السعوديون والقهوة.. قصة عشق وثقافة وهوية

“طاحونةُ البن جزءٌ من طفولتنا.. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ”.. هكذا يعبر الشاعر السوري الراحل نزار قباني عن عشقه وارتباطه بالقهوة، ولكن لا أحد يستطيع وصف القهوة، ومدى ارتباطها بنشأته وحياته وهويته أكثر من السعوديين، فبينهما قصة حب وعشق لا تنتهي.

ودفع ذلك الارتباط الوثيق وزارة الثقافة إلى إعلان عام 2022 القادم بـ”عام القهوة السعودية”؛ للاحتفاء بهذا العنصر الثقافي المرتبط بهوية وثقافة المملكة، وذلك عبر مبادرات وأنشطة وفعاليات تُقام على مدار العام.

ولا يخفى على أحد أنه لا تخلو المائدة السعودية والجلسات بين الكبار والشباب من دلة القهوة العربية برائحتها الفواحة المميزة، ومذاقها القوي الراسخ الذي يتفاعل مع حبات التمر في تناغم لا مثيل له، كما أن القهوة مشروب الضيافة الرسمي لدى السعوديين.

وتحمل القهوة السعودية خصوصية في المجتمع السعودي، في كل مراحل إنتاجها، زراعةً وتحضيرًا وتقديمًا، والتي قد لا تتوفر بالكيفية نفسها في أي بلدٍ آخر، حيث تنتج المملكة البن الخولاني في جنوبها، كما تُحضّر القهوة بلون ومذاق مختلفين في كل منطقة من مناطقها الثلاث عشرة، وتقدم للضيوف بطرق وأساليب متعددة، ما يمنح القهوة السعودية خصوصيتها، وعمقها الثقافي الفريد.

وبحسب آخر إحصائية عن إنتاج البن وعدد المزارع والأشجار في المملكة للعام 1440هـ، بلغ الناتج المحلي من البن العربي 646 طنًا، كما بلغ عدد مزارع البن 847 مزرعة احتوت على 100 ألف شجرة بُن، منها 82390 شجرة مثمرة.

أكثر الدول العالم استهلاكًا واستيرادًا
وينعكس العشق السعودي للقهوة في إحصائيات استيرادها، إذ تصنف المملكة من أكثر دول العالم استهلاكًا للبن؛ لارتفاع معدل استهلاك الفرد للقهوة، وتقدر الكميات المستوردة للأسواق السعودية من البن بأكثر من 10 آلاف طن سنويًا.

وبحسب أرقام وزارة البيئة والمياه والزراعة تستورد المملكة 18 ألف طن سنويًا من القهوة، ويأتي 72 % من واردات البن من إثيوبيا، وانعكس ذلك في المملكة على انتشار المقاهي أيضًا؛ إذ يقدر عدد السجلات التي أصدرتها وزارة التجارة للمقاهي بنحو 126.5 ألف مقهى.

وتخبرنا إحصائية للهيئة العامة للجمارك نشرتها “الاقتصادية” قبل سنتين، أن إجمالي ما استوردته السعودية من القهوة، من عام 2014 حتى 2018، قرابة 355.6 ألف طن، بقيمة إجمالية تجاوزت 5.4 مليار ريال.

ومن أهم الدول التي يتم استيراد القهوة: إثيوبيا، والبرازيل، والإمارات، وماليزيا، واليمن، والمملكة المتحدة، والهند، وإيطاليا، وأمريكا، والدنمارك، والصين، وهولندا، وألمانيا، وتركيا، وكولومبيا، والكويت، وإسبانيا، وسويسرا، وفرنسا.

وتتصدر المملكة قائمة أكبر مستوردي البن الإثيوبي، متقدمة على ألمانيا، التي تليها في ترتيب القائمة، وفقًا لبيانات هيئة القهوة والشاي الإثيوبية عن عام 2020م.