أشرف حكيمي… حينما يتفوق مسقط القلب على مسقط الرأس

أشرف حكيمي… حينما يتفوق مسقط القلب على مسقط الرأس

[ad_1]

نجم منتخب المغرب يلعب من أجل أبوين «تخلّيا عن حياتهما» لصالح مسيرته الرياضية

جذور أشرف حكيمي ضاربةٌ عميقاً في تراب المغرب. تخالُه أمضى كل سنةٍ من سنواته الـ22 فوق ذلك التراب. مع أن سيرته الذاتية تحدّد إسبانيا كمسقط رأسه، فإن نجم كرة القدم حدّد بنفسه مسقط القلب؛ إنه المغرب.

في منطقة خيتافي، إحدى الضواحي الجنوبية للعاصمة الإسبانية مدريد، فتح حكيمي عينَيه عام 1998 على الغربة. أبصرَ بائعاً جوّالاً يجوب الشوارع ويعود مساءً إلى المنزل مع غلّة النهار. كان ذاك الرجل والدَه. وبيدَين لم يلامسهما الدلال ولا الألماس ولا الحرائر، احتضنته أمه التي عملت في تنظيف المنازل من أجل مساعدة زوجها وإعالة أولادها.

وطن وراء البحر

هاجر الوالدان إلى إسبانيا قبل ولادة أشرف وأخوَيه نبيل ووداد. وخلال طفولته لم يعرف حكيمي سوى مدريد مكاناً. لكنه ورغم حصوله على الجنسية الإسبانية، لم يشعر يوماً بالذوبان التام مع محيطه. بحث خلف البِحر عن وطنه الأصليّ، فلم يعثر عليه سوى في البيت الصغير المتواضع حيث كانت العائلة تتكلّم اللهجة المغربية، وحيث كان الطعام مغربياً، وحيث كانت العيون شاخصة دوماً إلى الوطن الأصلي.

لا يخفي حكيمي أزمة الانتماء تلك، وهو أفصح عنها مراتٍ عدة كان آخرها على هامش «مونديال 2022». ففي مقابلة مع صحيفة «لا ماركا» الإسبانية نُشرت منذ أيام، قال المدافع المغربي إن منتخب بلده هو المكان المناسب له. مع العلم أنه كان من الممكن انضمامه إلى المنتخب الإسباني كونه يحمل الجنسية، إلا أنه فضّل الالتحاق بمنتخبه الأصلي.

يقول إنه حاول الوجود إلى جانب اللاعبين الإسبان خلال سنواته الأولى في اللعبة، غير أنه سرعان ما اكتشف أنه لم يكن المكان المناسب بالنسبة إليه. يوضح بجرأة وصراحة: «لم أشعر وكأنني في البيت. ليس لسببٍ معيّن، لكنّ هذا ما أحسست به. لم تكن الأجواء مشابهة لما اختبرتُه في بيتي من ثقافة عربية، كوننا مغربيين. أردتُ أن أكون هنا، مع المنتخب المغربي».

بداية من المسبح

بين المسابح العامة حيث كان يمارس هوايته المفضّلة، وبين الملاعب حيث برزت أولى ملامح موهبته كعدّاء، كبر أشرف حكيمي. لم تكن المدرسة مكانه المفضّل، فالرياضة سرقته من كل شيء. متفوّقةً على السباحة والركض، وحدَها المستديرة سحرته. في عامه الثامن، وجد نفسه متدرّباً ضمن فريق شباب ريال مدريد.

خلفه، وقف أبٌ وأمٌ آمنا بعلاقته المميّزة مع الكرة. ضاعفا ساعات العمل من أجل دعمه قدر المستطاع، وتأمين ملابس التدريب. بالنقود التي جمعها والداه من البيع المتجوّل وتنظيف البيوت، اشترى أشرف حكيمي حذاءه الرياضي الأول. وبتشجيعٍ من أمه التي خشيت عليه من آفات الشارع، كثّف التدريبات وارتقى على سلّم اللعبة. لا ينسى ذلك وغالباً ما يردد: «لقد تخلّيا عن حياتهما من أجلي. حرَما أخويّ من الكثير كي أنجح. اليوم أنا ألعب من أجلهما».

