“السعي” قصته مع إبراهيم وإسماعيل وهاجر.. “مسعى وعلمان وصفا ومروة”

“السعي” قصته مع إبراهيم وإسماعيل وهاجر.. “مسعى وعلمان وصفا ومروة”

[ad_1]

الصفا والمروة عند قريش والعرب.. أسباب التسمية والاختلاف.. وعناية ملوك السعودية بها

يعلم الجميع أن السعي بين الصفا والمروة واجب على جميع الحجاج والمعتمرين؛ إذ هو ركن من أركان الحج والعمرة، يؤديه الحاج والمعتمر بعد الطواف بالكعبة المشرفة، علماً بأن الحاج يؤديه سواء أكان متمتعاً، وقارناً، ومفرداً، لكن في حق المتمتع يلزمه سعي ثان للحج، إذ إن سعيه الأول يكون للعمرة، أما القارن والمفرد فليس عليه إلا سعي واحد، إن سعاه قبل يوم عرفة مع طواف القدوم؛ أجزأه، وإلا سعاه مع طواف الإفاضة، بعد يوم عرفة.

ولمشروعية السعي أصل واقتداء، حيث إن له تاريخ مع النبي إبراهيم وزوجته هاجر وابنه إسماعيل عليهم السلام، لذا يضع البعض عدداً من التساؤلات من بينها: ما هو السعي؟ وما صفته؟ وما معنى الصفا والمروة؟ وماهيتهما وموقعهما؟ وما سبب تسميتهما؟ وما معنى المسعى والعلمان الأخضران؟

كما يتساءل البعض عن سبب اختلاف المؤرخين في طول وعرض المسعى؟ وما أهم التوسعات للمسعى عبر التاريخ؟ وعناية ملوك الدولة السعودية به؟ كل هذا وغيره من التساؤلات تجيب عليها “سبق” في هذا التقرير.

أصل السعي.. وعلاقته بإبراهيم وإسماعيل وهاجر

يعود أول ذكر للسعي بين الصفا والمروة إلى النبي إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجته هاجر عليهم الصلاة والسلام، والقصة التي يعرفها الجميع حول ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنها إسماعيل، وعندما أخبرها أنه أمر من الله ردّت عليه بأن الله لن يضيعهما، وعندما نفد منها الماء ظلت تسعى بين الصفا والمروة سبع مرات، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذلك سعي الناس بينهما”.

الصفا والمروة.. عند قريش والعرب وموقف الإسلام منها

كان على جبلي الصفا والمروة صنمان إساف ونائلة، وكان الجاهليون يمسحونهما، وكان طوافهم بهما سبعة أشواط، وكانت تقوم بذلك قريش فقط، أما غيرهم من العرب فلا يطوفون بهما، فيما كانت الصفا والمروة من المواضع التي كان لها أثر كبير في عبادة أهل مكة.

ولما قدم الأنصار مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحج، كرهوا الطواف بين الصفا والمروة؛ لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية، وأرادوا تركه في الإسلام، ومما ورد أن بعض الصحابة قالوا: يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة، فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية”. (إذ كان أهل الجاهلية إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوا الوثَنَين، فلما جاء الإسلام وكُسرت الأصنام، كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين) فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.

الصفا والمروة.. ماهيتهما وموقعهما

الصفا جبل صغير يقع أسفل جبل أبي قبيس من الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها نحو 130 متراً، وهو مبتدأ السعي، أما المروة فهو أيضاً جبل صغير من الحجر الأبيض، يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها 300 متر، وهو متصل بجبل قعيقعان، وإليه ينتهي السعي، وكان الصفا والمروة أكمة وسط مكة، تحيط بها بيوت أهل مكة والتي منها دار الأرقم ودار السائب بن أبي السائب العائذي وغيرهما.

وكان الصفا والمروة والمسعى يقعان خارج المسجد الحرام، ولم يكن لهم بناء يخصهم، وظل الحال على ما هو عليه حتى عام 1375 هـ، حيث قطع جبل الصفا للفصل عن جبل أبي قبيس، وأبقي على بعض الصخرات في نهايته علامة على موضع المشعر، وكذلك فعل بالنسبة لجبل المروة، وتم لأول مرة بناء المسعى، وضُمَّ للمسجد الحرام وأصبح جزءًا منه.

سبب التسمية

سميت الأكمة أو الجبل بالصفا جمع صفاة؛ لأن الصفا والصفوان والصفواء هو الحجر العريض الأملس، أو الصخرة الملساء القوية المختلطة بالحصى والرمل، قال الأزهري: الصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد”، وقال ابن الأثير : الصفا أحد جبلي المسعى”.

كما سميت المروة مفرد المرو، لأجل الحجارة البيض، الصلبة البراقة الموجودة فيها، أو لأجل الصخر القوي المتعرج وهو الأبيض الصلب.

صفة نسك السعي بين الصفا والمروة

إذا أراد الحاج أو المعتمر السعي يتوجب عليهما البدء من الصفا ويستحب أن يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، ثم يرقى على الصفا، ويسن أن يستقبل الكعبة ويرفع يديه ويحمدَ الله ويدعو بما شاء أن يدعو، وكان النبي يدعو في هذا الموضع: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده”، وكان يكررها ثلاث مرات ويدعو بعدها. ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشيًا حتى يصل إلى العمود الأخضر ( الانارة الخضراء ) ، فإذا وصله أسرع إسراعًا شديدًا بقدر ما يستطيع إن تيسر له بلا أذية أحد ، حتى يصل العمود الأخضر الثاني، ثم يمشي على عادته حتى يصل المروة، فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل من المروة إلى الصفا يمشي في موضع مشيه، ويسرع في موضع العلمين، فيصعد على الصفا ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول مثل ما قال أول مرة، يكرر هذا سبعة أشواط يبدأ من الصفا وينتهي في المروة، والصعود على جبلي الصفا والمروة، والركض الشديد بين العلمين الأخضرين كلها سنة وليست بواجبة.

ولا يشرع التنفل بالسعي بين الصفا والمروة، وإنما هو مشروع للحاج أو المعتمر مرة واحدة، ولم يسعى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد طواف نفل أبداً، وإنما سعى في عمرته بعد طواف العمرة، وفي حجته بعد طواف القدوم على قول من قال إنه كان مفرداً، كما سعى بعد طواف الإفاضة.

السعي.. والمسعى

السعي في اللغة من سعى يسعى سعيًا، أي عدا، وسعى في مشيه أي هرول، والسعي في الشرع هو قطع المسافة الكائنة بين الصفا والمروة سبع مرات ذهابًا وإيابًا بعد طواف نسك حج أو عمرة، أما المسعى: فهو الطريق الذي يقع فيه المسعى، قال المباركفوري: المسعى مكان السعي وهو بطن الوادي.

العلمان والسعي الشديد بينهما

يستحب للساعي بين الصفا والمروة، السعي الشديد بين العلمين، والعلمان: وتسمى الميلان. مثنى علم وهو العلامة، وهما الميلان الأخضران اللذان يقعان في فناء المسجد الحرام.

