لبنان وصندوق النقد… مفاوضات شاقة تتطلّب تحديد الخسائر وتوحيد سعر الصرف

لبنان وصندوق النقد… مفاوضات شاقة تتطلّب تحديد الخسائر وتوحيد سعر الصرف

[ad_1]

لبنان وصندوق النقد… مفاوضات شاقة تتطلّب تحديد الخسائر وتوحيد سعر الصرف


الأربعاء – 29 صفر 1443 هـ – 06 أكتوبر 2021 مـ


دولارات أميركية وليرات لبنانية في محل للصيرفة ببيروت (رويترز)

بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»

بعد مخاض طويل ومؤلم استمر أكثر من سنة ولدت حكومة جديدة في لبنان تبدو مهمتها واضحة بغض النظر عما أدرجته في بيانها الوزاري: لجم الانهيار للتمكن من إجراء انتخابات نيابية في ربيع 2022.
ومن المقوّمات الأساسية لوقف الانهيار العودة إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وذلك بعدما كانت الجولات السبع عشرة السابقة من المفاوضات بين الصندوق وحكومة حسان دياب قد توقفت (بسبب عدم اتفاق الجهات الرسمية اللبنانية على رقم موحّد لحجم الخسائر!) فيما كان لبنان يغرق أكثر في أزمته.
والآن تنطلق حكومة نجيب ميقاتي في المفاوضات من نقطة صعبة جدا في ظل توقف شبه تام لدورة الإنتاج، وانهيار كبير لليرة، وضبابية سياسية تدور في فضاء نظام سياسي لا ينتج إلا أزمات.
وضمن الوقت الضيّق المتاح، تحاول حكومة ميقاتي إعادة صياغة خطة التعافي الاقتصادي بالتعاون مع شركة «لازارد» للاستشارات المالية، من دون وضع إطار زمني لذلك. والمستغرب هو عدم وجود أي أسس للتعامل مع الدين العام الذي فاق 100 مليار دولار، تعود بمعظمها إلى دائنين محليين (المصارف بشكل أساسي) وبعض الدائنين الأجانب (حملة اليوروبوندز).
وبعدما شكلت الحكومة لجنة موسعة للتفاوض مع صندوق النقد، طلب منها الثاني إنجاز خطة للتعافي تبيّن الخطوات المطلوبة بهدف البناء عليها. وفي هذا الصدد، نقلت مصادر عن الصندوق أن الخطة التي وضعتها حكومة حسان دياب جيدة، إلا أن أرقامها تحتاج إلى تحديث، خصوصاً أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار تدهور كثيراً منذ ذلك الحين. لذلك طلبت السلطات اللبنانية من شركة «لازارد» المساعدة في تحديث الخطة.
والأبعد من ذلك، يرى خبراء اقتصاديون لطالما أبدوا معارضتهم للنموذج الاقتصادي الذي اتبع في لبنان على مدى العقود الثلاثة الماضية، انه من دون إعادة النظر في أساسيات الاقتصاد لا يمكن تحقيق تعافٍ حقيقي. وهم يتخوفون في هذا المجال من دخول لبنان في دوامة التفاوض مع صندوق النقد على طريقة الأرجنتين التي لم تستطع الخروج من «لازمة» إعادة جدولة ديونها منذ أكثر من ربع قرن.
*أصل المشكلة
في السياق، انشغل قسم من الرأي العام اللبناني وعدد من الاقتصاديين في الايام الأخيرة في قراءة دراسة طويلة بعنوان «أصل الأزمة في القطاع المصرفي اللبناني» وضعها باللغة الإنجليزية المدير العام السابق لوزارة المال اللبنانية آلان بيفاني (تولى المنصب من العام 2000 إلى العام 2020)، ونشرها معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد الأميركية على موقع الجامعة. وقد شرح بيفاني بإسهاب أسباب الأزمة عائداً إلى تركيبة النظام التي نشأت بعد توقف الحرب عام 1990.
ومما يقوله بيفاني أن النظام الجديد الذي أعقب انتهاء الحرب بدأ فعليا عام 1992، مع تولي الثنائي رفيق الحريري – نبيه بري إدارة دفّة البلاد، الأول عبر رئاسة الحكومة والثاني رئاسة مجلس النواب، متحالفَين مع عدد كبير من السياسيين.
ويعتبر بيفاني أن من أسباب استشراء الفساد أن مجلس النواب تخلى عن دور مراقبة السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة ليتحوّل إلى شريك لها، متهماً بري والرئيس الراحل رفيق الحريري بالشراكة مع آخرين بشلّ السلطة القضائية من خلال تعيين أشخاص محسوبين على الزعماء أو فاسدين في مناصب حساسة، وإبقاء مناصب رقابية أساسية شاغرة.
ويضيف واضع الدراسة أن القوى السياسية المختلفة سعت إلى أخذ حصص من الغنائم ضمن هذه التركيبة فتحولت المعارضة من دور محاسبة الحكومة إلى دور الساعي إلى مكاسب.
ويرى بيفاني أن الفساد السياسي وإيهام الناس أن القطاع المصرفي متين وقوي، ومخالفة حاكم مصرف لبنان القوانين في أكثر من مجال وتوزيعه مليارات الدولارات من الأموال العامة على المصارف تحت عنوان الهندسة المالية، أدت إلى تجويف هيكل الاقتصاد من أهم مقوّماته فانهار على رؤوس الجميع.
ويسهب بيفاني في الحديث عن مصرف لبنان وتدخله من دون قانون أو إذن لإنقاذ بعض المصارف الخاصة من الإفلاس، وربطه سعر الليرة بالدولار من دون أي أساس علمي، وإعطاء الفوائد المرتفعة لجذب الودائع الدولارية من الخارج في غياب أي رؤية لتوفير القدرة على مواصلة سداد الفوائد لمستحقيها…

*المهمة الصعبة
في ظل هذا الواقع الاقتصادي المأزوم وتعطّل وسائل الإنتاج وقضم ودائع الناس في المصارف عبر تحديد سعر لصرف الدولار يقل بنسبة 75 إلى 80% عن سعر السوق الموازية وإفلاس عدد كبير من المؤسسات، سيبدأ لبنان التفاوض الجدي مع صندوق النقد الدولي باعتباره الحل الوحيد الممكن للشروع في الخروج من الأزمة.
ويتفق جميع الخبراء على أن الشرط الأول للصندوق سيكون توحيد سعر صرف الليرة، والثاني ضرورة الاعتراف بالحجم الحقيقي للخسائر التي تكّبدتها المالية العامة. فمن دون هذين المعطيين لا يمكن رسم الملامح الحقيقية للمشكلة بهدف وضع الأسس الضرورية والسليمة للحلّ.
تحقيق الشرط الثاني يتطلب جواباً موحّداً من وزارة المال ومصرف لبنان وجمعية المصارف التي يعتبرها البعض «الحزب» الأقوى لبنان. وهذا ما لم يحصل في جولات تفاوض الحكومة السابقة مع الصندوق فتوقف البحث، وتكبد اللبنانيون مزيداً من الخسائر التي كانوا في غنى عنها. ولعل خطورة الوضع الآن تقنع المعنيين بالاعتراف بالحجم الحقيقي للخسائر من دون أي محاولة تلطيفية أو تجميلية، لأن إخفاء حقيقة المرض سيمنع الطبيب من تقديم العلاج الناجع.
أما الشرط الأول فتحقيقه صعب جداً، خصوصاً أن أيادي خفية تتلاعب بسعر الدولار يوميا عبر منصات تسعير لا أحد يعلم أمكنة وجودها ولا من يديرها، بالإضافة طبعاً إلى الضعف البنيوي للاقتصاد اللبناني.
يبقى القول إن المفاوضات مع صندوق النقد ستفضي – إذا نجحت – إلى أمرين أكيدين: حفظ حقوق الدائنين الأجانب عبر إعادة جدولة دفع سندات اليوروبوندز المستحقة، وتحمّل جهة ما القسط الأكبر من الخسارة… وهنا يأمل اللبنانيون ألا تكون عامة الشعب الخاسر الأكبر، علماً أن المواطنين هم من يدفعون الأثمان الباهظة منذ سنتين.



لبنان


لبنان أخبار



[ad_2]

Source link

Leave a Reply