البابطين لـ«عكاظ»: مؤسستنا الشعرية ليست ترفاً ثقافياً ولا استعراضاً – أخبار السعودية

البابطين لـ«عكاظ»: مؤسستنا الشعرية ليست ترفاً ثقافياً ولا استعراضاً – أخبار السعودية

[ad_1]

قلة هم من يجسرون المسافة إلى درجة الصفر بين الهواية والممارسة، خاصة إذا كانتا في جهتين لا تلتقيان أبداً، عبدالعزيز بن سعود البابطين أحد القلة النادرين الذين حققوا هذه المعادلة المستحيلة بشكل مدهش، فبينما ما زال وفياً لمواهبه في الشعر والإبداع الكتابي عموماً، فإنه أيضاً يدعم عوالمه الاقتصادية بحنكة ومراس ودأب وطموح كبير.

ولأن رجل الأعمال هنا مبدع في الأساس فإنه لم يكتفِ بالإبداع ممارسة وإنتاجاً فقط، بل أسّس مؤسسة معنية بهذا المجال كرمت الكثير من الرواد وقدمت الكثير من المبادرات، ويكفي لها منا تلويحة تقدير أنها احتفت بالشاعر الأمير عبدالله الفيصل، حفاوة مستحقة، وقلدت جائزتها سيد البيد شاعرنا محمد الثبيتي. في هذا الحوار نطوف في حديث متنوع بين الثقافة والاقتصاد، فإلى نص الحوار:

• لديكم تجربة شعرية ثرية تختلف عن التجارب الأخرى بكونها تركز على الشعر العربي الفصيح (العمودي)، ما الدوافع التي قادتكم لسلوك هذا النهج الشعري الذي يعد واحداً من أصعب فنون الأدب؟

•• بداية؛ الشعر موهبة من رب العالمين لا دخل لي فيها، وُلدت معي، وربما أسهمت أنا في تحفيزها وتنميتها، فالمتأصل داخلي هو الشعر، وهو الشعر العمودي الذي تفخر به الأمة لأنه أحد موروثاتها الأساسية منذ مئات السنين، عرفه العرب قبل الإسلام، واستمر الشعراء بنظمه والتغني به إلى يومنا هذا. لقد بدأ هاجس الشعر معي مبكراً عايشته صغيراً وشجعني عليه ما كنت أستمع إليه من قصائد الشعراء في ديوان أخي عبداللطيف، وظل الشعر يكمن بين جوانحي إلى أن تفجرت هذه الموهبة بنظم أول قصيدة وأنا فتى يافع، ثم نَمَت هذه الموهبة، ومع مرور الوقت وكثرة قراءتي للشعر في دواوين الشعراء، أصبحت متمكناً من هذا الفن الرائع ونظمت الكثير من القصائد العمودية، وأصدرت ثلاثة دواوين هي «بوح البوادي» عام 1995، و«مسافر في القفار» عام 2004، و«أغنيات الفيافي» عام 2017، ولكن نظمي هذه القصائد هو قبل هذه السنوات بكثير وكنت أحتفظ بها لنفسي ولم أكن أرغب بنشرها وكان هناك حلم يراودني وهو من أعز أحلامي وأكثرها إلحاحاً منذ أن أدركت القيمة الكبرى للشعر في بناء الأمة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً هذا الحلم هو إيجاد مؤسسة تعتني بالشعر العربي وتحتفي بالشعراء العرب.

• وكيف تحقق هذا الحلم؟ ومتى؟

•• شاءت إرادة الله جل وعلا أن يخرج ذلك الحلم الأثير لدي إلى دائرة الواقع، عندما تمكنت من إنشاء «مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري» عام 1989.

لم يكن إنشاء المؤسسة ترفاً ثقافياً ولا استعراضاً للإمكانات المادية، أو مجرد إصرار على تحقيق حلم، بل كان عزماً على تأكيد دور الشعر في حياة الأمة. فهو ديوان العرب وسجلّهم الذي تغلغل في أدق شؤونهم فدوّنها وحفظها، باعتبار الشاعر صاحب وعي متقدم بما وهبه الله من القدرة على الإبداع والشفافية ونفاذ البصيرة، فالشعر لدى العربي إشباع للنفس والروح، ينهل منه ما يسر النفس ويسمو بالروح، فيحرك الوجدان ويطربه.

فرغبتي منذ البداية عززت يقيني بضرورة إنشاء المؤسسة، وإنني الآن وبعد مرور كل هذه السنوات التي تزيد على الثلاثين سنة على إنشائها، أشعر بسعادة غامرة بما حققناه، وهو توفيق أحمد الله عليه.

إن القصيدة بالنسبة إلى متعة فنية عالية.. حتى وهي تتشكل وتتهيأ للحضور، فحالة الإبداع في الآداب والفنون أمر يصعب وصفه لكنه جميل وممتع، والكلمة هي الفكر عندما يتجسد.. وهي هبة الله للبشر، ميزهم بها عن سائر المخلوقات.. خاصة في عالم الشعر الجميل اللامتناهي.

• نشرت مجلة الإيكونوميست مقالاً بعنوان «ضياع لغة القرآن» كان يرى أن اللغة الإنجليزية هي اللسان المهيمن في الخليج، هل تتفق على ما ذهبت إليه الصحيفة؟ وما الحلول من وجهة نظركم وأنت الرجل الذي لديه العديد من الإسهامات التي تدعم اللغة العربية وعلى رأسها «صندوق البابطين لتعلم اللغة العربية بجامعة ميتشيغن» و«أكاديمية البابطين للشعر العربي»؟

•• أعتقد أن ما ذُكر في المقال بخصوص تحدث بعض الشباب الإماراتي في دبي باللغة الإنجليزية هو غير دقيق، فدبي بها الكثير من الجاليات غير العربية التي تتحدث باللغة الإنجليزية وبغيرها، فالأرجح أنهم شباب في الإمارات وليسوا شباباً إماراتياً.

ولا أتفق مع المقالة بأن اللغة الإنجليزية هي اللسان المهيمن في الخليج، نعم الشباب غير العربي يتحدثون مع بعضهم بلغات غير عربية، أما الشباب العرب أو الناس بشكل عام فيتحدثون باللغة العربية وقد يذكرون في كلامهم بعض المفردات الإنجليزية.

ولا تنسَ أن الجاليات الهندية والفلبينية والصينية وغيرها توجد بأعداد كبيرة في منطقة الخليج العربي. أما من ناحية أن العرب يتحدثون عدداً كبيراً من اللهجات، فلا شك أن منطقة الخليج أيضاً يوجد بها ملايين الإخوة العرب ومن كافة الأقطار العربية فلهذا لا غرابة أن يتحدثوا بلهجاتهم وهي في النهاية مستمدة من اللغة العربية الفصحى، لكن لغة التعليم في المدارس والجامعات هي اللغة العربية إلى جانب اللغة الإنجليزية.

اللغة العربية لن تموت كما يعتقد الدبلوماسي البريطاني السابق والخبير في اللغة العربية في مقاله. فهذه اللغة محفوظة وستحفظ ويعود ذلك إلى حفظ الله سبحانه وتعالى هذه اللغة التي أنزل كتابه الكريم بها وهي اليوم يقرأها ويتحدث بها مئات الملايين من البشر.

• هل ترى أن اللغة العربية تواجه تحديات ومخاطر؟

•• نعم واجهت اللغة الفصحى في الماضي تحديات ومخاطر كبيرة، وتواجه في الحاضر تحديات كذلك. ومن هذه المخاطر ما نراه في الإعلانات وفي الشوارع وواجهات المحلات التجارية وانتشار الأسماء غير العربية على هذه الواجهات خصوصاً مع وجود الجاليات كثيرة العدد في أقطار الخليج العربي. ومن أوجه هذه المخاطر ما تقوم به كثير من الأسر من إجبار الأبناء ودفعهم للتعلم وإتقان اللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية.

أنا لا أدعو إلى الاستنكاف عن تعلم اللغات الأجنبية، بل إن تعلم اللغات الأجنبية لأمر مهم حتى يتم الاندماج مع متطلبات العصر ومتغيراته، ولكن يتعين علينا أن نولي اللغة العربية العناية المطلوبة حتى لا تتشوه ملامحنا وتتوه خطواتنا في زحمة الحياة، فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن ندفع أبناءنا إلى إتقان لغات العالم الأخرى على حساب إهمالهم اللغة العربية لغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وإهمال تعلمها في المدارس والجامعات.. إن كثيراً من الشركات والمؤسسات والمحلات في شوارعنا تتسابق اليوم بوضع الأسماء غير العربية وكأنها تتبرأ من جذورها العربية.. وهذا لابد أن تواجهه قوانين الدولة وتحد منه. أما المخاطر الخارجية فتتمثل في بعض نواتج العولمة التي تسيطر اليوم على كل مرافق العالم وليس علينا فقط، فقد استطاعت هذه العولمة أن تدخل إلى عقر دارنا وإلى داخل بيوتنا، فأخذت تؤثر في مجال الأسرة والبيت بلا رقيب أو حسيب، وليس الأمر مقصوراً على اللغة لكنه يمتد إلى كثير من مجالات الحياة.

ومرة أخرى أقول إن ما ذكرته وأشرت إليه لا يعني أبداً الدعوة إلى الانغلاق والانكفاء على الذات، بل إننا نؤمن بضرورة الانفتاح والتفاعل والحوار مع الحضارات الأخرى، كما نؤمن أن تعلم اللغات الأجنبية وقراءة آدابها أمر في غاية الأهمية، يجنب التأثر بعواطف المترجمين ويساعد في تجسيد روح العمل الأدبي الحقيقية في ذهن القارئ، ويُعرفنا بما يفكر به الآخرون، وكما قيل «من تعلم لغة قوم أمن مكرهم».

إنني لا أرى أن تعليم اللغة الإنجليزية يشكل تهديداً للغة العربية، كما أوضحت، فتعليم اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات له فوائد كثيرة تعود على أبنائنا الطلبة بالمنفعة وحتى على مستوى الشعوب، فلا ضرر من تعلم هذه اللغات وهذا من أساسيات ومفاهيم الدين الإسلامي إذ يقول الله سبحانه وتعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وقال تعالى «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين».

• ماذا قدمت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية لدعم اللغة العربية؟

•• نحن في مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية ومنذ انطلاقها 1989 نضع نُصب أعيننا العمل من أجل تحقيق هدف النهوض باللغة العربية في مجالات كثيرة ومتعددة إلى جانب أهداف أخرى تصب في محصلتها النهائية في خدمة اللغة العربية وإعلاء شأنها باعتبارها لغة القرآن الكرم أولاً، وعنصراً مهماً في حماية الهوية الثقافية للعرب في مختلف الأقطار العربية ثانياً.

واللغة العربية هي واحدة من أقدم لغات العالم التي ما تزال تتمتع بخصائصها الفريدة من ألفاظ وتراكيب وصرف ونحو وأدب وخيال، وخزائن مفردات غنية، وهذه الخصائص ميزتها عن غيرها من اللغات، فكانت أداة تعارف بين ملايين البشر المنتشرين في أرجاء المعمورة، إلى ذلك فهي ثابتة في أصولها وجذورها متجددة بفضل ميزاتها وخصائصها. وربما تسعفني الذاكرة الآن بذكر بعض الجهود التي قمنا بها على مدى نصف قرن تقريباً للنهوض بلغتنا وثقافتنا العربية الأصيلة وفي مقدمة ذلك الشعر العربي الخالد.

ففي عام 1974 أسست بعثة سعود البابطين الكويتية للدراسات العليا، بهدف نشر العلم وتقديم العون والمساعدة للطلاب الذين ضاقت بهم سبل الحياة عن مواصلة طريق التعليم، وتشجيع النابهين منهم على استكمال دراساتهم العليا حتى الحصول على درجة الدكتوراه من الجامعات في شتى بلدان العالم، وتتكفل البعثة بجميع نفقات الطلبة طيلة وجودهم بها.

ولقد آمنت بضرورة التشجيع على تعليم اللغة العربية ونشر آدابها وثقافتها في الدول الأوروبية، فقمت بتأسيس دورات في مجالات عديدة تم تطويرها إلى كراسي للثقافة العربية في جامعات مختلفة بلغ عددها نحو ثلاثين كرسياً في سائر بلدان العالم.

ويقدم كل كرسي دروساً في تعليم العربية للناطقين بغيرها، على مدار السنة الدراسية، تنتهي بالحصول على شهادة في المستوى الأول للغة العربية، علما بأن الحصول على ثلاث شهادات تمكن دارسي اللغة العربية من الحصول على الشهادة النهائية في اللغة العربية.

ويقدم الكرسي كذلك محاضرات شهرية تخصّ مواضيع عن تأثير الثقافة العربية في ثقافة البلد المحتضنة للكرسي. ولم يقتصر اهتمامي على تعليم اللغة العربية ونشرها في القارة الأوروبية وأفريقيا ودول آسيا الوسطى فحسب، بل امتد ليشمل الكثير من دول العالم، فقد قمت بتأسيس صندوق البابطين لتعليم اللغة العربية بجامعة ميتشيغن – آن آربر بالولايات المتحدة الأمريكية بناء على اتفاقية وقعت مع رئيس جامعة ميتشيغن لدعم تعليم اللغة العربية من خلال محاضرات دورية ونشاطات أدبية وثقافية مختلفة، إضافة إلى تمويل الصندوق لابتعاث عدد من الطلبة الأمريكيين لدراسة اللغة العربية بجامعات عربية.

