خطفوه من بين تلاميذه وأهانوه أمامهم وأودعوه “غوانتنامو اليمن”.. م

خطفوه من بين تلاميذه وأهانوه أمامهم وأودعوه “غوانتنامو اليمن”.. م

[ad_1]

26 يونيو 2021 – 16 ذو القعدة 1442
01:34 AM

الفارون من جحيم الحوثي (ح4) .. ابتزوا أسرته وأهانوا كرامته

خطفوه من بين تلاميذه وأهانوه أمامهم وأودعوه “غوانتنامو اليمن”.. معلِّم يمني يحكي لـ”سبق” قصته مع المعتقلات الحوثية

كان المعلم عبدالغني الهيج يمارس عمله اليومي بين طلابه في مدرسته، يُعلِّمهم، ويثقِّفهم، وينير بصيرتهم؛ ليصيروا رجال الغد والمستقبل في بلد اختطف الحوثيون حاضره، يقاوم الجهل الحوثي بالكراس والقلم، لكنه لم يدُرْ بخلده أن تطأ رجعية الحوثيين وجهه، ويختطفوه من بين طلابه في مدرسته، ويهينوا كرامته.

وعلى عكس كل صباح؛ إذ كان “الهيج” يُمنِّي النفس بزوال الغمة والانقلاب؛ فقد كان كل صباح يدعوه للحياة، ويمسك بيده ليعيش أجمل تفاصيله، إلا هذا الصباح؛ فقد كان شديد الحلكة والسواد “مكبلاً لأطرافه وروحه”، على حد تعبيره.

لحظة الاختطاف
تبدأ قصة هذا المعلِّم اليمني بذلك الصباح. يقول “الهيج” لـ”سبق” مسترجعًا ذكريات اختطافه وهو يؤدي دوره النبيل في مدرسته: “جاء طقم يحمل مسلحين بقيادة أبي ماهر المشرف الأمني التابع لميليشيا الحوثي. اقتحموا المدرسة، ودون أي مسوغ قانوني أسقطوا الأخلاق أرضًا، وداسوا عليها بنعالهم، وهم يخطفون معلمًا، قضى نصف عمره في تربية الأجيال”.

لم يكن الأمر بالهين على معلم الأجيال، وتلاميذه يرونه يُهان أمام أعينهم وهو قدوتهم ومعلمهم ومَثلهم الأعلى؛ فما زالت الغصة في حلقه، ولا تفارقه تلك اللحظة المشؤومة أبد الدهر.

ويضيف بمرارة تكاد معها دموعه تنهمر وهو يستكمل حكايته: “أخذوني إلى مدينة الصالح بحجة أن شخصًا اسمه فؤاد الصلوي اشتكى عليّ لأجل إيهامي أن القضية لا تتعدى كونها قضية مدنية، وفي حقيقة الأمر لا أعرف هذا الاسم، ولا وجود لهذا الاسم مطلقًا”.

ويشير “الهيج” إلى أن الأمر في حقيقته لم يكن سوى نوع من التخدير الذي يخفي جرمهم المشهود بحق معلم، كان ذنبه الوحيد أنه لم يتكيف مع مدخلاتهم في المناهج التعليمية، وشعاراتهم الكاذبة، وكان يقف لهم بالمرصاد منعًا لتحويل المنابر التعليمية إلى أدوات حرب بتحويل الطلاب الصغار الذين لا ذنب لهم إلى مقاتلين يحملون السلاح في وجه إخوانهم باسم الانقلاب الحوثي.

قصة عذاب
ومن هنا بدأت قصة العذاب النفسي والجسدي؛ فأودع الحوثيون “الهيج” في شقة من الشقق التابعة لهم في مدينة الصالح، وفي اليوم نفسه لم يمهلوه كثيرًا، وكأنهم كانوا ينتظرون لحظة اقتياده لهم بفارغ الصبر؛ فعندما حلّ المساء وضعوا الأصفاد في يديه، وربطوا عينيه، واقتادوه إلى غرفة التحقيق؛ ليمارسوا معه ألعابهم القاسية.

يقول المعلم اليمني المكلوم: “استمر التحقيق معي إلى بزوغ الفجر، وطوال هذه الساعات تعرضت إلى العذاب الجسدي والنفسي، وأنا مغمض العينين، حتى كدت أن يُغمى علي”.

ويتابع: “تركز التحقيق على من يدعمني في توزيع التمر والسلال الغذائية، وعلى كل فعل كنت أسلكه في طريق الخير؛ كي أخفف عن مدينتي المنكوبة ولو بعض الشيء. وفي نهاية التحقيق بُصّمت على أوراق عدة، ولا أعرف ماذا كُتب فيها”.

ومرة أخرى نقلت رجال العصابة الحوثية المدرس اليمني إلى إحدى الشقق القذرة التي يستخدمونها كسجن، وهي تفتقر إلى التهوية الجيدة، وتكتظ بالمخطوفين والمعتقلين، كما لم تكن أحوال الطعام والماء اللذين يقدمونهما لهم بأفضل حال؛ فقد كان الماء لا يكفي الشراب والوضوء، بينما الطعام لقيمات قليلة لا تسد رمقهم، على حد قوله.

