[ad_1]
تكيُّف أم تخلٍّ… ما بدائل المصريين لمواجهة الغلاء؟
طبقات اجتماعية تلجأ لسلع أرخص مع استمرار انخفاض الجنيه
الثلاثاء – 7 شهر ربيع الثاني 1444 هـ – 01 نوفمبر 2022 مـ
انخفاض الجنيه مقابل الدولار خلّف ضغوطاً اقتصادية واجتماعية على المصريين (أ.ف.ب)
القاهرة: «الشرق الأوسط»
مع سقوط أولى قطرات المطر إيذاناً بالطقس البارد، توجهت المصرية دينا مراد، وهي ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، نحو خزانتها لاستخراج «ملابس الشتاء»، وعلى غير عادتها لم تستغنِ عن القطع التالفة أو تلك التي باتت لا تناسب نمو أطفالها، بينما قررت أن تُصلح ما يمكنها إصلاحه، ووفَّقت بعض القطع بين فتياتها الثلاث، مبررة الأمر بـ«ضيق ذات اليد».
بالمعايير الاجتماعية، ربما تنتمي السيدة الثلاثينية إلى شريحة أولى من الطبقة المتوسطة، إذ تسكن في منطقة القاهرة الجديدة، وأبناؤها ملتحقون بمدارس دولية، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن دخل أسرتها الشهري «يتخطى 750 دولاراً أميركياً (الدولار يساوي 24 جنيهاً في المتوسط)»، كما أنها تمتلك سيارة، وتحظى باشتراك في نادٍ رياضي.
وقدّرت «وكالة فيتش» للتصنيف الائتماني، دخل الأسرة المصرية التي تنتمي للطبقة المتوسطة بحد أدنى 4269 دولاراً أميركياً سنوياً، وبحد أقصى 8533 دولاراً، في تقرير نُشر في أبريل (نيسان) الماضي.
وتواجه مصر حالة من الارتباك في الأسواق وتغيرات كبيرة في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، خصوصاً بعدما أعلن «البنك المركزي المصري» قبل أقل من أسبوع، عن قرار لتحرير سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار، وإثر ذلك انخفضت قيمة الجنيه بنحو 22% مقابل الدولار.
غير أن الأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها على أسرة دينا، كغيرها من المصريين، حسبما تقول السيدة لـ«الشرق الأوسط»، معربةً عن اعتقادها أن «أبناء الطبقة المتوسطة يعانون بسبب القلق بشأن مكانتهم الاجتماعية التي باتت على المحكّ، بينما يصعب كذلك الاستغناء عن بعض الاحتياجات بسبب ضغوط مجتمعية متأصلة».
ومع ذلك تقرّ السيدة بأنها وضعت خططاً أو تصورات لتخطي الأزمة، تقول: «ستكون هناك تغييرات، لكن الأولوية بالنسبة لي ولزوجي هو البقاء في المستوى التعليمي نفسه. قد تطرأ علينا بعض التغيرات الغذائية، وربما لا مساحة للترفيه وشراء الملابس الجديدة، غير أن ثمة تحدياً لنعبر الأزمة دون أن نضطر لتغيير نمط حياة أبنائنا بصورة محسوسة».
وأثار قرار تحرير سعر الصرف الذي أعقبه فقدان العملة المحلية جزءاً كبيراً من قيمتها الشرائية، قلقاً عبَّر عنه مصريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالفكاهة والحلول المُجربة، وشاركت حسابات على «مواقع التواصل» مشهداً شهيراً للممثلة الراحلة سهير البابلي في مسلسل «بكيزة وزغلول»، التي عانت الفقر بعد ثراء (في الحبكة الدرامية) وعلى لسانها كلمة: «جربعة مش هتجربع»، في إشارةٍ إلى أنها ترفض أن تتأثر بالمتغيرات أو تلجأ لشراء سلع رديئة، حسب رأيها.
الدكتور خالد عبد الفتاح، رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة حلوان، يرى أن «التغيرات الاجتماعية قادمة لا محالة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد التخلي اختياراً، بل ضرورة في مواجهة أزمة اقتصادية تَلوح من كل حدب وصوب، وبات التكيف مع المتاح والضروري هو الملاذ الوحيد».
ويعلق أستاذ الاجتماع على دعوات الاستغناء التي يتبناها البعض ويقول: «حين نُقيّم الأزمة علينا أن نرتكز على الطبقة التي تشكل الغالبية، فإذا كنا نتحدث عن مصر التي يشكل أكثر من نصفها أبناء الريف، الذين لا يعرفون (كسوة الموسم) ونزهة نهاية الأسبوع، فإن طلبات الاستغناء على غرار الأوروبيين غير واقعية».
ويوضح عبد الفتاح أنه من الأولى أن «نحدِّث الناس عن طريقة إدارة الموارد الاقتصادية»، ويقول: «المصريون على مر أزمات عدة يمتلكون أدوات التكيُّف، فنحن أمام ظروف استثنائية تفرض علينا (عيشة الضرورة) التي تختلف أولوياتها عن الظروف العادية».
ولا يستبعد الأكاديمي المصري «حدوث تغييرات في نمط حياة الطبقات الاجتماعية إذا استمرت الظروف الاقتصادية في هذا المسار»، ويشرح: «أتوقع هبوط شرائح اجتماعية إلى طبقات أدنى، لا سيما في ظل وجود فجوة بين المستوى التعليمي والمهني والاجتماعي للأفراد وبين دخولهم الاقتصادية، فقد نرى من هم على المحك يهبطون إلى طبقات أدنى».
وقُبيل إعلان «قرارات التعويم» الأحدث، شهد شهر سبتمبر (أيلول) أعلى معدلات التضخم خلال السنوات الأربع الماضية، بعدما وصل إلى 15% مقابل 14.6 في أغسطس (آب)، حسب بيانات صادرة عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في مصر.
الحكومة المصرية بدورها تعوّل على أن «تعويم» الجنيه «سينعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصري ما قد يحدّ تداعيات الأزمات العالمية بعد جائحة كورونا والأزمة الروسية – الأوكرانية»، وهو ما يؤيده اقتصاديون يعتقدون أن هناك «استقراراً قريباً في سعر الصرف».
لكن الدكتورة هبه الليثي، أستاذ الإحصاء في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، لا ترى في «استقرار سعر الصرف بصيصاً يشير إلى انخفاض أسعار السلع»، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تحرير سعر الصرف ربما يعقبه استقرار في الأسعار خلال شهرين أو ثلاثة، لكن هذه النتيجة مرهونة باستقرار سعر الدولار أولاً».
وترى الليثي أن «التعلق بانخفاض الأسعار غير مجدٍ، بينما الخروج من الأزمة يتطلب إعادة النظر في أولويات الأسرة المصرية»، وتضيف: «بعض الأسر قد تضطر إلى خفض ميزانية التغذية، وهذا مخرج قد يكون له أثر سلبي على الصحة على المدى البعيد».
وتستكمل: «ربما تتجه أُسر أخرى إلى خفض الإنفاق على التعليم، وجميعها حلول مسكنة تؤثر على المجتمع لاحقاً». وتضيف ناصحةً: «ترتيب الأولويات يتطلب نظرة إلى المستقبل، فالاستثمار في التعليم أولوية، وكذلك الغذاء، بينما يمكن خفض تكاليف بنود لا تحمل آثاراً جذرية لاحقاً، مثل التخلي عن بعض الرفاهية».
مصر
إقتصاد مصر
[ad_2]
Source link