[ad_1]
سوريون في الحج… ابتسامات تغلب الوجع والإعاقة
فقْد الأعضاء لم يزحزح حلم 270 منهم
السبت – 10 ذو الحجة 1443 هـ – 09 يوليو 2022 مـ رقم العدد [
15929]
هشام قرندل – مؤيد الخالي
عرفات: سعيد الأبيض
حكاية تعجز الكلمات عن سردها، والبوح بكل خفاياها، وإن كان أبطالها ماثلين أمامنا ويروون قصصهم بابتسامة تسبق أنين حجاج سوريين تغلبوا على الوجع وحققوا حلمهم، رغم الإعاقة، والحرب، والصعوبات الاقتصادية.
هشام قرندل، البالغ من العمر 33 عاماً قدِم من حلب لأداء فريضة الحج لأول مرة بعدما أفقدته الحرب أعضاءه من أسفل الخصر، لم تفارقه البسمة طيلة الحديث، عندما تذكر إصاباته قبل 7 أعوام.
يقول قرندل، كنت في أحد الأيام أسير في شارع بحلب، ومن دون سابق إنذار حدث ما لم يكن متوقعاً، فقد شهدت المنطقة قصفاً مباشراً… وعلى الفور تعرضت لإصابة لم أدرك حينها ما حجمها ونوعها ولكني كنت مدركاً أنها بالغة من شدة الألم الذي أصابني.
ويكمل، بعدما نُقلت إلى المستشفى وتجمع حولي الأطباء أيقنت أن الوضع جلل، فعلمت أنني أُصبت في النخاع الشوكي وفي الفقرة الـ12، لم أستوعب هذا، ولكني كنت مدركاً أنني لا أستطيع التحكم في جزئي السلفي، ومع انقضاء التشخيص وفترة علاجي، أيقنت حينها أنني كي أستعيد حياة لا بد من الكرسي المتحرك الذي أصبح صديقي ورفيقي في كل حالة أكون فيها.
واستمر قرندل، في سرد حكايته، وبين جملة وأخرى يستذكر أبناءه الـ3 وزوجته ووالديه «على مدار عامين تلقيت العلاج مع ظهور تقرحات أسفل الخصر أثرت على العظام وجرى إزالة أول قدم، وبعد عام من هذه الواقعة ولنفس الأسباب جرى إزالة القدم الأخرى، وكما تراني الآن اعيش حياتي بعدما القيت بحمولة الأحزان خارج ذهني».
وعندما أُبلغ قرندل، بأنه ضمن الذين وقع عليهم الاختيار لأداء مناسك الحج لم يتمالك نفسه، كما يصف هو قائلاً «لقد كنت في حالة يصعب وصفها وشرحها بكلمات، وعرفت حينها ما هو الفرح الذي ترافقه الدموع، حزمت أمتعتي وتجهزت للسفر، وها أنا اليوم في مشعر عرفة، شكراً لكل من ساهم في ذلك، شكراً للحكومة السعودية التي قدمت كل التسهيلات لراحتنا فالمجموعة كبيرة، شكراً لبعثة الحج السورية، شكراً لمستشفى الملك فيصل الذي قدم لي الرعاية الصحية، وأجرى عملية استئصال خراج».
وفي قصة مؤيد الخالي، القادم من حمص ويبلغ من العمر 34 عاماً، يتقاطع الألم والجراح، الفارق الوحيد الزمان والمكان؛ إذ يقول الخالي، في عام 2014 كان الوضع شبه هادئ في «الحارة» الواقعة بريف حمص الشمالي، لقد كانت محاصرة وتطوقها الكثير من الحواجز «كنا وبعض الشباب نتبادل الحديث وفي جزء من اللحظة ضربت الموقع قذيفة من أحد الحواجز ولم يتضح نوع القذيفة، وكان معي شباب منهم استشهدوا وأطفال جرحى». يكمل الخالي، هذه الصورة الأولى التي التقطتها عيناي، وبعد ذلك بدأت أتحسس الوضع مع فقدان ذراعي الأيمن، وإصابتي بكسور واختراق شظايا القذيفة للقدم، ولم أفقد حينها الوعي، واختزل عقلي في هذه اللحظة كل التفاصيل في موقع الحادث، وكانت الرحلة طويلة للمستشفى الميداني تجاوزت 7 ساعات، وبحكم نقص المعدات الطبية اللازمة ونقص الكوادر جرى بتر الرجل بشكل عاجل».
