[ad_1]
لم تمضِ إلا أيام قليلة على فوز القاضي المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية حتى بدأ في خطب ود السعودية عبر تصريحات ودية، أعلن فيها رغبته بعودة العلاقات مع السعودية، وذلك بعد أن قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران على خلفية اعتداء إيرانيين على السفارة والقنصلية السعوديتَين مطلع عام 2016م.
وفي أول مؤتمر صحفي له عقب الفوز بالرئاسة قال “رئيسي”: “نريد علاقات طيبة مع جميع دول الجوار، ولاسيما السعودية”. وهو ما قد يُفهم على أنه خطب لود دول الجوار، وبالأخص السعودية، إلا أن الأمر في حقيقته قد ينطوي على نهج رئاسي إيراني تقليدي ودبلوماسي، لا ينعكس على واقع السلوك الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، والداعم للإرهاب، بحسب خبراء.
فارغة المضمون
يقول إسلام منسي، الباحث في الشؤون الإيرانية، لـ”سبق” تعليقًا على تصريحات الرئيس الإيراني المنتخب: “تصريحات إبراهيم رئيسي لا يمكن الوثوق بها ما دامت لم تُترجم إلى أفعال على أرض الواقع، ولا يمكن أخذها بمصداقية”. مضيفًا: “يمكن الوثوق بإيران وتصريحاتها بخطب ود السعودية عندما نرى وقف التصعيد في اليمن، وحينما نرى إجراءات ملموسة على الأرض، وعندما نرى تراجعًا عن مشروع الإرهاب في المنطقة، حينها يمكننا أخذها بمصداقية”.
ولا ينتظر الباحث في الشؤون الإيرانية حدوث تحوُّل في العلاقات الإيرانية بدول الخليج مع قدوم “رئيسي”؛ وذلك لكون خيوط السياسات الخارجية بالكامل في يد المرشد الأعلى.. ويقول في هذا الصدد: “أعتقد أن منصب المرشد الإيراني هو الأهم؛ فهو الذي يحدد ويرسم خطوط العمل للسياسة الخارجية، بينما منصب الرئيس لا يكون فارقًا في ذلك؛ فالرئيس والحكومة مجرد منفذَين للسياسة الخارجية التي يحددها المرشد؛ لذلك لا ينتظر حدوث تحول كبير في السياسة الخارجية الإيرانية مع قدوم الرئيس”.
ويدلل على ذلك تصريحات وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر مع نظيره النمساوي ألكسندر شالينبرغ في فيينا، ردًّا على سؤال عن كيف تنوي السعودية التعامل مع الحكومة الإيرانية الجديدة؛ إذ قال: “من وجهة نظرنا، السياسة الخارجية في إيران يديرها المرشد الأعلى (علي خامنئي)؛ ولذلك نبني تعاملنا تجاه إيران على حقيقة الوضع على أرض الواقع، وهذا ما سوف نحكم به على الحكومة الجديدة، بصرف النظر عمن يتولى السلطة”.
ويشاطر محمد العبادي، الخبير في الشأن الإيراني مدير مركز جدار للدراسات، “منسي” الرأي فيما يتعلق بتصريحات الرئيس الإيراني المنتخب حول العلاقات مع السعودية ودول الجوار، ويقول لـ”سبق” تعليقًا عليها: “تصريحات رئيسي دبلوماسية، وبها رسائل مبطنة، وإن كان تخللها إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار، ولكن هذا نهج الرؤساء في إيران، فعقب تسلمهم المنصب دائمًا يقولون إنهم يريدون علاقات جيدة مع الجوار، ويقصدون بذلك السعودية”. ويستدرك “عبادي” مضيفًا: “ولكن في الخطاب نفسه أطلق رئيسي 4 لاءات: أولها النفوذ الإقليمي في المنطقة والبرنامج الصاروخي، وهما أكثر شيئين يهددان دول الجوار، وأبقيا العلاقات متوترة مع تلك الدول؛ لذلك تبقى كلماته فارغة المضمون، مع تمسكه بهذه الملفات المقلقة لدول الجوار، منها دعم الإرهاب، ودعم الميليشيات المسلحة، والبرنامج الصاروخي”.
صدامات داخلية وخارجية
ومن المنتظر أن يصطدم “رئيسي” بعدد من الملفات الساخنة الداخلية والخارجية، وتركة ثقيلة تركها له سلفه حسن روحاني، منها الأزمة الاقتصادية المتفجرة، التي زادتها جائحة كورونا سوءًا، والغضب الشعبي من جراء الانتخابات الهزلية التي كان معروفًا سابقًا فوز “رئيسي” بها، كذلك ما يتعلق بالسياسة الخارجية على صعيد العلاقات المتوترة مع دول الجوار، والملف النووي والبرنامج الإيراني الصاروخي، وغيرهم من الملفات الشائكة على الصعيدين الداخلي والخارجي.. إلا أن الرئيس الإيراني المنتخب -بحسب ما يلفت إليه “عبادي”- لا يملك من قراره شيئًا، وهو مجرد دمية للمرشد الأعلى.. ويقول في هذا الصدد: “رئيسي نفسه لا يملك التحرك وإدارة ملفات المنطقة؛ لأن هذه الملفات الخاصة بالمنطقة في يد الحرس الثوري. فبحسب تسريبات محمد جواد ظريف قال إنهم صفر على اليسار فيما يخص ملفات المنطقة، وإن الحرس الثوري وقاسم سليماني هما من كان يفرض عليهم حتى في المفاوضات أي النقاط نركز، وأي نقاط ندعم؛ لذلك رئيسي الذي يعتبر واجهة الحرس أو دمية للحرس وخامنئي لا يملك القرار، ولا يملك أن يكون فاعلاً فيها”.