عام 2016، انتقل من متدرّب إلى مقاعد الاحتياط مع الريال، وفي السنة ذاتها سجّل أول أهدافه الرسمية. لفتَ اللاعب المغاربي الهوى والهوية انتباه ابن بيئته مدرّب الفريق آنذاك زين الدين زيدان. أخذ البطل الفرنسي الجزائري الأصل على عاتقه الدفع بحكيمي إلى الواجهة، فضمّه إلى التشكيلة الأساسية عام 2017. بذلك أصبح حكيمي أول لاعب عربي يسجّل بقميص «ريال مدريد».

لم تدُم الرحلة طويلاً مع الفريق الملَكي الإسباني، ففي يوليو (تموز) 2018، وقّع عقداً مدّته سنتَين مع فريق بوروسيا دورتموند الألماني على سبيل الإعارة. وفي تلك السنة، كان قد حقق جزءاً من حلمه باللعب إلى جانب أبناء بلده في مباريات كأس العالم في روسيا. وهناك، قدّم مستوىً مميزاً ولفت أنظار الأندية الأوروبية إليه.

رحلة أوروبية

خرج حكيمي من إسبانيا إذن ذاهباً إلى مجده الكُرويّ، ومحتفظاً بذكرى بيتٍ بسيط علّمه حب المغرب، وبصورة عائلة أحاطته بالدفء والدعم والثقة. لكنّ رحلته الأوروبية لم تتوقف في ألمانيا، فيوليو 2020 ضرب له موعداً جديداً مع الحظ. إلى إيطاليا وتحديداً إلى ميلانو، توجّه اللاعب المغربي الذي كان قد بدأ يلفت الأنظار العالمية إلى سرعة جَريه القياسية وقدرته الفائقة على تسجيل الأهداف. وقّع مع فريق «إنتر ميلان» على عقدٍ مدته 5 سنوات بقيمة 45 مليون يورو. غير أن الإقامة في إيطاليا لم تستمر، إذ أتمّ عام 2021 إحدى صفقات العمر بالانتقال إلى فريق «باريس سان جيرمان» الفرنسي مقابل 70 مليون يورو، وبموجب عقدٍ يستمر حتى عام 2026.

وجد ابنُ حيّ المهاجرين في خيتافي الإسبانية، نفسَه لاعباً إلى جانب ليونيل ميسي وكيليان مبابي ونيمار. هو الذي تأثر صغيراً ببنزيما ومارسيلو وهيغوايين، وطئ أخيراً ملاعب الكبار. عن الحلم الذي صار حقيقة يقول في إحدى مقابلاته: «لم أتوقع أن ألعب إلى جانب لاعبين خرافيين: رونالدو في الريال، هالاند في دورتموند، ميسي في باريس سان جيرمان».

قصة حب

في الصفقة مع الفريق الباريسي، رأت زوجته كذلك، الممثلة الإسبانية التونسية الأصل هبة عبوك، حلماً يتحقق. فهي التي أمضت سنوات تجوب أوروبا متنقلةً معه بين عاصمة وأخرى، عادت إلى المدينة التي تحب وكتبت يومها على إنستغرام: «عندما نحلم بمفردنا يكون الأمر مجرد حلم. أما عندما نحلم مع أشخاص آخرين، فنكون قد بدأنا بتحويل الحلم إلى واقع».

بين أشرف وهبة قصة حب بلغت عامها الرابع، وبينهما زواجٌ غير تقليدي. فهي تكبره بـ12 عاماً وبسنواتٍ من الخبرة والوقوف تحت أضواء الشهرة. لكنّ الثنائي مصرٌ على حماية العلاقة من وهج تلك الأضواء، وعلى إبعاد ولدَيهما أمين ونعيم عنها. من تجربة الأبوّة في سن صغيرة، تعلّم حكيمي التواضع وحس المسؤولية، ومن والدته اكتسب نعمة الامتنان.

إلى تلك السيدة التي أهدته حذاءه الرياضي الأول، أهدى أشرف حكيمي فوز «أسود الأطلس» في مباريات كأس العالم. إلى وجهها التفتَ فور انتهاء المباراة ضد بلجيكا، وإلى المدرّجات حيث تجلس ركض ليقبّل رأسها ويهديها قميصه. أما بعد الفوز التاريخي ضد إسبانيا، فأعاد الكرّة ليسجّل من جديد هدفاً في قلوب الجماهير.




[ad_2]

Source link

Leave a Reply