وشم على ذاكرة الزمان ! – أخبار السعودية

وشم على ذاكرة الزمان ! – أخبار السعودية

[ad_1]

الكتابة حفر في ثنايا الروح، الكتابة وشم على ذاكرة الزمن لا يُمحى، الكتابة فعل الإرادة الإنسانية الحرة، الكتابة تجربة مثيرة لحياة لم تعشها وتتمنى أن تحياها، الكتابة إعادة خلق للأشياء حولك! الكتابة هي كل ذلك وأكثر!

دائماً ما يتردد عليَّ أثناء ورش الكتابة الإبداعية السؤال الهاجس لدى المبتدئين والمبتدئات في الرغبة للولوج لعالم «الكتابة» هذا السؤال الهاجس -كما أسميه- هو: أريد أن أكتب ولكن كيف أبدأ طريق المهالك «الكتابة»؟ والإجابة باختصار: لا تستعجل الكتابة، اجعلها تأتي إليك تتقرب منك تتودد إليك، إن كنت قارئاً جيداً ستصبح كاتباً جيداً والعكس صحيح! ما تكتبه هو نتاج معرفتك وقراءتك وتجاربك وخذلانك وانكساراتك ونجاحاتك أيضاً، لا تتوقع أن تكتب من فراغ الفراغ هو ما سيجعل اللغة تهرب منك، فاللغة فرس جامحة لا تسلم قيادها إلا لمن اعتنى بالرسن جيداً!

سأورد نصيحة من نصائح فرجينيا وولف وهي من الوصايا التسع التي أوردتها في تعلّم فن الكتابة، تقول فرجينيا وولف «كن متواضعاً واعلم أن ثمة كتّاباً كتبوا قبلك، اسمهم بروست وفلوبير ودوستويفسكي وتولستوي، اعلم أن الأدب والكتابة أمران جيدان… تذكّر أن فلوبير قضى شهراً كاملاً يبحث فيه عن جملة مناسبة يصف فيها كوخاً صغيراً وأن تولستوي كتب روايته «الحرب و السلام» «سبع مرات»!

الكتابة فن التأني والحذر وكأنك تمشي في حقل ألغام، تنفجر اللغة بدهشتها فتصرخ أنك أمسكت تلك الجملة العصية وذلك الوصف صعب المنال لكن بعد أن تكون قد قضيت عمراً وأن تنتقل بين عظمة الجاحظ ودهشة التوحيدي، وتنصت لروائع المتنبي وتستضيء بظل ابن عربي وتقفز لأيام طه حسين ثم تقطف من أوراق الرافعي لتنعم بصحبة نجيب محفوظ وواسيني الأعرج ورضوى عاشور، ولتقف بعدها أمام لغة مدهشة لعبده خال، لغة تحفر في الصخر، لتهرب من خوفك العظيم إلى عوالم أسطورية عند رجاء عالم، ثم ترقي روحك بعد ذلك كله «بالرقية المكية» عند «تضاريس» سيد البيد.

ما يجعلك كاتباً أو كتابة هو العشق للحرف قراءة وتأملاً ورقية لروحك، يقول الثبيتي العظيم في قصيدة الأعراب:

ليتهم نظروني حتى أعود

فأرقيهم بالحروف التي لا تُرى

والحروف التي تتناسل تحت الثرى

والحروف التي لا تباح ولا تستباح

فالحروف جزء أصيل من صناعة الكتابة، كيف هي الحروف التي أُحب؟ نعم علاقة العشق علاقة أزلية بينك وبين ما تكتب.

نصيحة أخيرة: لا تكتب إلا ما تعشق أو تكره هذه العلاقات المتطرفة هي خلود الكتابة لأن هذه المشاعر المتأججة الدافع الأقوى لجلب مخزون الذاكرة وبسطه على الورق ليكتسي روحاً وليتشكل خلقاً جديداً إن أردت أن يبقى ما تكتب وشماً على ذاكرة الزمن، انظر ماذا فعل محمد شكري في «الخبز الحافي» لتعلم مدى مرارة أن تكتب ما تكره حد الموت!



[ad_2]

Source link

Leave a Reply