[ad_1]
لكنه أقرّ بأنها خلّفت تجربة مريرة وباهظة الثمن على السوريين الذين عاشوا على مدى أكثر من عشر سنوات تحت “وحشية إرهاب منظم ترعاه حكومات معروفة.”
وشدد في خطابه في الجمعية العامة يوم الاثنين على أن بلاده تبذل جهودا “جبّارة” لتحسين الوضع الإنساني على الأرض، “وإعادة بناء ما دمّره الإرهاب، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين” كما تحرص على تقديم كل التسهيلات للأمم المتحدة لتحسين وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها، ولتنفيذ مشاريع التعافي المبكر التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2642.
وأضاف أن القيمة التقديرية للخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاع النفط والغاز والثروة المعدنية السورية فقط منذ عام 2011 وحتى منتصف عام 2022 بلغت ما قيمته 107 مليارات دولار أميركي.
ورغم “التحفظات” على قرار مجلس الأمن 2642، إلا أنه “يمكن أن يشكل خطوة إضافية نحو تحسين الوضع الإنساني في سوريا وزيادة القدرة في الحصول على الخدمات الأساسية،” لكن ذلك يتوقف على تنفيذ الدول الغربية لما جاء في القرار بخصوص توسيع نطاق الأنشطة الإنسانية، بما في ذلك مشاريع التعافي المبكر الهادف إلى توفير المياه والكهرباء وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم والمأوى، بحسب المسؤول السوري.
إعادة الأوضاع إلى طبيعتها
أكد المقداد أن بلاده انتهجت منذ عام 2011 خيار التسويات والمصالحات الوطنية المحلية “كطريق لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها في مختلف ربوع الوطن وتعزيز الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع السوري.”
وتابع يقول إنه تم إصدار 21 مرسوم عفو عام، كان آخرها المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، ومنح بموجبه عفوا عاما عن “الجرائم الإرهابية المرتكبة من قبل السوريين، عدا تلك الجرائم التي أفضت إلى موت إنسان.”
وقال إن العفو يكتسي أهمية استثنائية بطبيعته القانونية والاجتماعية والسياسية، “فهو يعكس مرحلة متقدمة في إطار إرادة وجود الدولة السورية المستمرة” لترسيخ المصالحة الوطنية والوئام الاجتماعي وتحقيق الاستقرار بشكل مستدام.
إجراء الانتخابات
أكد المسؤول السوري أنه رغم الظروف الصعبة، فقد حرصت سوريا على إجراء “استحقاقاتها في موعدها” مشيرا إلى انتخابات المجالس المحلية التي شهدتها سوريا قبل عدة أيام، وتحدث عن “اتساع المشاركة الشعبية الديمقراطية وتعزيز اللامركزية وتعميق الإدارة المحلية في كل قرية ومدينة ومنطقة ومحافظة.”
كما أعرب عن دعم بلاده للاجتماعات التي تُعقد بصيغة أستانة، إضافة إلى اهتمام سوريا بعمل اللجنة الدستورية التي تم الاتفاق على تشكيلها في مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في سوتشي في عام 2018.
وقال: “نؤكد على ضرورة أن يحافظ المبعوث الخاص إلى سوريا على دوره كميّسر للحوار السوري-السوري بملكية وقيادة سوريّة، وذلك وفقا للولاية الممنوحة له.“
شن الحروب “بذريعة نشر الديمقراطية”
كان السيد فيصل المقداد قد استهلّ كلمته قائلا إن لقاء اليوم يأتي في ظل أوضاع حسّاسة وخطرة على الصعيد الدولي، مشيرا إلى ازدياد الحروب والنزاعات والتهديدات للسلم والأمن الدولي، وينتشر الإرهاب والفوضى، ويتعرّض الاقتصاد العالمي والأمن الغذائي للخطر، ويتسارع تغيّر المناخ.
