[ad_1]
هدوء حذر يسيطر على مشهد السويداء
الحراك الشعبي في المحافظة عادة ما يكون مطلبياً بحتاً مع شعارات سياسية
الثلاثاء – 13 جمادى الأولى 1444 هـ – 06 ديسمبر 2022 مـ رقم العدد [
16079]
اليوم التالي للسويداء أمام مبنى المحافظة (السويداء 24)
درعا (جنوب سوريا): رياض الزين
لا تكاد محافظة السويداء في الجنوب السوري تغيب عن واجهة الحدث حتى تعود لصناعته من جديد، إذ خيّم الهدوء الحذر والترقب، الاثنين، بعد يوم من التوتر الأمني في المحافظة بدأ صباح الأحد بمظاهرة تندد بتدهور الأوضاع المعيشية وتطالب بإسقاط النظام، واقتحام مبنى المحافظة وإحراقه، تلاها حوادث عنف وسقوط قتيل من أبناء السويداء وآخر من الشرطة المدنية وإصابة آخرين.
يلفت الانتباه إلى أن الحراك الشعبي في المحافظة عادة ما يكون مطلبياً بحتاً مع شعارات سياسية، وعادة ما يسعى القائمون عليه لجعله «تحت سقف منضبط لا عنفي. يستمر لعدة أيام ويلتف حوله المجتمع. ولكن ما حدث مؤخراً لم يكن بالحسبان».
القوى الدينية في المحافظة لم تنأى بنفسها عن التدخل بالاحتجاجات المتعاقبة فيها، وقد بلغ الأمر ببعض مشايخ العقل لاتخاذ موقف إلى جانب الاحتجاجات، كما فعل الشيخ حكمت الهجري، رئيس الهيئة الروحية للموحدين الدروز، في بيانات متعاقبة تبنى فيها مطالب الناس، وطالب الحكومة بـ«تأمين أسباب المعيشة والخدمات لهم»، رافضاً تخريب الممتلكات الخاصة والعامة، مشيراً إلى أن ما حصل «سلمي عفوي من شعب صامد هدّه الجوع والحاجة، وآلمته المزايدات».
بينما صرح شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في السويداء يوسف جربوع، على وسائل إعلام تلفزيونية تابعة لدمشق تعقيباً على ما حدث مؤخراً في المحافظة رافضاً أي تحرك مسلح ضد الأهالي، قائلاً إن «ما شهدته السويداء هو أمر مرفوض، وإن هناك أطرافاً خارجية تسعى لتخريب الأوضاع الداخلية، من خلال أخذ المطالب المحقة والسلمية نحو منحى آخر. وهناك مَن استثمر ردود فعل الشارع إزاء الوضع الاقتصادي الذي تشهده سوريا والمنطقة والعالم. ويرى فيها ناشطون عبارات واضحة لتأييد الاحتجاجات دون عنف أو تخريب».
أحد المشاركين بالاحتجاجات الأخيرة بالسويداء، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسباب التي أدت إلى حراكات سابقة في السويداء لا تزال قائمة حتى اللحظة، فتردي الوضع المعيشي وانخفاض الأجور والرواتب ونقص المحروقات مستمر، ولم تستطع الحكومة حل أي قضية معيشية فيها، وبالتالي الحراك ليس جديداً بمطالبه يحمل استمرارية لحراكات سابقة رفع فيها المحتجون المطالب نفسها دون وجود أذن صاغية لسماعهم. مع رفض العنف والتخريب، حتى ضمن المحتجين أنفسهم يوم الأحد، كان فريق منهم رافضاً للعنف حيال مؤسسات الدولة، وآخرون منعوا حرق الأعلام مع المحافظة على سلمية وشعبية الاحتجاج.
غير أن الغضب من تردي الأوضاع المعيشية كان سيد الموقف، والتحركات الأخيرة، ورغم توقفها في المرات السابقة، فإنها معرضة للتجدد دوماً، ما لم يقم النظام باحتوائها بحلول حقيقية للمشكلات الاقتصادية. ويرى الناشط أن مواجهتها بالحلول الأمنية أو التهديد الخارجي أو حتى بإشراك شخصيات اجتماعية نافذة، «هو من قبيل الحلول الترقيعية التي قد تطفئ جذوة الحراك مؤقتاً، لكنها حتما لن تنهيه ما دامت أسبابه قائمة».
النظام يتعامل مع حراك السويداء بالتهرب من مسؤوليته، فهو لا يعترف بأحقية المطالب المعيشية لأبناء المحافظة ويلجأ لتخوينهم مستغلاً الهجوم على مبنى المحافظة وإحراقه وتكسيره باعتباره من مؤسسات وخدمات الدولة. وفي صحيفة الوطن المحسوبة على دمشق، وصفت ما شهدته مدينة السويداء بـ«أن الأوضاع تتجه إلى الهدوء بعدما هاجمت مجموعة من الأشخاص الخارجين عن القانون أمس مبنى المحافظة ودخلته بقوة السلاح، وكسرت أثاث المكاتب وسرقت الوثائق الرسمية، وأضرمت النار فيه وفي السيارات الموجودة بالقرب منه وحاولت اقتحام مبنى قيادة الشرطة».
واعتبر ناشطون أن ما حدث نتيجة حتمية عند النظام السوري، ولكنه تغافل أن آبار النفط بالشمال السوري التي أصبحت بيد أميركا هي أملاك عامة للدولة أيضاً، وأن ميناءي اللاذقية وطرطوس اللذين أصبحا تحت سيطرة روسية، هما أملاك عامة. كذلك مناطق الست زينب وبعض حارات الشام تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية وهي أملاك عامة. السيارات الفارهة مع أولاد المسؤولين أيضاً أملاك دولة، ومقتل 7 عناصر أمن في اللاذقية من نحو شهر على يد مجموعة من أبناء اللاذقية المعروفين بأنهم عصابات تهريب الممنوعات، يجب محاسبة هذا كله وإصدار قرارات تدينه تماماً وتحتوي غضب المحتجين بالسويداء.
ويرى مراقبون أن المحافظة ذات الغالبية «الدرزية» بقيت طوال الأعوام السابقة على حالة من الحياد، وبهذا ابتعد مشهدها الداخلي عن أي انقسام بين أفرادها قد يؤدي إلى حوادث عنف أو تقاتل «ضمن معادلة الموالاة والمعارضة» أو «مناطق النظام ومناطق المعارضة».
أما النظام فقد كان يتعمد أمام أي حراك في المحافظة عدم التدخل لردع المتظاهرين لإبقاء أبناء المحافظة على هامش الصراع في سوريا، وسعيه للمحافظة على سيطرته الشكلية فيها. في المقابل يحافظ المحتجون على حريتهم بالاحتجاج، «ضمن الخطوط الحمر»، أي أن التصعيد يقابل بتصعيد. أي فعل يجري في السويداء سيكون مرتبطاً بتداعيات مباشرة على المحافظة التي فضلت الحياد.
ويدرك المطلع على تحركات السويداء السابقة والحالية، عدم الرغبة في تبدل مواقف الأطراف ذات الشأن مع أي حدث داخلها، فالحراك مستمر لأن النظام غير قادر على تلبية المطالب المحقة، والحراك دوماً منضبط بعدم انجراره إلى العنف، في حين سيكتفي النظام دوماً بمعادلة «التخوين والوعود».
سوريا
أخبار سوريا
[ad_2]
Source link