[ad_1]
فكشاهد على آثار الصراع الداخلي في سوريا على مدى العقد الماضي، فكّر الشاب باسل المدني، وهو مهندس شاب ومتطوع سابق لدى الأمم المتحدة، في إنشاء منصة تحشد الشباب للمشاركة في تشكيل مستقبل بلدهم.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، كانت سوريا تعاني من أسوأ الصراعات في العالم، والكثير من فئات المجتمع قد تضررت نتيجة لهذه الصراعات، وخاصة فئة الأطفال والشباب فهم أكبر مجموعة تدفع ثمن هذه الأزمة.
يقول باسل: ” رغم جميع ما مررنا به من أوقات عصيبة خلال فترة الأزمة إلا إننا كشباب سوريا لا زلنا نملك الطموح والأمل لأن نعمل على تنمية وتمكين المجتمعات وجعلها أفضل في المستقبل القادم. “
هدفي كمهندس ورائد أعمال مجتمعي هو أن أساهم في تمكين المجتمعات في بلدي سوريا وفق مفاهيم التنمية المستدامة .
باسل المدني
وقد أثرت تبعات الأزمة من معاناة الفقر والنزوح وقلة الفرص كثيرا في جيل الشباب السوري، فهم أقل قدرة من أي وقت مضى.
لكن منذ أعوام قليلة، شهد المجتمع السوري مشاركة متنامية بشكل خجول من قبل الشباب والتي لسوء الحظ ليست كافية.
يقول باسل “يجب أن يتغير هذا الآن، يجب أن يحصل الشباب على حقهم في أن يكونوا حلا لمشاكل مجتمعهم، يجب أن يشاركوا في جميع الأنشطة ليس فقط كمتطوعين أو مشاركين ولكن أيضا كقادة مسؤولين عن مجتمعهم، وأن يكونوا مستعدين لأخذ المبادرة للمشاريع المستقبلية، فإن جهودهم ومواردهم ومهاراتهم وشغفهم أكثر أهمية لأجل تحسين الظروف المعيشية ورفع مستوى الوعي لدى الشباب السوري.”
تحقيق التنمية المستدامة من خلال منصة ” روّاد سوريا 2030″
عمل باسل إلى جانب دراسته الهندسة المدنية والبيئية في دمشق مع العديد من منظمات الأمم المتحدة كمتطوع في برامج الشباب وخصوصاً برامج التنمية المستدامة وريادة الأعمال.
وشارك في تنظيم الفعاليات الدولية مع العديد من الجمعيات الأهلية، حيث ساعدته الخبرة التي اكتسبها منذ أكثر من سبع سنوات في مجال العمل الريادي والمجتمعي على تأسيس منصة سورية مجتمعية شبابية تدعي منصة ” روّاد سوريا 2030″.
وهي منصة تطوعية لدعم وتمكين الشباب السوري من كلا الجنسين من كافة المناطق السوريّة في التوعية والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، والتعاون على إيجاد حلول ومبادرات تساهم في حل المشاكل والتحديات التي يواجهها الأقران الشباب من خلال ورش العمل وحملات التدريب والتوعية على الأهداف، وبالإضافة إلى تسليط الضوء من خلال منصات التواصل الاجتماعي على رواد الأعمال الشباب ونشر قصص نجاحهم ومشاريعهم التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة في سوريا.
الجدير بالذكر أن أهداف المنصة تصب في تحقيق مجموعة من أهداف التنمية المستدامة منها:
الهدف الثامن المعني بتعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، من خلال التدريبات التي ركزت على أساسيات تأسيس المشاريع الصغيرة والشركات الناشئة وكل ما يتعلق بمفهوم ريادة الأعمال.
والهدف الثالث عشر المعني باتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره.
فمنذ تأسيس المنصة عمل فريق المتطوعين على تنظيم حملات المناصرة على منصات التواصل الاجتماعي وتنظيم ورش العمل التفاعلية بهدف توعية الشباب السوري على أهمية أخذ الإجراءات اللازمة للحد من التغير المناخي خاصة وأن سوريا تواجه أخطر عام من حيث قلة هطول الأمطار والجفاف والتغير المناخي منذ عام 1953 (بحسب وزارة الزراعة).
وأيضا الهدف التاسع المعني بالابتكار والاختراع.
“إيماني في شباب بلدي يبلغ السماء”
وغاية البرامج التدريبية هي تكمين المشاركين من كتابة مقترح مشروع احترافي أو بناء نموذج عمل أولي لطرحه على لجنة من المختصين والخبراء لتقييم ماهية مدى تنفيذ الفكرة أو المبادرة المقترحة ومدى قابلية تنفيذها.
“إن منصة رواد سوريا 2030 هي نتاج خبرة من العمل التطوعي والمجتمعي الذي أفتخر أن أكون جزءا منه، فإن إيماني بشباب بلدي يبلغ السماء فهم شباب لديهم الطاقة والحماس والمعرفة إلا إن نقص الإمكانيات وقلة الدعم المادي والمعنوي قد يكون سببا يعيق في بناء مشاريعهم الريادية وتحويل أفكارهم الإبداعية الى واقع يصنع التأثير،” بحسب ما قاله باسل عن حال متطلبات دعم مشاريع الشباب.
وقد استكمل باسل رحلته وشغفه في مجال التنمية المستدامة حيث قاد فريقا من المتطوعين في المنصة إلى المشاركة في أهم الفعاليات والمنتديات والمسابقات الريادية المعنية بإشراك الشباب في مواضيع التنمية المستدامة وقد كان خير مثال للشباب السوري.
أوضح باسل ” قد عملنا في المنصة مع شركائنا من خلال حملاتنا وورش العمل على توعية أكثر مما يزيد عن 2500 شاب وشابة على أهداف التنمية المستدامة وتطوير برامج تدريبية وتوعوية خاصة للشباب السوري بهدف حثهم وتشجيعهم على المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المبنية على الاحتياجات المجتمعية، والاقتصادية، والبيئية.”
تأثير كوفيد-19 على المنصة
في العام الماضي اجتاح العالم فيروس كوفيد-19 وأعاق الكثير من الأعمال في المجتمعات كافة. فحسب الإحصائيات لم تستطع حكومات وشركات دول متقدمة السيطرة على الفيروس حتى الآن فما بالكم بمنصة مجتمعية تطوعية تفتقر لأدنى الأساسيات، ما هي الأضرار التي حلت بها؟
يجاوب باسل: ” بسبب جائحة كوفيد-19 تأثرت مشاريعنا ومخططاتنا لتوسيع دائرة تأثيرنا في المجتمع إلا أننا قد استثمرنا وقتنا خلال فترة الحجر المنزلي في تطوير ذاتنا وفريقنا وآلية عملنا عن بعد وأيضا المشاركة في أهم الفعاليات على المستوى الوطني، الإقليمي والعالمي وتوسيع شبكة علاقاتنا مع الخبراء والباحثين في التنمية المستدامة وتقديم ندوات توعوية للمئات من المستفيدين خلال فترة الحجر عبر الإنترنت.”
الفرص تخلق من الأزمات
ويقول أيضاً: “نحن شباب فاعل وعلينا التأقلم مع الأوضاع على كافة الأصعدة حتى نحمي أحبائنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا إلا أنه يجب علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي وأن نستثمر مواردنا بالشكل المناسب وباعتقادي الشخصي أن أعظم الفرص تخلق من الأزمات فلا داعي للاستسلام والإحباط.”
شارك باسل وفريقه إلى جانب مكتب المنسق المقيم لدى الأمم المتحدة في سوريا كشركاء متطوعين في تنفيذ مبادرة UN75 في سوريا المعنية بالدعوة إلى حوارعالمي وإعداد دراسة استقصائية تستلزم دقيقة واحدة لتشيكل المستقبل الذي نصبو إليه والحد من المشاكل التي يواجهها العالم اليوم.
“إن مشاركتنا في هذه الحملة دليل على أن الأمم المتحدة تثق بوصولنا للشباب، فهم الذين سيحددون شكل المستقبل القادم عبر آرائهم، رؤيتهم، مخاوفهم، وحتى أحلامهم، فلنعطي الثقة للشباب فهم مسؤولون عن شكل مستقبلهم فأصواتهم يجب أن تكون مسموعة وأن تؤخذ بعين الاعتبار.”
تمثيل سوريا والوطن العربي في المحافل الدولية
الجدير بالذكر أن باسل قد مثل فريقه في حفل توزيع جوائز أهداف التنمية المستدامة المنظم من قبل الأمم المتحدة لعام 2020 بعد أن تأهل فريقة في منصة رواد سوريا 2030 إلى النهائيات وتم اختيارهم من ضمن 2000 مبادرة عالمية معنية بالتنمية المستدامة حيث كان من المفترض أن يكون الحفل في مدينة بون، ألمانيا.
إلا إنه وبسبب ظروف جائحة كورونا قد تم تنظيم الحدث افتراضيا عبر الإنترنت حيث عرض المشروع على لجنة من الخبراء العالميين وتم اختيارهم مع ثماني مبادرات أخرى تسعى لتحقيق التنمية المستدامة. وقد حضر الحفل أكثر من أكثر 24.500 شخص من 200 دولة حول العالم، وكانت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة السيدة أمينة محمد من بين المتحدثين فيه.
وأوضح باسل بعد تلقيه الرسالة الرسمية المعنية بدخولهم في النهائيات:
“إن تمثيلنا لبلدنا الحبيب سوريا وللوطن العربي بعد وصولنا للتصفيات النهائية واختيارنا من ضمن 2000 مبادرة تقدمت من 140 دولة حول العالم ما هي إلا خطوة عظيمة نفتخر بها، وإنه لإنجاز يعنى السوريين والعرب جميعاً، وعلى أمل أن يساعدنا هذا في تقديم المزيد للشباب السوري وأن نستمر في تمثيل وطننا ونرفع علمه عالياً في السماء فهو يستحق منا الكثير من العطاء والعمل”.
[ad_2]
Source link