[ad_1]
دينا حايك… صلابة تقهر السرطان
أطلّت مع رابعة الزيات وألهمت شجاعة المواجهة
الثلاثاء – 14 شهر ربيع الثاني 1444 هـ – 08 نوفمبر 2022 مـ
دينا حايك ورابعة الزيات
بيروت: فاطمة عبدالله
في أسفل الشاشة، يعبّر هاشتاغ «نساء محاربات» عن ضيفات الحلقة. لكلٍ قصة إصرار. يحضرن إلى برنامج «فوق 18» («الجديد») مع الإعلامية رابعة الزيات لسردها. فقدان ويُتم، إنما رجاء وإرادة حياة تعلنهما أمٌ خسرت ابناً بعد 33 يوماً في الغيبوبة، فترفض الاتشاح بالسواد؛ إلى جانب حكاية أخرى عن المرض واستئصال أجزاء من الأنوثة، على وَقْع أجمل العِبر: «لستُ خجولة من نفسي». بصلابة مشابهة، تطل الفنانة دينا حايك لتلهم محاربات السرطان الاستمرار في المعركة حتى النهاية السعيدة.
انعكاس الصداقة على الود المُتبادَل بين المضيفة والضيفة، كانعكاس ثوب الأخيرة الأبيض على داخلها الممتلئ بالضوء. تعترف الزيات بصعوبة الموضوعية حين تتعلق بمَن رافقتها في معاناتها الصحية وصولاً «إلى الموت»، فتضع جانباً بند الإعلام الأهم وتحاورها كأخت. تترك لها الكلام، وإن أكثرت المقاطعة لسؤال يبدو ثقيلاً: «شو حسيتي؟»، قاصدة «ماذا شعرتِ؟» عند التبلغ وعند تساقط الشَّعر ودوامة الصدمة.
اعتادت الفنانة اللبنانية إجراء الصورة الشعاعية للثدي مرة كل عام لدواعي الوقاية. يحدث أن يتدخل القدر في الوقت المناسب فينتشل المرء من الأسوأ. خانتها الذاكرة، فأخطأت في الموعد. استدرك المختبر زيارتها المبكرة، بعدما وصلت برفقة حجتها: «لم أجد صورة العام الفائت، ولعلي لم أقم بإجرائها. أتيتُ لفحص روتيني يبدو ألا داعي له. أعتقد أنه من الأفضل الذهاب».
حين تشاء إشارات السماء الدلالة إلى الوجهة، لن تتوه أقدام تسلك الطريق الصحيح. في المختبر، كان الرد: «ما دمتِ قد أتيتِ، فلنُجرِ الفحص. وليصبح هذا التاريخ بديلاً عن سابق يمكن اعتماده موعداً دورياً سنوياً». فكان ما ليس في الحسبان.
تحبس دمعة لم تردها عنوان ضعف. هي تأثر يضرب الطبيعة البشرية فيمس وهنها كل ما هو حي. في اللحظة التي طُلبت منها إعادة الفحص، تيقنتْ: «أصابني السرطان والرحلة طويلة».
تظن، كجميعنا، أنه لا يجرؤ على الاقتراب، يصيب الآخرين فقط، أما نحن فحصانة كاملة. كانت وراء مقود السيارة حين رن الهاتف. اطمأن الطبيب إلى تماسكها قبل أن يخبرها بما تعرف. سؤال رابعة الزيات، كانت لتجيب عنه ضيفتها بكل الأحوال: «أي مشاعر اختلجت؟». أوقفت سيرها لتلقي الصفعة، مع هَم واحد: «كيف سأطلع عائلتي؟ بأي كلمات أخبر أمي؟».
لم تتدفق الدموع إلا مع سماع صوت الأم على الهاتف. يحب التلفزيون اللحظات المؤثرة، كاتصال مفاجئ بين الأم والابنة يتخلله فيض عاطفي. دينا حايك يقظة من إثارة الشفقة. تشاء إنزال الأمل باتجاه أكوام اليأس. ولا تجعل من نفسها مادة استعراض رخيص. فهمت على الفور رسالة السماء: «لربما يختارني الله ليصل صوتي، فأكون نموذجاً في الصلابة للمحتاجين إلى قوة».
الخطوة الثانية: خزعة تُبين صنف المرض، خبيث أم حميد، وفي حالتها «خطر وسريع الانتشار». تستعد، فلا وقت لإهداره في الأسى: جرعات كيمياوية واستئصال في محيط الثدي. 5 سنتيمترات، وكل ما تتطلبه المواجهة من أثمان باهظة.
صبت قلقها الأكبر على هول الصدمة حين تتلقاها الوالدة: «السرطان ليس كلمة توصف مرضاً، بل هو معاناة تصيب أفراد العائلة». ترفض دينا حايك اتخاذ وضعية الصنم. هي إنسان، فـ«أبكي وأحزن وأشعر بالقهر. أنا كأي كائن بشري، ضعيفة». لكن خوض المعارك قرار. أدركت ذلك حين أصيبت أطراف من شَعرها بالصلع، فاستبدلت بما تساقط شَعراً مستعاراً لا يحجب قسوة المشهد حين تخلد إلى النوم.
تذكر بحقيقة أن «شَعر الأنثى عزيز عليها»، ورغم ذلك ترغب في تصفيره: «فقدتُ نحو 70 في المائة منه بعد ثماني جلسات علاج. لا بأس. تزورني حاجة إلى حلق الرأس تماماً وقد أُقدم عليها. ما يؤلمنا سيجعلنا أقوى»، تصدق دينا حايك هذه المقولة، بدليل حضورها الشجاع.
يقينها بـ«الانتصار عليه قبل الانتصار علي»، يدعمه إيمان هو سبب القوة، كقوة باتريسيا قسيس، ضيفة الحلقة، وإيمانها. شاركها لبنان وجع موت صبيها بعد حادث في بركة سباحة، لا لفجيعة الاختبار فحسب، بل لإرادة التصدي ودروس الإذعان للمشيئة. تقول حايك أيضاً بصبر وعناد: «لن يتزعزع إيماني ما حييت. بقيتُ أو فارقتُ الوجود».
الحب يشفي. وفي حالتها يؤدي وظيفة جلسة الكيمو، مع فارق أنه يمتص آلامها. عبر مقاطع قصيرة، أطل فنانون محبون يدعمون ويساندون. «أكبر من كل التحديات وأقوى من كل الصعوبات»، قال وليد توفيق، وتمنت لها ليليان نمري الشفاء. انتظرت محبة، ولم تتوقعها إلى هذا الحد: «فانز ومقربون وصحافة، كلماتهم صلوات».
قبل الجَمعة مع نساء الحلقة، والورد الجوري الزهري في أيديهن كتحية للمحاربات، لفتت دينا حايك إلى ما يشكل ذروة اللاإنسانية: انقطاع أدوية السرطان في لبنان! «حتى العلاج الكيمياوي غير متوافر لدى جميع المستشفيات. في حالتي، قد أستطيع الوصول إلى الدواء. ماذا عن الآخرين ممن لا حول لهم؟ مخجلٌ التفريط بالأرواح».
تشارك أطفال السرطان عناءهم، فهي بعضٌ منهم. لكن حين يطول الأجساد الطرية، تتلاشى جدوى الكلام فتكتفي بالحب. وحده يُسرع الشفاء.
Beirut
منوعات
[ad_2]
Source link