[ad_1]
خلال الفترة الماضية وخاصة بعد الانفلات الأمني في بعض دول المنطقة، انتشرت وتوغلت التنظيمات الإرهابية وتسببت في العديد من الأحداث المؤلمة التي راح ضحيتها الأبرياء، وعلى الرغم من تبني العديد من التنظيمات الإرهابية للكثير من هذه الحوادث، إلا أن الكثير منها في المقابل تمثل في الإرهاب الفردي، فخلال الأسابيع الماضية هز الشارع العربي العديد من حوادث القتل الفردية، وعادة ما يتبنى أصحابها أعذاراً واهية لارتكابها، وعلى الرغم من أن مثل هذه الحالات تستهدف أفراداً بعينهم، إلا أنها في نفس الوقت تندرج تحت منظومة الإرهاب، لأن هذه الحالات تهدد رابطة الأمان والاستقرار التي تشد أزر المجتمع برمته، وبالتالي فإن تعامل الدول بحزم مع ظاهرة الإرهاب هو مطلب شعبي في الأساس، ذلك أن التهاون في ذلك سيؤدي إلى انتشار سرطان العنف والانقسام ليدمر المجتمع بأكمله.
الجرائم الإرهابية ظاهرة منتشرة في كل زمان ومكان، لكنها في نفس الوقت تدق جرس الإنذار لتحذر من خطورة التهاون معها، أضف إلى ذلك أن ثورة الاتصالات في عالم اليوم وانتشار قنوات التواصل الاجتماعي ساهمت في نقلها حول العالم بسرعة كبيرة، وربما قبل أن تصدر البيانات الرسمية من الدولة عن الحدث نفسه، ورغم التباعد الجغرافي بين الدول وبعضها البعض، إلا أن العالم أضحى قرية كونية تتناقل خلالها الأخبار في ثوانٍ معدودة، كما أن الإرهاب أصبح ظاهرة دولية عابرة للقارات، فالكثير من التنظيمات الإرهابية هي في جوهرها تنظيمات هدفها تقويض السلم والأمن الدوليين، وهذا الانتشار الواسع للحوادث الإرهابية هو ما دفع العديد من الدول لبذل المزيد من الجهد للقضاء على جذورها واستئصالها.
من الملاحظ أن التنظيمات الإرهابية شهدت انتشاراً ملحوظاً في بعض الدول العربية عقب فوضى ما يسمى بالربيع العربي، فانتشرت كالنار في الهشيم، غير أن وقوف الدول الخليجية لها بالمرصاد مكّنها من صدها وتتبع منفذيها والقبض عليهم، ولا شك أن التعامل الحازم مع ظاهرة الإرهاب يتطلب التعاون الوثيق بين الدولة والمواطن، فالجهات الأمنية ترحب بالبلاغات التي تثمر في نهاية المطاف في الحد من هذه الظاهرة.
الإرهاب، أياً كانت دوافعه ووسائله، هو نتاج سلوكيات خاطئة قد يتبناها مرتكبوها عمداً لتحقيق أجندات خارجية معادية للدولة، كما أنه قد يتمثل في حوادث فردية انتقامية، ومحاربة ظاهرة الإرهاب لا تقتصر فقط على تتبع تلك التنظيمات والأفراد المنتمين لها، بل تبدأ في المقام الأول بمحاربة التطرف الفكري ونشر ثقافة الاعتدال في محيط الأسرة والعمل، واحتواء تلك الظاهرة والتخلص منها لا يمكن أن يتم من خلال جهود أجهزة الأمن فحسب، بل يتطلب نشر ثقافة مضادة قادرة على تفكيكها ونشر قيم التسامح ونبذ ثقافة العدوان، وإلا فإن تلك التنظيمات لن تتوقف عن التكون وستنبثق عنها أخرى وليدة.
التنظيمات الإرهابية أشبه بالسرطان الذي يتغلغل في الجسد المصاب، وقد سعت المملكة العربية السعودية منذ أعوام لنشر ثقافة الاعتدال ليواجه الفكر المتطرف بالعديد من الوسائل الإعلامية والثقافية، وهي بالفعل جهود تستحق أن يُشاد بها، كما أن جهود التخلص من تلك الظاهرة تبدأ أيضاً من الأسرة نفسها لخلق بيئة فكرية صحية داعمة لأبنائها، لذلك فإن ثقافة الاعتدال ونشرها يجب أن تبدأ من محيط الأسرة نفسها، فالبعض من الإرهابيين وفي العديد من دول العالم لديهم خلافات أسرية ولم تتمكن أسرهم من احتوائهم على نحو سليم فاتجهوا للإرهاب فيما بعد، لذلك علينا التكاتف والتعاضد لوأد هذه الظاهرة الخبيثة والتخلص من كافة أعراضها، فوطننا يستحق كل ما هو أفضل من أجل حاضر مزدهر ومستقبل مشرق لأبنائنا.
[ad_2]
Source link