[ad_1]
ومع بلوغ مؤتمر المناخ المحوري COP26، الذي يمتد على أسبوعين، منتصف المدة المخصصة لفعالياته في غلاسكو، احتلت الطبيعة الأم، أو “باتشاماما” كما يُطلق عليها بأميركا اللاتينية، مركز الصدارة.
فالطبيعة مهمة لبقائنا على قيد الحياة: فهي تقدم لنا الأكسجين الذي نتنفسه، وتنظم أنماط الطقس، توفر الغذاء والماء لجميع الكائنات الحية، وهي موطن لأنواع لا حصر لها من الحياة البرية، وأنظمتها البيئية التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة.
وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن الأنشطة البيئة أخلّت بحوالي 75 في المائة من سطح الأرض ووضعت حوالي مليون نوع من الحيوانات والنباتات على القائمة المهددة بالانقراض.
فقد استنفدنا موارد الطبيعة بشكل مفرط، وأزلنا الغابات من أجل الزراعة وأعمال صناعة الماشية، بينما يؤدي تغير المناخ الآن إلى تفاقم هذه العملية بشكل أسرع من أي وقت مضى مما يؤدي إلى زيادة التآكل والتصحر.
وأصبحت المحيطات – التي تمتص حوالي ثلث انبعاثاتنا من الكربون – ملوثة، مما يعني أنها تفقد القدرة على أن تكون “حواجز واقية من تغير المناخ” وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عدة مرات في الأشهر الأخيرة، من الواضح أن البشرية “تشن حربا على الطبيعة” فيما حث على اتخاذ إجراءات أكبر.
وقالت أنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة يوم السبت: “لا يمكننا الاستمرار في دفع الطبيعة إلى الزاوية وأن نتوقع منها في نفس الوقت أن تستمر في مد يدها لنا. نريدها أن تحبس الكربون، وأن توفر الحواجز للعواصف وأشجار المنغروف وأن تكون رئة للعالم.”
وأضافت أنه عندما “نعبث بالطبيعة، سترسل إلينا الطبيعة فواتير على شكل عواصف شديدة، والمزيد من الحرائق، والمزيد من موجات الحر، والمزيد من حالات الجفاف.”
دعوة إلى حلول قائمة على الطبيعة
وقد استمعت لجنة رفيعة المستوى، شاركت فيها السيدة أندرسن، إلى أنه لا يمكن حل مشكلة تغير المناخ بدون حل التحدي المتمثل في فقدان التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية المتدهورة.
ودعت إلى الوحدة والتعاون لإيجاد الحلول اللازمة لاستعادة الطبيعة والتصدي لتغير المناخ. وقالت: “إن التحولات الاجتماعية-الاقتصادية التي نحتاجها لن تحدث إلا عندما نعيد ضبط علاقتنا مع الطبيعة، مدركين أننا لم نعد قادرين على الاستثمار فيما يضر بكوكبنا.”
مع تعافي البلدان من جائحة كـوفيد-19، كانت هناك دفعة كبيرة باتجاه الحلول القائمة على الطبيعة لمكافحة تغير المناخ، ومن حيث مساعدة الانتعاش الاقتصادي، حيث أوضحت السيدة أندرسن أن هذه المبادرات تقدم منافع للطبيعة والناس.
وأضافت تقول: “كيف يمكن أن تساعدنا الطبيعة، وكيف يمكننا مساعدة الطبيعة.. هناك ملياري هكتار من الأراضي المتدهورة ونحن جميعا بحاجة لتناول الطعام. لذا فإن السؤال هو ما إذا كنا سنقلص الغابات العذراء، أو نعيد تلك الأراضي إلى أراض صالحة للعمل.”
حماية خبراء الطبيعة الأصليين
لا أحد يعرف عن أفضل السبل لحماية الطبيعة أكثر من الشعوب الأصلية في العالم، والتي كانت نشطة للغاية داخل مكان انعقاد مؤتمر الأطراف في غلاسكو، وخارجه، وتعمل على التأثير على المفاوضات بكل طريقة ممكنة، بما في ذلك عبر تنظيم الاحتجاجات في الشوارع.
وقالت الناشطة إيلوي تيرينا لأخبار الأمم المتحدة: “تعلمنا الثقافة الأصلية احترام الأنهار والبحيرات والنباتات والحيوانات والكائنات الروحية التي تعيش في هذه الأماكن. لا يمكن حل أزمة المناخ دون إشراك الشعوب الأصلية ودون حماية أراضيها.”
كما التقت أخبار الأمم المتحدة في مؤتمر الأطراف مع فيكتوريا تاولي-كوربوز، المقررة الخاصة السابقة للأمم المتحدة المعنية بحقوق السكان الأصليين، والتي ذكّرت بأن مجتمعات الشعوب الأصلية هي بالفعل الخبيرة بالعيش في وئام مع الطبيعة. وهذا أحد الأسباب الأساسية التي تجعل أراضيها تحتوي حاليا على 80 في المائة من التنوع البيولوجي في العالم.
وقالت: “نحن نستخدم الطبيعة حقا لحل جميع مشاكل الأمن الغذائي والمياه أو تغير المناخ وغيرها من الخدمات، وقد فعلنا ذلك بطريقة لا تدمر الطبيعة، لذلك لدينا الكثير لمشاركته مع العالم المهيمن ونحتاج إلى دعم لمنع الحكومات من تجريمنا بسبب حماية أراضينا.”
وقالت الناشطة البيئية الدولية إنه في حين أن المجتمعات الأصلية لديها قوانين وعادات صارمة لحماية الطبيعة، فإن الدول لديها قوانين متعارضة مع ذلك.
وأضافت تقول: “على سبيل المثال، في الفلبين، لدينا قانون حقوق السكان الأصليين، ولكن لدينا أيضا قانون التعدين واتفاق للاستثمارات يدفعان (الحكومات) لاستخراج مواردنا.”
وأوضحت أنه خلال مؤتمر الأطراف COP26 ينقل ممثلو السكان الأصليين استراتيجيتهم للتأثير على بعض القرارات التي سيتم اتخاذها بحلول نهاية الأسبوع، بما في ذلك المادة 6 من اتـفاق باريس، التي ستضع قواعد لأسواق الكربون وأشكال التعاون الدولي الأخرى. “الدافع هو أن نقول حقا إنه لا يمكن أن يكون لدينا آليات قائمة على السوق إذا انتهكت حقوق السكان الأصليين.”
مسألة حياة أو موت
على الرغم من أن المجتمعات الموروثة تساهم بما يقرب الصفر في تغير المناخ، فقد أصبحت واحدة من أكثر ضحاياه ضعفا.
تنحدر دانييلا بالاغيرا من مجتمع أرهواكو الأصلي في شمال كولومبيا. وهي قبيلة أسلاف أصلية تعيش في سييرا نيفادا في سانتا مارتا، وهي سلسلة جبال معزولة منفصلة عن جبال الأنديز، تمر عبر وسط البلاد وتساهم كمصدر لـ 36 نهرا مختلفا.
وقالت دانييلا بالاغيرا: “من المفترض أن تكون أراضينا مقدسة، فهي تحافظ على البيئة، لكن لا يتم التعامل معها حقا بهذه الطريقة وهذا هو المكان الذي يجب أن نتعمق فيه. إذا كانت مناطق محمية، فيجب منحها الضمانات والحقوق المعترف بها، والتي لا تُمارس.”
بالنسبة لها، وللعديد من النشطاء الآخرين الذين عبّروا عن أصواتهم في مؤتمر الأطراف، فإن تغير المناخ هو مسألة حياة أو موت.
وقالت: “نحن مهددون بانقراض ممارساتنا الثقافية الثاني، وهو أمر مقلق للغاية لأنه سيكون المذبحة الثانية، الإبادة الثانية لشعبنا.”
المفاوضات جارية
يتردد صدى مخاوف دانييلا بالاغيرا في شوارع غلاسكو، وفي أجزاء أخرى كثيرة من العالم مثل لندن وباريس، حيث دعا النشطاء من جميع الأعمار والخلفيات إلى يوم عالمي للعمل.
وفي الوقت نفسه، أعلن مضيفو مؤتمر الأطراف أن 45 حكومة تتعهد باتخاذ إجراءات واستثمارات عاجلة لحماية الطبيعة والتحول إلى طرق أكثر استدامة للزراعة.
ويهدف الالتزام الجديد إلى تحويل الزراعة والأنظمة الغذائية من خلال إصلاحات في السياسات والبحوث والابتكار، من أجل تقليل الانبعاثات وحماية الطبيعة، وفي نفس الوقت تأمين الغذاء والوظائف.
ويشمل ذلك حشد أكثر من أربعة مليارات دولار من استثمارات القطاع العام الجديدة في الابتكار الزراعي، بما في ذلك تطوير المحاصيل المقاومة للمناخ والحلول المتجددة لتحسين صحة التربة، والمساعدة في جعل هذه التقنيات والموارد ميسورة التكلفة في متناول مئات الملايين من المزارعين.
ويأتي ما يقرب من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم من الزراعة والغابات واستخدامات الأراضي الأخرى.
وقال رئيس مؤتمر الأطراف COP26، ألوك شارما، يوم السبت أيضا، إن إعلان غابات غلاسكو الذي تم تقديمه في وقت سابق من هذا الأسبوع، قد تم توقيعه الآن من قبل 130 دولة، وهو ما يغطي 93 في المائة من الغطاء الشجري في العالم.
وقدّم تحديثا للمفاوضات الحالية في COP26 للصحفيين، وأبلغهم أنه تم التوصل إلى العديد من الاتفاقات حول موضوعات مثل النوع الاجتماعي والزراعة والتكيف الوطني.
[ad_2]
Source link