[ad_1]
يمكن رؤية الغابات المطيرة الكثيفة والجميلة، والتي تجعل بصمة سورينام الكربونية شبه سلبية، بسهولة من أي مكان تقريباً، حتى من ضواحي العاصمة باراماريبو، التي تنتشر فيها الأسواق الصاخبة والمراكز الثقافية.
رأى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم السبت عن كثب التزام شعب سورينام بحماية كنوزهم الطبيعية ومعرفة أسلافهم.
وقال السيد غوتيريش في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس تشان سانتوخيات في نهاية أول يوم من زيارته للبلاد: “الغابات المطيرة هي هدية ثمينة للبشرية. لهذا السبب من هنا في سورينام، أريد أن أبعث برسالة إلى العالم: يجب أن نحترم هبة الغابات المطيرة ونحافظ عليها لأن هذه ليست الهبة التي لا تكف عن العطاء.”
كما وجه الأمين العام للأمم المتحدة تحذيراً صارخاً، فقال: “إذا واصلنا رؤية حجم الدمار [الحالي] في الغابات المطيرة حول العالم، فإننا لا نقضم اليد التي تطعمنا فحسب – بل نمزقها إلى أشلاء.”
وشدد السيد غوتيريش على أن تفشي إزالة الغابات وتفاقم الآثار المناخية يزيدان من حرائق الغابات والجفاف.
وقال: “هذا أمر شائن ومخزي. إنه انتحار عالمي بطيء،” مضيفاً أن مثل هذا الدمار يجب أن يكون جرس إنذار عالمي لإنقاذ رئة كوكبنا.
نداء من الشعوب الأصلية في سورينام
في وقت سابق من اليوم، زار الأمين العام قرية بيير كوندر – ريدي دوتي الأصلية، على بعد حوالي 67 كيلومتراً جنوب العاصمة، التي تحيط بها 9 آلاف هكتار من الغابات، ويقطنها حوالي 100 نسمة.
بعد أن جال في السيارة في الريف الغني بالحديد، الذي يتميز بتربته الحمراء، استقبِل السيد غوتيريش من قبل الكابتن لويد ريد من شعوب كاليانا، إلى جانب نساء ورجال من أعضاء المجتمع وهم يغنون ويرتدون ملابسهم التقليدية التي تتميز بلونها الأحمر.
وأعرب السيد لويد عن أسفه فقال: “التحدي [الذي نواجهه] لحماية أمنا الأرض وغابات الأمازون المطيرة لا يحظى بالعناية الكافية ويشكل تهديدات على حياتنا،” مضيفا أن شعبه معرض حالياً للخطر بسبب استغلال الموارد الطبيعية وعواقب تغير المناخ مثل هطول الأمطار الغزيرة والمستمرة والفيضانات.
وقال إن التلوث بالزئبق الناجم بشكل رئيسي عن الأنشطة الاستخراجية غير القانونية يهدد أيضاً حياة السكان الأصليين وسبل عيشهم.
“وأضاف: “في الجنوب، دمرت الحياة بسبب الزئبق. لا يوجد سمك ولا لحم ولا مياه نظيفة للشرب. ووجدت مستويات عالية للغاية من هذا المعدن في شعر مواطنينا.”
وبعد ان أخذ علما بالشواغل التي سردها السيد لويد، وعد الأمين العام بأن يكون “المتحدث باسم المجتمع” خلال اجتماعه اللاحق مع الحكومة، وقال للحضور: “هذه زيارة تضامنية مع مجتمعات السكان الأصليين في سورينام وحول العالم. عندما نشهد أننا ما زلنا نخسر معركة تغير المناخ، وعندما ترى التنوع البيولوجي مهدداً أكثر فأكثر في كل مكان، وعندما ترى التلوث في جميع أنحاء العالم، من المهم جداً الإقرار بأن مجتمعات السكان الأصليين تظهر الحكمة والمرونة والإرادة لصنع السلام مع الطبيعة.”
الأناناس من أجل التنمية المستدامة
قرية ريدي دوتي، التي تقع جزئياً داخل حزام السافانا في سورينام، وهي منطقة من رمال السيليكات البيضاء غالبها قاحلة، وتتكمن من زراعة الأناناس وفاكهة زهرة الآلام والكسافا، التي تمثل مصدر الرزق الرئيسي للمجتمع.
تمكن السيد غوتيريش من رؤية عمل تعاونيتين تدعمهما الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وكذلك الاتحاد الأوروبي.
إحدى هذه التعاونيات، بقيادة نساء محليات، تصنع منتجات عضوية مشتقة من الأناناس، مثل المربى والعصائر وأكواب الفاكهة. التعاونية الأخرى تتعامل مع العملية الزراعية، والتي تحاول تحويل إنتاج الأناناس على مدار العام، بدلاً من الإنتاج الموسمي.
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن إشراك المجتمعات الأصلية والقبلية في الازدهار الاقتصادي أمر بالغ الأهمية. ففي حين أنها تشكل أربعة في المائة فقط من إجمالي السكان، فإن حقوق المجتمعات الأصلية في الأرض تغطي أكثر من 80 في المائة من أراضي سورينام، غير أن التشريعات الوطنية لا تعترف بها رسميا.
وقبل مغادرة المجتمع، أخبر الكابتن لويد ريد الأمين العام أنه سيطلب من تاموشي [الروح الإلاهية العظيمة]، أن يمنحه القوة والعزم للمضي قدماً، في عالم يهدده تغير المناخ والحروب.
وفي وقت لاحق خلال المؤتمر الصحفي أكد الأمين العام للأمم المتحدة أن السكان الأصليون لم يساهموا في تغير المناخ، “ومع ذلك فهم من بين الأكثر تضرراً. في الوقت نفسه، لديهم حلول يمكن للعالم أن يتعلم منها الكثير. إنهم أوصياء فخورون لبعض التنوع البيولوجي الذي لا غنى عنه على كوكب الأرض، وهم بحاجة إلى الدعم للقيام بذلك.”
زرع الأمل مع أشجار المانغروف
من الغابة، شق الأمين العام طريقه إلى الشاطئ، حيث رأى الآثار المدمرة لتغير المناخ التي أدت إلى تآكل السواحل والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر.
ويغ نار زي، منطقة ساحلية يسهل الوصول إليها تبلغ مساحتها حوالي 10 آلاف فدان وتقع شمال غرب باراماريبو وهي جزء المنطقة الساحلية الموحلة في سورينام، وقد عانت من تآكل شديد أدى إلى عدم وجود طين ناعم، البيئة المفضلة لطيور الشاطئ للبحث عن الطعام.
منذ عام 2016، دعمت الأمم المتحدة جهود البلاد، بقيادة الأكاديميين والطلاب، لزيادة جهود حفظ أشجار المانغروف واستعادتها الطبيعية وإعادة تأهيلها. أحد هذه المشاريع، بقيادة جامعة أنطون دي كوم في سورينام، والذي يقوم بتركيب هياكل محاصرة للرواسب على طول الساحل والنباتات لعكس مسار الضرر.
أثناء سيره على طول الشاطئ الموحل مع وزير خارجية سورينام، ألبرت رامشاند رامدين، زرع السيد غوتيريش شجرة مانغروف صغيرة.
وقال للصحفيين: “الحلول القائمة على الطبيعة – مثل الحفاظ على غابات المانغروف والغابات المطيرة والنظم البيئية الأساسية الأخرى – ضرورية. إن العالم بحاجة إلى المزيد من مثل هذه المبادرات.”
في وقت سابق، قال الأمين العام إن غابات المانغروف تحمل معنى خاصاً بالنسبة له، لأن أول كتاب قرأه عندما كان طفلاً كان يدور حول تلك الأشجار والشجيرات القوية والفريدة من نوعها.
تلعب أشجار المانغروف دوراً أساسياً في مكافحة تغير المناخ، حيث يمكنها التقاط وتخزين كميات هائلة من الكربون في جذورها وحتى في التربة التي تنمو فيها.
كما أنها مهمة للغاية لبيئاتنا الساحلية وموائلنا وتعد ملاذات نمو لمجموعة متنوعة من المخلوقات. ويطلق عليها اسم “كلى السواحل” بفضل الدور الذي تلعبه في دورة المغذيات داخل البيئة الساحلية.
مثال استثنائي
وخلال المؤتمر الصحفي قال السيد غوتيريش: “ما رأيته هنا في سورينام يمنحني الأمل والإلهام. لكن ما نراه في جميع أنحاء العالم هو سبب لصدمة وغضب عميقين.”
وشدد الأمين العام على أنه لسوء الحظ، تبرز سورينام كاستثناء في عالم يسير في الاتجاه الخاطئ.
وأضاف: “في جميع أنحاء العالم، نشهد فشل القيادة حول المناخ وانتشار الاضطرابات المناخية الكارثية … لتحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة، يجب أن تنخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030. ومع ذلك فإن التعهدات المناخية الوطنية الحالية ستؤدي إلى زيادة في الانبعاثات بنسبة 14 في المائة بحلول عام 2030”.
ومشيرا إلى أن من يتسببون في ابعاثات كبيرة يتحملون مسؤولية خاصة، لفت الأمين العام الانتباه إلى أن دول منطقة البحر الكاريبي تقف في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ وأظهرت باستمرار قيادة ثابتة.
وقال: “كما رأيت اليوم، لدينا الأدوات والمعرفة. يحتاج عالمنا إلى الإرادة السياسية والتضامن لإحداث الفرق المطلوب. تقود سورينام ومنطقة البحر الكاريبي الطريق إلى الأمام. يجب أن نسير على هذا النهج – من أجل الناس والأجيال القادمة وكوكبنا.”
وستستمر زيارة الأمين العام إلى سورينام حتى يوم الأحد، حيث سيحضر افتتاح الاجتماع الاعتيادي الثالث والأربعين لمؤتمر رؤساء حكومات الجماعة الكاريبية (كاريكوم).
[ad_2]
Source link