«استعباط» باتت كلمة فصيحة… هل تغيرت اللغة أم الواقع؟

«استعباط» باتت كلمة فصيحة… هل تغيرت اللغة أم الواقع؟

[ad_1]

«استعباط» باتت كلمة فصيحة… هل تغيرت اللغة أم الواقع؟

«مجمع العربية» المصري أجازها وسط تفاعل ومطالبات بالمزيد


الاثنين – 6 شهر ربيع الثاني 1444 هـ – 31 أكتوبر 2022 مـ


مجمع اللغة العربية بالقاهرة (حساب المجمع على فيسبوك)

القاهرة: منى أبو النصر

يبدو كأن كلمة «استعباط» قد كُتبت لها شهادة ميلاد جديدة هذه الأيام، بعد أن اعتمدها واعترف بها مجمع اللغة العربية في مصر أخيراً باعتبارها مُفردة «فصيحة»، فتلك الكلمة الدارجة على الألسن التي تُستخدم عادة في مواقف يسودها الانتقاد والحدة، باتت اليوم وكأنما يُعاد اكتشافها، وتُجدد معها الاهتمام بالكلمات الشائعة التي ربما لم يلتفت الجمهور لجذورها الفصيحة.
«استعبط يستعبط استعباطاً»، هكذا يمكن فهم تحرك الكلمة من فعلها وصولاً لمصدرها، أما أصلها فقد اشتق من كلمة «عبيط»، التي يقول الدكتور خالد فهمي، أستاذ اللغويات بكلية الآداب في جامعة المنوفية، والخبير بمجمع اللغة العربية في القاهرة، إن أصلها في المعجم هو «الدم الطري والسائل»، لذلك فالولد أو الرجل الذي يدعي الجنون، ولا يُحكِم تصرفاته حتى تصير غير ناضجة أو سائلة يُطلق عليه «عبيط»، ومع الوقت بدأ العامة يُطلقون على الشخص الذي يدعي أنه «عبيط» تعبير «يستعبط»، فهنا اشتقاق من التعبير عبر استخدام وزن «استفعل»، فيصير الفعل «استعبط»، «استعباطاً»، حسبما يقول الخبير اللغوي في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
ويضيف الدكتور خالد فهمي، أن «من الأدوار التي يقوم بها مجمع اللغة العربية منذ ما يزيد عن ثمانين عاماً هو إمداد اللغة بـ(مواليد جدد) لمواجهة تطورات الحياة والعصر، وإعادة توظيفها في سياقات جديدة، والقيام بـ(النقل الدلالي)». واستخدم فهمي مثالاً هنا بكلمة «سيارة» التي هي في الأصل تعني «مجموعة الجِمال التي تسير خلف بعضها»، ثم وجد المجمع أنه لا مانع من جعل هذه الكلمة المعجمية تنتقل لسياق جديد لتلبية هذا المستحدث الحضاري.
فيما يشير الدكتور سيد إسماعيل ضيف الله، أستاذ النقد الأدبي بأكاديمية الفنون في مصر، أنه سبق لأستاذ الفلسفة المصري زكي نجيب محمود، استخدام كلمة «العبيط» في عنوان كتابه «جنة العبيط»، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رغم توهم البعض عدم فصاحة هذا اللفظ، فإن وجوده في المعجم الوسيط منحه الشرعية، ومع ذلك استمر توهم أن الكلمة غير فصيحة أو لا يصح استخدامها في الكتابة إلا على سبيل وضعها بين معقوفين».
ويتابع ضيف الله: «مجامع اللغة العربية ليس أمامها سوى التوسع في إضفاء مشروعية معجمية لمئات الكلمات التي صارت ذات مشروعية حياتية، وصارت مستخدمة في الكتابة الإبداعية والصحافية على السواء. ومع ذلك يجب الاعتراف بأن معيار الفصاحة يتجاوز مستوى اللفظ إلى مستويات أخرى تتعلق بالجملة والخطاب، ومنها ما يتعلق بالتراكيب، والأساليب والدلالة والثقافة».
ويشدد ضيف الله: «إذا كان مجمع اللغة العربية يريد حقاً إنعاشاً لاستخدام اللغة العربية بين أبنائها، فعليه أن يعلن عن سياسات لغوية شاملة، لا عن اعترافات بلفظ هنا ورفض للفظ هناك، والأهم أن يكشف عن أسباب انعزاله أو عزله عن المجتمع، وترك ساحة الإعلام، والتعليم في حالة من التردي اللغوي والعجز عن التعبير بأي مستوى لغوي في كثير من الأحيان»، على حد تعبيره.
ونشر مجمع اللغة العربية بالقاهرة قبل أيام عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» منشوراً يخص إجازته لكلمة «استعبط»، جاء فيه أن «استعبط فلانٌ فلاناً: تصوره أو ظنه عبيطاً». وأن وجه إجازته في اللغة أنه جاء في المعجم الوسيط: رجل عبيط: أي أبله غير ناضج، مشيراً إلى أن «عبيط» محدثة، فكأن الفعل «استعبط» بمعناه المذكور قد أُخذ من الصفة عبيط. وهو أخذ مشروع بحسب قرارات مجمع اللغة المصري. وجاء الفعل «استعبط» على وزن «استفعل» للدلالة على الظن أو الجعل إذا كان متعدياً، وجواز ماضيه يجيز مضارعه «يستعبط» ومصدره «استعباط» تكملة للمادة.
ويتساءل الدكتور خالد فهمي، الخبير بمجمع اللغة العربية بالقاهرة: «لماذا نعتبر اللغة العامية غريبة علينا؟»، وذلك في سياق الجدل المُصاحب لإجازة المجمع لكلمة «استعباط» باعتبارها كلمة عامية، وهو ما ظهر في التعليقات المصاحبة لمنشور المجمع اللغوي من الجمهور المتابع، ويقول: «العامية في النهاية هي شكل من أشكال اللغة العربية، فمن بدايات القرن العشرين ونحن لدينا مفردات (العامية الفصيحة)، فهي كلمات في الأصل فصيحة وموجودة في اللغة العربية، ومن كثرة انتشارها تصور الناس أنها غير فصيحة مثل كلمة (استعبط)».
ويُعرف فهمي العامية بأنها ما ينتشر على ألسنة العامة، ويقول إنها لا تقتصر على العامية الفصيحة، ولكن هناك أيضاً الكلمات العامية الأعجمية، التي يستخدمها الناس العاديون في يومياتهم، ولا يعلمون أنها في الأصل مفردات أعجمية، مثل كلمة «كاش» المرادفة لكلمة «الدفع النقدي»، التي يستخدمها الجميع بمن فيهم من لا يعرف شيئاً عن اللغة الإنجليزية.
«المجمع يمارس هذا الدور من أكثر من ثمانين عاماً، الأعضاء والخبراء وظيفتهم أن يطلعوا على الاقتراحات على الألفاظ والأساليب، وتخرج بها توصيات بالموافقة من اللجان المختصة، وخرج بكلمة (استعباط) قرار بالقرارات المعجمية»، حسبما يقول الخبير اللغوي.
ويشير فهمي إلى كلمات اشتقت من اللفظ الأعجمي، وصار لا غنى عنها في مواكبة العصر، على رأسها كلمة «يُفسبك» أن يستخدم موقع «فيسبوك»، ويقول إن تلك الكلمة أجيز فيها الاشتقاق الأعجمي: «لماذا لم نعد نستغرب من استخدام كلمة تلفزيون، واشتقاقنا منه لكلمة (يُتلفز) و(مادة متلفزة)؟».
وتأسس مجمع اللغة العربية في القاهرة في عام 1932 في عهد الملك فؤاد الأول، ويتولى المجمع وضع المعاجم اللغوية، وبحث قضايا اللغة، ووضع المصطلحات العلمية واللغوية، وتحقيق التراث العربي.



مصر


منوعات



[ad_2]

Source link

Leave a Reply