الضبع لـ «عكاظ»: «السوشيال ميديا» فصلت الشعوب عن مرتكزاتها! – أخبار السعودية

الضبع لـ «عكاظ»: «السوشيال ميديا» فصلت الشعوب عن مرتكزاتها! – أخبار السعودية

[ad_1]

يلاحظ الأستاذ الجامعي والناقد الأدبي الدكتور محمود الضبع أنّ مؤشرات القراءة في العالم العربي متراجعة قياساً بشعوب كثيرة من العالم، إضافة إلى ضعف المحتوى العربي إجمالاً على الإنترنت، كما يرى أنّ الإبداع والوعي لا بد أن يرتبطا بالتجريب، وأنّ الحرية لا يمكن ممارستها إلاّ بامتلاك الوعي والعلم.

ولا يخفي الدكتور الضبع تخوفه من السوشيال ميديا التي تسعى -كما يقول- إلى فصل الشعوب عن مرتكزاتها وأسسها وتشكيكهم في تراثهم وقدرته على الإسهام الحضاري المعاصر، ويضيف أنّ لدينا قصوراً في تعليم مهارات الباحث العلمي وفي دعم مخصصات البحث العلمي أيضاً.

ويؤكد بصفته ناقداً أنّ لدينا أدعياء كثيرين في النقد، وأنّه ضد الجوائز الأدبية؛ لأنها تتحكم في المقروئية، إذ يسعى الكتّاب للكتابة على مقاس الجائزة وتوجهاتها، إضافة إلى أنّ هناك جوائز لا تضع معايير واضحة وعلمية للتحكيم… فإلى نصّ الحوار:

• دعنا نبدأ من الشباب في الوطن العربي.. كيف ترى علاقتهم بالقراءة؟

•• عند مطالعة مؤشرات القراءة العالمية، سنلاحظ تراجع حجم القراءة إجمالاً في الوطن العربي قياساً بشعوب كثيرة من العالم، سواء في القراءة من خلال الوسيط الورقي، أو عبر الوسائط الرقمية المعاصرة، إضافة لذلك جميعه فإن حجم المحتوى العربي إجمالا على الإنترنت لا يزيد على 3.5% من إجمالي المحتوى العالمي، قياساً إلى المحتوى الإنجليزي الذي يتجاوز 51%، وهذا مؤشر على القراءة والكتابة والإنتاج المعرفي إجمالا في وطننا العربي.

• هل أنت ضد التجريب وحرية الإبداع؟

•• نقاشاتي وأطروحاتي في هذا الشأن واضحة جدّاً، وتسعى لرصد الحدود الفاصلة بين الحدود الدنيا لمتطلبات الإبداع والوعي بالتجريب وآلياته، فهناك أسس إن لم يستطع الإبداع أن يحققها فإنه يخرج من دائرة الإبداع ذاتها (مثل الأدبية واللا أدبية مثلاً)، فما الحدود الفاصلة -على سبيل المثال- بين الحكاية العادية والرواية أو القصة بالمفهوم الفني؟ وما العناصر التي يمكن التجريب فيها على مستوى بنية العمل الإبداعي؟، وهل يمكن -مثلاً- التجريب في القصة بإلغاء اللغة وتحويلها إلى إشارات ورموز؟… أليست هناك حدود للتجريب ينبغي أن تكون منطلقة من أسس ووعي بتقنيات الإبداع ذاتها..

معنى ذلك أن التجريب في حد ذاته مشروع، لكني أرفض التجريب غير المحتكم إلى وعي، والمنطلق من المجانية بدعوي حرية الإبداع.. فالحرية لا يستطيع أن يمارسها إلا من يمتلك الوعي والعلم التام بأسس وقواعد الإبداع.

• لماذا يتخذ كثيرون -كما تقول- موقفاً من التراث؟

•• الموقف السلبي لمعظم العرب من تراثهم ناتج عن أسباب متعددة، منها: توجهات ما بعد الاستعمار التي درستها مؤلفات عديدة في الغرب والشرق، إذ سعت هذه التوجهات بعد انتهاء مرحلة الاستعمار العسكري في الربع الأول من القرن العشرين إلى فرض هيمنة الثقافة الغربية بديلاً عن العربية، وهو ما أكملته وتكمله توجهات الإعلام البديل والسوشيال ميديا التي تسعى إلى فصل الشعوب عن مرتكزاتها وأسسها وتشكيكهم في قدرة تراثهم على الإسهام الحضاري المعاصر، وهو الحادث من حولنا الآن.

وهناك سبب آخر يخص الأمم العربية ذاتها داخليا، وهو عدم الاهتمام بهذا التراث في مؤسسات التعليم، وعدم الاشتغال عليه بتنقيته وتهذيبه من كثير مما لحق به عبر العصور طوال هذا التاريخ، وبالتالي إعادة إنتاجه بما يتناسب وحاضرنا الآن، وهو تراث يحمل الكثير بداخله مما يمكن إعادة إنتاجه.

• هل يعاني البحث العلمي من قلة الدعم في عالمنا العربي؟

•• نعم، فمراجعة مخصصات البحث العلمي من ميزانيات الدول العربية تشير إلى ذلك بوضوح، وخصوصاً عند مقارنتها بدول أخرى تضع البحث العلمي في أولوياتها، وتدرك أن نتائج بحث واحد يمكن أن تحقق عوائد لا تستطيع دول عديدة أن تحققها في سنوات، ويكفي في ذلك تأمل حجم التطور في كل شيء من حولنا بدءاً من تطوير الهواتف المحمولة، ومروراً بتطوير الأجهزة والبرمجيات من حولنا، فكل ذلك كان نتاج أبحاث علمية تم الإنفاق عليها من قبل مؤسسات ودول وحكومات.

• لديك رؤية خاصة بمفهومنا للتاريخ.. حدثنا عن هذا المفهوم.

•• تاريخنا العربي في إجماله اهتم برصد الحركات الكبرى في تحولات البلد، ونظم الحكم، والأحوال الاقتصادية، والحروب.. إلخ، وغاب عن معظمه التاريخ الاجتماعي والثقافي والفكري، فلم نجد -مثلاً- في القرون الأخيرة موسوعات مثل نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري، ولم نجد -مثلاً- رصداً لتحولات الثقافة والفكر لدى المجتمعات العربية عبر عصورها، ولم نجد رصداً لتحولات عادات وتقاليد الشعوب؛ ولذا فإن مفهومي عن التاريخ متسع، يشمل كل ما ينتجه البشر وما يفكرون فيه، وليس فقط نظم السياسة والاقتصاد والحكم.

• هل ترى أنّ لدينا قصوراً في تعليم مهارات البحث العلمي؟

•• نعم، لدينا قصور بلا شك، وليس أدل على ذلك من مراجعة مؤسساتنا التعليمية الجامعية وقبل الجامعية، للوقوف على امتلاك الأساتذة والباحثين لمهارات البحث العلمي، ومنهجياته المتنوعة، ومن المعروف تاريخياً أن الفارق بين التفكير العلمي والتفكير الخرافي يكمن في امتلاك مهارات البحث العلمي.

• هل الثقافة رفاه وترف؟

•• هذا ما تتصوره حكومات ومؤسسات العالم العربي، أما رؤيتي فترى الثقافة فعل إنتاج، وقوة قادرة على تحويل وتحريك الشعوب وإعادة بنائها، وليس أدل على ذلك من دور الفنون والآداب في تغيير وعي الشعوب، وهذا ما اعتمدته هوليود في إنتاجها السينمائي، وما انتبهت إليه الهند منذ سنوات بتأسيس «بوليود»، وما أدركته اليابان باختراع «الأنمي»، وما تدركه الصين الآن من اعتماد على الغزو الثقافي للعالم كله.

• هل لدينا بالفعل أدعياء في النقد؟

•• نعم، لدينا أدعياء في النقد، تصوروا أن النقد مجرد احتفاء بعمل أدبي أو فني والبحث فيه عن أي منطقة إيجابية للحديث عنها أو الكتابة الإعلامية، دون أدنى إشارة لنواقص أو سلبيات العمل، وهذا ما يمكن تسميته النقد الاحتفائي الذي ساد وطغى، وجعل أجيالاً بأكملها تفهم أن النقد هو هذا.

• هل أنت ضد الجوائز الأدبية؟

•• تحديدا أنا ضد تحكم الجوائز الأدبية في المقروئية، بمعنى أن يسعى الكتّاب للكتابة على مقاس الجائزة وتوجهاتها سعياً لأن تضعهم الجائزة في دائرة الضوء، ومن جانب آخر ضد الجوائز التي لا تضع معايير واضحة وعلمية للتحكيم وإنما تحتكم إلى ذوق المحكمين (لجنة التحكيم)، وهو ما يمكن رصده في ملاحظة ما حدث في فن الرواية عبر السنوات الأخيرة، عندما توجهت لجان التحكيم لتفويز موضوع بعينه، فسادت الكتابة العربية عليه، ووجدنا مئات الروايات في هذا الاتجاه… وهو ما أسميه إفساد الإبداع العربي.

• هل الناقد الجاد في خطر؟

•• نعم، الناقد الجاد في خطر؛ لأنه في ظل هيمنة السوشيال ميديا، وثقافة الاحتفاء، والنقد المجامل، فإن الناقد الجاد عندما يبدي رأيه في رداءة عمل إبداعي أو فني، فإنه سيتعرض للهجوم الشديد، خصوصاً من عينة الكتاب الصحفيين والإعلاميين، الذين يمتلكون منابر، ولم يجدوا من يقول لهم إن ما تكتبونه رديئاً، فتصوروا أنهم من كبار المبدعين، وعندما يأتي ناقد جاد لينتقد رداءة أعمالهم، فإنه سيتعرض لهجوم ولن يجد من المجتمعات من يؤيده.

• ما معيارك الحقيقي للأكاديمي المثقف؟

•• الدور الثقافي هو المعيار، فالأكاديمي الذي ينحصر دوره في نقل المعرفة إلى طلابه، والأكاديمي الذي ينغلق داخل تخصصه، والأكاديمي الذي لا يشارك في قضايا عصره الفكرية والثقافية ويرصد تحولات العلم والمعرفة في وطنه قياساً إلى العالم، كل ذلك لا يجعله مثقفاً، وإنما هو أكاديمي معلم فقط.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply