[ad_1]
القصة القصيرة شغف، البداية الأفضل لرحلة الكتابة الطويلة، نقطة ضوء كاشفة عن موهبة كامنة، لا تعرف طريق التعبير عن نفسها، رغم أنها شكل فني مراوغ، لا يتطلب جهداً بقدر ما يتطلب ذكاء ودقة وملاحظة وحنكة، كلمة القصة مشتقة من فعل قصاص الأثر، فهو يتبع حروفاً على الرمال لا يراها غيره، ويري الظلال بعد أن رحلت عن وضعها، شكل بسيط ومعقد يصل للنفس من أقصر الطرق، نصيحة يمكن أن تسديها لأي إنسان مشحون بالكلمات، أكتب قصتك لأنك بهذا تخلق عالمك، وستتعلم كيف تراقب نفسك وتراقب الآخرين، والأهم من ذلك أن تقتنص اللحظة الإنسانية المؤثرة، كثير من الكتاب حاولوا تعريف فن القصة القصيرة، ولكن لم أجد تعريفاً أقرب من قول شاعرنا العظيم (أحمد شوقي) قد يهون العمر إلا ساعة وتهون الأرض إلا موضعاً، هذه الساعة التي تتحول سنون العمر بعدها إلى أشباح فائتة هي زمن القصة لقصيرة، وهذا المكان الذي لا يبقى سواه في الذاكرة ويبقى أثره في النفس هو موطنها، موهبة كتابة القصة تتجلى إذاً في اختيار اللحظة والمكان المناسبين، ولقد اختار الكاتب الصديق (صالح عبدالله بوقري) هذا الزمن اللاهث حيث القصة القصيرة هي الأقرب إلى طبيعته، لنشر مجموعته القصصية القصيرة، والتي اختار لها عنوانا (وهل يصرف هذا الشيك) وأترك لكم معرفة هل صرف الشيك أم لا؟ بعد قراءتكم للمجموعة، التي هي عبارة عن ٢٥ قصة قصيرة، تمثل تجارب واقعية، جمعها الكاتب خلال سنوات عمله في الداخل والخارج، ولقد كانت أقصر قصة قصيرة سمعتها في حياتي للأخوان الرحباني تغنت بها فيروز، بأيام البرد وأيام الشتي.. الرصيف بحيرة والشارع غريق تجي هاك البنت من بيتا العتيق.. ويقلا أنطريني وتنطر على الطريق ويروح وينساها وتذبل بالشتي.. قصة حقيقية من سيرة الحياة لا تترك للخيال كثيراً، وقصص (صالح عبدالله بوقري) حقيقية لا أثر فيها لزيادة في الخيال اللهم إلا لسد أي ثقب في الذاكرة، حيث تسربت فيها بعض التفاصيل البديعة، من ذاكرة ذلك الكائن الجميل، المختلف عنا في عينيه، حيث في عيني (صالح) دائما مآرب آخرى، فتلك الأعين لا ترى الحياة كما هي مثل بقية الكائنات، فهناك قرون استشعار لدى (صالح) تتحسس المواقف، وأشعة سينية تخترق الأرواح لتتحسس المشاعر، طاقة وصفية عالية الكفاءة، ومقدرة فائقة على شم كل ذلك وتحويله إلى حروف وكلمات وجمل ومعان وقصص عبقرية تخلب الألباب، وتغرد حولها الطيور ولا أروع، والأشجار تتمايل غصونها في دلال ولا أجمل، والأماكن تبتسم راضية، والوجوه ضاحكة، والعيون أحداقها لامعة، (صالح عبدالله بوقري) أعاد لي بمجموعته القصصية القصيرة صلة الوصال بجدتي (فاطمة) رحمة الله عليها، حيث ذلك النشاط الإنساني، والذي كان يسمى حكايات ما قبل النوم، والذي أخذ ينمو مع الفطرة الإنسانية ليدعي بـ(القصة القصيرة) لتتنازعه كل الحضارات حول ريادتها، وكل أمة تنسبها لحكائيها، فجذورها تمتد إلى الأساطير والحكايات الشعبية، وانتشارها المعاصر، والذي جاء مع صعود الطبقة الوسطى، وظهور الصحافة اليومية، والتي احتضنت هذا الفن الرفيع، ثم أخذت تهمله، وتفضل أن تفرد الصفحات للتعليق على مبارة باهتة في كرة القدم، بدلا من هذا العمل الإبداعي!!.
كاتب سعودي
Fouad5azab@gmail.com
[ad_2]
Source link