ووضع العلم الأخضر تم في أواخر القرن الأول الهجري، حيث كان الناس في صدر الإسلام يعرفون موضع هرولة النبي والصحابة من بعده، فلما ماتوا رأوا أن يضعوا موضعها علامة للدلالة عليها، حتى لا يحدث اختلاف، فوضعوا العلمين الأخضرين.

وفي التوسعات الأخيرة للمسعى تم استبدال العلمين بمصابيح إنارة، باللون الأخضر، لترى واضحة وترى من بعيد، ولعل الحكمة من السعي الشديد بين العلمين، هو الإقتداء بهاجر زوجة ابراهيم الخليل، الذي كان فعلها أصل مشروعية السعي.

سبب اختلاف المؤلفين في طول وعرض المسعى

المتتبع لكلام العلماء والمؤرخين في حديثهم عن تحديد عرض المسعى وطوله يجد اختلافًا بينهم في ذلك، ويرجع سبب الاختلاف بحسب أقوال المؤرخين إلى أن المسعى عبارة عن وادي بين جبل الصفا وجبل المروة والوادي يضيق أحيانًا ويتسع أحيانًا، كما أن الاختلاف في تحديد طول المسعى يرجع لنقطة بداية المقياس فبعضهم يقيس المسافة من أعلى الجبل والبعض يقيس المسافة من أسفل الجبل، إضافة إلى أن هناك سبب آخر للاختلاف وهو اختلاف العلماء في المقاييس.

طول وعرض المسعى

كان من أوائل من تحدثوا بالتفصيل عن حدود المسعى والمسافة التي تفصل الصفا والمروة عن بقية أجزاء المسجد الحرام، المؤرخ محمد بن عبد الله الأزرقي (ت: 250 هـ) والذي أكد أن طول المسعى 766.5 ذراعاً وعرض المسعى 35.5 ذراعاً وإذا كان الذراع 48 سم، فيكون طول المسعى عند الأزرقي 367.68 مترًا وعرضه 17 متراً ، كما كان تحديد الإمام محمد بن إسحاق الفاكهي (ت: 280 هـ) لعرض المسعى قريباً من تحديد الأزرقي؛ حيث حدده بخمسة وثلاثين ذرعًا واثنا عشر إصبعًا”.

بينما يرى المؤرخ أحمد بن فضل الله العمري أن ما بين الصفا والمروة سبعمائة وثمانون ذراعًا أي أن طول المسعى عند العمري 374.40 مترًا، بفارق 7 أمتار عن الأزرقي، أما المؤرخون المتأخرون فأغلبهم يرى أن عرض المسعى يتراوح بين 10 أمتار و12 متراً ، وكانت آخر الأقوال في تحديد عرض المسعى قول اللجنة الشرعية التي كلفت في عهد مفتي المملكة محمد بن إبراهيم آل الشيخ والذي حددت عرض المسعى بـ16 مترًا.

المسعى عبر التاريخ.. والعناية به

قبل النبي إبراهيم عليه السلام لم يكن بين جبل الصفا وجبل المروة بيوت ولا منازل، بل كانا جبلين بينهما وادي فيه حجارة وصخور بل مكة المكرمة لم تبدأ فيها أي مظاهر للحياة إلا عندما أسكن نبي الله إبراهيم زوجته هاجر وابنه إسماعيل، حيث جاورتهم قبيلة جرهم فيما بعد فأخذت ملامح الحياة تظهر وتنمو. بعد أن رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت وجرت إصلاحات بسيطة في مواضع سكنى الناس.

وفي العصر الجاهلي أمر قصي بن كلاب قومه أن يبنوا بيوتهم حول الكعبة وبنى هو دار الندوة في الجانب الشمالي.

وفي عهد النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن في المسعى دور كثيرة، إذ يوجد بيوت قليلة بنيت في عرضه، ثم كثرت وتعددت بعد ذلك.

وفي عهد الخلفاء الراشدين كان أول من أمر بتجديد وتوسعة المسجد الحرام الخليفة عمر بن الخطاب، وفي عهد التابعين ازداد عدد سكان مكة والقادمين إليها، فبدأت توسعة المسجد الحرام في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتمت إضاءة ما بين الصفا والمروة بالقناديل ليلًا.

وخلال مرور الزمن وكثرة الحجاج والمعتمرين، صغر حجم جبل الصفا وجبل المروة وقلة الحجارة فيهما، بل تعرضا للتكسير؛ بسبب بناء البيوت والدكاكين والحوانيت، وبسبب شق الطرق، كما انجرفت تربة الجبلين بسبب السيول على جانبيهما.

ولم تتطرق المصادر التاريخية لمكة وحرمها لذكر أول من قام بعملية تسوية أرض المسعى الواقعة بين جبلي الصفا والمروة، وتمهيدهما وإزالة الأحجار والعقبات منها؛ لأن أرض المسعى كانت واديًا فيه ارتفاع وانخفاض واعوجاج، وكانت توسعة الخليفة العباسي محمد المهدي من أعظم وأكبر توسعات الحرم المكي ، والتي شملت جزءًا من أرض المسعى بعد أن تمت إزالة بعض الدور والدكاكين.

ثم توالت من بعده أعمال التوسعة والاهتمام من قبل الخلفاء والملوك، حتى قام حسين بن علي عام 1335هـ بفرش المسعى بالبلاط “بالحجارة الجبلية” بغرض إصلاحات وترميم أرض المسعى، وكانت أرضها من قبل ترابًا، فإذا كثر الحجيج تصاعد منها الغبار، ولم يكتفِ حسين بن علي بذلك بل قام بسقف المسعى حيث كان أول من قام بسقفه منذ تاريخ بناء المسجد الحرام، وكان هذا في شهر شوال سنة 1335 هـ، وامتد السقف من المروة إلى باب العباس فقط، ولم يكمل لقصر المسافة المتبقية، قال محمد طاهر الكردي: أنشأ الشريف حسين بن علي مظلة على المسعى من ناحية المروة حتى باب العباس، وظل الجزء الآخر الممتد من العباس إلى الصفا بدون مظلة”.

التوسعات السعودية للمسعى والعناية به

قبل التوسعة السعودية للمسعى عام 1375 هـ كان بيت الصفا والمروة مسيل فيه سوق كبيرة تباع فيها الحبوب واللحم والتمر والسمن وغيرها، ولم تكن في مكة سوق منظمة سوى هذا السوق الذي يقع في المسعى، كما كان المسعى به التواء واضح ولم يكن على استقامة واحدة.

في عهد المؤسس.. “سقف ورصف للمسعى”

في العهد السعودي قام الملك عبد العزيز عام 1345 هـ بفرش المسعى بالحجارة منعًا لإثارة التراب والغبار، وفي عام 1366 هـ قام الملك عبد العزيز بسقف المسعى، حيث بلغ عرض السقيفة التي أمر بإنشائها 20 مترًا وبطول 350 مترًا من الصفا حتى المروة.

توسعة وأدوار وضم واتجاهين.. في عهد الملك سعود

في عام 1368 هـ بدأ الملك سعود في توسعة شاملة للمسجد الحرام وعمارته في ثلاث مراحل شملت إزالة المنشآت السكنية والتجارية التي كانت قائمة في الجهة المقابلة للمسجد شرق المسعى، ثم بدء في بناء الدور الأرضي من المسعى وإدخاله داخل المسجد الحرام، ومن ثم تم بناء الطابقين في المسعى لاستيعاب أعداد الساعين المتزايدة، حيث بلغ طول المسعى 395 مترًا وبعرض 20 مترًا وبلغ ارتفاع الدور الأرضي للمسعى 11.75 مترًا والدور الثاني 8.5 مترًا مع إقامة حائط طولي ذو اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة، وإقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه إلى قسمين أحدهما مخصص للسعي من الصفا إلى المروة والثاني من المروة إلى الصفا، وبهذه التوسعة دمج المسعى داخل المسجد الحرام، وأنشئ للحرم 16 بابًا في الجهة الشرقية من ناحية المسعى.

في عهد الملك فيصل . قبة ورخام وتوسعة ١٦٠٠٠ م

قام الملك فيصل بن عبد العزيز في عام ١٣٨٤ هـ بتشييد قبة الصفا المقببة، وكسوة واجهات الدور الأول من المسعى وأعمدته وأرضيته بالرخام، وتغطية سقفه بالزخارف المصنوعة من الحجر الصناعي الملون، وبعد هذا العمارة أصبحت مساحة المسعى 16.700 متر مربع للطابقين.

مكيفات ومراوح وممرات للعربات.. في عهد الملك خالد

في عهد الملك خالد تم تركيب مكيفات ومراوح في المسعى، وتركيب حواجز معدنية على جانبي الحاجز الأوسط بطول ممر المسعى بالدور الأرضي بعرض متر واحد في كل اتجاه لتكون ممرًا لعربات العجزة والمعاقين.

في عهد الملك فهد.. عناية بالمسعى في 3 مراحل

في عهد الملك فهد شهد الحرم المكي أكبر توسعة في تاريخه وذلك عام 1415 هـ، ولقي المسعى حظه من التوسعة فتم توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول، وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا.

وفي عام 1417 هـ تم إعادة تهيئة منطقة المروة لغرض القضاء على الزحام، حتى صارت مساحة المنطقة 375 متراً مربعاً بدلًا من المساحة السابقة 245 متراً مربعاً، وفي نفس العام حصلت توسعة الممر الداخل من جهة المروة إلى المسعى في الطابق الأول، وأنشئت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة.

في عام 1420 هـ جرى فتح عدد من الأبواب في المسعى، وجُعل عند نهاية المسعى من جهة الصفا شرفة مستديرة كبيرة وأخرى صغيرة عند نهايته من جهة المروة، كي يرى الحجاج الساعون في الدور الأول جبلي الصفا والمروة، وفي الدور الأرضي ترك جزء من جبل الصفا عاريًا على الطبيعة وكذلك جبل المروة، ثم بلطت منحدرات الصفا والمروة بالرخام على شكل مربعات بارزة وبينهما فراغات. ترتفع على جبل الصفا مئذنة من مآذن المسجد الحرام التسعة، وبجوارها قبة كبيرة ترتفع على أربعة أعمدة أسطوانية كبيرة. أما فوق جبل المروة فقد أنشأت قبة صغيرة مزخرفة من الداخل.

20 مترًا ومئذنتان ودور ثالث.. ومساحات شاسعة في عهد الملك عبدالله

أما في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز وبالتحديد في عام 1428 بُدئ بهدم بناء المسعى القديم، واستبدل بمبنى جديد، حيث وسع المسعى من ناحية الساحة الشرقية بزيادة قدرها عشرون متراً، ليصبح عرض المسعى الكلي أربعون متراً، وزيادة طابق علوي ثالث للمسعى، ليصبح عدد الطوابق الكلي للمسعى أربعة طوابق، طابقان بالإضافة للبدروم والدور الأرضي.

بذلك أصبحت مساحة التوسعة الإجمالية الجديدة تجاوزت 87 ألف متر مربع، بعد أن كانت المساحة الإجمالية تقارب 29 ألف متر مربع، بزيادة تجاوزت 58 ألف متر مربع، فيما تبلغ مسطحات البناء الإجمالية بكل الأدوار لمناطق السعي والخدمات حوالى 125 ألف متر مربع، وأنشئت مئذنة جديدة بارتفاع 95 متراً ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى. يتكون مشروع التوسعة من أربعة أدوار: بدروم للعربات ودور أرضي ودوران أول وثاني، بطول 350 متراً.

















“السعي” قصته مع إبراهيم وإسماعيل وهاجر.. “مسعى وعلمان وصفا ومروة” ماذا تعرف عنها؟


سبق

يعلم الجميع أن السعي بين الصفا والمروة واجب على جميع الحجاج والمعتمرين؛ إذ هو ركن من أركان الحج والعمرة، يؤديه الحاج والمعتمر بعد الطواف بالكعبة المشرفة، علماً بأن الحاج يؤديه سواء أكان متمتعاً، وقارناً، ومفرداً، لكن في حق المتمتع يلزمه سعي ثان للحج، إذ إن سعيه الأول يكون للعمرة، أما القارن والمفرد فليس عليه إلا سعي واحد، إن سعاه قبل يوم عرفة مع طواف القدوم؛ أجزأه، وإلا سعاه مع طواف الإفاضة، بعد يوم عرفة.

ولمشروعية السعي أصل واقتداء، حيث إن له تاريخ مع النبي إبراهيم وزوجته هاجر وابنه إسماعيل عليهم السلام، لذا يضع البعض عدداً من التساؤلات من بينها: ما هو السعي؟ وما صفته؟ وما معنى الصفا والمروة؟ وماهيتهما وموقعهما؟ وما سبب تسميتهما؟ وما معنى المسعى والعلمان الأخضران؟

كما يتساءل البعض عن سبب اختلاف المؤرخين في طول وعرض المسعى؟ وما أهم التوسعات للمسعى عبر التاريخ؟ وعناية ملوك الدولة السعودية به؟ كل هذا وغيره من التساؤلات تجيب عليها “سبق” في هذا التقرير.

أصل السعي.. وعلاقته بإبراهيم وإسماعيل وهاجر

يعود أول ذكر للسعي بين الصفا والمروة إلى النبي إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجته هاجر عليهم الصلاة والسلام، والقصة التي يعرفها الجميع حول ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنها إسماعيل، وعندما أخبرها أنه أمر من الله ردّت عليه بأن الله لن يضيعهما، وعندما نفد منها الماء ظلت تسعى بين الصفا والمروة سبع مرات، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذلك سعي الناس بينهما”.

الصفا والمروة.. عند قريش والعرب وموقف الإسلام منها

كان على جبلي الصفا والمروة صنمان إساف ونائلة، وكان الجاهليون يمسحونهما، وكان طوافهم بهما سبعة أشواط، وكانت تقوم بذلك قريش فقط، أما غيرهم من العرب فلا يطوفون بهما، فيما كانت الصفا والمروة من المواضع التي كان لها أثر كبير في عبادة أهل مكة.

ولما قدم الأنصار مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحج، كرهوا الطواف بين الصفا والمروة؛ لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية، وأرادوا تركه في الإسلام، ومما ورد أن بعض الصحابة قالوا: يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة، فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية”. (إذ كان أهل الجاهلية إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوا الوثَنَين، فلما جاء الإسلام وكُسرت الأصنام، كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين) فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.

الصفا والمروة.. ماهيتهما وموقعهما

الصفا جبل صغير يقع أسفل جبل أبي قبيس من الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها نحو 130 متراً، وهو مبتدأ السعي، أما المروة فهو أيضاً جبل صغير من الحجر الأبيض، يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها 300 متر، وهو متصل بجبل قعيقعان، وإليه ينتهي السعي، وكان الصفا والمروة أكمة وسط مكة، تحيط بها بيوت أهل مكة والتي منها دار الأرقم ودار السائب بن أبي السائب العائذي وغيرهما.

وكان الصفا والمروة والمسعى يقعان خارج المسجد الحرام، ولم يكن لهم بناء يخصهم، وظل الحال على ما هو عليه حتى عام 1375 هـ، حيث قطع جبل الصفا للفصل عن جبل أبي قبيس، وأبقي على بعض الصخرات في نهايته علامة على موضع المشعر، وكذلك فعل بالنسبة لجبل المروة، وتم لأول مرة بناء المسعى، وضُمَّ للمسجد الحرام وأصبح جزءًا منه.

سبب التسمية

سميت الأكمة أو الجبل بالصفا جمع صفاة؛ لأن الصفا والصفوان والصفواء هو الحجر العريض الأملس، أو الصخرة الملساء القوية المختلطة بالحصى والرمل، قال الأزهري: الصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد”، وقال ابن الأثير : الصفا أحد جبلي المسعى”.

كما سميت المروة مفرد المرو، لأجل الحجارة البيض، الصلبة البراقة الموجودة فيها، أو لأجل الصخر القوي المتعرج وهو الأبيض الصلب.

صفة نسك السعي بين الصفا والمروة

إذا أراد الحاج أو المعتمر السعي يتوجب عليهما البدء من الصفا ويستحب أن يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، ثم يرقى على الصفا، ويسن أن يستقبل الكعبة ويرفع يديه ويحمدَ الله ويدعو بما شاء أن يدعو، وكان النبي يدعو في هذا الموضع: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده”، وكان يكررها ثلاث مرات ويدعو بعدها. ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشيًا حتى يصل إلى العمود الأخضر ( الانارة الخضراء ) ، فإذا وصله أسرع إسراعًا شديدًا بقدر ما يستطيع إن تيسر له بلا أذية أحد ، حتى يصل العمود الأخضر الثاني، ثم يمشي على عادته حتى يصل المروة، فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل من المروة إلى الصفا يمشي في موضع مشيه، ويسرع في موضع العلمين، فيصعد على الصفا ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول مثل ما قال أول مرة، يكرر هذا سبعة أشواط يبدأ من الصفا وينتهي في المروة، والصعود على جبلي الصفا والمروة، والركض الشديد بين العلمين الأخضرين كلها سنة وليست بواجبة.

ولا يشرع التنفل بالسعي بين الصفا والمروة، وإنما هو مشروع للحاج أو المعتمر مرة واحدة، ولم يسعى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد طواف نفل أبداً، وإنما سعى في عمرته بعد طواف العمرة، وفي حجته بعد طواف القدوم على قول من قال إنه كان مفرداً، كما سعى بعد طواف الإفاضة.

السعي.. والمسعى

السعي في اللغة من سعى يسعى سعيًا، أي عدا، وسعى في مشيه أي هرول، والسعي في الشرع هو قطع المسافة الكائنة بين الصفا والمروة سبع مرات ذهابًا وإيابًا بعد طواف نسك حج أو عمرة، أما المسعى: فهو الطريق الذي يقع فيه المسعى، قال المباركفوري: المسعى مكان السعي وهو بطن الوادي.

العلمان والسعي الشديد بينهما

يستحب للساعي بين الصفا والمروة، السعي الشديد بين العلمين، والعلمان: وتسمى الميلان. مثنى علم وهو العلامة، وهما الميلان الأخضران اللذان يقعان في فناء المسجد الحرام.

ووضع العلم الأخضر تم في أواخر القرن الأول الهجري، حيث كان الناس في صدر الإسلام يعرفون موضع هرولة النبي والصحابة من بعده، فلما ماتوا رأوا أن يضعوا موضعها علامة للدلالة عليها، حتى لا يحدث اختلاف، فوضعوا العلمين الأخضرين.

وفي التوسعات الأخيرة للمسعى تم استبدال العلمين بمصابيح إنارة، باللون الأخضر، لترى واضحة وترى من بعيد، ولعل الحكمة من السعي الشديد بين العلمين، هو الإقتداء بهاجر زوجة ابراهيم الخليل، الذي كان فعلها أصل مشروعية السعي.

سبب اختلاف المؤلفين في طول وعرض المسعى

المتتبع لكلام العلماء والمؤرخين في حديثهم عن تحديد عرض المسعى وطوله يجد اختلافًا بينهم في ذلك، ويرجع سبب الاختلاف بحسب أقوال المؤرخين إلى أن المسعى عبارة عن وادي بين جبل الصفا وجبل المروة والوادي يضيق أحيانًا ويتسع أحيانًا، كما أن الاختلاف في تحديد طول المسعى يرجع لنقطة بداية المقياس فبعضهم يقيس المسافة من أعلى الجبل والبعض يقيس المسافة من أسفل الجبل، إضافة إلى أن هناك سبب آخر للاختلاف وهو اختلاف العلماء في المقاييس.

طول وعرض المسعى

كان من أوائل من تحدثوا بالتفصيل عن حدود المسعى والمسافة التي تفصل الصفا والمروة عن بقية أجزاء المسجد الحرام، المؤرخ محمد بن عبد الله الأزرقي (ت: 250 هـ) والذي أكد أن طول المسعى 766.5 ذراعاً وعرض المسعى 35.5 ذراعاً وإذا كان الذراع 48 سم، فيكون طول المسعى عند الأزرقي 367.68 مترًا وعرضه 17 متراً ، كما كان تحديد الإمام محمد بن إسحاق الفاكهي (ت: 280 هـ) لعرض المسعى قريباً من تحديد الأزرقي؛ حيث حدده بخمسة وثلاثين ذرعًا واثنا عشر إصبعًا”.

بينما يرى المؤرخ أحمد بن فضل الله العمري أن ما بين الصفا والمروة سبعمائة وثمانون ذراعًا أي أن طول المسعى عند العمري 374.40 مترًا، بفارق 7 أمتار عن الأزرقي، أما المؤرخون المتأخرون فأغلبهم يرى أن عرض المسعى يتراوح بين 10 أمتار و12 متراً ، وكانت آخر الأقوال في تحديد عرض المسعى قول اللجنة الشرعية التي كلفت في عهد مفتي المملكة محمد بن إبراهيم آل الشيخ والذي حددت عرض المسعى بـ16 مترًا.

المسعى عبر التاريخ.. والعناية به

قبل النبي إبراهيم عليه السلام لم يكن بين جبل الصفا وجبل المروة بيوت ولا منازل، بل كانا جبلين بينهما وادي فيه حجارة وصخور بل مكة المكرمة لم تبدأ فيها أي مظاهر للحياة إلا عندما أسكن نبي الله إبراهيم زوجته هاجر وابنه إسماعيل، حيث جاورتهم قبيلة جرهم فيما بعد فأخذت ملامح الحياة تظهر وتنمو. بعد أن رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت وجرت إصلاحات بسيطة في مواضع سكنى الناس.

وفي العصر الجاهلي أمر قصي بن كلاب قومه أن يبنوا بيوتهم حول الكعبة وبنى هو دار الندوة في الجانب الشمالي.

وفي عهد النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن في المسعى دور كثيرة، إذ يوجد بيوت قليلة بنيت في عرضه، ثم كثرت وتعددت بعد ذلك.

وفي عهد الخلفاء الراشدين كان أول من أمر بتجديد وتوسعة المسجد الحرام الخليفة عمر بن الخطاب، وفي عهد التابعين ازداد عدد سكان مكة والقادمين إليها، فبدأت توسعة المسجد الحرام في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتمت إضاءة ما بين الصفا والمروة بالقناديل ليلًا.

وخلال مرور الزمن وكثرة الحجاج والمعتمرين، صغر حجم جبل الصفا وجبل المروة وقلة الحجارة فيهما، بل تعرضا للتكسير؛ بسبب بناء البيوت والدكاكين والحوانيت، وبسبب شق الطرق، كما انجرفت تربة الجبلين بسبب السيول على جانبيهما.

ولم تتطرق المصادر التاريخية لمكة وحرمها لذكر أول من قام بعملية تسوية أرض المسعى الواقعة بين جبلي الصفا والمروة، وتمهيدهما وإزالة الأحجار والعقبات منها؛ لأن أرض المسعى كانت واديًا فيه ارتفاع وانخفاض واعوجاج، وكانت توسعة الخليفة العباسي محمد المهدي من أعظم وأكبر توسعات الحرم المكي ، والتي شملت جزءًا من أرض المسعى بعد أن تمت إزالة بعض الدور والدكاكين.

ثم توالت من بعده أعمال التوسعة والاهتمام من قبل الخلفاء والملوك، حتى قام حسين بن علي عام 1335هـ بفرش المسعى بالبلاط “بالحجارة الجبلية” بغرض إصلاحات وترميم أرض المسعى، وكانت أرضها من قبل ترابًا، فإذا كثر الحجيج تصاعد منها الغبار، ولم يكتفِ حسين بن علي بذلك بل قام بسقف المسعى حيث كان أول من قام بسقفه منذ تاريخ بناء المسجد الحرام، وكان هذا في شهر شوال سنة 1335 هـ، وامتد السقف من المروة إلى باب العباس فقط، ولم يكمل لقصر المسافة المتبقية، قال محمد طاهر الكردي: أنشأ الشريف حسين بن علي مظلة على المسعى من ناحية المروة حتى باب العباس، وظل الجزء الآخر الممتد من العباس إلى الصفا بدون مظلة”.

التوسعات السعودية للمسعى والعناية به

قبل التوسعة السعودية للمسعى عام 1375 هـ كان بيت الصفا والمروة مسيل فيه سوق كبيرة تباع فيها الحبوب واللحم والتمر والسمن وغيرها، ولم تكن في مكة سوق منظمة سوى هذا السوق الذي يقع في المسعى، كما كان المسعى به التواء واضح ولم يكن على استقامة واحدة.

في عهد المؤسس.. “سقف ورصف للمسعى”

في العهد السعودي قام الملك عبد العزيز عام 1345 هـ بفرش المسعى بالحجارة منعًا لإثارة التراب والغبار، وفي عام 1366 هـ قام الملك عبد العزيز بسقف المسعى، حيث بلغ عرض السقيفة التي أمر بإنشائها 20 مترًا وبطول 350 مترًا من الصفا حتى المروة.

توسعة وأدوار وضم واتجاهين.. في عهد الملك سعود

في عام 1368 هـ بدأ الملك سعود في توسعة شاملة للمسجد الحرام وعمارته في ثلاث مراحل شملت إزالة المنشآت السكنية والتجارية التي كانت قائمة في الجهة المقابلة للمسجد شرق المسعى، ثم بدء في بناء الدور الأرضي من المسعى وإدخاله داخل المسجد الحرام، ومن ثم تم بناء الطابقين في المسعى لاستيعاب أعداد الساعين المتزايدة، حيث بلغ طول المسعى 395 مترًا وبعرض 20 مترًا وبلغ ارتفاع الدور الأرضي للمسعى 11.75 مترًا والدور الثاني 8.5 مترًا مع إقامة حائط طولي ذو اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة، وإقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه إلى قسمين أحدهما مخصص للسعي من الصفا إلى المروة والثاني من المروة إلى الصفا، وبهذه التوسعة دمج المسعى داخل المسجد الحرام، وأنشئ للحرم 16 بابًا في الجهة الشرقية من ناحية المسعى.

في عهد الملك فيصل . قبة ورخام وتوسعة ١٦٠٠٠ م

قام الملك فيصل بن عبد العزيز في عام ١٣٨٤ هـ بتشييد قبة الصفا المقببة، وكسوة واجهات الدور الأول من المسعى وأعمدته وأرضيته بالرخام، وتغطية سقفه بالزخارف المصنوعة من الحجر الصناعي الملون، وبعد هذا العمارة أصبحت مساحة المسعى 16.700 متر مربع للطابقين.

مكيفات ومراوح وممرات للعربات.. في عهد الملك خالد

في عهد الملك خالد تم تركيب مكيفات ومراوح في المسعى، وتركيب حواجز معدنية على جانبي الحاجز الأوسط بطول ممر المسعى بالدور الأرضي بعرض متر واحد في كل اتجاه لتكون ممرًا لعربات العجزة والمعاقين.

في عهد الملك فهد.. عناية بالمسعى في 3 مراحل

في عهد الملك فهد شهد الحرم المكي أكبر توسعة في تاريخه وذلك عام 1415 هـ، ولقي المسعى حظه من التوسعة فتم توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول، وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا.

وفي عام 1417 هـ تم إعادة تهيئة منطقة المروة لغرض القضاء على الزحام، حتى صارت مساحة المنطقة 375 متراً مربعاً بدلًا من المساحة السابقة 245 متراً مربعاً، وفي نفس العام حصلت توسعة الممر الداخل من جهة المروة إلى المسعى في الطابق الأول، وأنشئت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة.

في عام 1420 هـ جرى فتح عدد من الأبواب في المسعى، وجُعل عند نهاية المسعى من جهة الصفا شرفة مستديرة كبيرة وأخرى صغيرة عند نهايته من جهة المروة، كي يرى الحجاج الساعون في الدور الأول جبلي الصفا والمروة، وفي الدور الأرضي ترك جزء من جبل الصفا عاريًا على الطبيعة وكذلك جبل المروة، ثم بلطت منحدرات الصفا والمروة بالرخام على شكل مربعات بارزة وبينهما فراغات. ترتفع على جبل الصفا مئذنة من مآذن المسجد الحرام التسعة، وبجوارها قبة كبيرة ترتفع على أربعة أعمدة أسطوانية كبيرة. أما فوق جبل المروة فقد أنشأت قبة صغيرة مزخرفة من الداخل.

20 مترًا ومئذنتان ودور ثالث.. ومساحات شاسعة في عهد الملك عبدالله

أما في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز وبالتحديد في عام 1428 بُدئ بهدم بناء المسعى القديم، واستبدل بمبنى جديد، حيث وسع المسعى من ناحية الساحة الشرقية بزيادة قدرها عشرون متراً، ليصبح عرض المسعى الكلي أربعون متراً، وزيادة طابق علوي ثالث للمسعى، ليصبح عدد الطوابق الكلي للمسعى أربعة طوابق، طابقان بالإضافة للبدروم والدور الأرضي.

بذلك أصبحت مساحة التوسعة الإجمالية الجديدة تجاوزت 87 ألف متر مربع، بعد أن كانت المساحة الإجمالية تقارب 29 ألف متر مربع، بزيادة تجاوزت 58 ألف متر مربع، فيما تبلغ مسطحات البناء الإجمالية بكل الأدوار لمناطق السعي والخدمات حوالى 125 ألف متر مربع، وأنشئت مئذنة جديدة بارتفاع 95 متراً ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى. يتكون مشروع التوسعة من أربعة أدوار: بدروم للعربات ودور أرضي ودوران أول وثاني، بطول 350 متراً.

22 يوليو 2021 – 12 ذو الحجة 1442

05:26 PM


الصفا والمروة عند قريش والعرب.. أسباب التسمية والاختلاف.. وعناية ملوك السعودية بها

يعلم الجميع أن السعي بين الصفا والمروة واجب على جميع الحجاج والمعتمرين؛ إذ هو ركن من أركان الحج والعمرة، يؤديه الحاج والمعتمر بعد الطواف بالكعبة المشرفة، علماً بأن الحاج يؤديه سواء أكان متمتعاً، وقارناً، ومفرداً، لكن في حق المتمتع يلزمه سعي ثان للحج، إذ إن سعيه الأول يكون للعمرة، أما القارن والمفرد فليس عليه إلا سعي واحد، إن سعاه قبل يوم عرفة مع طواف القدوم؛ أجزأه، وإلا سعاه مع طواف الإفاضة، بعد يوم عرفة.

ولمشروعية السعي أصل واقتداء، حيث إن له تاريخ مع النبي إبراهيم وزوجته هاجر وابنه إسماعيل عليهم السلام، لذا يضع البعض عدداً من التساؤلات من بينها: ما هو السعي؟ وما صفته؟ وما معنى الصفا والمروة؟ وماهيتهما وموقعهما؟ وما سبب تسميتهما؟ وما معنى المسعى والعلمان الأخضران؟

كما يتساءل البعض عن سبب اختلاف المؤرخين في طول وعرض المسعى؟ وما أهم التوسعات للمسعى عبر التاريخ؟ وعناية ملوك الدولة السعودية به؟ كل هذا وغيره من التساؤلات تجيب عليها “سبق” في هذا التقرير.

أصل السعي.. وعلاقته بإبراهيم وإسماعيل وهاجر

يعود أول ذكر للسعي بين الصفا والمروة إلى النبي إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجته هاجر عليهم الصلاة والسلام، والقصة التي يعرفها الجميع حول ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنها إسماعيل، وعندما أخبرها أنه أمر من الله ردّت عليه بأن الله لن يضيعهما، وعندما نفد منها الماء ظلت تسعى بين الصفا والمروة سبع مرات، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذلك سعي الناس بينهما”.

الصفا والمروة.. عند قريش والعرب وموقف الإسلام منها

كان على جبلي الصفا والمروة صنمان إساف ونائلة، وكان الجاهليون يمسحونهما، وكان طوافهم بهما سبعة أشواط، وكانت تقوم بذلك قريش فقط، أما غيرهم من العرب فلا يطوفون بهما، فيما كانت الصفا والمروة من المواضع التي كان لها أثر كبير في عبادة أهل مكة.

ولما قدم الأنصار مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحج، كرهوا الطواف بين الصفا والمروة؛ لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية، وأرادوا تركه في الإسلام، ومما ورد أن بعض الصحابة قالوا: يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة، فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية”. (إذ كان أهل الجاهلية إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوا الوثَنَين، فلما جاء الإسلام وكُسرت الأصنام، كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين) فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.

الصفا والمروة.. ماهيتهما وموقعهما

الصفا جبل صغير يقع أسفل جبل أبي قبيس من الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها نحو 130 متراً، وهو مبتدأ السعي، أما المروة فهو أيضاً جبل صغير من الحجر الأبيض، يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها 300 متر، وهو متصل بجبل قعيقعان، وإليه ينتهي السعي، وكان الصفا والمروة أكمة وسط مكة، تحيط بها بيوت أهل مكة والتي منها دار الأرقم ودار السائب بن أبي السائب العائذي وغيرهما.

وكان الصفا والمروة والمسعى يقعان خارج المسجد الحرام، ولم يكن لهم بناء يخصهم، وظل الحال على ما هو عليه حتى عام 1375 هـ، حيث قطع جبل الصفا للفصل عن جبل أبي قبيس، وأبقي على بعض الصخرات في نهايته علامة على موضع المشعر، وكذلك فعل بالنسبة لجبل المروة، وتم لأول مرة بناء المسعى، وضُمَّ للمسجد الحرام وأصبح جزءًا منه.

سبب التسمية

سميت الأكمة أو الجبل بالصفا جمع صفاة؛ لأن الصفا والصفوان والصفواء هو الحجر العريض الأملس، أو الصخرة الملساء القوية المختلطة بالحصى والرمل، قال الأزهري: الصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد”، وقال ابن الأثير : الصفا أحد جبلي المسعى”.

كما سميت المروة مفرد المرو، لأجل الحجارة البيض، الصلبة البراقة الموجودة فيها، أو لأجل الصخر القوي المتعرج وهو الأبيض الصلب.

صفة نسك السعي بين الصفا والمروة

إذا أراد الحاج أو المعتمر السعي يتوجب عليهما البدء من الصفا ويستحب أن يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، ثم يرقى على الصفا، ويسن أن يستقبل الكعبة ويرفع يديه ويحمدَ الله ويدعو بما شاء أن يدعو، وكان النبي يدعو في هذا الموضع: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده”، وكان يكررها ثلاث مرات ويدعو بعدها. ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشيًا حتى يصل إلى العمود الأخضر ( الانارة الخضراء ) ، فإذا وصله أسرع إسراعًا شديدًا بقدر ما يستطيع إن تيسر له بلا أذية أحد ، حتى يصل العمود الأخضر الثاني، ثم يمشي على عادته حتى يصل المروة، فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل من المروة إلى الصفا يمشي في موضع مشيه، ويسرع في موضع العلمين، فيصعد على الصفا ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول مثل ما قال أول مرة، يكرر هذا سبعة أشواط يبدأ من الصفا وينتهي في المروة، والصعود على جبلي الصفا والمروة، والركض الشديد بين العلمين الأخضرين كلها سنة وليست بواجبة.

ولا يشرع التنفل بالسعي بين الصفا والمروة، وإنما هو مشروع للحاج أو المعتمر مرة واحدة، ولم يسعى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد طواف نفل أبداً، وإنما سعى في عمرته بعد طواف العمرة، وفي حجته بعد طواف القدوم على قول من قال إنه كان مفرداً، كما سعى بعد طواف الإفاضة.

السعي.. والمسعى

السعي في اللغة من سعى يسعى سعيًا، أي عدا، وسعى في مشيه أي هرول، والسعي في الشرع هو قطع المسافة الكائنة بين الصفا والمروة سبع مرات ذهابًا وإيابًا بعد طواف نسك حج أو عمرة، أما المسعى: فهو الطريق الذي يقع فيه المسعى، قال المباركفوري: المسعى مكان السعي وهو بطن الوادي.

العلمان والسعي الشديد بينهما

يستحب للساعي بين الصفا والمروة، السعي الشديد بين العلمين، والعلمان: وتسمى الميلان. مثنى علم وهو العلامة، وهما الميلان الأخضران اللذان يقعان في فناء المسجد الحرام.

ووضع العلم الأخضر تم في أواخر القرن الأول الهجري، حيث كان الناس في صدر الإسلام يعرفون موضع هرولة النبي والصحابة من بعده، فلما ماتوا رأوا أن يضعوا موضعها علامة للدلالة عليها، حتى لا يحدث اختلاف، فوضعوا العلمين الأخضرين.

وفي التوسعات الأخيرة للمسعى تم استبدال العلمين بمصابيح إنارة، باللون الأخضر، لترى واضحة وترى من بعيد، ولعل الحكمة من السعي الشديد بين العلمين، هو الإقتداء بهاجر زوجة ابراهيم الخليل، الذي كان فعلها أصل مشروعية السعي.

سبب اختلاف المؤلفين في طول وعرض المسعى

المتتبع لكلام العلماء والمؤرخين في حديثهم عن تحديد عرض المسعى وطوله يجد اختلافًا بينهم في ذلك، ويرجع سبب الاختلاف بحسب أقوال المؤرخين إلى أن المسعى عبارة عن وادي بين جبل الصفا وجبل المروة والوادي يضيق أحيانًا ويتسع أحيانًا، كما أن الاختلاف في تحديد طول المسعى يرجع لنقطة بداية المقياس فبعضهم يقيس المسافة من أعلى الجبل والبعض يقيس المسافة من أسفل الجبل، إضافة إلى أن هناك سبب آخر للاختلاف وهو اختلاف العلماء في المقاييس.

طول وعرض المسعى

كان من أوائل من تحدثوا بالتفصيل عن حدود المسعى والمسافة التي تفصل الصفا والمروة عن بقية أجزاء المسجد الحرام، المؤرخ محمد بن عبد الله الأزرقي (ت: 250 هـ) والذي أكد أن طول المسعى 766.5 ذراعاً وعرض المسعى 35.5 ذراعاً وإذا كان الذراع 48 سم، فيكون طول المسعى عند الأزرقي 367.68 مترًا وعرضه 17 متراً ، كما كان تحديد الإمام محمد بن إسحاق الفاكهي (ت: 280 هـ) لعرض المسعى قريباً من تحديد الأزرقي؛ حيث حدده بخمسة وثلاثين ذرعًا واثنا عشر إصبعًا”.

بينما يرى المؤرخ أحمد بن فضل الله العمري أن ما بين الصفا والمروة سبعمائة وثمانون ذراعًا أي أن طول المسعى عند العمري 374.40 مترًا، بفارق 7 أمتار عن الأزرقي، أما المؤرخون المتأخرون فأغلبهم يرى أن عرض المسعى يتراوح بين 10 أمتار و12 متراً ، وكانت آخر الأقوال في تحديد عرض المسعى قول اللجنة الشرعية التي كلفت في عهد مفتي المملكة محمد بن إبراهيم آل الشيخ والذي حددت عرض المسعى بـ16 مترًا.

المسعى عبر التاريخ.. والعناية به

قبل النبي إبراهيم عليه السلام لم يكن بين جبل الصفا وجبل المروة بيوت ولا منازل، بل كانا جبلين بينهما وادي فيه حجارة وصخور بل مكة المكرمة لم تبدأ فيها أي مظاهر للحياة إلا عندما أسكن نبي الله إبراهيم زوجته هاجر وابنه إسماعيل، حيث جاورتهم قبيلة جرهم فيما بعد فأخذت ملامح الحياة تظهر وتنمو. بعد أن رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت وجرت إصلاحات بسيطة في مواضع سكنى الناس.

وفي العصر الجاهلي أمر قصي بن كلاب قومه أن يبنوا بيوتهم حول الكعبة وبنى هو دار الندوة في الجانب الشمالي.

وفي عهد النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن في المسعى دور كثيرة، إذ يوجد بيوت قليلة بنيت في عرضه، ثم كثرت وتعددت بعد ذلك.

وفي عهد الخلفاء الراشدين كان أول من أمر بتجديد وتوسعة المسجد الحرام الخليفة عمر بن الخطاب، وفي عهد التابعين ازداد عدد سكان مكة والقادمين إليها، فبدأت توسعة المسجد الحرام في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتمت إضاءة ما بين الصفا والمروة بالقناديل ليلًا.

وخلال مرور الزمن وكثرة الحجاج والمعتمرين، صغر حجم جبل الصفا وجبل المروة وقلة الحجارة فيهما، بل تعرضا للتكسير؛ بسبب بناء البيوت والدكاكين والحوانيت، وبسبب شق الطرق، كما انجرفت تربة الجبلين بسبب السيول على جانبيهما.

ولم تتطرق المصادر التاريخية لمكة وحرمها لذكر أول من قام بعملية تسوية أرض المسعى الواقعة بين جبلي الصفا والمروة، وتمهيدهما وإزالة الأحجار والعقبات منها؛ لأن أرض المسعى كانت واديًا فيه ارتفاع وانخفاض واعوجاج، وكانت توسعة الخليفة العباسي محمد المهدي من أعظم وأكبر توسعات الحرم المكي ، والتي شملت جزءًا من أرض المسعى بعد أن تمت إزالة بعض الدور والدكاكين.

ثم توالت من بعده أعمال التوسعة والاهتمام من قبل الخلفاء والملوك، حتى قام حسين بن علي عام 1335هـ بفرش المسعى بالبلاط “بالحجارة الجبلية” بغرض إصلاحات وترميم أرض المسعى، وكانت أرضها من قبل ترابًا، فإذا كثر الحجيج تصاعد منها الغبار، ولم يكتفِ حسين بن علي بذلك بل قام بسقف المسعى حيث كان أول من قام بسقفه منذ تاريخ بناء المسجد الحرام، وكان هذا في شهر شوال سنة 1335 هـ، وامتد السقف من المروة إلى باب العباس فقط، ولم يكمل لقصر المسافة المتبقية، قال محمد طاهر الكردي: أنشأ الشريف حسين بن علي مظلة على المسعى من ناحية المروة حتى باب العباس، وظل الجزء الآخر الممتد من العباس إلى الصفا بدون مظلة”.

التوسعات السعودية للمسعى والعناية به

قبل التوسعة السعودية للمسعى عام 1375 هـ كان بيت الصفا والمروة مسيل فيه سوق كبيرة تباع فيها الحبوب واللحم والتمر والسمن وغيرها، ولم تكن في مكة سوق منظمة سوى هذا السوق الذي يقع في المسعى، كما كان المسعى به التواء واضح ولم يكن على استقامة واحدة.

في عهد المؤسس.. “سقف ورصف للمسعى”

في العهد السعودي قام الملك عبد العزيز عام 1345 هـ بفرش المسعى بالحجارة منعًا لإثارة التراب والغبار، وفي عام 1366 هـ قام الملك عبد العزيز بسقف المسعى، حيث بلغ عرض السقيفة التي أمر بإنشائها 20 مترًا وبطول 350 مترًا من الصفا حتى المروة.

توسعة وأدوار وضم واتجاهين.. في عهد الملك سعود

في عام 1368 هـ بدأ الملك سعود في توسعة شاملة للمسجد الحرام وعمارته في ثلاث مراحل شملت إزالة المنشآت السكنية والتجارية التي كانت قائمة في الجهة المقابلة للمسجد شرق المسعى، ثم بدء في بناء الدور الأرضي من المسعى وإدخاله داخل المسجد الحرام، ومن ثم تم بناء الطابقين في المسعى لاستيعاب أعداد الساعين المتزايدة، حيث بلغ طول المسعى 395 مترًا وبعرض 20 مترًا وبلغ ارتفاع الدور الأرضي للمسعى 11.75 مترًا والدور الثاني 8.5 مترًا مع إقامة حائط طولي ذو اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة، وإقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه إلى قسمين أحدهما مخصص للسعي من الصفا إلى المروة والثاني من المروة إلى الصفا، وبهذه التوسعة دمج المسعى داخل المسجد الحرام، وأنشئ للحرم 16 بابًا في الجهة الشرقية من ناحية المسعى.

في عهد الملك فيصل . قبة ورخام وتوسعة ١٦٠٠٠ م

قام الملك فيصل بن عبد العزيز في عام ١٣٨٤ هـ بتشييد قبة الصفا المقببة، وكسوة واجهات الدور الأول من المسعى وأعمدته وأرضيته بالرخام، وتغطية سقفه بالزخارف المصنوعة من الحجر الصناعي الملون، وبعد هذا العمارة أصبحت مساحة المسعى 16.700 متر مربع للطابقين.

مكيفات ومراوح وممرات للعربات.. في عهد الملك خالد

في عهد الملك خالد تم تركيب مكيفات ومراوح في المسعى، وتركيب حواجز معدنية على جانبي الحاجز الأوسط بطول ممر المسعى بالدور الأرضي بعرض متر واحد في كل اتجاه لتكون ممرًا لعربات العجزة والمعاقين.

في عهد الملك فهد.. عناية بالمسعى في 3 مراحل

في عهد الملك فهد شهد الحرم المكي أكبر توسعة في تاريخه وذلك عام 1415 هـ، ولقي المسعى حظه من التوسعة فتم توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول، وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا.

وفي عام 1417 هـ تم إعادة تهيئة منطقة المروة لغرض القضاء على الزحام، حتى صارت مساحة المنطقة 375 متراً مربعاً بدلًا من المساحة السابقة 245 متراً مربعاً، وفي نفس العام حصلت توسعة الممر الداخل من جهة المروة إلى المسعى في الطابق الأول، وأنشئت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة.

في عام 1420 هـ جرى فتح عدد من الأبواب في المسعى، وجُعل عند نهاية المسعى من جهة الصفا شرفة مستديرة كبيرة وأخرى صغيرة عند نهايته من جهة المروة، كي يرى الحجاج الساعون في الدور الأول جبلي الصفا والمروة، وفي الدور الأرضي ترك جزء من جبل الصفا عاريًا على الطبيعة وكذلك جبل المروة، ثم بلطت منحدرات الصفا والمروة بالرخام على شكل مربعات بارزة وبينهما فراغات. ترتفع على جبل الصفا مئذنة من مآذن المسجد الحرام التسعة، وبجوارها قبة كبيرة ترتفع على أربعة أعمدة أسطوانية كبيرة. أما فوق جبل المروة فقد أنشأت قبة صغيرة مزخرفة من الداخل.

20 مترًا ومئذنتان ودور ثالث.. ومساحات شاسعة في عهد الملك عبدالله

أما في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز وبالتحديد في عام 1428 بُدئ بهدم بناء المسعى القديم، واستبدل بمبنى جديد، حيث وسع المسعى من ناحية الساحة الشرقية بزيادة قدرها عشرون متراً، ليصبح عرض المسعى الكلي أربعون متراً، وزيادة طابق علوي ثالث للمسعى، ليصبح عدد الطوابق الكلي للمسعى أربعة طوابق، طابقان بالإضافة للبدروم والدور الأرضي.

بذلك أصبحت مساحة التوسعة الإجمالية الجديدة تجاوزت 87 ألف متر مربع، بعد أن كانت المساحة الإجمالية تقارب 29 ألف متر مربع، بزيادة تجاوزت 58 ألف متر مربع، فيما تبلغ مسطحات البناء الإجمالية بكل الأدوار لمناطق السعي والخدمات حوالى 125 ألف متر مربع، وأنشئت مئذنة جديدة بارتفاع 95 متراً ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى. يتكون مشروع التوسعة من أربعة أدوار: بدروم للعربات ودور أرضي ودوران أول وثاني، بطول 350 متراً.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply