منبت الكبرياء

منبت الكبرياء

[ad_1]

منبت الكبرياء

سلمان بن حسين الحربيالرياض

مقاربة قراءة العوامل الإقليمية والعالمية في الملحمة السعودية

لـ سلمان بن حسين الحربي

“قرأت مرة في حضرة السلطان (الملك عبد العزيز رحمه الله) ما كُتب فوق بابه:

لسنا وإن كرمت أوائلنا

يوماً على الأنساب نتكلُ

نبني كما كانت أوائلنا

تبني ونفعل مثلما فعلوا

فقاطعني عظمته قائلاً: نحن نبني يا حضرة الأستاذ كما كانت تبني أوائلنا، ولكننا نفعل فوق ما فعلوا”. هكذا روى أمين الريحاني هذا الحديث المملوء حكمة الذي دار بينه وبين الملك عبد العزيز طيب الله ثراه في كتابه الموسوم بملوك العرب. وحقاً صدق عبد العزيز فإن المجد الذي بناه تأسس على مُلْك قديم، وحق راسخ تجاوز مجد الأوائل من أجداده عزة ورفعة. فلقد دعم نهوضه وتعزيز الولاء لأسرته بدبلوماسية السياسي المحنك، ومهارة الاقتصادي الحذق، وقوة المقاتل الصلب.

كيف يمكن لكتابة مقالة أن تصنع مشهدًا بانوراميًّا لتاريخِ عزٍ منيف؟ أن تكتب عن اليوم الوطني وتستدعي تاريخه المجيد؟ هل تستطيع الأبجديات في مختلف لغات العالم التعبير عما يحمله صدر قارئ أو كاتب استوعب عراقة القصة، وأدرك أن نــجــد آل سعود هي منبت الكبرياء؟!

حقيقة لا أستطيع الانفكاك عن محاولة تصور شعور الملك عبد العزيز ورجاله وهم يستردون الرياض عاصمة الدولة السعودية في دورها الثاني، ومنطلق قوة ملك أجداده بعد سقوطها بيد قوات ابن رشيد المدعومة من العثمانيين الأعداء التاريخيين للأسرة السعودية. كم أتمنى حيازة مقدرة تذهب بي بعيداً عبر الزمن لرؤية فرحة الناس آنذاك، وهم يسمعون صيحة المنادي الحكم لله ثم لعبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. ليس من السهولة على كاتب أو مؤلف مهما بلغت براعته الأدبية والفكرية أن يكتب عن أمجاد من سبق من العظماء دون أن يستشعر حالة المواقف التي واجهوها. إن نجاح هذا الكاتب وتميزه يتأتى عندما يُحسن توصيل ما كانوا يشعرون به كما عبّر عن ذلك الفيلسوف الكولمبي نيكولاس دافيلا.

إن استمرارية الملك الرشيد والحكم المتين في البيت السعودي لمدة قاربت قرنها الرابع شكّل معضلة عصية على فهم أولئك الذين استغرقهم الوقت والجهد في قراءة أساليب الحكم وأنظمة الدولة في العالم الغربي، مختطفين الإنسان العربي ابن الجزيرة العربية من محيطه التاريخي والثقافي، متغافلين عن رسوخ مفهوم البيعة في نفوس الناس دينياً واجتماعياً. يُضاف لكل هذا ما قدمه الحكم السعودي عبر تاريخه من فترات أمن ورخاء وضبط للعلاقات البينية بين القبائل والبلدان.

وحينما ظن الأعداء والحاسدون – وكلما ظنوا – أن الدولة السعودية سقطت أو ضعفت فإن راياتها تعود لترتفع أعلى مما مضى، مؤكدة أنها مغروسة بثبات بسواعد أبطال من أئمة وأمراء ورعية، عاهدوا على الولاء وبايعوا على السمع والطاعة. ويتوارث أبناؤهم جيلاً بعد جيل هذا المفهوم لا يحيدون عنه، مفتخرين بمآثر حكامهم، معتزّين بمشاركة أجدادهم تحت الراية السعودية في تشييد هذا البلد.

في يوم ذكرى التوحيد، نسترجع بتأمل قصة منبت الكـبـريـــــــــــــاء:

في أوائل شهر جمادى الأولى من سنة 1233ه اهتزت بلدة الدرعية من دوي انفجارات قذائف مدفعية الجنود الفرنسيين المشاركين في جيش إبراهيم باشا، أطلقها تجاه طلائع الجيش السعودي المدافع عن الدولة في موقع يسمى (العلب) تحديداُ شمال الدرعية، والتي اشتبكت ببسالة مع جنود المعتدين في أول قتال معهم أعلن عن قوة صمود المدافعين أمام وحشية القوة العددية والمتطورة تسليحياً لمرسول الآستانة الألباني. فتعالت تكبيرات السعوديين لتزعزع خليط القوة العثمانية في حملة إبراهيم باشا وهي الحملة الثانية الكبرى على الجزيرة العربية لمحاربة الدولة السعودية الناشئة.

تعبت الدرعية من حصار امتد لستة أشهر وقصف بالمدافع لا يكاد ينقطع؛ فاتخذ إمامها عبد الله بن سعود قراره بالاستسلام حفاظاً على حياة سكان بلدته، وحاضرة دولته، فاتفق الطرفان على أن تبقى دور الدرعية ومزارعها فلا تهدم، وأن يُنقل الإمام إلى الآستانة عبر مصر. غير أن الأوامر التركية من الآستانة كانت صريحة بتخريب الدرعية وقطع نخيلها وهدم لبنيانها، وقتلوا كثيراً من أسرى الحرب من أمرائها وعلمائها متوهمين أن هذا الفعل سيقضي على السعوديين ودولتهم في جهل منهم واضح لطبيعة أبناء الجزيرة العربية وشموخ الرايات السعودية التي تأبى الانكسار وإن بدت أنها تهاوت!

يروي المؤرخ الفرنسي مانجان حواراً دار بين الإمام عبد الله وإبراهيم باشا بعد استسلام الأول، فيقول: إن إبراهيم باشا قال في صلف للإمام: كيف وجدت قوتنا؟

ليجيبه الإمام: أنت قوي يا إبراهيم، وأبوك محمد علي أقوى منك، والسلطان محمود أقوى منكما، ولكن الله أقوى منكم جميعاً!

لقد تعاقب على حكم الدولة السعودية الأولى أربعة أئمة، هم الإمام محمد بن سعود، ثم خلفه بعد وفاته ابنه عبد العزيز بن محمد الذي اغتيل في مسجده بالدرعية، ليتولى الحكم ابنه سعود، ويخلفه بعد وفاته ابنه عبد الله آخر أئمة الدولة الأولى. هؤلاء الأئمة الأمراء أرسوا الدعائم الرئيسة لحكم آل سعود، وبلغت سلطة الدولة إبان حكمهم أوسع مدى جغرافي لها. ومما يخلط فيه الكثيرون هو اعتقادهم بأن ميثاق الدرعية المشهور سنة (1157ه – 1744م) كان هو عمود الارتكاز لحكام الدرعية وبداية حكمهم السياسي، في قصور منهم بالقراءة التاريخية لأساس الدولة وقاعدتها. إن حكم الإمام محمد بن سعود للدرعية وبروز قوته في المنطقة سبق قدوم الإمام محمد بن عبد الوهاب بعشرين سنة. كانت الدرعية تعيش استقراراً داخلياً وتُعد نداً قوياً للإمارات الأخرى. وبالتالي فإن ميثاق الدرعية – على ما له من أهمية كبيرة – قد يوصف على أنه كان تنظيماً وتأطيراً لغاية عظيمة احتملتها أسرة آل سعود الكريمة. فهذه القابلية الجلية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بنية مجتمع الدرعية حاكماً ورعية الذي أبدى ابتهاجه بهذه الدولة الناشئة؛ تشير بوضوح إلى استشعار حقيقي من سكان هذه البلدة لضرورة نشوء كيان سياسي قادر على بسط الأمن والاستقرار في المنطقة الصغيرة حولهم على الأقل، وهم الذين شاهدوا مركزية وقوة للدول والإمارات في مناطق أخرى من الجزيرة، وحنّوا إلى ماض عريق في التاريخ الإسلامي أمنّت فيه الدولة الإسلامية هذه الأراضي والسبل إليها. بالرغم من إدراكهم أن استقبال الشيخ وحمايته يعني استعدادهم للمخاطر المترتبة على ذلك، فلجوء الشيخ إلى الدرعية بعد تركه للعيينة مجبوراً بضغط سياسي كبير من حاكم الأحساء آنذاك سليمان بن محمد آل حميد قد يوتر العلاقات المتوترة أصلاً بين الدرعية والأحساء.

