السودان: الحاجة الحتمية للحوار السياسي

السودان: الحاجة الحتمية للحوار السياسي

[ad_1]

عندما كنت أقدم إحاطتي الأخيرة إلى مجلس الأمن عن الوضع في السودان، كانت العديد من الأفكار تدور في ذهني. كان أبرزها صورة الشابات والشبان السودانيين الذين ناضلوا وما زالوا يناضلون من أجل مستقبل أفضل رغم كل الصعاب. كنت قد التقيت ببعضهم الشهر الماضي خلال الاحتفال باليوم العالمي للشباب الذي أقامه مركز الدراسات السودانية كما التقيت بمجموعة من الشباب القادمين من عدد من الولايات والأقاليم خلال الاحتفال باليوم العالمي للسلام قبل أيام قليلة من تقديم الإحاطة.

متظاهرون شباب يحملون أعلاما في أحد شوارع العاصمة الخرطوم.

متظاهرون شباب يحملون أعلاما في أحد شوارع العاصمة الخرطوم.

هؤلاء الشباب هم مستقبل السودان، وهم يستحقون بذل كل جهد ممكن لترجمة آمالهم وتطلعاتهم في الحرية والسلام والعدالة وآمالهم في المستقبل إلى واقع ملموس. لقد كان هذا الإلهام، وهذا الالتزام، هو أساس جهودي خلال اجتماعاتي في ذلك الأسبوع.

وقد ذكرت في إحاطتي أن الوضع العام سيستمر في التدهور ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي لاستعادة حكومة بقيادة مدنية، ذات مصداقية وقادرة على الاضطلاع بجميع وظائفها. أنا أعتقد أن هذه هي أيضا الخطوة الأولى نحو تحقيق تطلعات هؤلاء الشباب.

وبينما تستمر حدة الاستقطاب السياسي في التزايد، هناك العديد من بوادر الأمل في التوصل إلى حل. ويعتبر تعدد المبادرات الوطنية – مع نقاط التقارب المتعددة بينها – دليلا على ذلك.

يجابه السودان ضرورة مواجهة  قضايا رئيسية  تتجاوز الجدل الحالي حول الترتيبات الدستورية الانتقالية. ظلت بعض هذه القضايا موجودة منذ استقلال البلاد في عام 1956 وكانت أسبابا جذرية لعدم الاستقرار في السودان. كثير من هذه الأسئلة يتعلق بتقاسم الموارد والثروات، بما في ذلك الأراضي. لكن الكثير منها أيضا يتعلق بإدماج أو إقصاء مختلف الأقاليم والمواطنين والمجتمعات، وهو الأمر الذي لا يقتصر فقط على دارفور والشرق وكردفان والنيل الأزرق. وهناك أسئلة أخرى قصيرة المدى تتعلق بهيكل وطبيعة الدولة التي يريدها السودانيون، والمسار الانتقالي المطلوب لتحقيق ذلك.

يتطلب هذا المسار الانتقالي اتفاقا واضحا على مهام المرحلة الانتقالية وتوزيعا واضحا للأدوار والمسؤوليات بين مختلف الجهات الفاعلة. كما يتطلب خطة واضحة لتضميد جراح الماضي. المساءلة والعدالة الانتقالية هما مفتاح مستقبل الاستقرار في السودان. إن الحاجة إلى المساواة بمعناها الأوسع، ورفض أي نوع من التمييز بين السودانيين، أمر جوهري.

لا ينبغي أن يكون هناك مكان لانقلابات عسكرية مستقبلية في السودان. الديمقراطية والمشاركة هما السبيلان الوحيدان لتحقيق الاستقرار والسلام الدائمين لهذا البلد. لذلك، ما زلت أرحب بالتزامات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو المتكررة بشأن انسحاب الجيش من السياسة. يحتاج السودان إلى جيش قوي وموحد ومهني.

يجب أن تبدأ عملية دمج جميع القوات والحركات المسلحة في فترة انتقالية جديدة، أكثر استدامة. وقد كررت أكثر من مرة منذ وصولي إلى السودان في بداية عام 2021: “لن يكون البلد الذي يضم خمسة أو ستة أو سبعة جيوش مختلفة أو أكثر مستقرا أبدا.” في الواقع، يجب ألّا يلعب القادة العسكريون أدوارا سياسية، ويجب ألّا تكون للقادة السياسيين جيوش خاصة.

متظاهرون يحملون العلم السوداني في شارع المؤسسة في الخرطوم بحري، السودان.

متظاهرون يحملون العلم السوداني في شارع المؤسسة في الخرطوم بحري، السودان.

سنواصل العمل مع شركائنا في الآلية الثلاثية وبقية المجتمع الدولي للتوصل إلى اتفاق سياسي مقبول للأغلبية. سيهدف الاتفاق إلى تحقيق أوسع توافق ممكن في الآراء بين المعنيين السودانيين. يشجعنا أن نرى أن القوى المدنية قد وجدت طرقا لتلتف حول وثائق مشتركة، وأن تجمعا أوسع يتحد حول مشروع إطار دستوري. لا تحتاج الآلية الثلاثية إلى التوسط بين المدنيين. لكنها مستعدة تماما للعب الدور الذي يتوقعه منّا الكثير من القادة المدنيين والعسكريين، وهو دور الوساطة أو التيسير من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بين المؤسسة العسكرية وأوسع كتلة ممكنة من المدنيين.

نحن ندرك مدى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعاناة الناجمة عنه. ونتطلع إلى التوصل إلى حل سياسي يسمح لنا باستعادة الدعم والمساعدات الاقتصادية  إلى السودان وحشد المزيد من الموارد من أجل تحقيق هذا الغرض. لقد أصبح هذا الأمر أكثر إلحاحا الآن مقارنة بأي وقت مضى. وأي حل قابل للتطبيق لن يكون ممكنا إلا إذا كان صنيعة السودانيين وملكهم، وعليهم العثور عليه معا. إن أي إجراء أحادي الجانب من قبل أي جهة سيتم اعتباره مخالفا لتطلعات جميع السودانيين في العودة إلى المسار الانتقالي نحو الديمقراطية.

أدعو جميع السودانيين إلى الاستفادة من الفرصة التاريخية العظيمة التي أتاحتها ثورة كانون الأول/ديسمبر 2018، والتي تمكنت من جلب ثقل مجموعات قاعدية واسعة للتأثير على النخب السياسية.  

يمكننا في الأمم المتحدة تقديم الخبرة الفنية  وكافة أشكال الدعم الأخرى للمقترحات حول كيفية معالجة هذه الأسئلة.  وسنستمر في البقاء غير منحازين لأي طرف، إلا أننا  لن نكون أبدًا محايدين فيما يتعلق بقيمنا:  الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي، وفيما يتعلق بالهدف الاستراتيجي المحدد في التفويض الممنوح لي من قبل مجلس الأمن، وهو مساعدة السودان في  انتقال بقيادة مدنية نحو الديمقراطية والسلام.

[ad_2]

Source link

Leave a Reply