الجار والأربعون ديكًا..!

الجار والأربعون ديكًا..!

[ad_1]

الجار والأربعون ديكًا..!

عبدالغني الشيخالرياض

تفشَّت في هذا الزمان أخلاق غريبة “مستجدة” على العلاقة الاجتماعية بين بعض الأهالي والجيران.. فقد تراجعت بعض القيم، منها: التراحم، والمودة، كذلك العطف.

قد تنشأ الكراهية والحقد، والشحناء.. والتكبر، مع الغيرة لأتفه الأسباب، بينما يؤجج سوء الظن غياب الرشد، ثم عراك الأطفال..

لقد مرَّ علينا زمن لم يكن معظم الناس كحالهم الآن (منعَّمون مرفَّهون)، حينما كانت الفاقة ونقص المؤونة سائدة؛ ما استوجب التكافل والاحسان بينهم..

هذه الأيام قد لا تعرف جارك في الشقة المقابلة.. بل قد تقوم خصومة بسبب مواقف السيارات.

جذور العلاقة بين الجيران عميقة؛ إذ يتخطى أثرها البيت والشقة.. إلى المكاتب والمزارع؛ ربما يقع دكاني ملاصقًا لدكانه..

وكله كوم والعقوم ـ قبل التنظيم الجديد ـ كوم ثانٍ؛ فكان كل مزارع يقدم على (تفجير) العقم؛ ليسقي زرعه قبل جاره؛ فتنشب بين أهل القرية معركة تلقي بنصفهم في السجن، والنصف الآخر في المستشفى.. هذه حقائق -للأسف- وليس نسيج خيال..

من التراث يُحكى أن شخصًا لديه ديك، يؤذي بصياحه الجيران طول الليل. لم تشفع توسلاتهم لدى جارهم صاحب الديك.. فأرادوا شراءه للتخلص من إزعاجه. تعنت جارهم في البداية إلى أن أغراه الثمن؛ فالجيران لا يريدون الديك، بل يشترون راحتهم. أخذوا الديك فذبحوه ظنًّا أن الأمر قد حسم.. فما إن أسدل الليل ستاره حتى اخترق صياح عشرات الديكة سكون المساء، ومن الدار نفسها.. عاد الإخوة إلى الجار يتساءلون؟ قال لهم لدينا أربعون ديكًا، كانوا لا يجرؤون على الصياح في وجوده.. فذاك كبيرهم!!

أختم بقصة أخوَين، كانا متحابَّين كثيرًا.. يعيشان في توافق تام في مزرعتهما.. يزرعان معًا، ويحصدان معًا.. كل شيء مشترك بينهما.. إلى أن جاء يوم نشب فيه خلاف بينهما، بدأ بسوء تفاهم، فاحتدم النقاش.. ثم اتبعه صمت أليم، استمر أسابيع عدة حتى اتسعت الهوة بينهما، ثم انقطعت الصلة.

ذات يوم طرق شخص عابر سبيل على باب الأخ الأكبر، وهو يبحث عن عمل.. فأجابه الأخ الأكبر لدي عمل لك.. هل ترى الجانب الآخر من المجرى المائي؟ هناك يقطن أخي الأصغر.. لقد أساء إليّ وأهانني؛ فانقطعت كل صلة بيننا.. سأريه أنني قادر على الانتقام.. وهل ترى قِطَع الحجارة التي بجوار المنزل؟ أريدك أن تبني بها سورًا عاليًا؛ لأنني لا أرغب في رؤيته ثانية.. أجابه العامل: أعتقد أني فهمت الوضع.

سلّم الأخ الأكبر للعامل كل الأدوات اللازمة للعمل.. ثم سافر تاركًا إياه أسبوعًا كاملاً. وعند عودته كان العامل قد أنهى البناء.. ولكن يا لها من مفاجأة!! فبدلاً من إنشاء سور بنى جسرًا يجمع بين ضفتَي المجرى.. في تلك اللحظة خرج الأخ الأصغر من منزله.. جرى صوب أخيه قائلاً:

– يا لك من أخ رائع!! تبني جسرًا بيننا بالرغم من كل ما بدر مني!! إنني حقًّا فخور بك.

وبينما الأخوان يحتفلان بالصلح أخذ العامل يجمع أدواته استعدادًا للرحيل.

قال له الأخوان بصوت واحد:

– لا تذهب!! انتظر!! يوجد هنا عمل لك.

لكنه أجاب:

– كنت أود البقاء معكما لكن يجب أن أسعى لبناء جسور أخرى في مكان آخر.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply