[ad_1]
مكافحة الفساد.. حان دورك!!
بعزم لا يلين، وإرادة لا تفتر، تواصل السعودية السير في طريق محاربة الفساد، وتتمسك باقتلاع هذه الآفة من جذورها، وتعمل بجد على استئصالها، وجلب مَن يقفون وراءها إلى منصات العدالة، بغض النظر عن اعتباراتهم الشخصية أو الوظيفية، في تأكيد جديد للمقولة الشهيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بأن سيف العدالة سوف يطول كل مفسد (كائنًا مَن كان)، وتشديد ولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان، على أن كل مَن اقترف جريمة الفساد المالي أو الإداري (لن ينجو بفعلته).
فخلال الأسبوع الماضي أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد إيقاف مجموعة من كبار الضباط والمسؤولين في عدد من الأجهزة العسكرية والأمنية والمدنية بتهم الرشوة، والفساد، واستغلال النفوذ، وتبديد المال العام، والإخلال بواجباتهم الوظيفة؛ وهو ما يشير بوضوح إلى استمرار البحث عن الفساد في مرافق الدولة كافة. وحمل البيان الذي أصدرته الهيئة العديد من الإشارات التي يتوجب الوقوف عندها، واستجلاء معانيها، وأخذ العبرة منها؛ لأنها توضح أن مهمة إحقاق الحق وإقرار العدالة مستمرة بالقوة نفسها التي بدأت بها، بل اكتسبت زخمًا جديدًا.
أول ما يمكن ملاحظته أنه لا يوجد مَن هو أكبر من المساءلة، أو فوق القانون، مهما كانت وظيفته أو جهة عمله؛ فمعظم مَن تم توقيفهم يحملون رُتبًا رفيعة، ويعملون في قطاعات أمنية حساسة، كان البعض يظن أنها بعيدة عن المراجعة والتدقيق، وهو الاعتقاد الذي ثبت بيانًا بالعمل عدم صحته، وأن الجميع داخل دائرة المساءلة، وفي مرمى العدالة.
حتى الذين يعملون داخل الهيئة نفسها يخضعون للمتابعة والمراقبة، وتم توقيف بعضهم بتهم الفساد.
ومما يمكن قراءته كذلك من بيان الهيئة أنه بمثل ما يتم التركيز على قضايا الفساد الكبيرة فإن المفسدين (الصغار) لن يتم غض الطرف عنهم؛ وستتم محاسبتهم.
كذلك كان لافتًا أن بعض القضايا يعود تاريخها إلى سنين طويلة، وترتبط بأشخاص أُحيلوا إلى التقاعد، لكن قضايا الفساد كما تقول القاعدة القانونية الشهيرة (لا تسقط بالتقادم)؛ لذلك لا بد لهم أن يدفعوا جزاء ما اقترفت أياديهم من سوء بحق هذا الوطن الذي قدّم لهم الكثير، ورفعهم إلى أعلى المناصب، فردوا جميل صنيعه سوءًا ومفسدة.
ربما يعتقد البعض أن الفساد الإداري ليس مثل الفساد المالي، لكن الحقيقة أنه أكثر سوءًا وأشد ضررًا بالأوطان؛ لأنه المدخل الأول لاختلاس الأموال وسرقتها، ونهب الممتلكات العامة، ويوفر الحماية للصوص، ويداري سوءاتهم، ويتيح لهم الأجواء، وقد يوقف إجراءات ملاحقتهم أو محاكمتهم.
كذلك فإن الضرر الذي يُحدثه يمس حياة المواطنين بصورة مباشرة، ويحرمهم من حقوقهم؛ فكم من وظيفة ضاعت على شاب جدير بها بعد أن قضى سنين طوالاً وهو يعمل على تطوير نفسه وقدراته، لكنَّ مسؤولاً مات ضميره حوَّلها إلى أحد أقاربه. وكم من حديقة كانت متنفسًا للأهالي تحولت في غفلة إلى ملكية خاصة، وشُيّدت عليها عمارة سكنية أو مركز تجاري.
وحتى تنجح هذه المهمة المباركة لا ينبغي أن ننظر إلى محاربة الفساد على أنها واجب الحكومة، بل حان دور كل مواطن ومقيم للتعاون مع الجهات المعنية، والإبلاغ عن الفاسدين، والتجاوب مع جهود الهيئة؛ فلن يتحقق النجاح المنشود إلا إذا تحول الأمر إلى ثقافة مجتمعية، يشارك بها الجميع، ولاسيما في ظل وجود المرسوم الملكي الكريم الذي يوفر الحماية لكل مَن يبلّغ عن وجود حالة فساد في موقع عمله، ويمنع تعرضه لأي إجراءات انتقامية.
بهذه الجهود المتواصلة يحق للمواطن التأكد أن نبتة الفساد الشيطانية لن تجد أرضًا في بلادنا، وأن المسيرة مستمرة لضبط الذين لم يستوعبوا الدرس بعد، ولم يحسنوا استيعاب مفردات العصر الحالي، ويظنون أن بإمكانهم الإفلات من المساءلة والجزاء.
وستجني بلادنا خيرًا وفيرًا من ذلك، أولها تعزيز مناخ الشفافية والحوكمة الذي هو من أبرز متطلبات الاستثمار الأجنبي، وأول الشروط لتحسين سمعة البورصات وأسواق المال؛ لتتحول بلادنا إلى قِبلة لمن يبحثون عن الملاذات الآمنة لتشغيل أموالهم.
وكما انتصرت بلادنا -بفضل الله- على آفة الإرهاب فسوف تقضي على الوجه الآخر للشر، المتمثل في الفساد بكل أشكاله؛ فهو يقف حجر عثرة أمام نجاح الجهود التنموية؛ لأنه يؤدي إلى حالة من فقدان الثقة، ويحرم المواطن من خيرات بلاده التي تستأثر بها لنفسها أقلية فاقدة للمسؤولية دون وجه حق.
فإن لم تكن هناك عدالة اجتماعية فكل الجهود التي تُبذل سوف تضيع سدى، ولن يكون لها انعكاس على أرض الواقع.
[ad_2]
Source link