[ad_1]
يعتبر مخيم الزعتري أكبر مخيم للاجئين في الشرق الأوسط وواحدا من أكبر المخيمات في العالم ورمزا لأزمة اللاجئين السوريين التي طال أمدها. وقد ساهم المخيم في إنقاذ آلاف الأرواح وتوفير فرص اقتصادية للأردنيين والسوريين على حد سواء.
الزميل عبد المنعم مكي من أخبار الأمم المتحدة أجرى حوارا، عبر خدمة زووم، مع مجموعة من اللاجئين السوريين، بهدف تسليط الضوء على الوضع في المخيم بعد عشر سنوات على إنشائه، حيث تحدث اللاجئون عن أحوالهم وآمالهم وتطلعاتهم.
المخيم هو عالمهم ولا يعرفون شيئا غيره
جاء عادل طوقان إلى مخيم الزعتري في شهر نيسان/أبريل 2013، من مدينة الصنمين التابعة لمحافظة درعا في الجنوب السوري.
تحدث عادل عن لحظة خروجه مع أفراد عائلته من سوريا، قائلا إنها انطوت على قدر كبير من المعاناة: “تخطينا أكثر من حاجز (أمني) وأكثر من بلد. كان الطريق مليئا بالعقبات. مشينا لمسافات طويلة سيرا على الأقدام وكان الوقت ليلا”.
أما بشأن الوضع في المخيم حاليا، فقال السيد عادل إنه مستقر من ناحية الوضع المعيشي والأمني والبنية التحتية، واصفا الوضع التعليمي بأنه “ممتاز”.
حسب إحصاءات مفوضية اللاجئين، يضم المخيم الآن 32 مدرسة و58 مركزا مجتمعيا وثمانية مرافق صحية تعمل جنبا إلى جنب مع الدفاع المدني والشرطة المحلية.
أما الأبنية، وفقا للسيد عادل، فهي عبارة عن كرفانات من الحديد. تتوفر الكهرباء لمدة 8 ساعات يوميا. وتوجد شبكة صرف صحي وشبكة مياه، لكن المياه تأتي كل 15 يوما. توجد طرق معبدة وشبكة مواصلات داخلية.
جاء عادل إلى مخيم الزعتري بصحبة عائلته المكونة من زوجته وطفلين هما يوسف الذي يبلغ حاليا 12 عاما وغنا البالغة من العمر 10 سنوات.
وقد رُزق، لاحقا، بثلاثة أطفال في المخيم يبلغون من العمر حاليا 6 سنين، 4 سنين، وسنتين. كبر أطفاله وتفتّق وعيهم داخل المخيم. وهم لا يعرفون شيئا عن العالم خارجه.
وبشأن مستقبل هؤلاء الأطفال يقول عادل: “نتمنى لهم مستقبلا أفضل من الذي عشناه وعاصرناه، من ناحية التعليم والدراسة والعمل”.
يسألني أطفالي: ما هي سوريا؟
وفد قاسم لبّاد، ابن محافظة درعا، إلى المخيم في شهر أيار/مايو 2013. يقول إن قصته مثل قصة بقية سكان المخيم:
“بالتأكيد لم يأت أحد إلى هنا بطيب خاطر. جاء الكل مجبرا بحثا عن الأمن والأمان. كانت هناك معاناة. سلكت الأسر طرقا مختلفة. قضينا أكثر من 72 ساعة ننتقل من قرية إلى أخرى حتى وصلنا إلى الحدود بين سوريا والأردن، ومن ثم تجاوزنا الحدود ودخلنا الأردن. جئت من سوريا برفقة 5 أطفال ورزقت بثلاثة أطفال هنا في المخيم”.
وبشأن الرسالة التي يوجهها دائما لأبنائه حول مستقبلهم ووطنهم، يقول السيد قاسم:
“عندما نتحدث أمامهم بشأن سوريا وأن لدينا أهل هناك، يسألوننا: ما هي سوريا؟ يسألوننا عما إذا كنا نمتلك بيتا هناك. نحن نجيب عن أسئلتهم ونسرد لهم القصة، ونخبرهم بأننا كنا في سوريا، ثم اندلعت حرب وجئنا إلى المخيم. نقول لهم إن البقاء هنا في المخيم ليس خيارنا. وعندما تهدأ الأمور ويستتب الأمن، بإذن الله، سنعود إلى سوريا. يسألونني عن مستقبلهم هنا وما إذا كانوا سيكملون الدراسة ومن ثم سيتزوجون ويمتلكون بيوتا هنا. نجيبهم بأن هذا الأمر ليس بيدنا وإنما بيد رب العالمين. وأنه مثلما أتينا إلى هنا دون سابق تخطيط يمكننا أيضا أن نعود إلى سوريا دون سابق تخطيط. ولكن إذا كان الأمر بيدنا لن نعود الآن لأن الأوضاع الأمنية والمعيشية هناك غير مناسبة”.
لا يبدو قاسم متفائلا بشأن الوضع في سوريا، وهو يشكو من أن اللاجئين لا تتم استشارتهم إطلاقا بشأن المفاوضات والتسويات السياسية في بلادهم، وهم يسمعون بها فقط في نشرات الأخبار، على حد تعبيره.
وأعرب عن أمله في أن يتبدل الحال بأحسن الأحوال.
تحدث عادل- والعبرة تخنقه- عن الأشياء التي يشتاق إليها في سوريا:
“نشتاق إلى كل شيء في سوريا. نشتاق إلى الهواء والماء. نشتاق إلى الطفولة، والذكريات والأهل والجدران. أنت تتحدث عن ذكريات وليس عن مكان أو بيئة أو طقس أو أقارب”.
أريد أن أصبح شرطية لأخدم شعبي
الآن وبعد مرور 10 سنوات، نشأ جيل كامل من الأطفال الذين لم يروا أي شيء خارج محيط المخيم، حيث أصبح المخيم عالمهم. وقد تم تسجيل أكثر من 20 ألف حالة ولادة في الزعتري منذ افتتاحه، بحسب إحصاءات مفوضية اللاجئين.
ولدت الطفلة غنا عادل طوقان، البالغة من العمر 10 سنوات، في سوريا، وجاءت مع أسرتها إلى مخيم الزعتري عندما كان عمرها 6 أشهر فقط.
تدرس غنا بالصف الثالث الابتدائي. تقول إنها تدرس الرياضيات، واللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والدين. وهي تعتقد بأن النظام الدراسي في المخيم ممتاز.
تفضّل غنا مادة اللغة العربية، وهي تريد أن تصبح شرطية في المستقبل رغبة منها في خدمة شعبها.
تقول إنها تفتقد بشدة جدها وجدتها وهما يعشيان حاليا في سوريا. وتتحدث معهما بصورة يومية: “يريانني صور منزلنا ويحدثانني عن الماضي. وأنا مشتاقة جدا لرؤيتهما”.
أريد أن أصبح طبيبا، ولا أريد العودة إلى سوريا
يبلغ محمد قاسم لباد من العمر 14 عاما، وكان عمره 4 سنوات ونصف عند قدومه مع أسرته إلى مخيم الزعتري.
يقول إنه يتذكر الأيام الأولى لقدومه إلى المخيم: “كنت واعيا نسبيا، وكنت أعرف أننا جئنا إلى المخيم بحثا عن الأمن والأمان”.
يدرس محمد بالصف الثامن، وهو يطمح في أن يصبح طبيبا في المستقبل “لأن الطب مهنة جميلة ومستقبلها جيد” ويريد أن يشارك في علاج مواطني بلده.
وصف محمد البيئة الدراسية في المخيم بأنها ممتازة لأن المعلمين كلهم من الأقارب وهم جيّدون.
وعن الأنشطة الأخرى غير الدراسية في المخيم يقول:
“أمارس رياضة الركل واللكم (الكيك بوكسينغ) وكرة القدم. ولكن أفضل كرة القدم. نظمنا مسابقة لكرة القدم واستطعنا الفوز بها. وهناك منتخب يلعب باسم المخيم. نلعب مباريات داخلية بالمخيم وأخرى خارجية في جرش وإربد وغيرهما من المحافظات”.
سألنا محمد عما إذا كان يرغب في العودة إلى سوريا مستقبلا، فقال إنه لا يرغب كثيرا في العودة إليها، “لأن الوضع هناك غير جيد” وهو يشعر بأن حياته في المخيم أفضل.
معلمة رياضيات
ياسمين قاسم لباد، 12 عاما، بالصف السابع، وتطمح في أن تصبح معلمة رياضيات في المستقبل. وعن رغبتها في العودة إلى سوريا، تقول ياسمين إن ذلك يتوقف على مدى تحسن الاوضاع هنا.
تمر هذه الذكرى العاشرة لتأسيس مخيم الزعتري ولا يزال الغموض يكتنف مصير الطفلة ياسمين والآلاف من أطفال مخيم الزعتري. وفي ظل غياب الحلول السياسية التي تحقق الاستقرار على الأرض، يتساءل العديد منهم كم من السنين سيتعين عليهم قضاؤها في المنفى قبل العودة إلى ديارهم، ووضع نهاية لمعاناتهم التي طال أمدها.
وبمناسبة هذه الذكرى المأساوية، دعت مفوضية شؤون اللاجئين كافة الجهات الفاعلة إلى العمل معا لإيجاد حلول طويلة الأجل لجميع اللاجئين السوريين في الأردن وخارجه، ودعم قدرتهم على التكيف إلى حين التوصل إلى حلول لهم.
[ad_2]
Source link