[ad_1]
وإذ تمر ليبيا في مرحلة حرجة تشهد فيها انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان، وانتشارا لثقافة الإفلات من العقاب في مختلف أنحاء البلاد، أشارت الاستنتاجات الأخيرة لمجموعة خبراء الإنسان إلى أن الانتهاكات تؤثر على الانتقال الديمقراطي، ونزاهة العملية الانتخابية، وتعمل على تخويف الناشطين ومضايقتهم، بالإضافة إلى الاعتداءات على السلطة القضائية باعتبارها الجهة الضامنة لحقوق الإنسان.
كما تحدثت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا عن “انتهاكات جماعية” ضدّ الفئات المستضعفة، مثل المهاجرين، والنساء، والناشطين السلميين، والمحتجزين.
وتضمّ بعثة تقصي الحقائق: السيد محمد أوجار (رئيس البعثة)، والسيدة تريسي روبنسون والسيد تشالوكا بياني.
وتتزامن تحقيقات بعثة تقصي الحقائق الأخيرة مع تزايد الاضطرابات السياسية في ليبيا، ولا سيما في المرحلة الأخيرة قبل إرجاء انتخابات كانون الأول/ديسمبر الماضي، والفترة اللاحقة لذلك.
ويوضح الخبراء في التقرير أن هذا الوضع أوعز البعثة بتقصي الحقائق إزاء الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي يمكن أن تعرقل على نحو خاصّ الانتقال إلى سيادة القانون والانتخابات الديمقراطية.
انتهاكات في مراكز الاحتجاز
توصلت البعثة إلى “أسباب معقولة” للاعتقاد بانتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في عدة مرافق احتجاز سرية في ليبيا.
وتُحقق البعثة في تقارير تفيد بانتهاك حقوق الإنسان في عدد من السجون التي أُعلن عن إغلاقها، لكن يُزعم أنها لا تزال تعمل سرا، إضافة إلى الانتهاكات في شبكات سجون سرية يُزعم أنها خاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة مختلفة.
ووجدت البعثة أيضا أنّ السلطات لم تنفّذ الأوامر القاضية بإطلاق سراح المحتجزين في حالات عدّة.
وخلُصت البعثة في تقريرها الصادر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى أن أعمال القتل، والتعذيب، والسجن، والاغتصاب، والاختفاء القسري التي ارتكبت في سجون ليبيا قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وصرّح محمد أوجار، رئيس بعثة تقصي الحقائق، قائلا: “لقد كشفنا أدلة إضافية تشير إلى أنّ انتهاكات حقوق الإنسان ضدّ المحتجزين في ليبيا تُرتكب على نحو منهجيّ و/أو واسع النطاق.”
انتهاكات ضد النساء
يشير الخبراء إلى أنّ عدّة أحداث مقلقة حصلت في الفترة التي سبقت كانون الأول/ ديسمبر 2021، وأدت إلى التشكيك في قدرة الحكومة وسلطات الأمر الواقع على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بضمان حريتيْ التعبير والتجمع للشعب الليبي.
وتتضمن هذه الأحداث ما ورد من أنباء عن اعتقال الجماعات المسلحة لأفراد من سرت واحتجازهم، بسبب إبداء آرائهم حول الانتخابات أو دعمهم لمرشحين محددين.
وتصف بعثة تقصي الحقائق أيضا الإفلات المستمر من العقاب على الهجمات ضد النساء المنخرطات في السياسة ممّا يقوّض المشاركة السياسية الهادفة للمرأة، وتشير إلى محاولة مسلحين منع محكمة استئناف سبها من النظر في أهلية مرشحين للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
وتعتبر البعثة أنّ السلطة القضائية تشكل ركيزة أساسية لدعم سيادة القانون، والانتقال الديمقراطي، وحماية حقوق جميع الموجودين في ليبيا.
