[ad_1]
ولم يدر بذهني أن الدخول لمكتبة (أبو أحمد) سيستغرق مني، ومن رفيق الدرب والحُبّ علي البيضاني، ست ساعات، فنحن تواعدنا مع الإرشيفي المُنظّم أن نطل إطلالة سريعة، لنلحق ونلتحق بفعالية تقيمها جمعية الثقافة والفنون في جدة، وكنا متفقين على أن لا تتجاوز الزيارة نصف ساعة، إلا أننا دخلنا قرب السابعة مساءً إلى شقتين متقابلتين في مبنى بحيّ الصفا، ولم نغادر إلا عقب منتصف الليل بساعة تقريباً.
ولا أبالغ إن قلتُ إنني وصديقي البيضاني التقطنا عشرات الصور بمبادرات شخصية، كوننا التقينا في كل زاوية بذكرى كادي وشيح، وجسد وروح، ونوافذ بوح، فالذي عاش العشق الذي عشناه للكتب، والمجلات تلفته العناوين؛ التي كنا نجوس خلال العواصم لشرائها، وغالب عناوين العم جابر طبعة أولى.
ليس بوسع باحث في تاريخ التحولات في المملكة أن ينجز بحثاً دون العودة لهذه الدار العامرة، وإلى هذا الرجل الفخم في منطقه وأدبه وحسن معشره وسخاء يده، فالتاريخ حاضر في كل ركن من ذاكرته وبيته، والجغرافيا ممتدة بطول قرون من الزمان في وجدانه وبين جدرانه، والثقافات مطلّة من شواهق الرفوف، والصفحات الثقافية، والسياسية، والاقتصادية، تكتسي حُلة تغليف فاخر، وتتمتع بالحفظ والصون، وتتوزع في مسارات وممرات المكان الكنز.
ومن تسعده الظروف والمناسبات، لزيارة مكتبة جابر الغامدي، سيسجل دهشة وإعجابا وتقديراً وتساؤلاً، عن بعض الجامعات، والمراكز، والوزارات التي لا تمتلك ما يمتلكه (ابن قرية المصنعة) ولو افترضنا أنها امتلكت فلن تكون بهذا التنظيم، وهذه الرؤية التراثية المعصرنة، التي تجمع بين تاريخ موحّد الوطن ورجل التوحيد والوحدة الملك عبدالعزيز، إضافة لتاريخ الملوك من أبنائه البررة.
ويفخر العم جابر بالنوادر من صور وأخبار الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتوثيق أحاديثه، ومقالاته، وتعليقاته وردوده، وخطاباته، ومناسباته منذ ولي شرف المسؤولية أميراً لمنطقة الرياض إلى اليوم، ولا يُخفي (أبو أحمد) أنه كلما عثر على دسم وثمين من المخطوطات اتصل بدارة الملك عبدالعزيز منادياً ومحفزاً لضم هذه اللقى الفريدة للدارة، محتسباً كل ذلك الجهد لوجه الله، ولمكانة الوطن.
للأمراء في المناطق بمكتبة المؤرشف الأمين، عشرات الصفحات، وللوزراء مطويات، وللجامعات مخصصات من الأرفف، وللمناطق رصد للبدايات، ومن العجب أن العم جابر يعمل بحس المؤرخ.
يسافر أبو أحمد، ليتخبر عن الكتب، ويعود ليطوف بحراج الصواريخ، وحراج بن قاسم، وهاجسه (خير جليس) ويعمل بيده، ويستعين بمن يثق بهم، ويثمن للدكتور يحيى محمود جنيد، وقفاته البيضاء، ومواقفه الناصعة، ولا ريب أن هذا الكنز المجموع المرتب يحتاج لمساحة كبرى في مركز ثقافي ليكون واجهة ثقافية وطنية تختصر التسعين عاماً في تسع ساعات عبر مشهد بانورامي جاذب وخلّاق وموضوعي.
[ad_2]
Source link