وقال: “اللافت أن كل ذلك يأتي نتيجة لإصرار بعض الدول على فرض هيمنتها على الدول الأخرى، والاستيلاء على مواردها وثرواتها، والسعي لتحقيق أجندتها الضيقة، بما في ذلك عبر الاستثمار في الإرهاب، وفرض الحصار الاقتصادي واستخدام الأسلحة الفتّاكة؛ ضاربة بعرض الحائط كل ما أجمعت عليه البشرية من قوانين وأعراف دولية.“
سمّوا عقوباتهم بالعقوبات الذكية، ولكنها في الواقع ليست سوى أدوات قتل وعقاب جماعي ضد الشعوب التي وقفت إلى جانب بلادها وسيادتها وجيشها
وأشار إلى أن تلك الدول شنّت الحروب واحتلت أراضي الغير “تحت ذريعة نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان” لكنها دمّرت دولا وقتلت الكثير من الأبرياء، “وما جرى في منطقتنا ليس إلا مثالا على ذلك.”
وأضاف أن تلك الدول أطلقت على “الإرهابيين المدعومين من قبلهم تسمية المعارضة المعتدلة التي تنشد الحرية” لكنهم كانوا أدوات لتدمير الدول الأخرى التي لا تسير في فلكهم ولا تخضع لأجنداتهم – كما قال.
وتابع يقول: “سمّوا عقوباتهم بالعقوبات الذكية، ولكنها في الواقع ليست سوى أدوات قتل وعقاب جماعي ضد الشعوب التي وقفت إلى جانب بلادها وسيادتها وجيشها.“
وأشار إلى أن ما فعلوه في سوريا من منع وصول الغذاء والدواء ووقود التدفئة وغيره من متطلبات الحياة الأساسية إلى الشعب السوري “هو خير دليل” على ذلك.
ودعا إلى اتخاذ القرار الصائب “في هذه اللحظة الفارقة والدقيقة “من تاريخنا الكوني، بما يضمن “حاضرا ومستقبلا أفضل لنا وللأجيال القادمة،” وبما يؤسس لبناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يعمل فيه الجميع تحت مظلة مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة.
ممارسات إسرائيلية “تشكل جرائم”
وتطرق المقداد إلى ما وصفه بالممارسات الإسرائيلية التي “دفعت المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر وانعدام الاستقرار” وأوضح أن ذلك تم “من خلال ارتكابها المجازر وتصعيد عدوانها العسكري على الأراضي الفلسطينية وقتل المدنيين” أو من خلال “الاستمرار في سياسات الاستيطان والتهويد والحصار والاعتقال التعسفي والتهجير القسري والتمييز العنصري.”
وأشار إلى أن الممارسات “تشكل جرائم لم يعد من المقبول الاستمرار في الإفلات من العقاب عليها.”
ولفت الانتباه إلى أن بلاده لن تتراجع عن وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني في “نضاله لتحرير أرضه المحتلة وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على كل أرضه وعاصمتها القدس، وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وذلك وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.”
كما شدد على دعم بلاده قرار فلسطين في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة “التي طال انتظارها” وتدعو إلى عدم عرقلة قبول هذه العضوية من قبل بعض أعضاء مجلس الأمن على حد قوله.
دفن نفايات نووية في الجولان
كما أشار إلى أن إسرائيل تمارس منذ احتلالها الجولان السوري في عام 1967 – وحتى الآن – “أبشع أشكال الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لقانون حقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني” بما في ذلك بناء المزيد من المستوطنات وتغيير التكوين الديمغرافي والهيكل المؤسساتي على حد تعبيره، “لاسيّما من خلال محاولات فرض الجنسية الإسرائيلية ووثائق الملكية الإسرائيلية على أبناء الجولان قسرا.“
إضافة إلى ذلك، تقوم إسرائيل بـ “نهب موارد الجولان الطبيعية ودفن النفايات النووية في أراضيه.”