ويقول الخبراء إنّ تهديد الناشطين على الإنترنت يتكرر بشكل روتينيّ. وساهمت حملة مناهضة للمساواة بين الجنسين في إطلاق خطاب للتحريض على الكراهية والعنف ضد النساء الناشطات، حسب ما ورد في التقرير.
انتهاكات قد ترقى جرائم حرب
شدد الخبراء الثلاثة على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات المرتكبة بحقّ المهاجرين، واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا. ووجدت البعثة في تقريرها السابق أن انتهاكات عدّة ضد هذه الفئات المستضعفة قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
واستمرت البعثة في توثيق أنماط متّسقة من القتل والتعذيب والأفعال غير الإنسانية، والاغتصاب والاضطهاد والاسترقاق.
يحذر التقرير أيضا من التحديات العميقة والقائمة التي تحول دون ضمان المساءلة
وتشمل الأحداث الموثَّقة في التقرير الذي صدر اليوم مداهمة منطقة قرقارش في طرابلس في أوائل تشرين الأول/أكتوبر 2021، التي استهدفت الأجانب والمهاجرين، وما نتج عنها من استخدام مفرط للقوة في مراكز الاحتجاز الخاضعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وحققت البعثة أيضا في الانتهاكات المستمرة على أيدي المُتْجرين بالبشر. وفي إحدى الحالات، أفاد عامل في صيانة القوارب باختطافه وتعذيبه على يد جماعة مسلحة ضالعة في الاتجار بالبشر.
وقال لبعثة تقصي الحقائق: “أحرقوني بالسجائر. وسكبوا عليّ الوقود وحاولوا إحراقي. […] وأولجوا في جسمي بسكين]، [وبمضرب بيسبول]، ]وكذلك[ بعصا مكنسة. وقام الخاطفون بتصويري وهددوني بنشر الفيديو “.
تجاوزات لحقوق الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان
ويذكر التقرير أيضا “إفادات مقلقة” عن شنّ هجمات على منظمات المجتمع المدني والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا.
ويشير الخبراء إلى سن عدد من القوانين والأنظمة التقييدية، بما في ذلك قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية الذي تمت المصادقة عليه في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2021، وتسهم هذه القوانين في إسكات المجتمع المدني والصحفيين، بحسب الخبراء.
ويقرّ التقرير بحسن تعاون السلطات الليبية مع البعثة، بما في ذلك تعاونها لتسهيل إجراء البعثة زيارة أولية مثمرة إلى بنغازي في آذار/مارس 2022، حيث تشارك المدّعون العامون بمعلومات عن تحقيقاتهم حيال بعض الأحداث.
ولكن يحذر التقرير أيضا من التحديات العميقة والقائمة التي تحول دون ضمان المساءلة.
السعي إلى المساءلة وتوصيات أخرى
يختتم التقرير بتوصيات لإنهاء الانتهاكات، والسعي إلى المساءلة، وتعزيز المؤسسات الليبية المعنية بسيادة القانون من خلال توفير الدعم التقني لتحقيق الديمقراطية وسيادة القانون.
وتوصي بعثة تقصي الحقائق بتمديد عملها إلى ما بعد تاريخ انتهاء ولايتها الحالية في 30 حزيران/يونيو، حيث تسعى البعثة بصفة خاصة إلى دعم الليبيين في تطلعاتهم نحو الانتقال إلى السلام والمصالحة والمساءلة.
وسيُرفع التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال حوار تفاعليّ سيجري يوم الأربعاء في 30 آذار/مارس. أنشأ مجلس حقوق الإنسان بعثة تقصي الحقائق في حزيران/يونيو 2020، بموجب القرار 43/39 الذي كلّف البعثة بالتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في ليبيا منذ بداية العام 2016.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2021، مدّد المجلس، بموجب القرار 48/25، هذه الولاية حتى 30 حزيران/يونيو 2022 وطلب من البعثة تقديم التقرير الذي تصدره اليوم. ومن المقرر أن تقدم البعثة تقريرا شاملا في الدورة المقبلة للمجلس في شهر حزيران/يونيو.
[ad_2]
Source link