على الوالدين تقبل المراهق واحتواء اضطراباته لاستقامة

على الوالدين تقبل المراهق واحتواء اضطراباته لاستقامة

[ad_1]

قال إن فترة المراهقة فرصة ذهبية لتطوير المواهب والعادات الاجتماعية والعاطفية

المراهقة من أهم المراحل التي يمر بها الأبناء وأصعبها على الإطلاق، إذ تعتبر فترة تكوينية فريدة، حيث تظهر فيها تغيرات بدنية وعاطفية واجتماعية متعددة على الشاب أو الفتاة، وقد اختلف المختصون في تحديد عمر المراهقة، إلا أن منظمة الصحة العالمية قد حددت الفترة بالعمر بين العاشرة والتاسعة عشرة.

وعلى الصعيد العالمي، يعد الاكتئاب رابع الأسباب الرئيسة المؤدية إلى المرض والعجز في صفوف المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة، ويشكل القلق تاسع الأسباب، وقد تؤثر الاضطرابات العاطفية بشكل كبير على أداء المراهق في مجالات محددة، مثل عمله والمواظبة في المدرسة، وقد يؤدي الابتعاد عن المجتمع إلى تفاقم العزلة والوحدة، ويمكن أن يؤدي الاكتئاب في أسوأ حالاته إلى الانتحار.

ويعد الانتحار ثالث الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الوفاة في صفوف المراهقين الأكبر سناً (الفئة العمرية 15-19 سنة)، وعوامل الخطر المؤدية إلى الانتحار متعددة الأوجه، وتتراوح بين التعاطي والإفراط فيه، والتعرض إلى إساءة المعاملة في مرحلة الطفولة، والوصم الذي يمنع من التماس المساعدة، والعقبات التي تعيق الحصول على الرعاية والوسائل التي يحتاجون إليها.

ويُشكل التواصل بخصوص السلوك الانتحاري عبر وسائط الإعلام الرقمية مصدر قلق حديث العهد لهذه الفئة العمرية، مثل ما ظهر عبر بعض الألعاب، مثل: “الحوت الأزرق”، وغيرها.

ويتعامل المجتمع في كثير من الحالات -وفي مقدمته الأسرة- بنوع مع الاستهانة مع احتياجات ومتطلبات المراهق، بالإضافة إلى حالته النفسية والمزاجية وتغيراته الجسمية، وكل هذا يترك أثره البالغ في حالته النفسية ويؤثر على مستقبله وقبوله لنفسه وتعامله مع الآخرين، والخطر الأكبر أن هذه الأخطاء تبعده عن محيطه وأسرته وتجعله أقل استجابةً لنصائحهم وطلباً لمساعدتهم.

ويجب على المجتمع وخاصة الدائرة القريبة من المراهق المتمثلة في الأسرة والمعلمين ومن يثق فيهم، أن يتفهموا تغيراته ويتقبلوها، وأن يتعاملوا معها بإيجابية، ويغمروا الشاب أو الفتاة بالمزيد من العاطفة الإيجابية؛ لتكون طوق نجاة له مع أي أفكار سلبية أو هدامة.

ومن بين العوامل التي يمكن أن تسهم في الإصابة بالإجهاد النفسي خلال فترة المراهقة، الرغبة في الحصول على قدر أكبر من الاستقلالية والضغط المفروض من أجل التوافق مع الأقران وزيادة فرص الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها.

وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور ميسرة طاهر أستاذ الصحة النفسية والعلاج النفسي بقسم علم النفس في جامعة الملك عبد العزيز، على أهمية تقبل الأبوين للمراهق لما يحققه لديه من أمن نفسي، ويشعره أن الأرض التي يتحرك عليها أرض صلبة، وأن له سنداً ورصيداً كبيراً من المحبة والتأييد.

ويشير الدكتور طاهر، إلى أن هذا التقبل هو أفضل الحوافز للعمل والنجاح، كما أنه أفضل السبل لتعديل السلوك، إذ مع رغبة المراهق القوية في الاستقلال عن الأبوين ـ وهذا ما يريد أن يقوله المراهقون حين يصرخون في وجوه الآباء والأمهات ـ إلا أنهم حريصون كذلك على الشعور بالأمن الذي يلعب التقبل أحد أسسه، وبالتالي فإن التقبل السلاح الأمثل لاستقامة السلوك والتطبيع الاجتماعي.

ويُبيِّن أن المشاعر المكبوتة خلال فترة الطفولة بسبب العقاب والحرمان تظهر في مرحلة المراهقة في صورة تنفيس موجَّه ضد جهات ومصادر غير مصادرها الأصلية، لذا يمكن تفسير نقد المراهق الشديد لأشياء كثيرة مثل نقده لأثاث المنزل ولباس أبويه وطريقة إعداد الطعام ونوعه ونمط حياة الوالدين.

ويوضح أن الكبت يؤدي أحياناً إلى تهيب بعض المراهقين من إظهار مشاعرهم العدوانية تجاه آبائهم، وبالتالي ربما شعروا بالذنب مما يجعلهم يتجنبون مواجهتهم أو السخط على أنفسهم لسبب لا يعرفونه، أو البحث عن مبررات قد لا تُقنعهم في كثير من الأحيان، وحين يصل المراهق إلى هذه المرحلة نجده يميل أحياناً إلى معاقبة نفسه؛ حيث تتجه الكراهية نحو ذاته باعتبارها جاحدة وعنيفة مع من هم سبب وجوده في هذه الدنيا ما يتسبب عنه شعور بالنقص والتفاهة، وهنا يلعب تقبل الأبوين دوره المميز في إزالة أو تخفيف هذه المشاعر المؤلمة.

وبالرغم مما تمثله هذه الفترة من تقلبات وتغيرات، إلا أنها فرصة ذهبية لتطوير المواهب والعادات الاجتماعية والعاطفية المهمة للسلامة النفسية، مثل اتباع أنماط نوم صحية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتطوير مهارات التكيّف مع الأوضاع وحل المشاكل ومهارات التعامل مع الآخرين، وتعلم كيفية إدارة العواطف، وتعتبر البيئات الداعمة داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع بنطاقه الأوسع مهمة أيضاً للوصول إلى ذلك.

وللقدرة على مساعدة ودعم الشاب أو الفتاة خلال فترة المراهقة يجب على الوالدين والأسرة إدراك أنها فترة طبيعتها الاضطراب بشكل عام، منها الاضطرابات العاطفية ومن صورها الاكتئاب والقلق، وسرعة الانفعال أو الإحباط أو الغضب، وتصل في بعض الأحيان إلى التفكير في الانتحار وإيذاء الذات.

وقد تظهر أيضاً لدى المراهقين الأصغر سناً أعراض ذات طبيعة بدنية ناجمة عن أسباب نفسية، مثل: الآلام في المعدة، أو الصداع، أو الغثيان، كما تظهر اضطرابات الأكل عادة خلال مرحلتيْ المراهقة ورشد الشباب، وتصيب الإناث أكثر من الذكور، وتتميز بسلوكيات أكل ضارة، مثل: الحد من السعرات الحرارية، أو نهم الطعام، وهي سلوكيات مضرّة بالصحة، وغالباً ما تتعايش مع الاكتئاب أو القلق.

وفي أواخر مرحلة المراهقة أو بداية مرحلة البلوغ تظهر أحياناً اعتلالات تنطوي على أعراض “الذهان”، ومن أعراضها الهلوسة أو الوُهام، ويمكن أن تضعف قدرة المراهق على المشاركة في الحياة اليومية والتعلم، وغالباً ما تتسبب في الوصم أو انتهاكات بحقه، ويجب ألا يترك فريسة لها بل يتم دعمه في ذلك.

ويكون المراهق أكثر ميلاً لسلوكيات المجازفة التي تُشكل خطراً على الصحة، مثل: تعاطي المخدرات، أو السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وقد يكون لها أثر وخيم على السلامة النفسية والبدنية للمراهق.

أخصائي نفسي: على الوالدين تقبل المراهق واحتواء اضطراباته لاستقامة سلوكه


سبق

المراهقة من أهم المراحل التي يمر بها الأبناء وأصعبها على الإطلاق، إذ تعتبر فترة تكوينية فريدة، حيث تظهر فيها تغيرات بدنية وعاطفية واجتماعية متعددة على الشاب أو الفتاة، وقد اختلف المختصون في تحديد عمر المراهقة، إلا أن منظمة الصحة العالمية قد حددت الفترة بالعمر بين العاشرة والتاسعة عشرة.

وعلى الصعيد العالمي، يعد الاكتئاب رابع الأسباب الرئيسة المؤدية إلى المرض والعجز في صفوف المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة، ويشكل القلق تاسع الأسباب، وقد تؤثر الاضطرابات العاطفية بشكل كبير على أداء المراهق في مجالات محددة، مثل عمله والمواظبة في المدرسة، وقد يؤدي الابتعاد عن المجتمع إلى تفاقم العزلة والوحدة، ويمكن أن يؤدي الاكتئاب في أسوأ حالاته إلى الانتحار.

ويعد الانتحار ثالث الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الوفاة في صفوف المراهقين الأكبر سناً (الفئة العمرية 15-19 سنة)، وعوامل الخطر المؤدية إلى الانتحار متعددة الأوجه، وتتراوح بين التعاطي والإفراط فيه، والتعرض إلى إساءة المعاملة في مرحلة الطفولة، والوصم الذي يمنع من التماس المساعدة، والعقبات التي تعيق الحصول على الرعاية والوسائل التي يحتاجون إليها.

ويُشكل التواصل بخصوص السلوك الانتحاري عبر وسائط الإعلام الرقمية مصدر قلق حديث العهد لهذه الفئة العمرية، مثل ما ظهر عبر بعض الألعاب، مثل: “الحوت الأزرق”، وغيرها.

ويتعامل المجتمع في كثير من الحالات -وفي مقدمته الأسرة- بنوع مع الاستهانة مع احتياجات ومتطلبات المراهق، بالإضافة إلى حالته النفسية والمزاجية وتغيراته الجسمية، وكل هذا يترك أثره البالغ في حالته النفسية ويؤثر على مستقبله وقبوله لنفسه وتعامله مع الآخرين، والخطر الأكبر أن هذه الأخطاء تبعده عن محيطه وأسرته وتجعله أقل استجابةً لنصائحهم وطلباً لمساعدتهم.

ويجب على المجتمع وخاصة الدائرة القريبة من المراهق المتمثلة في الأسرة والمعلمين ومن يثق فيهم، أن يتفهموا تغيراته ويتقبلوها، وأن يتعاملوا معها بإيجابية، ويغمروا الشاب أو الفتاة بالمزيد من العاطفة الإيجابية؛ لتكون طوق نجاة له مع أي أفكار سلبية أو هدامة.

ومن بين العوامل التي يمكن أن تسهم في الإصابة بالإجهاد النفسي خلال فترة المراهقة، الرغبة في الحصول على قدر أكبر من الاستقلالية والضغط المفروض من أجل التوافق مع الأقران وزيادة فرص الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها.

وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور ميسرة طاهر أستاذ الصحة النفسية والعلاج النفسي بقسم علم النفس في جامعة الملك عبد العزيز، على أهمية تقبل الأبوين للمراهق لما يحققه لديه من أمن نفسي، ويشعره أن الأرض التي يتحرك عليها أرض صلبة، وأن له سنداً ورصيداً كبيراً من المحبة والتأييد.

ويشير الدكتور طاهر، إلى أن هذا التقبل هو أفضل الحوافز للعمل والنجاح، كما أنه أفضل السبل لتعديل السلوك، إذ مع رغبة المراهق القوية في الاستقلال عن الأبوين ـ وهذا ما يريد أن يقوله المراهقون حين يصرخون في وجوه الآباء والأمهات ـ إلا أنهم حريصون كذلك على الشعور بالأمن الذي يلعب التقبل أحد أسسه، وبالتالي فإن التقبل السلاح الأمثل لاستقامة السلوك والتطبيع الاجتماعي.

ويُبيِّن أن المشاعر المكبوتة خلال فترة الطفولة بسبب العقاب والحرمان تظهر في مرحلة المراهقة في صورة تنفيس موجَّه ضد جهات ومصادر غير مصادرها الأصلية، لذا يمكن تفسير نقد المراهق الشديد لأشياء كثيرة مثل نقده لأثاث المنزل ولباس أبويه وطريقة إعداد الطعام ونوعه ونمط حياة الوالدين.

ويوضح أن الكبت يؤدي أحياناً إلى تهيب بعض المراهقين من إظهار مشاعرهم العدوانية تجاه آبائهم، وبالتالي ربما شعروا بالذنب مما يجعلهم يتجنبون مواجهتهم أو السخط على أنفسهم لسبب لا يعرفونه، أو البحث عن مبررات قد لا تُقنعهم في كثير من الأحيان، وحين يصل المراهق إلى هذه المرحلة نجده يميل أحياناً إلى معاقبة نفسه؛ حيث تتجه الكراهية نحو ذاته باعتبارها جاحدة وعنيفة مع من هم سبب وجوده في هذه الدنيا ما يتسبب عنه شعور بالنقص والتفاهة، وهنا يلعب تقبل الأبوين دوره المميز في إزالة أو تخفيف هذه المشاعر المؤلمة.

وبالرغم مما تمثله هذه الفترة من تقلبات وتغيرات، إلا أنها فرصة ذهبية لتطوير المواهب والعادات الاجتماعية والعاطفية المهمة للسلامة النفسية، مثل اتباع أنماط نوم صحية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتطوير مهارات التكيّف مع الأوضاع وحل المشاكل ومهارات التعامل مع الآخرين، وتعلم كيفية إدارة العواطف، وتعتبر البيئات الداعمة داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع بنطاقه الأوسع مهمة أيضاً للوصول إلى ذلك.

وللقدرة على مساعدة ودعم الشاب أو الفتاة خلال فترة المراهقة يجب على الوالدين والأسرة إدراك أنها فترة طبيعتها الاضطراب بشكل عام، منها الاضطرابات العاطفية ومن صورها الاكتئاب والقلق، وسرعة الانفعال أو الإحباط أو الغضب، وتصل في بعض الأحيان إلى التفكير في الانتحار وإيذاء الذات.

وقد تظهر أيضاً لدى المراهقين الأصغر سناً أعراض ذات طبيعة بدنية ناجمة عن أسباب نفسية، مثل: الآلام في المعدة، أو الصداع، أو الغثيان، كما تظهر اضطرابات الأكل عادة خلال مرحلتيْ المراهقة ورشد الشباب، وتصيب الإناث أكثر من الذكور، وتتميز بسلوكيات أكل ضارة، مثل: الحد من السعرات الحرارية، أو نهم الطعام، وهي سلوكيات مضرّة بالصحة، وغالباً ما تتعايش مع الاكتئاب أو القلق.

وفي أواخر مرحلة المراهقة أو بداية مرحلة البلوغ تظهر أحياناً اعتلالات تنطوي على أعراض “الذهان”، ومن أعراضها الهلوسة أو الوُهام، ويمكن أن تضعف قدرة المراهق على المشاركة في الحياة اليومية والتعلم، وغالباً ما تتسبب في الوصم أو انتهاكات بحقه، ويجب ألا يترك فريسة لها بل يتم دعمه في ذلك.

ويكون المراهق أكثر ميلاً لسلوكيات المجازفة التي تُشكل خطراً على الصحة، مثل: تعاطي المخدرات، أو السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وقد يكون لها أثر وخيم على السلامة النفسية والبدنية للمراهق.

24 نوفمبر 2020 – 9 ربيع الآخر 1442

10:51 PM


قال إن فترة المراهقة فرصة ذهبية لتطوير المواهب والعادات الاجتماعية والعاطفية

المراهقة من أهم المراحل التي يمر بها الأبناء وأصعبها على الإطلاق، إذ تعتبر فترة تكوينية فريدة، حيث تظهر فيها تغيرات بدنية وعاطفية واجتماعية متعددة على الشاب أو الفتاة، وقد اختلف المختصون في تحديد عمر المراهقة، إلا أن منظمة الصحة العالمية قد حددت الفترة بالعمر بين العاشرة والتاسعة عشرة.

وعلى الصعيد العالمي، يعد الاكتئاب رابع الأسباب الرئيسة المؤدية إلى المرض والعجز في صفوف المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة، ويشكل القلق تاسع الأسباب، وقد تؤثر الاضطرابات العاطفية بشكل كبير على أداء المراهق في مجالات محددة، مثل عمله والمواظبة في المدرسة، وقد يؤدي الابتعاد عن المجتمع إلى تفاقم العزلة والوحدة، ويمكن أن يؤدي الاكتئاب في أسوأ حالاته إلى الانتحار.

ويعد الانتحار ثالث الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الوفاة في صفوف المراهقين الأكبر سناً (الفئة العمرية 15-19 سنة)، وعوامل الخطر المؤدية إلى الانتحار متعددة الأوجه، وتتراوح بين التعاطي والإفراط فيه، والتعرض إلى إساءة المعاملة في مرحلة الطفولة، والوصم الذي يمنع من التماس المساعدة، والعقبات التي تعيق الحصول على الرعاية والوسائل التي يحتاجون إليها.

ويُشكل التواصل بخصوص السلوك الانتحاري عبر وسائط الإعلام الرقمية مصدر قلق حديث العهد لهذه الفئة العمرية، مثل ما ظهر عبر بعض الألعاب، مثل: “الحوت الأزرق”، وغيرها.

ويتعامل المجتمع في كثير من الحالات -وفي مقدمته الأسرة- بنوع مع الاستهانة مع احتياجات ومتطلبات المراهق، بالإضافة إلى حالته النفسية والمزاجية وتغيراته الجسمية، وكل هذا يترك أثره البالغ في حالته النفسية ويؤثر على مستقبله وقبوله لنفسه وتعامله مع الآخرين، والخطر الأكبر أن هذه الأخطاء تبعده عن محيطه وأسرته وتجعله أقل استجابةً لنصائحهم وطلباً لمساعدتهم.

ويجب على المجتمع وخاصة الدائرة القريبة من المراهق المتمثلة في الأسرة والمعلمين ومن يثق فيهم، أن يتفهموا تغيراته ويتقبلوها، وأن يتعاملوا معها بإيجابية، ويغمروا الشاب أو الفتاة بالمزيد من العاطفة الإيجابية؛ لتكون طوق نجاة له مع أي أفكار سلبية أو هدامة.

ومن بين العوامل التي يمكن أن تسهم في الإصابة بالإجهاد النفسي خلال فترة المراهقة، الرغبة في الحصول على قدر أكبر من الاستقلالية والضغط المفروض من أجل التوافق مع الأقران وزيادة فرص الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها.

وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور ميسرة طاهر أستاذ الصحة النفسية والعلاج النفسي بقسم علم النفس في جامعة الملك عبد العزيز، على أهمية تقبل الأبوين للمراهق لما يحققه لديه من أمن نفسي، ويشعره أن الأرض التي يتحرك عليها أرض صلبة، وأن له سنداً ورصيداً كبيراً من المحبة والتأييد.

ويشير الدكتور طاهر، إلى أن هذا التقبل هو أفضل الحوافز للعمل والنجاح، كما أنه أفضل السبل لتعديل السلوك، إذ مع رغبة المراهق القوية في الاستقلال عن الأبوين ـ وهذا ما يريد أن يقوله المراهقون حين يصرخون في وجوه الآباء والأمهات ـ إلا أنهم حريصون كذلك على الشعور بالأمن الذي يلعب التقبل أحد أسسه، وبالتالي فإن التقبل السلاح الأمثل لاستقامة السلوك والتطبيع الاجتماعي.

ويُبيِّن أن المشاعر المكبوتة خلال فترة الطفولة بسبب العقاب والحرمان تظهر في مرحلة المراهقة في صورة تنفيس موجَّه ضد جهات ومصادر غير مصادرها الأصلية، لذا يمكن تفسير نقد المراهق الشديد لأشياء كثيرة مثل نقده لأثاث المنزل ولباس أبويه وطريقة إعداد الطعام ونوعه ونمط حياة الوالدين.

ويوضح أن الكبت يؤدي أحياناً إلى تهيب بعض المراهقين من إظهار مشاعرهم العدوانية تجاه آبائهم، وبالتالي ربما شعروا بالذنب مما يجعلهم يتجنبون مواجهتهم أو السخط على أنفسهم لسبب لا يعرفونه، أو البحث عن مبررات قد لا تُقنعهم في كثير من الأحيان، وحين يصل المراهق إلى هذه المرحلة نجده يميل أحياناً إلى معاقبة نفسه؛ حيث تتجه الكراهية نحو ذاته باعتبارها جاحدة وعنيفة مع من هم سبب وجوده في هذه الدنيا ما يتسبب عنه شعور بالنقص والتفاهة، وهنا يلعب تقبل الأبوين دوره المميز في إزالة أو تخفيف هذه المشاعر المؤلمة.

وبالرغم مما تمثله هذه الفترة من تقلبات وتغيرات، إلا أنها فرصة ذهبية لتطوير المواهب والعادات الاجتماعية والعاطفية المهمة للسلامة النفسية، مثل اتباع أنماط نوم صحية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتطوير مهارات التكيّف مع الأوضاع وحل المشاكل ومهارات التعامل مع الآخرين، وتعلم كيفية إدارة العواطف، وتعتبر البيئات الداعمة داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع بنطاقه الأوسع مهمة أيضاً للوصول إلى ذلك.

وللقدرة على مساعدة ودعم الشاب أو الفتاة خلال فترة المراهقة يجب على الوالدين والأسرة إدراك أنها فترة طبيعتها الاضطراب بشكل عام، منها الاضطرابات العاطفية ومن صورها الاكتئاب والقلق، وسرعة الانفعال أو الإحباط أو الغضب، وتصل في بعض الأحيان إلى التفكير في الانتحار وإيذاء الذات.

وقد تظهر أيضاً لدى المراهقين الأصغر سناً أعراض ذات طبيعة بدنية ناجمة عن أسباب نفسية، مثل: الآلام في المعدة، أو الصداع، أو الغثيان، كما تظهر اضطرابات الأكل عادة خلال مرحلتيْ المراهقة ورشد الشباب، وتصيب الإناث أكثر من الذكور، وتتميز بسلوكيات أكل ضارة، مثل: الحد من السعرات الحرارية، أو نهم الطعام، وهي سلوكيات مضرّة بالصحة، وغالباً ما تتعايش مع الاكتئاب أو القلق.

وفي أواخر مرحلة المراهقة أو بداية مرحلة البلوغ تظهر أحياناً اعتلالات تنطوي على أعراض “الذهان”، ومن أعراضها الهلوسة أو الوُهام، ويمكن أن تضعف قدرة المراهق على المشاركة في الحياة اليومية والتعلم، وغالباً ما تتسبب في الوصم أو انتهاكات بحقه، ويجب ألا يترك فريسة لها بل يتم دعمه في ذلك.

ويكون المراهق أكثر ميلاً لسلوكيات المجازفة التي تُشكل خطراً على الصحة، مثل: تعاطي المخدرات، أو السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وقد يكون لها أثر وخيم على السلامة النفسية والبدنية للمراهق.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply