[ad_1]
كيف قادت «أنفاق غزة» لتطور العمليات العسكرية في إسرائيل؟
استخدمتها «حماس» في حرب 2014 على القطاع
الاثنين – 17 شهر ربيع الثاني 1443 هـ – 22 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [
15700]
فلسطينيون من بيت حانون بقطاع غزة يبحثون عن متعلقاتهم بين ركام أبنية دمرها القصف الإسرائيلي مايو 2021 (غيتي)
تل أبيب: «الشرق الأوسط»
مثل عام 2014 نقطة تحول بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي، في معركته ضد شبكة الأنفاق الخاصة بحركة «حماس»، كما كشف تقرير لصحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية، عن كيفية تمكن إسرائيل من مهاجمة قطاع غزة وشبكة أنفاق الحركة في مايو (أيار) الماضي بدقة عالية.
تقول الصحيفة، إن الأمر بدأ قبل سبعة أعوام، في إطار الدروس التي تعلمتها حركة «حماس» من الحرب ضد غزة في صيف 2014، والتي تُعرف في إسرائيل باسم «عملية الجرف الصامد». كانت «حماس» تستخدم بفاعلية بعضاً من أنفاقها تحت الأرض في التسلل عبر الحدود وقتل الجنود، وكان يتم اكتشاف وتدمير تلك الأنفاق في أكثر الأحيان؛ لذا كانت الحركة بحاجة إلى قدرة جديدة تغير ميزان القوة مع إسرائيل. كانت شبكة الأنفاق، التي تمتد بطول مائة كيلومتر تحت قطاع غزة كله تقريباً، تتكون من ثلاثة أنواع مختلفة من المساحات، هي: ممرات للانتقال من نقطة إلى أخرى، وأماكن للنوم وتناول الطعام والاستحمام، وأماكن لإطلاق الصواريخ. وتم تصميم الشبكة بأكملها لنقل المسلحين سريعاً وبشكل سري، بحيث يفاجئون ويهاجمون قوات المشاة الإسرائيلية المتوغلة والقوات المدرعة. وكانت تلك الشبكة مختلفة كثيراً عن الأنفاق المؤقتة القديمة التي كان الفلسطينيون يستخدمونها في تهريب الأسلحة والبضائع المهربة أسفل الحدود مع مصر.
قال مسؤول رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي: «لقد كانت مدينة تحت الأرض، وكان من المفترض أن تكون سلاحهم الذي يحظى بأكبر قدر من الحماية». مع ذلك كان عام 2014 نقطة تحول أيضاً بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي في معركته ضد منظومة الأنفاق تلك. فبعد نجاح حركة «حماس» في التسلل إلى داخل إسرائيل، أدرك الجيش، أنه لا يمتلك القدرات والإمكانات التي يحتاجها، لذا سرعان ما دشن ثلاث عمليات متزامنة. كانت العملية الأولى على مستوى الاستخبارات، وهي رصد الأنفاق، وتحديد مواقعها بأدق التفاصيل، وكانت الثانية، استثمار الموارد في تطوير منظومة تستطيع رصد الأنفاق أثناء حفرها، وهي أشبه بالقبة الحديدية الخاصة بالأنفاق، أما العملية الثالثة، فهي تطوير القدرات الهجومية بحيث تتمكن من تدمير الأنفاق.
يقول الجنرال ماتان أدين، رئيس قسم الدعم الجوي والمروحيات في القوات الجوية الإسرائيلية: «عند مهاجمة نفق لا يتطلب الأمر أقصى درجة من الدقة، فحسب، بل يتطلب أيضاً ذخيرة تخترق الأرض لأنها إذا انفجرت فوق الأرض لن تحقق أي شيء».
استثمر الجيش الإسرائيلي و«شين بيت» (جهاز الأمن العام)، موارد غير مسبوقة في جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن شبكة الأنفاق؛ وبعد بضعة أشهر، أطلق أحد مسؤولي الاستخبارات العسكرية، عليها، اسم «مترو». كان نظام المراقبة الجوية مفيداً، لكنه لم يتمكن من توفير معلومات عن الطرق والمسارات الموجودة تحت الأرض. كذلك لم يكن نظام الاستقبال الخلوي، مفيداً، لأنه عند وجوده تحت الأرض لا يمكنه الاستقبال، ويصبح من المستحيل تتبع الأشخاص هناك.
تقول الصحيفة، إن ذلك، دفع جهاز الأمن العام الإسرائيلي إلى التركيز على أساليب قديمة في جمع المعلومات الاستخباراتية، وهي تجنيد عملاء وجواسيس داخل غزة يستطيعون الكشف عن تفاصيل خاصة بطرق ومسارات الأنفاق. أصبحت الأنفاق تمثل هوساً بالنسبة إلى إسرائيل، حيث أوضحت المعلومات الاستخباراتية، أن حركة «حماس» كانت تتدرب بالفعل داخل الأنفاق؛ وتخزن أسلحتها، وتعرف كيف تتحرك بهدوء إلى الداخل والخارج.
وأضاف التقرير، أنه في محاولة لمنع تسرب الخطط، كان يتم السماح لكتائب «حماس»، بدخول الأقسام التي تقع في نطاق منطقتهم فقط في البداية، دون معرفة كيفية العبور إلى مناطق أخرى، فقد كان قادة الحركة يعرفون أن إسرائيل تراقبهم، وأرادوا احتواء الضرر في حال قام أحدهم بتسريب معلومة. كانت المعلومات التي تحصل عليها إسرائيل، مختلفة ومتباينة، ففي بعض الحالات كانت الاستخبارات الإسرائيلية تتمكن من رسم صورة محددة لقسم من الشبكة، وتعرف من مصادرها الخاصة نوع الأسلحة المخزنة ومكانها، ونوع شبكة الاتصال، والجدار المعلق عليه الشاشات التلفزيونية، في حين لم تكن تعلم عن أقسام أخرى سوى المسار فحسب.
تم وضع خطة الجيش الإسرائيلي عام 2018، حيث تم التخطيط لعملية مشتركة داخل القيادة الجنوبية للجيش، المسؤولة عن قطاع غزة، ومقر القوات الجوية الإسرائيلية في تل أبيب. وبسبب حجم الشبكة والحاجة إلى مفاجأة العدو، كانت المتطلبات الأولية للعملية أكثر من مائة طائرة تلقي ما يزيد على 500 قنبلة خلال أقل من 30 دقيقة. كانت عملية لم يشهد قطاع غزة مثلها من قبل.
وبحسب التقرير، حدث انحراف في عملية سرية للجيش الإسرائيلي جنوب قطاع غزة، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، حيث أثارت القوات الخاصة الإسرائيلية (المغاوير) المشاركة في جمع المعلومات، الشكوك في إحدى نقاط التفتيش التابعة لحركة «حماس». وخلال عملية القتال التي تبعت ذلك، تم إطلاق النار على مقدم ذي مكانة، لا يزال نشر اسمه محظوراً، ما أدى إلى مقتله. ورداً على ذلك أطلقت «حماس» عشرات الصواريخ على إسرائيل.
عقد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، حينها، اجتماعاً وزارياً أمنياً لمناقشة الرد الإسرائيلي، ودفع أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع، باتجاه تدشين عملية باسم «ضربة البرق» لتدمير الأنفاق. اعترض كبار القادة في الجيش على العملية، إذ كان الجيش في المراحل النهائية للإعداد لتدمير مجموعة من الأنفاق عبر الحدود الشمالية، حفرها تنظيم «حزب الله» اللبناني؛ وكان هناك قلق داخل الاستخبارات العسكرية، من أن يؤدي تنفيذ «ضربة البرق» إلى صراع أطول وأكبر مع غزة، ويضطر الجيش الإسرائيلي إلى تأجيل العملية ضد أنفاق «حزب الله»، مع زيادة فرص تسريب معلومات عن العملية.
أيد مجلس الوزراء الأمني، موقف الجيش، وتم تجميد «ضربة البرق»؛ واستقال ليبرمان بسبب استيائه من ضعف رد الحكومة على إطلاق صواريخ غزة، ما أدى في النهاية إلى حل الحكومة وعقد أول انتخابات بين 4 انتخابات متعاقبة.
وطوال السنوات التي أعقبت ذلك، ظلت القيادة الجنوبية، تشحذ العملية وتدعمها بمعلومات استخباراتية جديدة. وعندما اندلعت عملية «حارس الأسوار» في مايو الماضي، وضعت العملية، مرة أخرى، على الطاولة. ومع ذلك ظل بعض الجنرالات مترددين، إذ كانوا يشعرون بضرورة إرجاء القصف.
كان إليزير توليدانو، اللواء في القيادة الجنوبية، يعتقد، أنه من الضروري تنفيذ العملية الآن، وحذر من عدم جدواها في حال تأجيلها؛ واتفق معه أفيف كوخافي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي. وبعد منتصف ليل 14 مايو، أقلعت 160 طائرة تابعة للجيش الإسرائيلي، وتوجهت نحو البحر الأبيض المتوسط. كانت الطائرات من طراز «إف – 15» و«إف – 16» محملة بقنابل موجهة بنظام التموضع العالمي (جي بي إس)، تسعى وراء تجريد حركة «حماس» من أعز ما تملك، وهو سلاحها السري الذي ظلت تصنعه بمهارة وسرية طوال سنوات تمتد إلى عقد تقريباً.
ما لم تعرفه «حماس»، أن جهة ما في إسرائيل كان تتابع عملها. وقد عمل الشين بيت عن كثب مع مركز النيران بالجيش الإسرائيلي في القيادة الجنوبية، لتحديد مسار نظام الأنفاق. «كان التحدي هائلاً»، بحسب التقرير في «جيروزاليم بوست»، كان على سلاح الجو الإسرائيلي أن يعرف كيف يدمر الأنفاق من دون القضاء على أحياء بأكملها: لم تكن الأنفاق تحت الحقول الفارغة، بل تحت الشقق السكنية ومنازل المواطنين. كان على إسرائيل، أن تهاجم بطريقة من شأنها أن تدمر الأنفاق، لكنها دقيقة جداً لدرجة أنها ستترك أقل قدر من الأضرار الجانبية، ولن تقوض الجهود الحربية الأكبر، المتمثلة في إضعاف «حماس» ونزع الشرعية عنها.
وما جعل هذه العملية الجوية المحددة معقدة جداً، لم يكن الهجوم نفسه، فمهاجمة مثل هذا الحيز الصغير في فترة زمنية قصيرة، تتطلب مستوى من الدقة والتزامن، نادراً ما يوجد في ميدان المعركة الحديثة. وفي كثير من الحالات، كانت الفكرة هي ضرب أجزاء من الأنفاق التي ليست مجاورة للمباني، وإذا لم يكن هناك خيار، فلا بد من محاولة ضربها بزاوية.
وتجمعت الطائرات التي أقلعت من قواعد مختلفة عبر إسرائيل فوق البحر المتوسط، وانتظرت صدور الضوء الأخضر هناك. وبدأ الهجوم بمجرد حصولهم عليه. كل مجموعة من الطائرات، قامت بتثبيت إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي لأهدافها. لم يكن من الضروري أن تحلق الطائرات فوق غزة. كانوا قادرين على إسقاط ذخائرهم وهم لا يزالون فوق الماء.
استغرقت المهمة 23 دقيقة فقط.
في تلك الليلة، ألقيت خمسمائة قنبلة فوق ما يسمى بـ«المترو». وفي حين أن الهجمات نُفذت بالطائرات المقاتلة، إلا أن الطائرات المسيرة التي حلقت فوق غزة، نقلت صوراً إلى مقر سلاح الجو الإسرائيلي في تل أبيب، حتى يتمكن الضباط هناك من تقييم مدى الضرر الناجم على الفور.
وأفاد الفلسطينيون بسقوط ما لا يقل عن 42 شخصاً، بعضهم داخل الأنفاق والبعض الآخر في مبنيين انهارا بسبب الدمار. ولم يتضح على الفور عدد القتلى الذين ينتمون إلى «حماس» أو «الجهاد الإسلامي». وبالعودة إلى مقر سلاح الجو الإسرائيلي، لم يكن لدى كبار الضباط وقت للاحتفال بالعملية. إذ استعرضوا على الفور نتائج الضربة مع ضباط من القيادة الجنوبية والاستخبارات العسكرية. وكانت هذه أكبر عملية جوية تُنفذ منذ أكثر من 50 سنة.
بعد أسابيع، بحسب تقرير الصحيفة العبرية، أظهرت أبحاث أجراها مركز الإرهاب والمعلومات في إسرائيل – وهو مركز أبحاث وثيق الصلة بالأجهزة الأمنية – أن «هناك 114 فلسطينياً على الأقل ممن ينتمون إلى منظمات إرهابية، كانوا بين 236 فلسطينياً سقطوا خلال العملية في الهجمات الإسرائيلية».
واتهمت إسرائيل، بحسب التقرير، «حماس» بأنها «تعمدت تخزين أسلحتها وبناء مراكز قيادتها داخل البنية الأساسية المدنية». وامتدح التقرير، ما فعلته إسرائيل، معتبراً أنها «كانت تعرف بالضبط كيف تضرب زاوية النفق عند تقاطع الشارع، حتى يكون للانفجار تأثير أكبر تحت الأرض وليس فوقها».
فلسطين
النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي
[ad_2]
Source link