يبتسم مؤيد، ويقول، تعلم أنني بعد هذه الحادثة وما مررت به من ضيق الحال وبقاء لثلاثة أعوام في المنزل وتركت وظيفتي «إذ كنت سائقاً» وكانت مصدر رزقي، إلا أنني أنجبت قرابة 4 أطفال، ولم تكن الإصابة عائقاً، وها أنا اليوم في عرفة أؤدي أعظم الفرائض.
وقال عبد الرحمن باشا، رئيس مكتب شؤون حجاج سوريا، إنه وفقاً للتنظيمات في هذه المرحلة وانتشار جائحة كورونا، فإن نسبة الحجاج السوريين لهذا العام تقدر بـ45 في المائة ليصل إجمالي عدد الحجاج الذين وصولوا للأراضي المقدسة قرابة 10186، مقارنة بما كان مسجلاً في الأعوام الماضية والمقدر بنحو 22500 حاج.
وأوضح باشا لـ«الشرق الأوسط»، أنه ولأول مرة يكون ضمن بعثة الحج لهذا العام قرابة 270 حاجاً تختلف أعمارهم من المعاقين والجرحى نتيجة الأحداث التي تشهدها سوريا، وقد قام فاعل خير بتأمين تكاليف رحلة هذه الفئة لأداء مناسك الحج، كما قدمت السلطات السعودية أنواع المساعدة كافة لتسهيل دخولهم، وهو إنجاز كبير تقوم به البعثة بعد أن نسوا ألمهم وأوجاعهم لحظة وصولهم للمشاعر، وكما يعرف الجميع أن في سوريا الكثير من الأحزان والمآسي التي يعيشها كل بيت.
وقال، إن الإصابات مختلفة بين 270 حاجاً سورياً، وكلها نتيجة الحرب الدائرة في البلاد والتي تسببت بإعاقتهم بنسب كبيرة فمنهم من فقد الكثير من أجزاء جسده «وهذا ما يميز حج هذا العام للبعثة السورية التي نجحت بتكاثف الجهود من نقل هذه الفئة التي ليس لها ناقة ولا جمل في الحرب للأراضي المقدسة وتمكينهم من أداء النسك».
وشدد باشا، على أن لجنة الحج العليا وزعت تقسيم الأعداد لتشمل المناطق السورية كافة، بعيداً عن الأحداث السياسية الجارية في البلاد لأن ملف الحج بعيد عن السياسة، ونحن نقوم بدورنا للمناطق كافة بغض النظر عن قاطنيها وتحت سيطرة من؛ لأن هناك جهات عدة متشاركة في ذلك.
ولفت إلى أن المناطق الواقعة تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» نالت حصتها، وجرى تسهيل عبور قرابة 216 حاجاً عن طريق شمال شرقي سوريا لتكون مدينة أربيل محطة وصولهم، في حين قدم الحجاج من الشمال السوري بمناطق سيطرة المعارضة السورية عن طريق تركيا، في حين كان قدوم الحجاج من دمشق وباقي المحافظات في الداخل السوري التي تسيطر عليها الحكومة السورية عن طريق مكاتب الحكومة في عمّان وبيروت، وباقي الحجاج من دول الخليج من خلال مكتب الحكومة في الإمارات.
وتحدث الباشا، عن الصعوبات بأنها كانت ماثلة «لأن هناك حالة استثنائية تعيشيها سوريا والظروف صعبة بشكل عام، ومن أبرزها إمكانية إخراج الحجاج ووصولهم إلى الأراضي السعودية بسلام».
إلى ذلك، قال ضياء شهبندر، أحد المرافقين والمسؤول عن تقديم الرعاية للمصابين، إن الفريق بدعم من اللجنة قام على تسهيل عملية نقل الحجاج السوريين المصابين من مختلف المناطق إلى المشاعر المقدسة «ولم تكن مهمة سهلة، خاصة أننا نتحدث عن 270 حاجاً مصاباً، يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام الكامل؛ لذلك جرى تشكيل فريق كامل التمام هذه العمليات».
وتابع شهبندر، أن ما سهّل علينا مهمتنا الدعم والخدمات والرعاية من الجهات المعنية كافة في السعودية منذ لحظة وصول الحجاج المصابين والتي استغرقت قرابة يومين منذ لحظة خروجهم من سوريا حتى وصولهم للأراضي السعودية؛ مما كان له بالغ الأثر على البعثة وشكّل عاملاً محفزاً لهم نتيجة هذه الرعاية والتكاثف، لافتاً إلى أن هناك من القصص الإنسانية والجميلة التي وقعت مع الحجاج ومنها مساعدة رجال الأمن لهم في المسجد الحرام.
السعودية
الحج
أخبار سوريا
[ad_2]
Source link