وبنظرة للأوضاع خارج الجزيرة العربية ومعرفة حال الدولة الفتية بين دول الإقليم والعالم، فقد سبقت نشأة الدولة السعودية الأولى وتمددها معاهدة باريس سنة 1783م التي أعلنت الاستقلال الأمريكي بما يقرب من 40 سنة. وفي الجوار العربي كان العراق يعيش أوضاعًا سياسية متقلبة تحت مغالبة المماليك العراقيين يُقتل حاكم ليحل آخر محله! وأما سوريا وأقطار بلاد الشام الأخرى فكانت عثمانية بامتياز. وحينما كانت خيول الفرنسيين تدنس الجامع الأزهر بالقاهرة في عام 1800م والذي بلغ صدى ما اقترفوه من فظائع الجزيرة العربية ووصفها عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ المصري الذي عاصر فترة الحملة الفرنسية على مصر بقوله: “دخلوا إلى الجامع الأزهر راكبين الخيول، وبينهم المشاة كالوعول، وتفرقوا بصحنه ومقصورته، وربطوا خيولهم بقبلته”، كانت الدولة السعودية الأولى قوة ذات اعتبار في الجزيرة العربية، لها ولاءاتها وينضوي تحت لوائها عدد من القبائل والبلدان، وتجاوزت بجيوشها منطقة نجد لتقترب من تخوم مناطق وبلدان عرفت الاستقلال السياسي أو هي مرتبطة سياسياً بقوى أكبر.

هذه الانتصارات السياسية للدولة السعودية والتي جاءت في ظل تأرجح بموازين القوى العالمية والإقليمية؛ هي التي دعت الباب العالي في الآستانة مدفوعاً بمخاوف نتائج هذه الانتصارات على ولاءاته في المنطقة، وخصوصاً بعد ضم الحجاز لهذه الدولة إلى توجيه محمد علي باشا بتسيير حملات تقضي على الدولة الأولى.

إن نكث الصلح – بأمر من محمد علي – الذي تم بين ابنه طوسون باشا قائد الحملة الأولى والإمام عبد الله، ومن ثم سقوط الدرعية كما تصفها كتب المؤرخين، أوقد في قلوب أبناء الجزيرة ممن أظلتهم الراية السعودية ناراً تتأجج في الصدور رغبة في الانتقام وإعادة المجد من جديد. وما كان ذلك ليحصل إلا لرسوخ وإيمان تعزز في وجدان المجتمع بجدارة هذه الأسرة في الحكم وقدرتها على إدارته، فما لبث أن اشتعل لهيب المقاومة يقودها الإمام تركي بن عبد الله، ليطرد الغازي ويبني دولته السعودية الثانية بالرياض ويُخرج المعتدين من نجد في عام 1240ه ويستهل السنة الجديدة بمبايعة بلدان نجد كلها له، ولان لهيبته رؤساء القبائل كما ذكر ابن بشر في تاريخه. يقول المستشرق الألماني بروكلمان في كتابة “تاريخ الشعوب الإسلامية”: “إن الحكم الأجنبي لم تطل مدته في نجد؛ فقد التف الناس مرة أخرى حول ممثل أسرتهم المالكة تركي، ابن عم عبد الله.. وقد أسس دولة جديدة جرّت على المعتدين متاعب كثيرة”.

أحصنت نجد عقب ما هي.. تطرا

مصيونة .. عن حر لفح المذاري

ونزلتها غصب.. بخير.. وشرا

وجمعت شمل.. بالقرايا وقاري

والشرع فيها.. قد مشى واستمرا

ويقرا بنا درس الضحى.. كل قاري

وكما والده انتهج الإمام فيصل سياسة رشيدة، وتعامل بحنكة مع مستجدات الوضع الإقليمي والمتغيرات الدولية التي صاحبت فترة حكمه، والتطورات في الإمبراطورية العثمانية، والتي كانت تأتي أخبارها من الموانئ الشرقية لدولته، وكذلك من الساحل الغربي؛ فعلى سبيل المثال كانت الصراعات بين القوى العظمى الثلاث مستعرة: بريطانيا وفرنسا وروسيا، فتتحالف حيناً وتتحارب حيناً. فاجتمعت مصالحهم وتحالفوا لمساندة حركة الاستقلال اليوناني ضد العثمانيين، كما ألحقت هذه القوى هزيمة كبرى بالأسطول العثماني، وفي الحرب الروسية العثمانية توالت خسائر العثمانيين لأراضي إمبراطوريتهم والتي آلت إلى توقيع معاهدة أدرنة المذلة للباب العالي، وما لبثت أن اندلعت حرب محمد علي باشا مع العثمانيين حول سوريا والتي انتهت بهزيمة العثمانيين، ووقعت الجزائر بيد الاحتلال الفرنسي، وانفردت بريطانيا بسباق القوى العظمى لتصبح القوة العظمى الأولى بالعالم!

كل تلك الأحداث ساهمت مع براعة قراءة الإمام فيصل لها في توسيع مملكته والحفاظ على مكتسباته بالرغم من محاولة محمد علي باشا من إعادة بسط النفوذ على الدولة، وإن كان بطريقة أخرى تختلف عن حملاته على الدولة السعودية الأولى. فواقع الحال قد شاهده وأدرك بأن ولاء معظم سكان الجزيرة العربية وخصوصاً في منطقة نجد هو لآل سعود، وأن الإرادة الشعبية تشكل عنصر دفع ذاتي للقيادة السعودية.

وبعد معارك مع تلك الحملة رأى الإمام فيصل أن الانسحاب من عاصمته الرياض يعد خياراً استراتيجياً تبعاً للظروف الراهنة، لينتهي بذلك حكم فترته الأولى. إلا أن هذه الحال لم تستقم للحملة الغازية كما خطط له محمد علي باشا. ليعود بعد ذلك الإمام فيصل بن تركي إلى الرياض منصوراً وحاكماً للدولة السعودية الثانية فيما سمي فترة حكمه الثانية والتي استمرت لاثنتين وعشرين سنة، استتبّ فيها الأمن وعادت الحياة لطبيعتها الهادئة. وعند وفاته رحمه الله ضعفت الدولة وعاشت تجاذبات ونزاعات أضعفتها ليتداول الحكم بين أبنائه ويصل في نهاية المطاف إلى ابنه الإمام عبد الرحمن بن فيصل بعد أخيه عبد الله الذي لم يكن جيشه في موقف عسكري جيد مما أدى إلى سقوط الرياض تحت حكم حليف الأتراك في الجزيرة العربية محمد بن رشيد سنة 1309ه.

يا هل التوحيد والدين العزيز حدثونا .. ووصفوا عبد العزيز

إن عظمة ملحمة توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله تتجاوز البعد العسكري لتشمل بعداً سياسياً رفيع الشأن، فهم متطلبات المرحلة وأوضاع البيئتين الإقليمية والدولية. وقدّر أن معيار القوة الشاملة يتحدد بما يملكه من إمكانات بشرية عسكرية، وظروف اقتصادية حسنة، وإرادة سياسية صادقة. وقد أشار إلى ذلك الدكتور ديفيد كمنز في أحد كتبه حيث قال: إن الملك عبد العزيز بعد أن استعاد الرياض في عام 1902م أطلق حملة عسكرية ودبلوماسية ليشكّل اليوم المملكة العربية السعودية.

ولا يخفى على القارئ الحصيف لأحداث توحيد البلاد التي قام بها الملك عبد العزيز سعة معرفة ذلك القائد الفذ، وكبير حكمته، وسرعان ما يرى من خلال ربط تاريخي أن الإمام لم يغفل عن تداعيات العالم من حوله. فرغم أحقية وخيرية مساعيه لاسترداد ملك آبائه إلا أنه لم يرد أن يكرر أخطاء غيره، وأن يقع ضحية سوء تقدير لعدو أو صديق.

لا مراء في أن معركة استرداد الرياض في الخامس من شوال سنة 1319ه سجلت تميزاً استراتيجياً للملك عبد العزيز في قراءة التوتر الذي حصل بين الدولة العثمانية وبريطانيا أثناء محاولة ابن رشيد حليف العثمانيين غزو الكويت! وبالتالي فإن المساعدة العثمانية لابن رشيد في أضعف حالاتها فكانت معركة الرياض معركة خاطفة ومفاجئة لقوات ابن رشيد العسكرية. لقد استبشر أهل الرياض ونجد كافة لعودة آل سعود، فانطلق رحمه الله يجمع شتات جنوبي نجد ثم الوشم وسدير ولتأتي معركة توحيد القصيم في البكيرية والشنانة سنة 1322ه الموافق لسنة 1904م لتكون من أهم نتائجها الشقاق بين العثمانيين وحليفهم ابن رشيد فضعف موقف ابن رشيد. واستقرأ رحمه الله الأحداث المتسارعة في الإمبراطورية العثمانية وتفكك صناعة القرار في حكومة السلطان عبد الحميد الثاني، ودخول القومية التركية بقوة داخل التفكير السياسي، وحروب البلقان. كل هذه الأحداث وغيرها أضعفت من السيادة العثمانية على أقاليمها فكانت فرصة لاسترداد الملك عبد العزيز للأحساء المنفذ الشرقي الرئيس للدولة السعودية في حقبها الأولى.

وربما يكون خير مثال على فهم التأثيرات الخارجية في فكر الملك عبد العزيز رحمه الله هو ما رواه حافظ إبراهيم في كتابه “خمسون عاماً في جزيرة العرب” عندما تقدم الملك عبد العزيز إلى الحجاز في عام 1924م جاءته الأخبار بأن حكومة العمال سقطت في بريطانيا وقيام المحافظين بتأليف حكومة جديدة، فتساءل الملك عبد العزيز عما إذا كان للحكومة الجديدة تأثير على موقفه وتقدمه للسيطرة على كامل الحجاز؟ وهو قد ضم الطائف لملكه ودخل أتباعه مكة المكرمة ولم يتبقَّ للأشراف سوى جدة التي تزيدها أهمية تواجد قنصليات الدول الكبرى فيها. هذا التساؤل في ذلك الزمن إنما يدلل على العبقرية السياسية لرجل بدوي من نجد يدرك أن توسع مملكته لا يمكن أن يكون بمعزل عن القوى العالمية.

ليأتي الحلم الوطني ويصدر الملك عبد العزيز في 17 جمادى الأولى عام 1351ه الأمر الملكي الآتي تحت رقم “2716”: بعد الاعتماد على الله، وبناء على ما رفع من برقيات من كافة رعايانا في مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، ونزولاً على رغبة الرأي العام في بلادنا، وحباً في توحيد أجزاء المملكة العربية؛ أمرنا بما هو آت:

المادة الأولى: تحول اسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” إلى اسم “المملكة العربية السعودية”، ويصبح لقبنا بعد الآن “ملك المملكة العربية السعودية”.

لتعم الاحتفالات أرجاء المملكة ويستبشر الوطن والمواطن بمستقبل مشرق للبلاد، تحت ظل قيادة حكيمة ترعى مصالحه وتسعى لصالحه، ويتعاقب على حكم البلاد بعد وفاته رحمه الله أبناء بررة أوفياء للمجد التليد، حتى استلم الحكم الملك سلمان بن عبد العزيز والذي تمت مبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية في 3 ربيع الثاني 1436هـ الموافق 23 يناير 2015م. لينطلق مع عهده المبارك نهضة سعودية جديدة على كافة الأصعدة، وتتجاوز فيها الدولة تحت قيادته كثيرًا من التحديات العالمية والإقليمية. ويدشن حفظه الله رؤية ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان المملكة 2030م التي تسعى المملكة من خلالها إلى تأكيد مكانتها العالمية الرفيعة، وتحفظ مقدرات الوطن للمواطن.

يروي أمين الريحاني في مذكرات رحلته لنجد في بداية العقد الثالث من القرن العشرين بعدما قابل الملك عبد العزيز لأول مرة: “ها قد قابلت أمراء العرب كلهم فما وجدت فيهم أكبر من هذا الرجل، لستُ مجازفاً أو مبالغاً فيما أقول، فهو حقاً كبير: كبير في مصافحته، وفي ابتسامته، وفي كلامه، وفي نظراته.. لا يخشى أحداً من الناس، ويثق بعد الله بنفسه، إن الرجل فيه أكبر من السلطان، وقد ساد قومه ولا شك بالمكارم لا بالألقاب”.

حفظ الله المملكة العربية السعودية تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.

وأعاد الله علينا أيامنا الوطنية والقيادة والمواطن والوطن ينعمون بأفضل حال، لتبقى بلادي منار الأمم.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply