[ad_1]
يعلل الكاتب وحيد الغامدي (الحالة) بأن الدافع ليس تديّناً ولا تشدّداً دينياً عند تلك المجاميع. ويعزو الغامدي التطاول على المثقف باللسان أو اليد أو التغريد، إلى الخطاب المتطرف الذي يُضمر الامتعاض من التغييرات التنموية الجديدة بكل ما فيها من إصلاحات. ويرى أن الخطاب المتطرف لا يُقيم أي وزن للمعايير الأخلاقية والإنسانية الحقيقية إنْ لم تكن خادمة للأيديولوجيا، مُرجّحاً أن المعاناة من خلل تربوي، واعتلال نفسي مزمن، تدفع صاحبها إلى الانحياز لهذا الخطاب لتفريغ السلبيّة، خصوصاً أنها تتلبس بغطاء ديني مقبول مجتمعياً. وعدّ التطاول ممارسة للقبح، إثر إلباسه لباس الدين، لمنحه المشروعية، مبدياً تخوفه من تكريسه وعدم التصدي له، لما له من أثر على الأمد البعيد.
ويذهب الناقد محمد الحرز إلى أن المتطرف يرى الثقافة فائضة على الحاجة، مشيراً إلى أنه سواء كانت مقولات المثقف أو المبدع منتهكة للمحرمات أو كانت اشتغالاته لا تمس هذه المحرمات، فالنتيجة واحدة. وبعث الحرز طمأنة إلى المثقف، كون مشهدنا الثقافي المحلي، لا يضع مقولات المثقف موضع الاتهام الذي يرتقي إلى العنف الجسدي، رغم حالات التطرف والعنف الذي يرتبط بالأدلجة السياسية.
ويرى الناقد الدكتور عادل ضرغام أن الإرهاب لا يزال يهدد المثقفين والمبدعين، إلا إذا غدت الثقافة مشروعًا، شأن الاقتصاد.
فيما أكد الكاتب لطفي نعمان أنه ما دام المثقف يمارس مهمة النقد والبِناء في مقابل التخلف الهدام، ومحاولة تحجيم الفكر المتطرف، فمن الطبيعي أن المثقف سيظل مهددًا.
ويرى الناقد الدكتور عبدالحكيم الفقيه، أن العلاقة بين المثقف والتطرف علاقة متوترة منذ القدم، كون المثقف يعترض على الأحكام المطلقة للمتطرف، ويسحب منها بساط الجماهير التي يدجنها المتطرف، ما يدفع المتطرف إلى صب جام غضبه على المثقف واستخدام المقدس ضده بتأييد كهنة المقدس وجمهور الجهل المدجن. وأضاف الفقيه: من المعروف أن الصراعات السياسية والدينية توظف الدين كي تكسب صفوف المتدينين، وكل طرف يزعم أن خصمه قرين الشيطان ويجب استئصاله، مشيرًا إلى أن في تاريخنا نماذج من التصفيات البشعة للمثقفين، بحجة فتاوى لمن فصلوا الدِّين على قدهم ومقاسهم. ولفت الفقيه إلى أنه مع بداية الألفية ومع التطور المعرفي والتقني والإعلامي، ومع ازدهار الحريات، توقعنا أننا سنطوي مرحلة التطرف والتكفير، إلا أنه ظهرت لنا موجات متطرفة وتشدد واغتيالات وقمع وإرهاب، ودفع المثقفون ضريبة أفكارهم صمتاً أو قتلاً أو نكوصاً. وتوقّع أن يستمر الصراع بين التطرف والتنوير، لتظل مشكاة التنوير تستقي من وريد أهل الثقافة.
فيما ذهبت الشاعرة التونسية سُهى بشير الجربي، إلى أن ما يشهده العالم من حداثة وانفتاح حضارات على بعضها فضلاً عن التبادل السريع للمعلومة، ومحاولة الشعوب نيل حرياتها عن طريق الكلمة، والتّعبير عن حقها في رفض العبودية، واتخاذ الكلمة سبيلاً لنيل ما تريده بسلام، إلا أن هذا السّلام لا يفتأ تغتاله العقول المتحجرة، باستعمال أساليب مختلفة من العنف، ابتداءً من السبّ والشتم وصولاً للتّصفية الدّموية. وأضافت: شهدنا مؤخراً تفاقم هذه الأحداث، وما تعرّضت له مثلًا الصّحفيّة الرّوسية داريا دوغينا ابنة الفيلسوف ألكسندر دوغين من تفجير مدبّر ذهبت ضحيته الأخيرة. وترى أن الدول العربية ليست بمنأى عن هذا التّأزم منذ القدم حتى هذه الأيام، كون المجتمع لا يزال يحاسب الصحفي والكاتب عمّا يكتبه، ولا يسلم من حركات التشويه والتّكفير عن طريق جماعات «فيسبوكية» لا تفقه عن أصول الدين شيئاً، فضلاً عن كونها غير مؤهلة للحكم على الآخرين، رغم أنها غير مكلّفة بالرّقابة عماّ يكتبه المثقفون. وتساءلت الجربي: ما مصير قلم مهدد بالقتل؟ إماّ الخضوع لهؤلاء، أو التضحية بالنفس، وهنا واجب الدولة توفير حماية أكبر للمثقفين على غرار التّخفيف من هذا الاضطراب القائم بين المفكر والمواطن البسيط، فضلا عن التصدي لمحاولات العنف التي تهدد المثّقفين في شخوصهم.
[ad_2]
Source link