[ad_1]
مع عمل هذه الظاهرة على إعادة تشكيل المناظر الطبيعية، وتهجير قرى بأكملها وتعطيل موائل الحيوانات الهشة؛ فإنها أيضا تهدد بإطلاق كائنات دقيقة خطرة وانبعاثات كربونية محتملة كانت محبوسة في الجليد لآلاف السنين.
تصدّر وزير العدل في توفالو، سيمون كوفي، عناوين الصحف خلال مؤتمر المناخ COP26 في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، من خلال مخاطبته للمؤتمر بينما كان يقف وسط مياه المحيط.
وقال: “نحن نغرق” مسلطا الضوء على الخطر الوجودي الذي يمثله تغيّر المناخ متسببا في ارتفاع مستوى سطح البحر على الدول الجزرية المنخفضة في العالم.
وقد انتشر مقطع الفيديو من توفالو على نطاق واسع. وكانت الصورة مؤثرة، مثل تلك التي جاءت من جزر المحيط الهادئ في كيريباس وفيجي في السنوات الأخيرة، حيث أظهرت سكان بلدات بأكملها يتم إعادة توطينهم إلى أماكن في عُمق اليابسة، حيث تغرق القرى ببطء في البحر المحيط بها.
مأساة مماثلة مثيرة للقلق، ولكنها أقل لفتا للأنظار، تحدث على الجانب الآخر من الكرة الأرضية: في القطب الشمالي، حيث يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى انكماش الأنهار الجليدية القديمة، وتخفيف الجليد البحري، ورفع درجة حرارة الجليد السرمدي وبالتالي تذويبه.
الجليد السرمدي أو الدائم هو الأرض الموجودة تحت سطح البحر والتي تجمدت باستمرار لمدة عامين متتالين على الأقل وفي معظم الحالات، لمئات أو آلاف السنين. وتمتد على مساحة ربع نصف الكرة الأرضية الشمالي، بما في ذلك العديد من المناطق غير المغطاة بالثلوج.
هذه الأرض المتجمدة موجودة تحت أجزاء كبيرة من ألاسكا وكندا وسيبيريا، حيث يعيش الناس، ومعظمهم من مجتمعات السكان الأصليين ويعملون ويصطادون لآلاف السنين.
نزوح بسبب تغيّر المناخ
قالت إريل لاغت (19 عاما) ناشطة من شعب “الإنويت” الأصلي من منطقة القطب الشمالي في كندا لأخبار الأمم المتحدة: “في مستقبلي ومستقبل شبابنا، أتخيل أن مجتمعنا سيتنقّل بالكامل.”
على الرغم من أن الصور المفجعة للدببة القطبية التي تعاني من سوء التغذية والتي تكافح من أجل التأقلم مع التغيّرات في المناظر الطبيعية في القطب الشمالي قد تكون مغروسة الآن في أدمغتنا، فإن فكرة ضرورة إعادة توطين مستوطنات بشرية كاملة أو اضطرار مجتمعات السكان الأصليين إلى إعادة التفكير في أسلوب حياتها التقليدي ليس أمرا نسمع عنه كثيرا.
وأضافت تقول: “عندما تعلمت لأول مرة عن المناخ، كنت في الصف التاسع ولم أدرك أن تغيّر المناخ كان يحدث بسرعة كبيرة في مجتمعي، أمام عيني مباشرة.”
في الواقع، لطالما عانى مسقط رأسها، توكتوياكتوك، من عواقب ذوبان الغلاف الجليدي.
وأوضحت بالقول: “هذا في توك، تقع أرضنا بأكملها على الجليد السرمدي. يؤدي الذوبان إلى تغيير هيكل أرضنا تماما، وبالتالي تتأثر حياتنا البرية أيضا.”
إن ذوبان هذه الأرض المتجمدة تحت السطح الذي يغطي حوالي تسعة ملايين ميل مربع من شمال كوكبنا بالكاد مرئي لنا، لكن آثاره ليست كذلك. الطرق والمنازل وخطوط الأنابيب وحتى المنشآت العسكرية والبنية التحتية الأخرى تنهار أو بدأت تصبح غير مستقرة.
وتم بناء العديد من القرى الشمالية مثل توكتوياكتوك على الجليد السرمدي، وهي الأرض التي عندما تتجمد تكون أقسى من الخرسانة. ولكن، مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب بسرعة – القطب الشمالي أسرع مرتين على الأقل من المناطق الأخرى – فإن ذوبان الأرض يتآكل ويمكن أن يؤدي إلى انهيارات أرضية.
علاوة على ذلك، فإن انخفاض وتغيّر الجليد البحري يجعل القرى الساحلية أكثر عرضة لشدة العواصف.
وقالت إريل: “مجتمعنا معروف بالرياح العاتية، وفي كل صيف تكون هناك أيام ترفع فيها الرياح مستوى سطح البحر، لذا، فهذه مشكلة أخرى نواجهها.. كل شتاء ألاحظ أن الساحل يفقد حوالي شبر واحد من الأرض.”
وقد أجبر بالفعل بعض جيرانها الذين كانوا يعيشون في التندرا فوق الشاطئ على الانتقال إلى الداخل (عمق اليابسة). وقالت: “كانت الأرض تنهار بشكل أساسي تحت منازلهم.”
التداعيات على صحة الإنسان والحصول على الماء
سوزان إم. ناتالي هي عالمة في مركز وودويل لأبحاث المناخ* كانت تدرس ذوبان الجليد الدائم في القطب الشمالي منذ أكثر من 13 عاما.
وقالت: “أستطيع أن أرى التغييرات، إنها مدمرة. لا أعرف حتى ما إذا كان بإمكاني إيصال حجم تأثير ذلك على الناس. يتعيّن عليهم حرفيا دعم منازلهم ورفعها (بعيدا عن الأرض المنهارة). هذا شيء ربما فعلوه في الماضي ربما مرة واحدة في السنة، والآن يفعلون ذلك خمس مرات في السنة لأن منازلهم تميل.”
توضح د. ناتالي أن ذوبان الجليد السرمدي يتسبب أيضا في انهيار وحدات تخزين الوقود، وتشير إلى أن مدافن النفايات التي كانت في السابق في مناطق جافة، تقوم الآن بتسريب النفايات والمواد السامة مثل الزئبق إلى البحيرات والأنهار.
وتضيف قائلة: “الأنهار هي المكان الذي يحصل فيه الناس على مياههم وأسماكهم، لذلك هناك آثار على صحة الإنسان.. يؤدي الذوبان أيضا إلى هبوط بعض الأنهار، مما يجعل من الصعب الوصول إلى المياه النظيفة.”
مشكلة أخرى هي أن العديد من المجتمعات تتحرك عبر الأرض في الشتاء باستخدام الأنهار والبحيرات المتجمدة التي لم تعد “متجمدة” بدرجة كافية.
“لا يمثل هذا خطرا على الصحة فحسب، لكنه يؤثر أيضا على إمكانية وصول الأشخاص إلى الغذاء. هناك الكثير من الأشياء التي تحدث.. هذه مشكلة متعددة الأوجه وتؤثر على الأنظمة الطبيعية والاجتماعية.. هذا شيء أصبح حقيقة واقعة الآن للأشخاص الذين يعيشون في القطب الشمالي، وكان حقيقة واقعة لفترة طويلة.”
البشر والحياة البرية
بالنسبة لإيرل لاغت، تأكيدات العلماء ليست أمرا مستغربا، فقد كان شعبها على أرضهم لمئات السنين، ويعرف أبناؤه أين يصطادون وكيف يسافرون لكنهم الآن مجبرون على التكيّف.
“علّم الأسلاف الأجيال وأجيالا بعدها أين نحتاج للذهاب أثناء السفر، مثل مسارات الجليد والأرض الآمنة للمرور بها. مع تغيّر المناخ، أصبحت الأرض خطرة لأن صيادينا لم يعودوا متأكدين بعد الآن ما الطريق الأكثر أمانا الذي يجب سلوكه.”
إن مجتمعات الإنويت الأصلية ليست الوحيدة التي كان يتعيّن عليها تعلّم كيفية التكيّف.
بحسب الدكتور مارتن سومركورن، المؤلف الرئيسي المنسق لـ “فصل المناطق القطبية” من “التقرير الخاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ بشأن المحيطات والغلاف الجليدي” – ورئيس قسم “الحفاظ لبرنامج القطب الشمالي في الصندوق العالمي للطبيعة” – يتم أيضا تغيير موائل الحيوانات وظروف معيشتهم.
وأضاف يقول: “سوف ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي مرتين إلى ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي على مدار هذا القرن. لذلك، عندما نتحدث عن 1.5 درجة مئوية على مستوى العالم، فإننا نتحدث عن 3 درجات في القطب الشمالي.”
هذا يعني المزيد من موجات الحر المتكررة خلال فصليْ الشتاء والصيف، مع حدوث بعض ما يسمّيه بـ “التأثيرات غير المباشرة” التي تحدث بالفعل.
ويوضح قائلا: “تؤدي موجات الحر إلى حرائق الغابات وتفشي الحشرات على الأرض وهذا يؤدي إلى إضعاف النظم البيئية. تصبح أكثر عرضة لتساقط الأوراق وتفشي الحشرات، والتي لها آثار متتالية عبر النظام البيئي بأكمله، مما يجعل من الصعب جدا على الأنواع القطبية الشمالية التواجد في هذه الأماكن.”
لكن الخبير أضاف أنه لا يوجد انقراض فوري لأنواع القطب الشمالي في العديد من الأماكن، لأنها، تماما مثل بعض المستوطنات البشرية تتحرك شمالا هربا من الاحترار.
وأضاف يقول: “نحن نشهد تقارير يائسة عن الحياة البرية. على سبيل المثال، يهرب الرنة من حرائق الصيف وحرائق الغابات هذه. أيضا في البحر، نشهد استيلاء مجتمعات الأسماك الشمالية على النظم البيئية البحرية في القطب الشمالي سابقا. هناك تأثيرات يمكن رؤيتها في أي وقت تكون فيه هناك.”
لكنه أيضا أشار إلى أن هجرة الأنواع شمالا أو ما يسمّى في المصطلحات البيولوجية بـ “تحولات النطاق” – لها بعض المحددات الصعبة في أماكن مثل سيبيريا، حيث يوجد عدد قليل جدا من الجزر شمال الساحل.
لماذا نهتم؟ التأثيرات العالمية
لكن لماذا يجب أن يهتم العالم بأسره بما يحدث في القطب الشمالي؟ توضح د. ناتالي أن ما يحدث هناك يؤثر على مستقبل الكوكب بأسره.
وقالت لأخبار الأمم المتحدة: “هناك الكثير من الكربون المخزن في الجليد السرمدي. يتم حبسها بعيدا، وعندما يذوب الجليد، عندها تصبح عرضة للانطلاق في الغلاف الجوي وبالتالي تفاقم تغيّر المناخ العالمي.”
المواد النباتية والحيوانية المجمدة في الجليد السرمدي – أيضا يطلق عليها الكربون العضوي – لا تتحلل أو تتعفن. ولكن مع ذوبان الجليد الدائم، تبدأ الميكروبات في تحلل المادة وإطلاق غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي.
وشددت د. ناتالي قائلة: “إنه نوع من التحول إلى هذه التربة العضوية التي تراكمت لآلاف وآلاف السنين، لذا فهي عبارة عن خروج تجمع كربوني. إنه ليس جزءا من دورة الكربون النشط لدينا.. إنه تجمّع الكربون الأحفوري الذي لم يكن جزءا من نظامنا الأرضي منذ عدة آلاف السنين.”
وأضاف د. سومركورن أنه حتى في ظل المستويات المنخفضة من الاحتباس الحراري، فإن ذوبان الجليد السرمدي يمكن أن يمثل انبعاثات من دولة متوسطة الحجم.
وقال: “يمكنها أن تنمو أكثر بكثير.. هذا ما نعرفه. ما لا نعرفه هو مقدار ما سيتم تعويضه في الموقع: ما هو عدد النباتات الجديدة التي ستنمو في الجليد السرمدي؟ هل سيتم حبس هذا الكربون مرة أخرى؟ لكن هذه الانبعاثات ستأتي.”
ويضرب مثالا على أراضي الخث في أسكتلندا، الدولة المضيفة لأحدث مؤتمر أممي للمناخ COP26، وبلد يعمل على خفض انبعاثاته بنسبة تزيد عن 50 في المائة قبل عام 2030.
وأراضي الخث هي أنظمة إيكولوجية أرضية للأراضي الرطبة، حيث تمنع ظروف التشبع بالمياه المواد النباتية من التحلل الكامل (وإطلاق الكربون).
“إنهم يقاتلون وقتا طويلا وليس لديهم حل حتى الآن للانبعاثات القديمة من أراضي الخث المجففة التي تم توفيرها للزراعة والغابات. بمجرد تجفيفها، فسيكون في الأساس ما سيحدث للجليد الدائم بمجرد أن يبدأ في الذوبان بشكل أعمق في العديد من الأماكن: إنك تلتزم بقرون من الانبعاثات ولا يمكنك فعل أي شيء حيال ذلك.”
في الوقت الحالي، تمثل الانبعاثات القادمة من أراضي الخث التي جُففت منذ عقود ما يقرب من خُمس (18 في المائة) انبعاثات أسكتلندا. والبلد الآن في سباق يحاول استعادة مصارف الكربون الحيوية هذه.
“إنها مساهمة قوية وثابتة وفي وقت نحاول فيه بشدة الحفاظ على ميزانيتنا المتعلقة بالغلاف الجوي لأسكتلندا.. سيأتي الكربون من الجليد السرمدي (أيضا) في وقت غير مريح للغاية بالنسبة لنا.”
ولكن، على عكس أراضي الخث المجففة، لا يمكن عكس ذوبان الجليد الدائم في حياة الإنسان بينما تستمر درجة الحرارة في الارتفاع.
علاوة على ذلك، عندما يذوب الجليد الدائم، تذوب البكتيريا والفيروسات القديمة في الجليد والتربة. يمكن لهذه الكائنات الحية الدقيقة أن تجعل البشر والحيوانات مرضى للغاية.
وفقا لوكالة ناسا، اكتشف العلماء ميكروبات عمرها أكثر من 400,000 عام في الجليد السرمدي المنصهر.
الحاجة إلى العلم والتكيف
في عام 2019، وصف برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ذوبان الجليد السرمدي كأحد أهم 10 قضايا ناشئة ذات أهمية بيئية. في ذلك الوقت، انحسرت حدود الجليد السرمدي الجنوبية في القطب الشمالي شمالا بمقدار 30 إلى 80 كيلومترا، مما يمثل خسارة كبيرة في التغطية.
في عام 2020، دعم البرنامج دراسة حول الاستجابة السريعة الساحلية والبحرية للجليد السرمدي، حيث شارك سكان إنوفيك وتوكتوياكتوك في القطب الشمالي الكندي الغربي.
ولبّى مئات الأشخاص دعوة لحضور يوم علم المجتمع في “توك” – وخلصت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يعيشون على طول ساحل القطب الشمالي يقدّرون عموما جهود المجتمع العلمي لفهم عمليات الجليد الدائم والتغييرات بشكل أفضل.
مع ذلك، نادرا ما شاركوا بشكل مباشر في العلوم أو في تقديم الدعم اللوجستي، أو – الأهم من ذلك – توجيه البحث العلمي نحو القضايا ذات الأهمية لشعوب القطب الشمالي.
ودعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى دمج المعرفة الإيكولوجية التقليدية للبيئات والعمليات الساحلية في برامج البحث حيثما أمكن ذلك.
وقالت د. ناتالي، وقد أدلت بشهادتها مؤخرا أمام الكونغرس الأميركي حول هذه المسألة: “إنه لأمر مدهش بالنسبة لي كيف يتعامل الناس مع هذا. لأنه كما تعلمون لا يوجد نظام دعم. لا يمكنني التحدث سوى باسم الولايات المتحدة، لكن لا يوجد نظام دعم للتعامل مع التكيّف مع تغيّر المناخ. يبدو الأمر كما لو أن تغيّر المناخ يحدث بشكل أسرع مما يمكن للعلم مواكبة حدوثه، ويحدث بشكل أسرع مما يمكن للسياسة مواكبته. هناك أشخاص يتعاملون مع هذا الأمر بمفردهم تقريبا، ويقومون بتجميع الدعم للتعامل مع هذا الأمر، ولا يوجد إطار للحوكمة.”
أصبحت نيوتوك، وهي قرية في ألاسكا، واحدة من أولى المجتمعات في أميركا الشمالية التي نزحت بسبب تغيّر المناخ.
شاهد سكانها، قبيلة يابيك، مدينتهم تنهار شيئا فشيئا بسبب ذوبان الجليد السرمدي، مع وصول المياه إلى النقطة التي قرروا عندها بالفعل الانتقال.
منذ عام 2019، تم نقلهم تدريجيا، إلى قرية “ميرتارفيك” الجديدة، والتي تبعد 9 أميال.
خيارات مختلفة للحماية
في غضون ذلك، في كندا في أيلول/سبتمبر 2021، أبلِغ سكان توكتوياكتوك أن حماية بلدتهم من تغيّر المناخ ستكلّف 42 مليون دولار على الأقل، ولا يمكن “ضمان” استمرارية أي تدابير وقائية من هذا القبيل حتى عام 2052.
في محاولة للتكيّف، اتخذ المهندسون خيارات مختلفة لحماية الساحل، أحدها وضع طبقات من عازل الستايروفوم وكسوة أرضية لحماية الجليد السرمدي من ارتفاع درجات الحرارة.
تتآكل توكتوياكتوك بمتوسط مترين في السنة. في المعدل الحالي، ستختفي الجزيرة بأكملها بحلول عام 2050 ما لم يتم الحد (من انبعاثات الكربون). يمكن لمجتمعات أخرى في أميركا الشمالية وسيبيريا أن تشهد مصيرا مماثلا.
وتعلم إريل لاغت وشعبها هذا الأمر. وتعمل منذ عامين في برنامج لمراقبة المناخ حيث تذهب مع السكان المحليين الآخرين لجمع عينات من الأرض وتسجيل أي تغييرات.
“أنا شخصيا أعتقد أنه إذا كان هناك عدد كافٍ من الناس في جميع أنحاء العالم يعرفون حقا حالة تغيّر المناخ وإذا اعترف القادة بذلك أكثر، فسيتم التعامل معه.”
أتيحت لإريل ولثلاثة من نشطاء الإنويت الشباب الآخرين الفرصة لرواية قصة كيفية تعامل مدينتهم مع المناخ المتغير وذلك خلال COP25 في مدريد في كانون الأول/ديسمبر 2020.
وشاركوا جزءا من مقطع مصور لفيلم بعنوان “Happening to Us” قاموا بإعداده بالتعاون مع كوميونيتي كوربوريشين، ومع صانعي أفلام كنديين وأكاديميين.
هل هناك حل؟
توضح الدكتورة ناتالي أنه بينما لا يمكننا الآن عكس ذوبان الجليد السرمدي – لأنه قد بدأ بالفعل – فإن الطموح هو المفتاح لتجنب أسوأ ما في ذلك.
“أعتقد أنه حتى في ظل أكثر السيناريوهات طموحا (لتقليل انبعاثات الكربون العالمية والاحترار اللاحق) سنخسر، كما تعلمون، ربما 25 في المائة من سطح الجليد السرمدي، وبعدها سيذهب بعض الكربون الموجود فيه إلى الغلاف الجوي. لكن هذا أفضل بكثير من السيناريوهات الأقل طموحا التي يمكن أن تأخذنا إلى 75 في المائة من الذوبان. الجليد السرمدي هو عامل مضاعف لتغير المناخ ولذا يجب أن يكون عاملا مضاعفا للطموح.”
بالنسبة للدكتور سومركورن، لا يوجد حتى الآن ما يكفي من الفهم العام للتأثيرات طويلة المدى للتغيرات في الغلاف الجليدي (العناصر المجمدة في العالم) على مستويات صنع القرار.
“هذه التغييرات لها صلة مباشرة بالطموحات لعام 2030. وقالتها الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ بوضوح: يتعيّن علينا خفض الانبعاثات بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010 إذا أردنا البقاء دون 1.5 درجة مئوية (الاحترار) دون تجاوز (الهدف)، والغلاف الجليدي لا يمنحنا رفاهية التجاوز.. سنطلق عتبات ذوبان لا يمكننا التراجع عنها. من الصعب جدا جدا إعادة نمو الأنهار الجليدية. من المستحيل بشكل أساسي إعادة نمو الجليد السرمدي في ظل ارتفاع درجات الحرارة.”
ويوضح الخبير أنه من خلال تقليل الانبعاثات ومعدلات الاحترار، نقوم أيضا بتقليل معدلات الذوبان وارتفاع مستوى سطح البحر، ونمنح الناس الوقت والأساليب للتكيف.
وأضاف د. سومركورن يقول: “علينا اتخاذ قرارات عاجلة الآن عندما نخطط للبنية التحتية، والمدن وما إلى ذلك.. ويمكننا في أجزاء من العالم التي لديها مساعدة تقنية وتمويل.. يحتاج الآخرون إلى مساعدة عالمية في تمويل التكيّف.”
دعوة عاجلة لزعماء العالم للتحرك
كان رئيس قسم الحفاظ في برنامج القطب الشمالي لدى الصندوق العالمي للطبيعة جزءا من مجموعة من العلماء والمجتمعات القطبية والجبلية التي دعت القادة في COP26 إلى تكريس مزيد من الاهتمام للآثار العالمية الوخيمة لفقدان الأنهار الجليدية والغطاء الجليدي.
وقال في ذلك الوقت: “لفترة طويلة جدا، كانت العناصر المجمدة لكوكبنا غائبة عن مناقشة المناخ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) على الرغم من أن دورها الحاسم في تحديد المستقبل لأكثر من مليار شخص ومناخنا أصبح أكثر وضوحا.”
وطلب من منظمي المؤتمر إنشاء مساحة مخصصة لمناقشة الإجراءات التي يتعيّن اتخاذها استجابة لأزمة الغلاف الجليدي.
ووفقا للدكتورة ناتالي، الخبيرة في الجليد السرمدي، عدم تضمين ردود فعل مهمة بشأن نظام الأرض مثل غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن ذوبان الجليد الأرضي، يجعل الوصول إلى هدف 1.5 درجة مئوية من اتــفاق باريس شبه مستحيل.
وحذرت قائلة: “إنه تحدّ كبير بما يكفي لجعل الدول تتعهد بالالتزامات وتتخذ إجراءات. لكن تخيّلوا أننا لا نصوّب حتى الآن باتجاه الهدف الصحيح، وهو ما يحدث في الأساس الآن لأننا لا نقوم بالحسابات بالشكل الصحيح، لأن الجليد السرمدي لا يُحسب بشكل صحيح وغير موجود بالكامل في دفاتر الحسابات، ولأن الناس لا يفكرون فيه.”
وأضافت أنه فيما أن التحكم المادي في الانبعاثات من الجليد السرمدي في الأرض غير ممكن، إلا أن إيصال العلم إلى المكان الذي يجب أن يكون فيه ووضع هذه المعلومات في أيدي الجمهور وصانعي السياسات ممكن.
وقالت: “للإجراءات التي نتخذها في أماكن أخرى تأثير مضاعف، أليس كذلك؟ كلما قللنا من انبعاثات الوقود الأحفوري زادت حمايتنا للغابات.. بهذه الطريقة فإننا بدورنا نحد أيضا من الانبعاثات التي ستخرج من الجليد السرمدي والتأثير على المجتمعات الشمالية.”
لم يعد إنذارا مبكرا
يطالب العلماء بتخصيص يوم موضوعي خلال الجولة التالية من محادثات المناخ للأمم المتحدة، COP27، لإجراء حوار يُكرّس للغلاف الجليدي، لمناقشة آثار وعواقب المشهد المتغير مع القادة.
وقال د. سومركورن: “لا يكفي إلقاء نظرة على التقارير السابقة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ والاستمرار في فهمنا بأن ذوبان الغلاف الجليدي وتأثيراته في المناطق القطبية يمثلان إشارة إنذار مبكر. لا، في هذه المرحلة لا توجد في الحقيقة إشارات تحذير مبكرة، إنه (الذوبان) يقود تغير المناخ والآثار على الصعيد العالمي.”
وأشار الخبير إلى مقدمة نص النتيجة النهائية لمؤتمر الأطراف COP26 والتي تنص على ما يلي: نحن بحاجة إلى ضمان سلامة النظم البيئية، بما في ذلك الغلاف الجوي.
وأضاف يقول: “إن مجرد قول ذلك يظهر بالفعل أن الأمر لم يؤخذ في الاعتبار بالكامل ولم يُفهم بالكامل، لذلك سنطلب مثل هذا التواصل للمضي قدما.”
بالنسبة للدكتور سومركورن، تركت غلاسكو للعالم إمكانية متزايدة لرفع المساهمات من خلال اتفاق باريس، وينبغي استخدام هذا الزخم التطلعي لتحقيق تخفيض للانبعاثات بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2030.
“أعتقد أن الرسالة السارّة هنا هي أن الأمر في الواقع يعود لنا. لقد أحرزنا بعض التقدم في الحوكمة العالمية الرشيدة في COP26. ليس كل شيء كارثيا، لكن يجب أن نجد طرقا لترجمة ذلك فعليا إلى عمل عاجل. وهذا هو مفتاح أزمة الغلاف الجليدي.”
*ساعد علماء وودويل في إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992 وتقاسموا جائزة نوبل مع الهيئة الدولية الحكومية المعنية بتغير المناخ في 2007.
[ad_2]
Source link