الحق في بيئة نظيفة وصحية: ستة أمور يجب معرفتها

الحق في بيئة نظيفة وصحية: ستة أمور يجب معرفتها

[ad_1]

للمرة الأولى على الإطلاق، أصدرت الهيئة الأممية التي تتمثل مهمتها في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في جميع أنحاء العالم، قرارا يعترف بأن التمتع ببيئة صحية ومستدامة حق عالمي.

ويدعو النص أيضا جميع الدول إلى العمل معا، ومع غيرها من الشركاء، لجعل هذا الإنجاز حقيقة واقعة.

يقول ديفيد بويد، وهو المقرر الأممي الخاص لحقوق الإنسان والبيئة: “من الناحية المهنية، ربما كانت تلك أكثر التجارب إثارة التي مررت بها على الإطلاق، أو التي سأخوضها على الإطلاق. لقد كان انتصارا هائلا لعمل الفريق. لقد استغرق الأمر ملايين الأشخاص حرفيا، وسنوات وسنوات من العمل للتوصل إلى هذا القرار.”

وقد كان بويد في القاعة عندما طرقت الرئيسة نزهت شميم – من فيجي – بمطرقتها، معلنة نتائج التصويت.

وتم احتساب تأييد 43 صوتا للقرار وامتناع أربعة عن التصويت كنصر بالإجماع لتمرير النص الذي يستشهد بجهود 1,100 على الأقل من منظمات المجتمع المدني والمنظمات التي تُعنى بالأطفال والشباب والشعوب الأصلية، من التي كانت تضطلع بحملات من أجل الاعتراف العالمي، وتنفيذ وحماية حق الإنسان في بيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة.

لكن، لماذا يُعدّ هذا الاعتراف مهما، وما الذي يعنيه بالنسبة للمجتمعات المتأثرة بتغير المناخ؟

فيما يلي ستة اشياء رئيسية ينبغي معرفتها، قمنا بتجميعها هنا في أخبار الأمم المتحدة.

1.    أولا، دعونا نستذكر ما الذي يضطلع به مجلس حقوق الإنسان وما الذي تعنيه قراراته..

يُعدّ مجلس حقوق الإنسان هيئة حكومية دولية داخل منظومة الأمم المتحدة، وهو مسؤول عن تقوية تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم، ومعالجة الحالات التي تشهد انتهاكات لحقوق الإنسان، وتقديم توصيات حولها.

ويتكون المجلس من 47 دولة عضوة، من الدول التي تُنتخب بالأغلبية المطلقة في الجمعية العامة وتمثل كل منطقة في العالم.

وتُعدّ قرارات مجلس حقوق الإنسان “تعبيرات سياسية” تمثل موقف أعضاء المجلس (أو غالبيتهم) حول قضايا وحالات معينة. ويتم صياغة هذه الوثائق والتفاوض عليها بين الدول الأعضاء للنهوض بقضايا محددة تتعلق بحقوق إنسان.

وعادة ما تثير نقاشا بين الدول، ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحكومية الدولية؛ وتؤسس “لمعايير” أو خطوط أو مبادئ سلوك جديدة؛ أو تعكس قواعد السلوك الحالية.

وتتولى صياغة القرارات “مجموعة أساسية” وهي: كوستاريكا، ملديف، المغرب، سلوفينيا وسويسرا، وهي الدول التي قدمت القرار 48/13 ليناقش ويعتمد في المجلس، ومن خلاله تم الاعتراف لأول مرة بأن التمتع ببيئة نظيفة وصحية ومستدامة هو بالفعل حق من حقوق الإنسان.

2.    استغرق الأمر عقودا لوضع القرار

 في عام 1972، اختتم مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة في ستوكهولم أعماله بإعلان تاريخي، كان الأول الذي وضع قضايا البيئة على واجهة الشواغل الدولية، وأسس لبداية حوار بين الدول الصناعية والدول النامية بشأن الرابط بين النمو الاقتصادي، وتلوث الهواء والماء والمحيطات، وبين رفاهية الشعوب حول العالم.

وقد أعلنت الدول الأعضاء في ذلك الحين أن الأشخاص يتمتعون بالحق الأساسي “في بيئة ذات جودة تسمح بالتنعم بالحياة بكرامة ورفاهية”، ودعت إلى العمل الملموس. كما دعت الدول الأعضاء مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للتحرك.


طلاب المرحلة الإعدادية في المدرسة الفرنسية بنيويورك يحتجون على تغير المناخ في الحي الشرقي بالمدينة.

Emmanuel Rouy/Lycée Français d

طلاب المرحلة الإعدادية في المدرسة الفرنسية بنيويورك يحتجون على تغير المناخ في الحي الشرقي بالمدينة.

منذ عام 2008، وضعت ملديف، وهي دولة جزرية صغيرة تقع في الخطوط الأمامية لتأثيرات تغير المناخ، على الطاولة طائفة من القرارات حول حقوق الإنسان وتغير المناخ، وفي العقد الأخير، حول حقوق الإنسان والبيئة.

وفي الأعوام الأخيرة الماضية، ساهم عمل ملديف وشركائها من الدول الأخرى، بالإضافة إلى المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة والمنظمات غير الربحية المختلفة، في دفع المجتمع الدولي نحو الإعلان للحق العالمي الجديد.

وقد تنامى الدعم للاعتراف الأممي بهذا الحق خلال جائحة كـوفيد-19. وتبنى الفكرة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، إضافة إلى أكثر من 1,100 من منظمات المجتمع المدني في العالم.

وقد أضافت حوالي 70 دولة في مجلس حقوق الإنسان أصواتها للدعوة التي أطلقتها مجموعة المجلس الأساسية المعنية بحقوق الإنسان والبيئة لاتخاذ مثل هذا الإجراء، كما أصدرت 15 وكالة أممية إعلانا مشتركا نادرا يناصر ذلك.

وفي بيان صدر في حزيران/يونيو هذا العام بمناسبة يوم البيئة العالمي، قالت مجموعة تتكون من خبراء الأمم المتحدة: “أدّت الطفرة في الأمراض حيوانية المنشأ الناشئة، وحالة الطوارئ المناخية والتلوث السام المتفشي والفقدان الهائل للتنوع البيولوجي إلى وضع مستقبل الكوكب على رأس جدول الأعمال الدولي.”

3.    قصة ديفيد وجالوت..

للتوصل أخيرا إلى التصويت والقرار، قادت المجموعة الأساسية مفاوضات ومناقشات حكومية دولية مكثفة، وحتى ندوات خبراء، على مدار الأعوام القليلة الماضية.

وشارك ليفي موانا، وهو ناشط شاب معني بالبيئة من زامبيا، في إحدى هذه الندوات.

وقال لأعضاء المجلس في آب/أغسطس الماضي: “عندما كنت طفلا صغيرا، أصبت بالبلهارسيا، وهو مرض طفيلي، لأنني كنت ألعب في المياه القذرة بالقرب من منزلي.

بعد بضع سنوات، توفيت فتاة في مجتمعي بسبب الكوليرا. هذه الأحداث للأسف شائعة وتحدث في كثير من الأحيان.

تتزايد الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق المياه في جميع أنحاء العالم، ولا سيّما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بسبب تغير المناخ.”

وأوضح موانا أن قصته ليست فريدة من نوعها، فملايين الأطفال حول العالم يتأثرون بشكل كبير بسبب العواقب المدمرة للأزمة البيئية. وقال: “يموت 1.7 مليون منهم كل عام بسبب استنشاق هواء ملوث أو شرب مياه ملوثة.”

وقّع الناشط مع أكثر من 100 ألف طفل وحليف عريضة تطالب بالحق في بيئة صحية ليتم الاعتراف بها، وتم الإصغاء إليهم أخيرا.


فتيات صغيرات يحملن المياه من منبعه في إيتوري بجمهورية الكونغو الديمقراطية.

© UNICEF/Scott Moncrieff

فتيات صغيرات يحملن المياه من منبعه في إيتوري بجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقال المقرر الخاص ديفيد بويد: “هناك أشخاص يريدون مواصلة عملية استغلال العالم الطبيعي، وليست لديهم تحفظات على إيذاء الناس للقيام بذلك. لذا، فقد منع هؤلاء الخصوم الذين يتمتعون بالقوة هذه القاعة من المضي قدما لعقود. إنها تقريبا مثل قصة ديفيد وجالوت حيث تمكنت جميع منظمات المجتمع المدني تلك من التغلب على هذه المعارضة القوية، والآن لدينا هذه الأداة الجديدة التي يمكننا استخدامها للنضال من أجل عالم أكثر عدلا واستدامة.

4.    لكن ما فائدة قرار غير ملزم قانونا؟

يوضح السيد بويد أن القرار يجب أن يكون حافزا لمزيد من العمل الطموح في كل قضية بيئية نواجهها.

وقال: “إنه حقا تاريخي، وهو حقا مفيد للجميع لأننا نعلم الآن أن 90 في المائة من الناس في العالم يتنفسون هواء ملوثا. إذا استطعنا فورا استخدام هذا القرار كمحفز لاتخاذ إجراءات لتنقية الهواء، فسنعمل على تحسين حياة مليارات الأشخاص.”

قد لا تكون قرارات مجلس حقوق الإنسان ملزمة قانونا، لكنها تحتوي على التزامات سياسية قوية.

وقال بويد: “أفضل مثال لدينا عن نوع الاختلاف الذي تحدثه قرارات الأمم المتحدة هو إذا نظرنا إلى الوراء في قرارات عام 2010 التي اعترفت لأول مرة بالحق في المياه. كان هذا محفزا للحكومات في جميع أنحاء العالم، التي أضافت الحق في الماء إلى دساتيرها، وإلى أسمى وأقوى قوانينها.”

واستشهد المقرر الخاص بالمكسيك، والتي بعد أن أضافت الحق في المياه إلى دستورها، قامت بتوسيع نطاق مياه الشرب الآمنة إلى أكثر من ألف مجتمع ريفي.

وتابع يقول: “هناك مليار شخص لا يمكنهم مجرد فتح الصنبور والحصول على مياه آمنة ونظيفة، ولذا تعلمون أنه بالنسبة لألف مجتمع في ريف المكسيك، فهذا تحسن غيّر الحياة بالكامل. وبالمثل، بعد أن وضعت سلوفينيا الحق في الماء في دستورها بفضل قرارات الأمم المتحدة، اتخذت بعد ذلك إجراءات لجلب مياه الشرب إلى مجتمعات الروما التي تعيش في مستوطنات غير رسمية على مشارف المدن.”

وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن الاعتراف بالحق في بيئة صحية على المستوى العالمي سيدعم الجهود المبذولة لمعالجة الأزمات البيئية بطريقة أكثر تنسيقا وفعالية وغير تمييزية، ويساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتوفير حماية أقوى للحقوق والأشخاص الذين يدافعون عن البيئة، ويساعد في إنشاء عالم يمكن للناس فيه العيش في انسجام مع الطبيعة.


ظروف الطقس الشديدة قد تحمل آثارا مدمرة على الكثير من البلدان، بينها فيجي التي ضربها إعصار في 2016

OCHA/Danielle Parry

ظروف الطقس الشديدة قد تحمل آثارا مدمرة على الكثير من البلدان، بينها فيجي التي ضربها إعصار في 2016

5.    العلاقة بين حقوق الإنسان والبيئة لا جدال فيها

شهد السيد بويد عن كثب التأثير المدمر الذي أحدثه تغير المناخ بالفعل على حقوق الإنسان.

وفي مهمته الأولى كمقرر خاص، التقى بأول مجتمع في العالم كان لا بد من إعادة توطينه بالكامل بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل السواحل وزيادة حدة العواصف.

يقول السيد بويد: “كما تعلمون، من جنّة الواجهة البحرية الجميلة هذه على جزيرة فيجي، كان عليهم نقل قريتهم بالكامل إلى الداخل حوالي ثلاثة كيلومترات. وتم إبعاد كبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة والنساء الحوامل عن المحيط الذي حافظ على ثقافتهم وسبل عيشهم لأجيال عديدة.”

هذه الحالات لا تظهر فقط في البلدان النامية. فقد زار السيد بويد أيضا النرويج، حيث التقى مع شعب “سامي” من الشعوب الأصلية، والذي يواجه أيضا آثار تغير المناخ.

وقال: “لقد سمعت حقا قصصا حزينة هناك. فعلى مدار آلاف السنوات، قامت ثقافتهم واقتصادهم على رعي الرنّة، لكن الآن بسبب الطقس الدافئ في الشتاء، حتى في النرويج، شمال الدائرة القطبية الشمالية، تمطر أحيانا. حيوانات الرنّة التي استطاعت حرفيا لآلاف السنين أن تكشط الثلوج خلال فصل الشتاء للوصول إلى الطحالب التي تعيش منها، لا يمكنها الآن كشط الجليد، وهي تتضور جوعا.”

تتكرر القصة في كينيا، حيث يفقد الرعاة ماشيتهم بسبب الجفاف الذي تفاقم بسبب تغير المناخ. “لم يفعلوا شيئا للتسبب في هذه الأزمة العالمية وهم من يعانون، ولهذا السبب فهي قضية حقوق إنسان.”

وأضاف بويد يقول: “لهذا السبب هي قضية عدالة، تحتاج البلدان الغنية والأثرياء إلى البدء في دفع ثمن التلوث الذي أحدثوه حتى نتمكن من مساعدة هذه المجتمعات الضعيفة، وهؤلاء الأشخاص الضعفاء، على التكيف وبناء حياتهم.”


يتسبب تلوث الهواء في دكا، بنغلاديش، بالعديد من المشاكل الصحية لسكان المدينة.

© UNICEF/Habibul Haque

يتسبب تلوث الهواء في دكا، بنغلاديش، بالعديد من المشاكل الصحية لسكان المدينة.

6.   ماذا بعد هذه الخطوة؟

يتضمن قرار المجلس دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في الأمر. ويقول المقرر الخاص إنه “متفائل بحذر” بأن الهيئة ستصدر قرارا مماثلا خلال العام المقبل. 

وأضاف قائلا: “نحن بحاجة إلى هذا، نحتاج لأن تتحرك الحكومات والجميع بإحساس يعكس إلحاح المسألة. أعني، نحن نعيش في خضم أزمة مناخ وتنوع بيولوجي وأزمة تلوث وأيضا أزمة من هذه الأمراض الناشئة مثل كوفيد-19، التي لها أسباب بيئية جذرية. ولهذا فإن هذا القرار مهم للغاية لأنه يقول لكل حكومة في العالم ’يجب وضع حقوق الإنسان في صلب العمل المناخي، والحفاظ على الطبيعة والتصدي للتلوث ومنع الأوبئة في المستقبل‘”.

بالنسبة للدكتورة ماريا نييرا، مسؤولة البيئة في منظمة الصحة العالمية، فإن للقرار تداعيات مهمة وتأثيرا على عملية التعبئة.

وأوضحت قائلة: “ستكون الخطوة التالية هي كيفية ترجمة ذلك فيما يتعلق بالحق في الهواء النظيف وما إذا كان بإمكاننا الدفع، على سبيل المثال، من أجل الاعتراف بإرشادات جودة الهواء العالمية لمنظمة الصحة العالمية ومستويات التعرض لبعض الملوثات على مستوى الدولة. كما أنه سيساعدنا على نقل تشريعات ومعايير معينة على المستوى الوطني.”

يتسبب تلوث الهواء، الناتج في المقام الأول عن حرق الوقود الأحفوري، والذي يتسبب أيضا في تغير المناخ، في 13 حالة وفاة في الدقيقة في جميع أنحاء العالم. وتدعو د. نييرا إلى إنهاء هذه “المعركة العبثية” ضد النظم البيئية والبيئة.

“يجب أن تكون جميع الاستثمارات على ضمان الوصول إلى المياه المأمونة والصرف الصحي والتأكد من توفير الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة وأن نكون نظمنا الغذائية مستدامة.”

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن تحقيق أهداف اتـفاق باريس من شأنه إنقاذ ملايين الأرواح كل عام بسبب التحسينات في جودة الهواء والنظام الغذائي والنشاط البدني، من بين فوائد أخرى.

وقال المقرر الخاص: “أصبحت حالة الطوارئ المناخية مسألة بقاء للعديد من السكان. إن التغييرات المنهجية والعميقة والسريعة هي وحدها التي ستجعل من الممكن الاستجابة لهذه الأزمة البيئية العالمية.”

بالنسبة للسيد بويد، كانت الموافقة على القرار التاريخي في مجلس حقوق الإنسان تنطوي على إحساس “متناقض”. وفسّر ذلك بالقول: “كان هناك هذا الإحساس المذهل بالإنجاز، وأيضا في نفس الوقت بالضبط إحساس بحجم العمل الذي لا يزال يتعين القيام به لأخذ هذه الكلمات الجميلة وترجمتها إلى تغييرات من شأنها أن تجعل حياة الناس أفضل وتجعل مجتمعنا أكثر استدامة.”

من المأمول أن يؤثر الحق المعلن حديثا في بيئة صحية ونظيفة بشكل إيجابي على المفاوضات خلال مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمناخ COP26 في غلاسكو، التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها الفرصة الأخيرة لـ “تحوييل مسار التيار” وإنهاء الحرب على كوكبنا.

[ad_2]

Source link

Leave a Reply