطور الهائل في الوسائل الإليكترونية، التي مكنت القراء من امتلاك مكتبة صغيرة بكاملها، في شريحة، أو شريط، لا يزيد حجمه عن حجم عقلة الأصبع الواحد للإنسان. كما يسرت للقراء والباحثين، سهولة الحصول على أي معلومة، أو مرجع، أو وثيقة، يحتاجونها، في دقائق. ومع ذلك، يظل للمادة المطبوعة ورقياً مزايا، يعتقد أنها ستضمن استمرار تصدرها لمصادر المعرفة، ولو إلى حين.

ومن مظاهر تقدم بلادنا، ومواكبتها للتطور العالمي؛ خاصة العلمي والتقني والمعرفي، هي كثرة الإصدارات الثقافية، ونضجها، كمّاً ونوعاً. وهذا ما يلاحظ مؤخراً. ففي كل أسبوع، تقريباً، يصدر الكاتب فلان، أو المسؤول علان، كتاباً أكاديمياً، أو علمياً، أو تقنياً، أو أدبياً، أو فنياً… إلخ. ومن العادات الجميلة إهداء الكتب، وتبادلها بين الأصدقاء والمعارف. ولكن القراءة لدينا ما زالت محدودة، وأقل مما يجب، كما تشير بعض الدراسات. ولم يواكب هذا التقدم الحضاري والتطور في النشر، مع الأسف، تطور في الإقبال على القراءة.

وأرى، وأنا أكتب هذه الأسطر، كتباً عدة في مكتبي، مهداة إلى من أصدقاء وزملاء أعزاء. ونظراً لافتراضى أنها مؤلفات قيمة، وبذل في إصدارها جهد ثمين، ولمعرفتي الوثيقة بمؤلفيها، وبارتفاع مستوى تفكيرهم، ونضج تجاربهم، فقد عزمت قراءة ولو بعضها، كتاباً، بعد آخر، متى سنحت الفرصة لي، ثم كتابة ملخص سريع لبعضها… راجياً أن يجد -القارئ الكريم- فيما أكتب بعض ما قد يفيد. والواقع، أن تحليل محتوى كتاب في مقال صحفي لا يفي الكتاب حقه، ولا يوضح، ويلخص أهم مزاياه، وعيوبه، ولكنه يلقي الضوء على الكتاب المعني، ويلفت النظر إلى موضوعه الرئيس، لمن يهمه الأمر، خاصة في حالتنا الثقافية التي تتسم بالرغبة في القراءة السريعة.

أما تحليل أي كتاب تحليلاً علمياً ونقدياً ضافياً، فمكانه الدوريات العلمية، وليس الصحف السيارة، كما سبق وأشرت. وقد يسعفني الوقت، وتمكنني الصحة، من كتابة تحليلات علمية، لبعض الكتب، على الأقل. وليس القصد بالكتابة هنا تقديم مجاملة لأحد، أو محاباة لإنتاجه، بل إن المقصود هو التقييم الانتقادي السريع لمضمون كل كتاب، والإشارة للمعلومات التي أعتقد أنه يستحسن للمثقف السعودي الاطلاع عليها، ولو من باب المعرفة بالشيء، وأخذ الحكمة من التجارب الناجحة. كما أن الكتابة عن الكتب قد تبعدنا بعض الشيء عن الخوض في «السياسة»، هذا المجال الشائك، وإن كنت أؤمن بأن السياسة داخلة، وبقوة، في كل شيء، بما في ذلك مؤلفات، و«مذكرات» النخبة.

****

وقد اخترت اليوم كتاب الأخ الكريم السفير الدكتور جمال عبدالعزيز رفة، الذي أصدره قبل سنوات، وهو بعنوان: الدبلوماسية: أخلاق ومهنة/‏ أخلاقيات الدبلوماسية (جدة: المؤلف، 1431هـ). يقع الكتاب في 198 صفحة من النوع المتوسط. وتحتل «أهم الاستنتاجات» و«الملاحق»، والمراجع فيه، الـ28 صفحة الأخيرة. ومن التصفح الأول، نجد الكتاب عبارة عن: رفض للسلوك الميكافيللي في السياسة والدبلوماسية، والنصح بالتمسك بالأخلاق الحسنة، خاصة بمرجعيتها الإسلامية. فهذا هو «ما يجب أن يكون»، في: «ممارسة الدبلوماسية في عالم اليوم، الذي تدهورت أخلاقه، في كل المجالات، وعلى كل المستويات… فقد أصبح العالم اليوم عالماً تحكمه المصالح، وضعفت فيه الفضيلة والعدل»، كما قال المؤلف في رسالة إهدائه. ويحفل هذا الكتاب بمعلومات دبلوماسية ثمينة، خاصة عن الدبلوماسية السعودية، ومواقف وأمثلة، مورست فيها الخبرة، والحكمة، في إطار التمسك بالأخلاق الفاضلة، والعكس.

قسم هذا الكتاب (بعد التقديم، والمقدمة) إلى: ثلاثة فصول، كانت عناوينها ومواضيعها كما يلي:

– الفصل الأول: الدبلوماسية/‏ الدبلوماسية السعودية.

– الفصل الثاني: تطور التمثيل الدبلوماسي في المملكة العربية السعودية.

– تطور التمثيل الدبلوماسي.

– العلاقات القنصلية.

– الفصل الثالث: الأخلاق والمهنة:

ثم يورد الكاتب، بعد ذلك، ملحقين، فـ«أهم النتائج والتوصيات»، ثم مراجع الكتاب.

وقد ازدان هذا الكتاب بـ«تقديم» ضافٍ، وموجز من أحد أبرز الساسة والدبلوماسيين السعوديين المخضرمين، حضرة صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل. ومما جاء في تقديم سموه الكريم ما يلي: «عندما قرأت كتاب الدكتور جمال بن عبدالعزيز رفة، تمنيت لو أنه كان قد كتبه قبل أن أعين سفيراً في خدمة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى. وذلك، لأنني وجدت من الإرشاد والتوجيه والتوضيح، عن مهنة الدبلوماسية، ما كان سيقيني من الوقوع في أخطاء، إن كانت سلوكية، أو إدارية، أثناء عملي.

وحبذا لو تفضلت وزارة الخارجية بتزويد كل موظف لديها بنسخة منه، ليستفيد منها. فلغة الكتاب هي لغة السهل الممتنع، وفحوى الكتاب تكمن في المثل القائل: خير الكلام ما قل ودل».

****

وقبل الاسترسال في الحديث عن مواضيع هذا الكتاب، لا بد من توضيح أمر هام بشأنه. إذ يتوجب عليّ الاعتذار للكاتب الكريم، على تأخري (الطويل) في قراءة هذا الكتاب، الذي كان «ضائعاً» في مكتبتي، ولأكثر من عقد من الزمن. فمؤخراً، أوكل إلى قسم العلوم السياسية بجامعتنا الموقرة، تدريس مادة «الدبلوماسية والمفاوضات». ونظراً لانقطاعي عن التدريس لسنوات، كنت في أمسِّ الحاجة لمراجع في هذا الموضوع. والحمد لله، وجدت بمكتبتي مراجع عدة، ومنها كتاب الدكتور جمال رفة، الذي تكرم بإهدائه إلى بخطاب إهداء، مؤرخ في 1/‏1/‏1432هـ. ولكن هذا الكتاب «اختفى» من متناولي، منذ ذلك الحين. وأخيراً، وجدته، واستفدت من قراءته.

****

وكما هو معروف، أضحت «الدبلوماسية» علماً وفناً؛ أي مهنة تحتاج، فيمن يحترفها، العلم العميق، خاصة في مجال السياسة والعلاقات الدولية. كما تحتاج إلى الشخصية الوطنية الذكية واللماحة، ذات الحكمة والكياسة، وحسن التصرف في المواقف المختلفة. وبالطبع، فإن الأخلاق الحسنة مطلوبة، ومحترمة من قبل الجميع، بما في ذلك المجرمون، وشواذ البشر. وديننا الإسلامي الحنيف يحتم علينا دائماً «الدفع بالتي هي أحسن». ومع كل ذلك، فإن على الدبلوماسي، أيّاً كان دينه، أو أخلاقه، أن يتعامل بحذر وذكاء مع كل من حوله، وألا يفترض حسن النية في جميع من يعرف. هناك نسبة كبيرة من البشر، الغاية لديها تبرر الوسيلة، وإن ظهرت بمظهر المتحضر الإنساني اللطيف. ونكتفي بهذا القدر لنفاد الحيز.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply