أثارت قضية الطفل المغربي ريان (5 سنوات)، الذي علق في قعر بئر، في قرية إغران الواقعة بالجماعة القروية «تمروت» بإقليم (محافظة) شفشاون (شمال المغرب)، تعاطفاً كبيراً لدى الرأي العام المغربي، خصوصاً بعدما أمضى ليلتين في قاع بئر خالية من المياه عمقها 32 متراً. ويتابع المغاربة بتأثر كبير جهود إنقاذ الطفل ريان حتى لا يمضي ليلته الثالثة في البئر.
وأخرج الحادث المنطقة من عزلة فرضتها التضاريس الوعرة لسلسلة جبال الريف ليلقي بها في صدارة اهتمام الرأي العام المغربي.
ووصل صدى الحادث إلى الحكومة المغربية التي ناقشت قضيته، أمس، خلال اجتماعها الأسبوعي. وقال مصطفى بايتاس، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان، والناطق الرسمي باسم الحكومة، إن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، قدم إفادة أمام المجلس حول قضية الطفل ريان.
ونفى بايتاس اتهامات وُجهت للحكومة بالتقصير خصوصاً بعد تأخر جهود إنقاذ الطفل، وقال إن السلطات المغربية تملك الآليات الضرورية للإنقاذ.
وأوضح الوزير المغربي أن فرق الإنقاذ قامت بعدة محاولات لانتشال الطفل من قعر البئر. فبعد محاولة توسيع البئر اتضح أن ذلك يشكل خطراً على الطفل، فجرى التخلي عن هذا الخيار، وتم إنزال أحد أفراد الإنقاذ داخل البئر قبل أن يتبين أن هناك صعوبة في مواصلة النزول بسبب ضيق قُطر البئر.
وأفاد بايتاس بأن المحاولات الجارية أمس تتركز على الحفر بشكل موازٍ إلى جانب البئر الذي عَلَق فيه الطفل لإخراجه. وأظهرت صور وفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي حفارات وآليات ضخمة تقوم بعملية الحفر بحضور عدد كبير من السكان.
وحسب الوزير بايتاس فإن فرق الإنقاذ تواجه تحديات عدة منها خطر انهيار التربة، وما قد يسببه ذلك من كارثة تهدد الطفل، إضافةً إلى تحدي توافد عدد كبير من المواطنين إلى مكان الحادث مما عقّد جهود الإنقاذ.
وكان الطفل ريان قد سقط الثلاثاء في البئر، ونجحت السلطات في التأكد من أنه حي باستخدام كاميرا أظهرته جالساً في القعر، في وضع صعب، كما جرى تزويده بالأكسجين والماء والغذاء.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الطفل ما زال يتنفس ويبكي. وما زالت جهود الإنقاذ متواصلة لإنقاذ الطفل وسط ترقب كبير للرأي العام المغربي.
وقالت والدة الطفل ريان، بحرقة كبيرة، في تصريحات لوسائل الإعلام التي توافدت على القرية، إنها تأمل أن «يُنتشل ابنها حياً، ويعاود ملء ردهات المنزل شغباً ولعباً طفولياً».
وروت أم ريان كيف سقط الطفل في تلك البئر قائلة: «إنه بعد ظهر يوم الثلاثاء، تفقد أفراد الأسرة الطفل ولم يجدو له أثراً، «فبحثوا هنا وهناك، ليتناهى إلى سمعهم آهات صادرة من أديم الأرض»، فربطوا هاتفاً نقالاً بحبل وأنزلوه في البئر، فرأوا الطفل هناك يستجدي الإغاثة.
أمضى الطفل ريان ليلته الأولى في قعر البئر وهو يقاوم العطش ونقص الأكسجين، تؤنسه نداءات الوالدين والأقارب، وتدفئه محبة أسبغها عليه المغاربة قاطبة، بحس من التضامن والتعاطف، قبل أن تصل الجهود الأولى لغوث ريان، من عناصر الوقاية المدنية والسلطات المحلية والدرك، يؤازرهم العشرات من شباب المنطقة، بإشراف من السلطات الإقليمية.
وصباح الأربعاء، أُنشئت لجنة لليقظة لتنسيق جهود الإنقاذ، ووضعت في البدء خطة انتشاله من فتحة البئر، لكن بسبب ضيق قُطر البئر، والذي يصل إلى نحو 30 سنتمتراً في بعض مقاطعه، فشلت كل المحاولات الأولى لانتشاله من حيث سقط.
ثم وُضعت خطة ثانية تقضي باستعمال آليات ثقيلة للحفر بشكل متوازٍ ومائل مع الثقب المائي، بحذر واحتياط كبيرين، مخافة أن تتسبب عمليات الجرف في انهيار البئر.
بالموازاة مع ذلك، عملت الوقاية المدنية على إنزال كاميرا تُستعمل في مهمات الغوث للتأكد من الوضع الصحي للطفل ريان وللتواصل معه لإبقائه واعياً، كما تم إنزال أنبوبَي ماء وأكسجين لإطالة صموده في انتظار انتشاله حياً.
وجرت محاولتان جديدتان لانتشاله من فتحة البئر بمشاركة متطوعين من جمعية «شفشاون لهواة الاستغوار»، لكنّ ضيق قُطر البئر حال للمرة الثانية دون نجاح العملية.
ويقوم السيناريو الذي اعتمدته لجنة القيادة بعين المكان، بعد فشل الانتشال من فتحة البئر، على إحداث حفرة موازية بعمق المكان الذي علَق فيه ريان، ثم إحداث فجوة في البئر لانتشاله.
وتواصلت (الخميس) جهود الحفر، حيث فاق عُمق الحفرة الموازية أكثر من 22 متراً، مع الحرص على إحاشة جوانبها لتفادي أي انهيار محتمل يزيد الوضع سوءاً، كما حطت في المكان مروحية طبية تابعة للدرك الملكي لنقل الطفل بمجرد انتشاله من البئر إلى أقرب مستشفى لتلقي العناية الطبية اللازمة، ووضعت سيارة إسعاف بطاقم طبي متخصص في الإنعاش على أهبة الاستعداد.
ولن تتوقف عملية الإنقاذ إلا بالوصول إلى مكان الطفل. ويؤكد مصدر مسؤول من المكان لوكالة الأنباء المغربية أن عمليات التدخل تتسارع على أمل تحقيق هذا الهدف في أسرع وقت ممكن.