أحوال السجن المزرية
ويلفت “الهيج” إلى عدم نظافة المكان الذي حُبس فيه؛ فقد كانت وسائل وأدوات النظافة منعدمة؛ ما تسبب في مهاجمة القمل والأمراض الجلدية والجسدية المختلفة له وللمعتقلين، بينما كان يتلذذ رجال العصابة بأوجاعهم وآلامهم؛ فحرموهم حتى من “حبّة” المسكنات.

ولم تكن أحوال أسرة المعلم بأفضل حال؛ فقد كانوا يكابدون الأحزان، ويتجرعون الآلام وهم لا يعلمون شيئًا عن أحواله، بينما هو يموت في اليوم ألف مرة، وهو عاجز حتى عن السؤال عنهم، بينما الحوثيون يبتزونهم. ويقول هنا: “كل هذا العذاب كان ما يمكن تحمله، لكن ما لا يحتمله كل أب هو حالي وأنا غائب عن أولادي، أهذي بمناداتهم، ويوقظني ويقض مضجعي عذوبة أصواتهم، لا أعلم حالهم، ولا يعلمون ماذا حلّ بي؛ فقد كان جميع أسرتي تحت رحمة أولئك المسوخ الذين لا يعيشون إلا كالذباب على الجراح؛ فقد كانوا يبتزون أسرتي، ويسرقون قوت أطفالي بحجة إخراجي من المعتقل، وهم أنفسهم يضيقون على سجني أكثر، ويعاودون استجوابي مرة تلو الأخرى بأسلوب التحقيق الأول نفسه قبل أن يأتي هذا التاريخ الذي كنت أظنه لحظة الخلاص”.

وَهْم الخلاص
وفي أحد الأيام، وكل الأيام تشبه بعضها في السجن، أوهم الحوثيون “الهيج” بقرب الخلاص والحرية عبر تبادل الأسرى والمعتقلين من كلا الطرفين، الشرعية والحوثيين؛ فقيّدوا أطرافه، وحملوه وغيره من المخطوفين، ولكن جاءت الصدمة؛ فقد حملوهم إلى معتقل آخر، وهو معتقل كلية المجتمع في ذمار. وهناك سمع نبأ وفاة أبيه.

ويصف “الهيج” ذلك قائلاً: “هناك تبدأ قصة معاناة لا تقل عن معتقل الصالح. تم التحقيق معي هناك مرتين منفصلتين، ومكثت فيه سنة وبضعة أشهر. كان أمرُّ ما فيه ما هو أمرُّ من المُرِّ ذاته، وهو صاعقة هشمت ذاتي، ومزقت كياني، وهدت قوتي؛ لتتركني أبكي بكل حرقة أهل الأرض على فراق أبي الذي وافاه الأجل وهو يحلم بأن يراني، ويلمس خدي قبل أن يموت. مات وماتت داخلي جميع الأمنيات، ولم يعد للحياة طعم حين سلبوا مني توديعه ولو بمكالمة صوتية”.

غوانتنامو اليمن ونسيم الحرية
ويستكمل المعلم قصته، وكيف نُقل إلى محبسه الجديد الذي وصفه بـ”غوانتنامو”؛ إذ يقول: “بعدها بفترة من الزمن تم نقلي مع مجموعة شباب إلى معتقل الصالح في تعز، ومكثنا هناك خمسة أيام من أجل صفقة التبادل التي انتظرناها طويلاً، لكنها فشلت، وتم إرجاعنا إلى ذمار، ولكن هذه المرة تم وضعنا في معتقل قسم الشمالية (الغبراء) ذمار، وهو يشبه تمامًا معتقل غوانتنامو من حيث العذاب النفسي، وعدم المعاملة الإنسانية؛ فقد تعرّضنا فيه للمعاملة القاسية، والجوع والبرد، والخوف، والسب، والتهديد بالقتل، وكل أصناف العذاب”.

وأخيرًا، في ليلة جديدة من ليالي “غوانتنامو اليمن”، جاء الفرج؛ فقد نقلت العصابة الحوثية “الهيج” إلى إحدى نقاط تبادل الأسرى، وهنا شعر وكأنما وُلد من جديد، وذهب عنه التعب والألم عند أول نسمة هواء للحرية، على حد تعبيره.

ورغم مرور الأيام إلا أنه لا يزال يشعر بغصة الحبس ظلمًا، واختطافه وسط طلابه، يكابد آثار المعتقل الجسدية والنفسية، ويعاني إهمال المنظمات الدولية أثناء الاعتقال وبعده.. ويعيش في أحد الأماكن البعيدة عن أعين الحوثيين الجبناء، تتحفظ”سبق” عن ذكره؛ حتى لا يطول بطش الانقلابيين المعلم اليمني ورفاقه ممن كابدوا الألم والمعاناة في جحيم الحوثي.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply