[ad_1]
لم يكن مزاجي ولا جيبي على ما يرام الجمعة الماضية؛ لهذا لم أستقر على وجهة سياحية؛ فمطاعم السوق قد تغري العائلة بالتبضع، والحفلات قد ترهق ميزانيتي (اللي ما هي ناقصة)، وممشى الكورنيش رغم روعته قد يغرقني برطوبته العالية، أما التليفزيون فلم أعد متحمسًا له؛ لذا لم ألقِ بالاً للأفلام السينمائية، ولم أعِر أي انتباه لا لبطولة اليورو ولا لكوبا أمريكا، وحدها قناة (ناشونال جيوغرافيك) التي تعرض غرائب (عالم الحيوان) التي شدتني قليلاً بعفويتها ومصداقيتها!
كانت الحلقة المصورة بتقنية عالية من داخل أدغال (غابة الحيوان) تُظهر مدى حنية الأسد (ملك الغابة)، وخوفه على عائلته، البالغ عددهم 27 فردًا؛ إذ يسهر داخل عرينه على راحة لبؤته وأشباله، ولا يغمض له جفن حتى يطعمهم ويطمئن عليهم.
كانت الحلقة تُظهر حيوان (ابن آوى الذهبي) المشهود له بالأُبوَّة الحانية، والمعروف عنه أنه لا يتزوج إلا من أنثى واحدة طوال حياته، ويقضي جل نهاره يصطاد الفرائس بمساعدة (حرمه المصون)، ثم يتولى بنفسه مهمة إطعام صغاره.
كانت الحلقة تظهر أيضًا: أنثى البطريق التي تعد أكثر الحيوانات قدرة على الصبر والكفاح، التي تعيش في أبرد المناطق القطبية (نحو 57 درجة تحت الصفر)؛ فبعد أن تضع الأم البيض تغادر في رحلة طويلة، مدتها شهران؛ لجلب الطعام لصغارها، فيما يظل الأب يرعاهم حتى عودة (شريكة حياته) جالبة معها ما يكفي لمؤونة العائلة دون أن تتذمر أو تتشكى.
بنهاية الحلقة كبست على الريموت، وأطفأت التليفزيون مندهشًا من كل هذه المشاعر الفياضة التي تحملها الحيوانات.
كانت أول استشارة أتصفحها: تروي حكاية (رب أسرة) لم يكن عادلاً في معاملته لأولاده، ليس بحياته فقط بل حتى بعد موته. وحين أدرت وجهي لمكتبتي وقع بصري مصادفة على ملف استشارات قانونية، سبق أن تركت عنوانه فارغًا مجهولاً (…!) إذ ظهرت بعد أشهر قليلة من وفاته مظاهر العز على أبنائه المقربين، فيما كست تعابير الدهشة وجوه الورثة المظلومين.
كانت الاستشارة الثانية التي تصفحتها تروي حكاية أب مزواج، يستغل علاقاته الواسعة، وحاجة الناس البسطاء، ويتزوج من نساء بعمر بناته، سرعان ما يخلف منهن، ثم يعلقهن ويتركهن وأطفالهن ضحايا لظروف الحياة القاسية!!
كانت بقية الاستشارات القانونية بأدغال ذلك الملف الموحش تروي حكاية شريك خان الأمانة، واستولى على ثروة شريكه. تروي وحشية زوجة تبتز طليقها بقضايا كيدية رغم وفائه بنفقة أطفاله.. تروي جشع تاجر لا يكتفي بغلاء أسعاره بل يتفنن برداءة
منتجاته.. تروي همجية تلك الأم وهي تستغل بناتها لزيادة المتابعين.. تروي عنصرية ذلك المدير الوافد الذي يتعمد قطع أرزاق موظفيه، خاصة السعوديين.. تروي مدى الشحناء والبغضاء اللتين يضمرهما بنو البشر حتى مع أقرب الأقربين!؟
لم أنتهِ من تصفح الملف، لكنني من جوره شعرت بصداع نصفي؛ فأطبقته وأنا أشتم اللحظة التي فكرت فيها بفتحه يوم راحتي. وقبل أن أعيده للرف رأيت أن أضع له عنونًا صادمًا، يليق بمضمونه، فلم أجد له عنوانًا أنسب من: (حديقة الإنسان).
[ad_2]
Source link