[ad_1]
نادراً ما تتصدر سوريا عناوين الصحف هذه الأيام، على الأقل ليس بالنسبة لـ 12 مليون شخص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بعد أكثر من 11 عاماً من الصراع – أي أكثر من نصف عدد السكان.
في أيلول /سبتمبر، ذهبت إلى هناك لأرى بنفسي كيف تبدو الحياة بالنسبة للأشخاص الذين يصارعون أزمات لا هوادة فيها طوال هذا الوقت.
أردت المساعدة في تسليط الضوء على الوقائع التي يكابدها الشعب السوري كل يوم، وهكذا التقيت بغفران.
كانت زيارتي لمنزل غفران في مدينة حلب في الشمال السوري مذهلة. شخصيتها تبهرك على الفور.
ربما يمكنك القول إن لديها هالة – على الرغم من أنها متواضعة للغاية، إلا أنه كان لديها حضور. لم يكن إحساسي خاطئ، اتضح أنها كانت منافسة في الفنون القتالية – بطلة تايكوندو.
نشأت غفران في عائلة كبيرة ودافئة. كان لديها عشرة أخوة: ثمانية أشقاء وشقيقتان. كانت متفوقة في ألعاب القوى في المدرسة، وبحلول عامها الأخير، بدأ مشوار حلامها الكبير.
وتقول غفران: “كان أخي المقرب، لؤي، يمارس فنون القتال. ومن خلاله وجدت شغفي بالتايكواندو لأول مرة.“
يضيء وجه غفران عندما تتحدث عن التايكوندو! وبكلماتها الخاصة: “التايكوندو ليس مجرد فن. إنه يعلمك الأخلاق ويعلمك الصبر ويعلمك التصميم.”
بعد ثماني سنوات من انطلاق مسيرتها، أصبحت غفران أماً لطفلين ونما سجلها في التايكوندو بثلاث ميداليات وطنية، وواحدة ذهبية وفضيتين – ولكن بينما كانت تستعد للمنافسة على المستوى الأخير، الحزام الأسود، أخذت حياتها منعطفا مأساويا.
ففي عام 2011، اندلع الصراع في الحي الذي تقطنه غفران، وأودى بحياة زوجها واثنين من أشقائها. وكانت حبلى بابنها الأصغر، حمزة، في شهرها الثالث عندما تركت كل شيء وراءها وهربت من حلب مع أطفالها.
تركت غفران معظم ممتلكاتها وراءها، إلا أن الشيء الوحيد الذي حرصت على اصطحابه معها هو الحقيبة التي احتفظت فيها بكل معدات التايكوندو: لباسها، وكل الميداليات التي فازت بها، وكل الصحف التي تذكر إنجازاتها. أدت الضغوط الحياتية إلى تركها للجامعة، فلم تكمل تعليمها وتحصل على الشهادة.
بحلول عام 2016، خمد الصراع أخيراً في حلب، وعادت غفران مع أطفالها الثلاثة، لتجد منزلهم مدمرا بالكامل.
لحسن الحظ، كان لديها إمكانية الوصول إلى شقة يملكها والديها اللذين هربا أيضاً جراء القتال، إلا أنه كان متضررا أيضا. وتقول غفران: “كانت غير صالحة للسكن. أرضياتها مغطاة بغبار الأسمنت، وجدرانها متضررة، وكانت قد نُهبت ولم يكن بها نوافذ أو أبواب.”
بما أن الشقة كانت آخر بصيص أمل لأطفالها، استحضرت غفران قوتها وشمرت عن سواعدها وبدأت بالعمل. وقالت بكل فخر: “بفضل سجلي في التايكوندو، كان لدي القوة اللازمة للقيام بالمهمة. لقد أصلحت الجدران بيديي.”
من أجل كسب لقمة العيش، تولت غفران وظائف التنظيف والطهي والدروس الخصوصية، والتي كانت مجتمعةً تدخل ما يكفي من المال للعيش مع أطفالها. ولكن الانكماش الاقتصادي منذ العام الماضي أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار في جميع أنحاء البلاد، فانخفض دخل غفران عن تغطية نفقاتها، وهناك التفتت إلى برنامج الغذاء العالمي.
وقالت: “في البداية، كنت أتلقى سلة طعام كل شهر وكانت تجلب الكثير من الفرح لأولادي. ولكن بعد ذلك تم إعطائي خيار تلقي مزيج من المساعدات الغذائية والنقدية وكان ذلك أفضل لأنه سمح لي بتنويع الطعام بشكل أفضل في نظامهم الغذائي.”
تعتبر كندا من الجهات المانحة الرئيسية لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا. يُترجم هذا التمويل إلى مساعدات غذائية شهرية للعائلات مثل عائلة غفران. تقدم الأموال الكندية أيضاً وجبات خفيفة في المدارس في المجتمعات الأكثر حرماناً، حيث يمكن أن يكون لوح التمر البسيط أو شطيرة طازجة هو الفطور الوحيد الذي يتناوله الطفل في ذلك اليوم. في مدينة حلب وحدها، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإطعام أكثر من 30 ألف طفل يوميا.
للمقاربة، إذا كنت معيلاً لأسرة مكونة من خمسة أفراد في سوريا بدخل متوسط، يمكنك تغطية حوالي ثلث احتياجاتهم الشهرية من الطعام بهذا المبلغ.
وسط ارتفاع الأسعار، كان على غفران تعلم بعض طرق الطبخ، فقالت: “لا بد لي من تقنين الطعام لأطفالي، لأنهم إذا أكلوا بحرية، فلن يكون الطعام كافيا.”
عندما تطبخ البيض، تخلطه مع قطع الخبز المقلية لتدعيم الوجبة. تحاول أيضاً أن تستفيد قدر الإمكان من الجبنة حيث تهرسها لإعداد السندويشات للأطفال.
وقالت غفران بصوت حزين: “أستبدل الحليب بالشاي. أعلم أنه أقل تغذية بكثير لكن ليس لدي القدرة على شراء الحليب، وهم بحاجة إلى مشروب لمساعدتهم على ابتلاع طعامهم. أشعر بالمرارة لأجلهم.”
واليوم، تواصل غفران إعالة أطفالها الثلاثة بالإضافة إلى اثنين من أبناء أخيها الذين فقدوا والديهم خلال النزاع. وقالت بصوت هادئ: “أنا ممتنة لأن أطفالي أصبحوا بخير. سأستمر في دعمهم حتى يصلوا إلى أعلى الدرجات في تعليمهم. هذه رسالتي في حياتي الآن.”
كان لقاء غفران وأطفالها من أبرز ما جاء من زيارتي إلى سوريا. إن قوتها ومرونتها في مواجهة الكثير من المآسي ملهمة. وهي مجرد قصة واحدة من المآسي التي تحدث في سوريا. إن عمل برنامج الأغذية العالمي ضروري هناك وفي جميع أنحاء العالم.
***أعد المذيع الكندي وسفير النوايا الحسنة، جورج سترومبولوبولوس، هذا المقال الذي ظهر على موقع برنامج الأغذية العالمي باللغة الإنكليزية، وقام فريق عمل أخبار الأمم المتحدة بترجمته. يمكنكم قراءة المقال الأصلي على الرابط التالي ***
[ad_2]
Source link