كما اتهم إسرائيل بدعم جبهة النُصرة التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش، وقيامها بشن اعتداءات متكررة على أراضي سوريا، والاستهداف الممنهج والمتعمّد للمرافق المدنية، بما في ذلك الموانئ والمطارات المدنية، “مما يهدد السلم والأمن في المنطقة والعالم.”
وانتقد ما وصفه باستمرار الدعم أو الصمت عن مثل تلك الممارسات الإسرائيلية من قبل بعض الدول “التي تنصّب نفسها حامية للقانون الدولي الإنساني ولقانون حقوق الإنسان” وأضاف أن ذلك يجعلها “متواطئة مع هذه الجرائم، ويظهر مدى ازدواجية المعايير التي تمارسها” وشدد على حق بلاده المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها بكل الوسائل اللازمة، وفي ضمان مساءلة سلطات الاحتلال على هذه الجرائم.
وذكّر بقرار مجلس الأمن 497 (1981) المتعلق بالجولان السوري المحتل، مؤكدا أن أي وجود عسكري غير شرعي على الأراضي السورية هو مخالف للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة “ويجب أن ينتهي فورا دون قيد أو شرط.“
كما أوضح أن محاربة الإرهاب لا تتم إلا بالتعاون مع الدولة السورية في إطار احترام سيادتها واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.
تأييد لروسيا والصين وإيران وكوبا
جدد المقداد التأكيد على موقف بلاده من “العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا” وقال إنها تؤيد حق الاتحاد الروسي في الدفاع عن نفسه وحماية أمنه القومي ردّا على السياسات الغربية العدوانية، على حدّ تعبيره.
وقال: “نحن واثقون أن الاتحاد الروسي لا يدافع عن نفسه فقط، وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية، وعن حقنا جميعا في عالم يرفض منطق الهيمنة والقطبية الواحدة.”
نحن واثقون أن الاتحاد الروسي لا يدافع عن نفسه فقط، وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية، وعن حقنا جميعا في عالم يرفض منطق الهيمنة والقطبية الواحدة
كما أكد على تأييد بلاده لموقف إيران إزاء العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة “بشكل منفرد وغير قانوني.”
وأكد على دعم مبدأ الصين الواحدة، وتأييد مواقف جمهورية الصين الشعبية في مواجهة “محاولات التدخل في شؤونها الداخلية، سواء في تايوان أو هونغ كونغ أو شينجيانغ.”
وأعرب عن إدانة بلاده للحصار الاقتصادي المفروض على كوبا منذ عقود، قائلا: تدعو بلاده إلى وقف التحركات والتدريبات العسكرية التي تجريها الولايات المتحدة في شبه الجزيرة الكورية وتطالب برفع “كل أشكال الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الدول الغربية على روسيا وإيران وفنزويلا وبيلاروس ونيكاراغوا وكوريا الديمقراطية وزمبابوي وإريتريا، وضد بلادي سورية.”
وقال إن سوريا تعتبر ذلك “إرهابا اقتصاديا لا يقل وحشية وخطورة عن الإرهاب المسلح، لا من الناحية القانونية ولا من ناحية آثارها اللاإنسانية على الشعوب المستهدفة.”
وقال في ختام كلمته إن العالم مرّ خلال الأعوام الماضية بظروف استثنائية وتعرض لتحديات خطيرة، وحذر من المزيد من المخاطر “إن لم نتحرك الآن وبسرعة لمواجهة هذه التحديات بشكل جماعي ومشترك، بما يسهم في تلبية تطلعات شعوبنا جميعا بتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء والتنمية المستدامة وضمان ألا يكون هدف عدم تخلف أحد عن الركب مجرد شعار.”
وقال إن تحقيق كل ذلك “يبدأ عندما تدرك بعض الدول الغربية أن الدول العظمى لا تكون عظمى ببطشها وقوتها العسكرية فقط، وإنما باحترام الميثاق والقانون الدولي وإعلاء المبادئ الإنسانية والابتعاد عن الأنانية وعقلية الاستعمار.”
[ad_2]
Source link