ونحن في المؤسسة نعتقد أن تضافر الجهود في كل قطر عربي لوضع برامج وطنية لتحديث مناهج اللغة العربية، واستخدام التقنيات الحديثة، والاعتناء بالمؤسسات التربوية من مدارس وكليات وجامعات، وزيادة عددها والعناية بالمعلمين وتطوير قدراتهم، كل ذلك وغيره كثير من شأنه أن يخدم اللغة العربية ويعمل على النهوض بها. كما أن وضع برامج لتعزيز البحث والتطوير وزيادة عدد المؤسسات العامة في مجال بحوث اللغة العربية بغرض مجاراة متطلبات التوجه نحو مجتمع اقتصاد المعرفة وتنسيق البرامج على المستوى القومي، وتنفيذها في المؤسسات التعليمية وإنشاء هيئة تنسيقية عليا من وزارات التعليم العالي والبحث العلمي معاجلة البحوث واستخلاص النتائج منها، وتطبيق القرارات والتوصيات، يصب في خانة النهوض باللغة العربية.. وهو الأمر الواجب على جميع المؤسسات الثقافية والفكرية في سائر أقطار وطننا العربي. هذا غيض من فيض وأكتفي بهذا، وأقول إن المؤسسات الثقافية والفكرية في كل بلد عربي بإمكانها أن تقوم بواجبها تجاه النهوض باللغة العربية بقدر ما تستطيع وبحسب الإمكانات المتاحة في كل مؤسسة.

• اسمح لنا أن نخرج من الثقافة إلى الاقتصاد، ما التغيرات التي حدثت في قطاع الأعمال الخليجي بشكل عام في ضوء دخول التكنولوجيا بشكل موسع؟

•• دائماً وعلى مدى التاريخ، حدثت تغييرات في مجال قطاع الأعمال وكل حقبة لها ظروفها التي بدورها تفرض أنماطاً معينة في مجال التجارة والأعمال، في بدايتنا بالعمل التجاري في أواسط الخمسينيات كانت الظروف صعبة والإمكانات قليلة، ولكن كان التعامل مبنياً على الثقة والكلمة التي بلا شك كان لها أثر إيجابي على الرغم من الصعوبات، اليوم تطورت أنماط الأعمال بشكل كبير وأصبحت التكنولوجيا تخدم كل المجالات وأصبح بكبسة زر تنهي أعمالك، ولكن بالوقت نفسه قلّت الثقة، وكثر الغش والنصب والاحتيال وأصبحت البيئة شائكة.

• ما وجهة نظركم عن الاقتصاد الخليجي في الوقت الحالي؟ وما رؤيتكم المستقبلية للاقتصاد الخليجي؟

•• الاقتصاد الخليجي وبشكل عام لا يزال يعتمد وبنسبة كبيرة على مصدر الطاقة، طبعاً يتفاوت ما بين دولة وأخرى، وهناك تجارب واعدة لتنويع مصادر الدخل، ولكن برأيي تحتاج إلى اهتمام وتفعيل أكبر، وأعتقد أنه ليس من الصعوبة بمكان الوصول لهذا الهدف، ولدينا تجربة المملكة برؤية 2030، وما تم إنجازه إلى الآن من هذه الرؤية يطمئن أنها في طريقها للاكتمال والنجاح.

• مشروع العملة الموحدة الخليجية طُرح في العديد من المرات في اجتماعات مجلس التعاون، باعتقادك ما التحديات والعوائق التي أجّلت مثل هذا المشروع؟

•• التكامل الاقتصادي الخليجي مطلب ضروري جداً ليس فقط على مستوى العملة الموحدة، ولكن على مستوى كل المجالات الاقتصادية، وهذا سيضيف قوة كبيرة للاقتصاد الخليجي وحكمتنا القديمة تقول «العصا الواحدة تنكسر بسهولة، ولكن إن أصبحت حزمة فيصعب كسرها»، وكما يقول الشاعر «العودُ محميٌّ بحزمته *** ضعيفٌ حين ينفرد».

• يمر الاقتصاد العالمي بربكة اقتصادية تنذر بركود اقتصادي، هل تعتقد أن هذا الركود سيؤثر على قطاع الأعمال الخليجي؟ وما وجهة نظركم عن الاقتصاد العالمي ككل، في ظل التحديات الحالية وأنتم تمتلكون العديد من القطاعات التي تعمل في الدول الأوروبية؟

•• نحن في منطقتنا جزء من هذا العالم، وأكيد سنتأثر مثل الآخرين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وعلينا أن نستعد لمثل هذه الأمور.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply