[ad_1]
بداية لا يمكننا إغفال انعقاد تلك القمة الشرق أوسطية في المملكة تحديداً، وبحضور قادة دول الخليج وقادة القوى الإقليمية البارزة وهي مصر والأردن والعراق، ممن لهم باع طويل في إرساء دعائم الاستقرار والأمن بالمنطقة، ولا سيما في ظل تزايد النفوذ الإيراني المقلق داخل بعض دول المنطقة، وهو يعني صراحة وبداهة أن المملكة باتت القبلة التي تتوجه لها القوى العظمى خلال أي تعامل لها داخل منطقة الشرق الأوسط، كما يوضح كيف تغيرت موازين القوى الإقليمية كثيراً بحيث غدت المملكة هي همزة الوصل التي تجمع جميع القوى الإقليمية المؤثرة بالمنطقة، وحلقة الاتصال القادرة على توحيد القوى والجهود، لمواجهة أية أخطار تهدد أمن واستقرار شعوب المنطقة.
أوضحت القمة للعالم أجمع أن دول الخليج كانت ولا تزال صمام الأمان للمنطقة، فالثقل السياسي والوزن الاقتصادي لدول الخليج وقدرتها على تغيير طبيعة وتوجه دول العالم الصناعي يمنح تلك المنطقة أهمية خاصة ومميزة، وبخلاف ذلك فإن وجود دول الخليج قوية ومتماسكة هو حائط الصد الأول للنفوذ الإيراني المتصاعد، فدون توحيد الجبهة الخليجية لا شك أن النفوذ الإيراني سيتوسع ويتمدد بشكل مباشر وغير مباشر في المنطقة، ومن هنا فقد أوضحت القمة أن الحفاظ على علاقات تحالف وشراكة استراتيجية مع دول الخليج سيُحجّم الطموح الإيراني غير المشروع في المنطقة، وهو لا يعني ضمان الأمن لمنطقة الشرق الأوسط فحسب، بل سيعني الأمان والاستقرار للعالم برمته، الذي تمثل له إيران تهديداً بعدوانيتها ضده وضد الإنسانية بصورة عامة.
لا يخفى على أي محلل بطبيعة الحال أن المملكة استمدت ريادتها من خلال عوامل عديدة؛ أهمها استقرار الوضع الأمني الداخلي بها، ومن خلال ريادتها في المجال الاقتصادي أيضاً، ومع اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية اتجهت أنظار العالم نحو منطقة الخليج وتحديداً نحو المملكة العربية السعودية، كونها الوحيدة القادرة على الحفاظ على التوازن الاقتصادي العالمي وخاصة في سوق النفط، غير أن الولايات المتحدة والدول الغربية أدركت أن المملكة لا تقف ساكنة تجاه أحداث العالم المتغايرة بسرعة مضطردة، فقد اتبعت المملكة ومنذ زمن طويل سياسة تعدد التحالفات، وقد أوضحت هذه القمة، بما لا يقبل الشك، أن سياسة المملكة ناجحة لأقصى درجة، وأنها دولة تراعي مصالحها أولاً وقبل أي شيء آخر، وهي لا تقبل سياسة إملاء الشروط، وقد أثبت الحضور الأمريكي رفيع المستوى برئاسة الرئيس الأمريكي بايدن أن الولايات المتحدة وعت أخيراً بأنها ستكون فعلياً الطرف الخاسر حال تخليها عن حليف بقوة ونفوذ المملكة العربية السعودية، فالولايات المتحدة هي الطرف المستفيد من تحسين علاقتها بالمملكة نظراً لعدم قدرتها على توفير حليف يمكن الوثوق فيه ويتمتع بمصداقية سياسية واقتصادية متوازنة، خاصة أن المملكة تستطيع عقد العديد من التحالفات مع مختلف القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية المنافسة للولايات المتحدة.
ولعل أحد المخرجات بالغة الأهمية للقمة هي تلك المتعلقة بالعلاقات السعودية العراقية، فعودة العلاقات الطبيعية بين الدولتين هو مؤشر قوي على اختيار العراق للاعب الأقوى في المنطقة، وهو توجه مثير للاهتمام ومتماشٍ مع النقمة الشعبية المتنامية داخل العراق ضد تدخلات إيران في شؤونه الداخلية، ولعل ما يهمنا فعلياً فيما يتعلق بمخرجات هذه القمة هو الإصرار الملموس من الجانب الأمريكي على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وهذا التوجه الملموس في الإدارة الأمريكية الحالية يعكس نجاح المملكة في مسعاها لعزل إيران وتوجيه أنظار العالم لخطورتها وخطأ توجهاتها، ولا شك أن الإصرار الغربي لمنع إيران من عدوانها يعكس توجهاً غربياً لاحتمال استخدام القوة العسكرية، إن استلزم الأمر، لتدمير القوة النووية الإيرانية وتخليص العالم من شرور نظام طهران.
لا شك أن قمة جدة الأخيرة أرست الكثير من معالم طريق المرحلة المستقبلية المقبلة، فقد كانت أشبه بخارطة طريق مستقبلية على المستوى الدولي والإقليمي، غير أن الحكم على نجاح تلك القمة من عدمه يعتمد أيضاً بصورة كبيرة على تنفيذ الولايات المتحدة والأطراف الإقليمية الأخرى في المنطقة لمخرجات ومقترحات القمة وتحويلها لواقع ملموس، فقد انعقدت القمة في مرحلة بالغة الخطورة عالمياً تشهد توترات غير مسبوقة، لذلك يتوجب أن تلتزم الولايات المتحدة بتنفيذ تعهداتها، وإلا سيبقى العالم متقلباً على صفيح ساخن لا يعرف استقراراً ولا أماناً.
[ad_2]
Source link