[ad_1]
دوقة ساسيكس تستوحي الكثير من ثورة أميرة ويلز
مرّ ربع قرن على الرحيل التراجيدي لأميرة القلوب ديانا، وما زالت صورتها تعود إلى الأذهان كلّما دار حديثٌ عن الأناقة، أو التسامح، أو الإنسانية، أو الجرأة.
دخلت أميراتٌ كثيراتٌ بعدها إلى قصرَي باكنغهام وويندسور، ونالت سيّدات العائلة المالكة لقب «لايدي»، لكنّ «اللايدي دي» حافظت على الصدارة في الذاكرة الجماعيّة. تعدّدت محاولات تقليدها أو التشبّه بها شكلاً ومضموناً، إلا أنّ ديانا بقيت عصيّةً على الاستنساخ.
وحدَها ميغان ماركل، زوجة الأمير هاري، استطاعت أن تتقدّم على سواها أشواطاً في لعبة المقارنة مع أميرة ويلز الراحلة. لا هي شقراء مثلها، ولا يجري دمٌ بريطاني في عروقها، لكن بين ميغان وديانا صفاتٌ مشتركة جوهريّة لعلّ التمرّدَ أبرزها.
في بدايات ديانا، كان تمرّدها موارباً؛ فساتين لا تشبه ما في خزائن القصر من ملابس نسائية، ثم مصافحة من دون قفازات لمريض مصاب بالإيدز أمام عدسات الصحافة، أو ملامسة لجراح المصابين بداء الجُذام، أو سكب الطعام لأطفالٍ جَوعى في الزيمبابوي. أي من تصرّفاتها الإنسانية تلك لم يكن مفتَعلاً، هي أحبّت بالفطرة ووزّعت ذاك الحب مجاناً على محتاجيه. ففي بيتها الزوجيّ لم يكن مرغوباً بقلبها…
لاحقاً، تحررت ديانا من المواربة وما عادت تختبئ خلف ستائر البروتوكول السميكة. «كنا ثلاثة في ذلك الزواج»، كشفت في مقابلة مع بي بي سي عام 1995 ملمّحةً إلى علاقة الأمير تشارلز بكاميلا باركر. وفي المقابلة ذاتها قالت: «أقوم بالأشياء بطريقة مختلفة لأنني لا ألتزم بالقوانين المكتوبة، أدع قلبي يتحكّم بي وليس عقلي. هذا الأمر تسبب لي بالمتاعب في عملي، لكن يجب على أحدهم أن يخرج إلى الناس ويحبّهم ويُظهر لهم ذلك».
ميغان على خطى ديانا؟
يوم دخلت ميغان إلى قصر باكنغهام عروساً عام 2018، لم تكن والدة زوجها هناك في استقبالها. غير أنّ دوقة ساسيكس لم تفوّت فرصةً لاستحضارها، بدءاً بتزيين يديها وأذنيها وعنقها بمجوهرات ديانا، وباقتباس أناقتها، مروراً بحماستها للأنشطة الإنسانية وتميّزها فيها، وصولاً إلى ما هو أقل بريقاً من المجوهرات وأكثر إرهاقاً من الخدمات الاجتماعية.
سرعان ما اكتشفت ميغان أنّ الحياة بين جدران القصر ليست ورديّة كما أزهار جنائنه. رغم أنها انضمّت إلى العائلة المالكة وهي امرأة ناضجة ومستقلّة مادياً ومعروفة عالمياً كممثلة ناجحة، لم تقوَ على صرامة ذلك النظام الجديد. فابنةُ كاليفورنيا المتمرّدة من على مقاعد المدرسة، والمنخرطة في الأنشطة السياسية والاجتماعية، والمطلّقة من زواجٍ أول لم يناسبها، خنقتها القيود والتعليقات العنصرية التي بدأت تسمعها من حولها، كمثل «ماذا سيكون لون بشرة طفلهما الأول يا ترى؟»، «إلى أي حدٍ ستكون داكنة؟»…
أكثر من سنة أمضتها ماركل مُحبطة ومصابة بالكآبة، ومثل ديانا هي فكّرت بإنهاء حياتها، حسبما اعترفت في مقابلتها الشهيرة مع الإعلامية الأميركية أوبرا ونفري. تعرّضت لضغوطات من داخل العائلة ومن خارجها، وهي شكّلت مادة دسمة لبعض الصحافة البريطانية التي لم ترحمها، كما كانت الحال مع ديانا.
في أحدث لقاءاتها الإعلامية، تُرجع ميغان هذا الرفض إلى كونها أميركية، وليس بالضرورة لكونها من أصحاب البشرة السمراء. وترجّح أنها أزعجتهم بسبب ميلِها إلى طرح أسئلة كثيرة، ورفضِها المشاركة في ما لا يمكنها السيطرة عليه.
الطاعة هي القاعدة رقم واحد في باكينغهام. قاعدةٌ كان من الطبيعيّ أن تحطّمها ميغان التي رأت في الأميرة ديانا مثالاً يُحتذى منذ سنوات المراهقة. كيف لا، وهي حتى قبل أن تجمعها الحياة بهاري، كانت أميرة ويلز تمهّد لها طريق التحرّر وتفتح لها قنوات المجاهرة؟
مطلع عام 2020، أعلن هاري وماركل عن رغبتهما بالابتعاد عن العائلة المالكة، آخذَين على عاتقهما كل ما قد يستتبعه هذا القرار. انقطعت حبال الودّ بين هاري وعائلته ومعها توقّف التمويل، فاتّجه الثنائيّ إلى الولايات المتحدة باحثَين عن حياةٍ جديدة مع ولدَيهما آرتشي وليليبيث. حاول الأمير تشارلز المساعدة خلال المرحلة الأولى، لكنه توقف لاحقاً عن الرد على مكالمات ابنه. لكنّ هاري لم يبدُ متأثراً، ولم تُظهر ميغان أياً من علامات الندم.
لولا جرأتها وحريتها، لَما استطاعت ميغان أن تخطو بعد أقل من سنتَين، خارج ما كان سيتحوّل إلى سجنها الأبديّ. وهي ربما تدرك جيّداً أنها تدين بالكثير لديانا في خطوتها تلك. فيوم صنعت أميرة ويلز ثورتها، ما كان الزمن يمجّد النساء اللواتي يبدّين صحتهن النفسية، وكرامتهن على الانصياع الزوجيّ. ولم تكن تعرف المملكة المتحدة حينها أميرةً تقفل باب القصر وراءها وتمشي.
في حقبةٍ لم تكن فيها المجاهرة، وحقوق المرأة ومناهضة التنمّر والعنصرية، مفاهيم رائجة، خلعت ديانا تاجها، ومعه خلعت صمتاً دام 15 سنة.
هاري، سرُّ أمّه
لا تدين ميغان بالكثير للأميرة الراحلة فحسب، بل لهاري كذلك. ففيما كانت ديانا تصارع بمفردها ولا تحظى بأي دعمٍ من تشارلز، شكّل هاري السند الأول لشريكته. لو لم يكن مقتنعاً بقرارها، لما التزم به. ولو لم يكن غاضباً من تعامل المحيط معهما، لما خاطر بالألقاب والثروات والروابط العائلية. لكن، قبل كل ذلك، هاري ابنُ أمه وهو ورث عنها الكثير من الصفات الشخصية والاهتمامات الإنسانية والاجتماعية، كما تأثّر إلى حد المرض النفسي بما حصل لها. وفي المقابلة مع أوبرا، ذكر هاري أنه كان خائفاً من أن يعيد التاريخ نفسه، فتقع ميغان ضحية مصيرٍ مشابه لمصير ديانا.
لم يَرِد اسم الأمير الشاب يوماً على قائمة المتسابقين نحو العرش البريطاني، فجعل من السباق إلى قلب ميغان قضيته. وهي، من بين كل الفتيات التي تعرّف إليهنّ، كانت الوحيدة التي احترفت التعامل مع جرحه الواسع والذي يُدعى «ديانا». اعترضت في كل مرةٍ خنق الدموع داخل عينَيه كما علّمه والده.
أقرّ هاري في عمل وثائقي بُث عام 2017 بأنه ربما بكى مرةً واحدة بعد جنازة والدته. ثم ألقى اللوم على تشارلز لأنه لم يفعل شيئًا لمداواة المعاناة، بل طلب من نجلَيه أن يشدّا على الشفة العليا مهما ارتجفت الشفة السفلى حزناً ورغبةً بالبكاء…
ليس عادياً أن يبوح الملوك والأمراء بآلامهم الروحيّة أمام الناس، لكنّ هذا ما فعله هاري وميغان. مشيا على خطى ديانا التي «كانت لتكون فخورة بي وصديقة ميغان المفضّلة»، على ما يرجّح هاري. فالشاب الذي لم يتسنّ له أن ينقذ ديانا، وجد في ميغان ليس زوجةً فحسب، بل وجد امرأةً يحميها من كل ما تعرّضت له أمّه ويعوّض بذلك ربما عن ذنبٍ لم يقترفه.
[ad_2]
Source link