[ad_1]
«في وجهك»… وثائقي تثقيفي يعرضه «شاهد»
كيف نميز إنساناً عن آخر؟
الأحد – 19 شهر ربيع الثاني 1444 هـ – 13 نوفمبر 2022 مـ
كارلا هولمز المصابة بـ”عمى التعرّف إلى الوجوه”
بيروت: فاطمة عبد الله
على «شاهد»، وثائقي عنوانه «في وجهك» (In Your Face) قد يغير النظرة إلى الأشياء. نحو ساعة من العوم في هذا الشكل الأقرب إلى دائرة، حيث يستريح الفم والأنف والعينان. عوم ممتع في الوجه! نحفظ ملامح وننسى أخرى، بلا التفات إلى سطوتي العلم والتكنولوجيا. في الشريط وقت كافٍ لشد الانتباه إلى «قوة عظمى» وراء قدرة التعرف إلى الوجوه. شغله وأبحر.
نحل في ضيافة علماء وخبراء كومبيوتر، مع فارق أن معلوماتهم لا يرافقها الضجر ولا يصادقها الجفاف. السرد ألطف مما يحدث عادة في طرح مشابه. رفعه مرتبة البساطة، يفكك إمكان الشرح المعقد ويذلل صعوبة استيعاب المسائل. سؤال يبدو لوهلة ساذجاً: «كيف نميز إنساناً عن آخر؟»، لكنه مفتوح على جميع الاحتمالات.
السمات البشرية مملة بعض الشيء: عينان فوق الأنف والفم. يتحلى الوثائقي بحس فكاهة وهو يشبه الوجوه بقطيع أغنام لو عاينها كائن فضائي. يذهب أبعد في اعتبار التعرف إليها من أكثر الوظائف تعقيداً في الدماغ: «وحتى مؤخراً، كان غامضاً مثل ابتسامة الموناليزا». روح الدعابة.
يتوقف طويلاً أمام نقيضين: عمى التعرف إلى الأشخاص، والتعرف المفرط إلى الوجوه. حكاية كارلا هولمز تصب في الأول. منذ ولادتها، والوجوه قبالتها أشكال من السراب: «عندما أنظر إلى الناس، يكون الأمر مثل النظر إلى كلب الـ(غولدن ريتريفر). الكلاب لديها أيضاً فم وأنف وعينان. إنه عامل مزعزع للاستقرار».
يبلغ بعض المرضى درجة عدم التعرف إلى الفاكهة والخضار، مقابل بشر يذكرون تقريباً كل وجه. يحضر الشريط دراسات تحلل الوجوه في الدماغ، أبطالها أجنة في الأرحام وأيضاً قردة. خلاصتها: «أدمغتنا متخصصة جداً في التعرف إلى الوجه. نراه في كل مكان، سواء أكان موجوداً أم لا. في الأشجار وفي الغيوم». تسبق الخلاصة تفسيرات تتعلق بالتطور البشري، ترد على ألسنة العلماء أدق من نقلها.
اعلم أن دماغك تطور ليكون حساساً بشكل لا يصدق لوجود الوجه. تتزايد الأدلة على أن الأجنة قبل الولادة تفضل الصور المشابهة للوجوه على أخرى تظهر وجهاً مقلوباً مثلاً. انجذاب الجنين مثبت إلى كل يقارب بنية الوجه. مع ذلك، أكثر المواقف إحراجاً هي رد التحية على وجه تتوه هوية صاحبه. لعلنا جميعاً لم نسلم من لطافة مشابهة. مرة على الأقل!
يضيف الشريط إلى معلوماتك ما لم تدركه من قبل، كأن يتعرف الرضيع في الأشهر الثلاثة الأولى إلى جميع الأعراق، لتحد معارفه في الشهر التاسع بالبشر من عرقه فقط. منذ الطفولة، والقدرة على التعرف إلى الوجوه تسير باتجاه النمو والصقل. مع السنوات، تتحسن إثر تزايد الاتصالات بين الخلايا العصبية، فيتعلم الشخص العادي التعرف إلى نحو 5000 وجه بما فيها عدد هائل من مشاهير لم يحدث اللقاء بهم من قبل.
النموذج المقابل لمرضى «عمى الوجوه»، أشخاص يحظون وراثياً بقدرات استثنائية. هم «المتعرفون الفائقون»، لديهم «قوى خارقة» في تصيد الملامح. يحكون قصص تحولهم من الحياة العادية إلى أدوار فعالة في نظام الشرطة. يحتفظون بالنظرة الأولى حيال الآخرين إلى الأبد. تمر سنوات، تتجعد وجوه، ولا يخطئون الهدف.
في حين تعجز كارلا هولمز عن التعرف إلى صور الملكة إليزابيث أو ألفيس بريسلي وباراك أوباما وحتى فرقة «البيتلز»، يملك «المتعرف الفائق» قدرة على معرفة البشر من العينين فقط. يسجلون حضوراً مذهلاً في الشريط، كالدور المكلفين أداءه، فيكونون أفضل من ينجزه: القبض على المجرمين والإرهابيين المحتملين.
تدسهم الأجهزة في الشوارع، وتكلفهم رصد ساعات طويلة من كاميرات المراقبة، فلا ينجو مرتكب ملثم من العقاب. يا للمفارقة، والأدمغة التي تحفظ الملامح بهذا الدفق العظيم، قد تنسى الأرقام والأسماء! عد إلى الشريط لتفسير اللغز. أحد «المتعرفين الفائقين» يقول بأسى: «في دماغي عشرات الآلاف من الوجوه أتمنى أن أتخلص من بعضها، لكنها عالقة هناك للأسف».
تخيل دماغاً تسكنه ملايين الوجوه وتحوم حوله أصناف الملامح. في المسألة نعمة ونقمة. يتساءل الوثائقي: «ماذا لو كنت في مسرح وحفظت وجوه الحاضرين؟ لن يكون الأمر لذيذاً وأنت تلتقي أحدهم في الشارع وتستوقفه لتتحزر: ألست أنت من كنت في المقعد الخلفي في المسرحية الفلانية؟ ستتهم بالترصد على الفور».
لا حلاوة في عين تحدق بك على نحو مريب، فقط لأن صاحبها «متعرف فائق» وصدف أن جمعكما مكان. ليت المسألة تتوقف على الإنسان، لكن الذكاء التكنولوجي يقول كلمته، فيذهب البعض أبعد في النقد: «تحليل رمز الوجوه في الدماغ بواسطة الكومبيوتر والكاميرا، يخلق نظام مراقبة جديداً على طريقة (الأخ الأكبر) في رواية جورج أورويل. هذا يزعج الكثيرين».
يتصدى سمر البشرة لما يرونه «تمييزاً» يتذرع بفك شيفرة الوجوه لجمع المعلومات، ويرفضون «انتهاك الخصوصية». أمام سؤال «ما هو الاستخدام المناسب للتكنولوجيا؟»، يرتبك الجواب. كارتباك براد بيت وهو يتهم بالغرور والعجرفة كلما غلب الجفاء المودة. يتشارك مشكلة مشابهة مع كارلا هولمز، فتتوه الملامح. تظلمه أحكام متسرعة والحقيقة أشد قسوة.
لبنان
منوعات
[ad_2]
Source link