[ad_1]
نجاة رشدي، المنسقة المقيمة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية، تحدثت مع أخبار الأمم المتحدة حول كيفية تعامل البلد مع الأزمة خلال الأشهر الـ 12 الماضية وما يخبئه المستقبل لأبنائه.
“عندما مزق الانفجاران المدمران مرفأ بيروت، كان قد مضى على تسلُمي منصبي الجديد كمنسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان ثلاثة أيام فقط”.
ولا تزال أصداء هذين الانفجارين تدوي رغم مرور عام عليها. وتسعى البلاد جاهدة لإيجاد طريق للخروج من مأساة طالت كل شخص.
فقد زادت تداعيات الرابع من آب/أغسطس المدمرة حجم المعاناة في لبنان الذي كان يترنح أصلا تحت ثقل اضطرابات شعبية ومصاعب اقتصادية ومالية، وفقر متزايد، وبطالة تفاقمت بسبب مأزق سياسي وارتفاع عدد حالات كـوفيد-19.
بعد مرور عام على هذه المأساة، تتعمق المشقة ويتزايد الإحباط. التقيتُ بالعديد من اللبنانيين الذين عبروا عن أصوات ووجوه الحرمان والشدائد التي يعيشها الكثيرون في هذا البلد.
أشخاص مثل رجل يُدعى يوسف (59 عاما) الذي أصبح مشردا بلا مأوى، يحلم في منزل بسقف يحميه، وباب يغلقه ليلا؛ وكاثي (15 عاما) التي لديها رغبة بسيطة وهي اقتناء هاتف محمول كي تواصل تعلمها عن بُعد.
أو المعلمة ميرنا (50 عاما) التي كانت لديها وظيفة تعيل من خلالها أسرتها، الآن ليس بمقدورها تأمين وجبة واحدة في اليوم، وتضطر لطلب المساعدة. قالت لي ميرنا والدموع تسيل من عينيها ’لقد سلبوني كرامتي‘.
الوضع يزداد سوءا “يوما بعد يوم”
من الواضح بالنسبة لي أن وضع الأشخاص العاديين في لبنان يزداد سوءا يوما بعد يوم.
وحاليا، تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من مليون لبناني (في لبنان 8 ملايين نسمة، من بينهم أكثر من مليوني لاجئ ومهاجر) يحتاجون إلى مساعدة إغاثية لتغطية احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الوصول إلى الطعام والصحة والتعليم والمياه.
وعلاوة على ذلك، يعيش تسعة من بين 10 لاجئين في فقر مدقع، وهي زيادة من 55 في المائة عن العام الماضي. ويقول ما يزيد على نصف المهاجرين في لبنان إنهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية، وعدد مماثل من المهاجرين أبلغ عن البطالة (وقد فقد معظمهم عمله خلال الربع الأخير من عام 2020).
لبنان الذي كان من وقت ليس ببعيد بلدا بدخل متوسط إلى مرتفع، يواجه الآن على الأرجح أسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخه الحديث. أكثر من نصف سكانه يعيشون في فقر. ربما ليس من المفاجئ أن الكثير من الأشخاص فقدوا الثقة في قادتهم ومؤسساتهم.
دعم لمستقبل أكثر إشراقا
ورغم النظرة القاتمة، أعتقد، كالكثيرين من اللبنانيين، أن البلد يتمتع بإمكانيات قوية من أجل مستقبل أكثر إشراقا. في أعقاب الانفجارين مباشرة، استجابت الأمم المتحدة وشركاؤها بسرعة وحسم لإنقاذ الأرواح وتقديم المساعدة الطارئة للمتضررين.
وتلقى النداء الأممي العاجل المنَسق 167 مليون دولار ، ويعد أحد أفضل النداءات الممولة في عام 2020.
وتم تقديم الدعم للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية لمواصلة الخدمات الأساسية، بما في ذلك ما يتعلق بكوفيد-19؛ وتم تقييم الأضرار التي لحقت بالمنازل وتوزيع مجموعات المأوى في حالات الطوارئ لضمان السلامة والحماية الفورية؛ وإعادة توصيلات المياه، بما في ذلك المضخات والخزانات؛ كما تم توزيع مستلزمات النظافة ومستلزمات الأطفال بالإضافة إلى طرود غذائية عينية، وتم توفير خدمات الحماية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي والصحة النفسية؛ والموارد المخصصة لجهود إزالة الأنقاض.
كما بدأت الإصلاحات الأساسية للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والمدارس والمساكن، بينما تحول المجتمع الإنساني نحو المساعدة النقدية متعددة الغايات لدعم الانتعاش وسبل العيش والأسواق المحلية.
من ناحية التعافي، طورت الأمم المتحدة، جنبا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وبالتشاور مع أصحاب المصلحة المعنيين، إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار المعروف بـ 3RF، وهو برنامج يركز على الناس، ويرتكز على المشاركة والإدماج والعدالة الاجتماعية.
إنه لأجل الناس، والناس يستفيدون منه. وهو يتوخى طريقة عمل جديدة رائدة تعتمد على الشراكات التي تجمع بين الرئاسة والحكومة والبرلمان والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشركاء الدوليين، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والأمم المتحدة، لضمان إعادة بناء الأصول والخدمات والبنية التحتية الحيوية من أجل الوصول المتساوي إلى الخدمات الأساسية عالية الجودة، وكذلك تنفيذ الإصلاحات الرئيسية.
وتشمل أولوياته وبرامجه واستثماراته التطلعية الإدماج الاجتماعي والحماية، وإعادة تأهيل المساكن والتراث الثقافي، والخدمات البلدية والبيئية، واستعادة الأعمال.
وبالفعل، تلقى آلاف الأشخاص مساعدة قانونية للتعامل مع الدعاوى الناشئة عن الانفجارين. وتم تحديث العديد من المباني العامة بتقنيات خضراء وتلقت المرافق الصحية معدات طبية بالغة الأهمية. وتمت إعادة بناء العديد من المدارس والمرافق الطبية أو إعادة تأهيلها جزئيا. بهذه الطريقة، يبدأ لبنان عملية طويلة وشاقة لإعادة البناء بشكل أفضل.
“المساعدة الطارئة ليست الحل”
لكن يجب أن يتزامن تعافي لبنان أيضا مع الإصلاح. المساعدة في حالات الطوارئ ليست هي الحل.
من المؤسف أن قادة لبنان لم يتمكنوا من الوصول إلى اتفاق على تشكيل حكومة جديدة خلال الأشهر العشرة الماضية، الأمر الذي أخّر الإصلاحات الهيكلية المطلوبة بشكل عاجل لمواجهة التحديات العديدة التي تواجه البلاد.
هذه لحظة حاسمة في تاريخ لبنان. إن الحجم والعمق والأبعاد المشتركة للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية التي تواجه لبنان لم يسبق لها مثيل وتشكل تحديات متزايدة أمام الأمم المتحدة لتنفيذ ولايتها.
لكن في نهاية المطاف، تقع مسؤولية تجنب الانهيار الكامل للبنان على عاتق قادته بالدرجة الأولى.
الأمم المتحدة تقف إلى جانب لبنان
للأسف بعد مرور عام على وصولي إلى لبنان، والانفجارين اللذين هزا بيروت بعد ذلك بوقت قصير، يستمر الوضع في التدهور. تعمل الأمم المتحدة على تطوير خطة استجابة للطوارئ مدتها 12 شهرا توضح الاستجابات الجماعية ذات الأولوية للاحتياجات الإنسانية الحرجة للبنانيين والمهاجرين الأكثر ضعفا والمتضررين من الوضع؛ وتكمّل الدعم المقدم بالفعل للاجئين والمجتمعات المضيفة.
هذا ليس حلا. إنه يهدف إلى الربط والتحضير للانتقال نحو الحلول لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة، والتي لن تتأتى إلا من خلال الإصلاحات الهيكلية والتدخلات الإنمائية الشاملة والمستدامة بقيادة الحكومة، بما في ذلك تنفيذ استراتيجية حماية اجتماعية شاملة وكاملة بقيادة الحكومة.
لقد ألهمتني روح الشباب اللبناني وتضامنه وشجاعته. وستواصل الأمم المتحدة الوقوف إلى جانب لبنان في سيره على طريق التعافي وتحقيق إمكاناته في نهاية المطاف. ورأس المال الأكبر هو رأس المال البشري، ويمكن للبنان أن يعتمد على نسائه ورجاله.
أولئك الذين تعهدوا بعدم مغادرة البلاد رغم الوضع، وأولئك الذين يستخدمون إبداعاتهم وريادتهم والتزامهم ببناء لبنان أفضل. هؤلاء هم أفضل أمل للبنان.”
المنسق المقيم للأمم المتحدة
المنسق المقيم هو أعلى مرتبة في نظام الأمم المتحدة الإنمائي على المستوى القطري.
تدعو أخبار الأمم المتحدة المنسقين المقيمين إلى التدوين الإلكتروني حول القضايا المهمة للأمم المتحدة والبلدان التي يخدمون فيها.
[ad_2]
Source link