[ad_1]
كشفت مصلحة السجون الإسرائيلية، أنها تضم في سجونها رقماً قياسياً فيما يعرف بـ«المعتقلين الإداريين»، الذين يقبعون في الأسر من دون تهمة ولا محاكمة، يبلغ 723 معتقلاً. ويتضح من تقريرها أن هذا العدد الأعلى منذ عام 2008، إذ بلغ عددهم 803 معتقلين، وكانوا في حينها يشكلون نسبة 8 في المائة من مجموع الأسرى 10 آلاف أسير، فيما يشكلون اليوم 15 في المائة من مجموع الأسرى وهو 5 آلاف أسير تقريباً.
ونشرت مصلحة السجون هذا التقرير بموجب طلب «حركة حرية المعلومات» الإسرائيلية، ويتضح منه أن بين المعتقلين الإداريين امرأتين و12 فتى قاصراً، وهم جميعاً فلسطينيون ويوجد بينهم 11 معتقلاً ممن يحملون المواطنة الإسرائيلية من فلسطينيي 48 أو مقدسيين، والباقون من الضفة الغربية، ولا يوجد بين المعتقلين الإداريين أي يهودي.
يقول المحامي بشير أحمد كامل الخيري (80 عاماً)، الذي يعد الأكبر سناً بين المعتقلين الإداريين وأُطلق سراحه فقط في الشهر الماضي: «حتى أنسجم مع نفسي، وكمحامٍ ورجل قانون، أرى أن تحويلي للاعتقال الإداري بغض النظر عن مدته، إجراء يتنافى وأبسط حقوق الإنسان في الدفاع عن النفس والاطلاع على ما يُنسب لي، وذلك مخالف للشرعية الدولية التي أتاحت فرص اللجوء لقوانين الطوارئ التي تسري فقط في حالات الضرورة القصوى».
وقصة خيري معبرة للغاية حول حقيقة الاعتقال الإداري، فهو من مواليد مدينة الرملة عام 1942، تم تهجيره وعائلته عام 1948، فترعرع في رام الله التي يعيش فيها اليوم، بعد احتلال 1967 حضر إلى الرملة وتعرف على بيته، فوجد فيه عائلة أشكنازي لنداو اليهودية. وحسب الزوجة داليا، نشأت بين العائلتين علاقة ودية على الفور، ورغم الخلافات السياسية الكبيرة بينهما تحول البيت إلى مقر للنشاطات الودية اليهودية العربية. اعتُقل بشير الخيري لأربع مرات قبل اعتقاله الأخير، وأُبعد لمدة 5 سنوات، وقضى ما يزيد على 17 عاماً في السجون الإسرائيلية، ومُنع من السفر لفترات طويلة. اعتُقل للمرة الأولى بعد سنة من الاحتلال، أي عام 1968، وكان يبلغ من العمر 26 عاماً، أمضى في هذا الاعتقال 15 عاماً قبل أن يتحرر في صفقة لتبادل الأسرى عام 1984.
تم اعتقال الخيري مجدداً في الانتفاضة الأولى عام 1988، وخلال الاعتقال تم إبعاده إلى لبنان وعاد إلى أرض الوطن عام 1993، وجاء اعتقال الخيري الثالث في الانتفاضة الثانية عام 2003؛ حيث قبع رهن الاعتقال الإداري لمدة سنتين متتاليتين. أما اعتقاله الرابع فكان في 2011 وهو يقارب الـ70 عاماً، وتم التحقيق معه في مركز تحقيق المسكوبية لأيام مُنع خلالها من لقاء محاميه. واعتُقل بشير الخيري للمرة الخامسة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بعد اقتحام قوة من 15 جندياً منزله في منتصف الليل. وتوجهوا به إلى معسكر بيت إيل، حيث قبع لما يقارب الساعتين، ليُنقل إلى سجن عوفر حيث خضع للفحص الطبي ثم مباشرة نُقل للتحقيق. حقق معه ضابط المخابرات حول عدد من الفيديوهات تُظهره مشاركاً في نشاطات ومناسبات عامة مع آخرين بعضهم متوفون. وخلال التحقيق هدده الضابط بتحويله للاعتقال الإداري في حال لم يعترف.
مثل الخيري أمام محكمة عوفر العسكرية التي مددت اعتقاله حتى تقديم لائحة اتهام بحقه تضمنت بنوداً تتعلق بمشاركته في اجتماعات لجمعية «غير قانونية». وقررت المحكمة الإفراج عنه بكفالة مالية بقيمة 5000 شيقل (الدولار يساوي 3.2 شيقل) وكفالة طرف ثالث بقيمة 15000 شيقل، لضمان مثوله أمام المحكمة حال تم استدعاؤه. قدّمت النيابة العسكرية استئنافاً طلبت فيه إيقاف قرار الإفراج لإمكانية إصدار أمر اعتقال إداري بحقه على قرار الإفراج واستجابت المحكمة جزئياً. وفي ديسمبر (كانون الأول)، أصدر القائد العسكري أمر اعتقال إداري بحق بشير لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، ليُعلن بشير الخيري بعدها مقاطعته لمحاكم الاعتقال الإداري بدرجاتها. وبانتهاء المدة في أبريل (نيسان) الماضي، جُدد الاعتقال الإداري بحقه 6 أشهر.
واستخدمت إسرائيل الاعتقال الإداري بحق الخيري كورقة للضغط عليه بهدف الاعتراف بلائحة الاتهامات الموجهة ضده، مقابل إصدار حكم ينتهي في اللحظة نفسها، لكنه رفض العرض بشكل مطلق. وفي التاسع من الشهر الماضي، أُفرج عنه. وتُظهر حالة المعتقل بشير الخيري كيف تستخدم سلطات الاحتلال الاعتقال الإداري بشكلٍ تعسفي، حيث تقوم بإصدار الأمر عندما تفشل في إبقائه في السجن بعد تقديم لائحة الاتهام والإفراج عنه بكفالة، أي أنها تستخدم سياسة الاعتقال الإداري كإجراء عقابي وليس كتدبير احترازي للحيلولة دون الإفراج عن المعتقل. وهذه سياسة منهجية تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في كثير من قضايا المعتقلين بكفالة.
يذكر أنه ارتفع عدد المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية منذ شهر مارس (آذار) الماضي، إثر عدة عمليات مسلحة، واعتقل 52 فلسطينياً خلال أقل من شهر وخلال الهجوم الأخير على غزة، وحملة الاعتقالات في الضفة الغربية التي استهدفت ناشطي حركة الجهاد الإسلامي. وتزج السلطات الإسرائيلية بالمعتقلين الإداريين في سجونها لفترات تتراوح بين أشهر وسنوات، من دون تقديم لوائح اتهام ضدهم، وتعتبر أنها «اعتقالات وقائية». ولا يسمح لمحامي المعتقلين بالاطلاع على أدلة ضد موكليهم، باستثناء وثيقة تتضمن عدة أسطر حول الشبهات ضدهم. ويصدّق قضاة على أوامر الاعتقال الإداري الصادرة عن قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال، بزعم وجود مواد مخابراتية سرية عن المعتقل لا يسمح لمحاميه بالاطلاع عليها، كما لا يسمح لهم بحضور جلسات المحاكم في الغالبية العظمى من الحالات.
[ad_2]
Source link