ويتابع بقوله: “عندما يأتي رئيس جديد فذلك ينعكس على الوضع الداخلي من حيث التشدد والانفتاح، أما العلاقات مع الخارج فلن يتغير شيء. ربما لن ينعكس على المنطقة في شيء، ولكن التغير لا بد أن يأتي من دول المنطقة بأن تُعدَّ خطة أو مشروعًا لتغيير الوضع؛ لأن طهران لن تتخلى عن مشروعها بقدوم رئيسي، ولا عن نفوذها، ولن تتخلى عن البرنامج الصاروخي، وستواصل مفاوضاتها مع الدول الغربية، وربما تتوصل لاتفاق تجنى من ورائه المليارات مرة أخرى كما حدث في عهد أوباما، وستستخدمها في دعم الميليشيات، وفي دعم تمددها ونفوذها في المنطقة، وفي دعم البرنامج الصاروخي والتسليح”.
أما فيما يتعلق بانعكاس انتخاب رئيسي على الملف النووي فيرى مدير مركز جدار للدراسات أن المرشد هو من يضع السياسات المتعلقة بالملف النووي؛ فهو ملف استراتيجي؛ لا يستطيع “رئيسي” أن يقدم فيه أو أن يؤخر؛ فالمرشد هو من يعطي الضوء الأخضر، ومجلس الأمن القومي هو من يتخذ القرارات الاستراتيجية فيما يخص المفاوضات، على حد قوله.
ويذكر “عبادي” محددَين، تتعامل بهما طهران فيما يخص الملف النووي: “المحدد الأول ضغط الداخل؛ فالشعب الإيراني بعد العقوبات الأمريكية مع سوء الإدارة والفساد لديه أزمة اقتصادية كبرى، وهذه الأزمة أدت إلى غضب شعبي ومظاهرات عارمة في 2017 و2019، وازداد الأمر مع مسرحية الانتخابات سوءًا؛ ما جعل من قطاعات واسعة غاضبة؛ فما لم تحدث انفراجة اقتصادية فقد تحدث ثورة خضراء في وجه النظام؛ لذلك فهم مجبرون بضغط الداخل على أن يكون هناك مرونة فيما يخص الملف النووي؛ حتى يتم الوصول إلى اتفاق، وما قد يعقب ذلك من انفراجة بعد رفع العقوبات”.
ويضيف: “أما المحدد الثاني فهو رغبة إدارة بايدن في الوصول لاتفاق مع إيران؛ فالفريق المفاوض أغلب أعضائه من الفريق المفاوض إبان حقبة أوباما، وبايدن يسير على خطى أوباما في الوصول لاتفاق مع إيران، ولكن هذا يتوقف على السلوك الإيراني في بعض الملفات؛ لذلك أرى أن القرار الاستراتيجي الإيراني في هذه المرحلة ربما يكون تجميد بعض الملفات الخلافية، مثل النفوذ في المنطقة والبرنامج الصاروخي، بشكل مؤقت، حتى الوصول لاتفاق، ومن ثم عودة إلى السلوك السابق؛ فطهران تحاول أن تحفظ ماء وجه بايدن، ومنحه الذريعة للاستمرار في المفاوضات”.
هل حاول الرئيس الإيراني الجديد خطب ود السعودية؟.. خبيران يحللان رسائله لـ”سبق”
ياسر نجدي
سبق
2021-06-24
لم تمضِ إلا أيام قليلة على فوز القاضي المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية حتى بدأ في خطب ود السعودية عبر تصريحات ودية، أعلن فيها رغبته بعودة العلاقات مع السعودية، وذلك بعد أن قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران على خلفية اعتداء إيرانيين على السفارة والقنصلية السعوديتَين مطلع عام 2016م.
وفي أول مؤتمر صحفي له عقب الفوز بالرئاسة قال “رئيسي”: “نريد علاقات طيبة مع جميع دول الجوار، ولاسيما السعودية”. وهو ما قد يُفهم على أنه خطب لود دول الجوار، وبالأخص السعودية، إلا أن الأمر في حقيقته قد ينطوي على نهج رئاسي إيراني تقليدي ودبلوماسي، لا ينعكس على واقع السلوك الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، والداعم للإرهاب، بحسب خبراء.
فارغة المضمون
يقول إسلام منسي، الباحث في الشؤون الإيرانية، لـ”سبق” تعليقًا على تصريحات الرئيس الإيراني المنتخب: “تصريحات إبراهيم رئيسي لا يمكن الوثوق بها ما دامت لم تُترجم إلى أفعال على أرض الواقع، ولا يمكن أخذها بمصداقية”. مضيفًا: “يمكن الوثوق بإيران وتصريحاتها بخطب ود السعودية عندما نرى وقف التصعيد في اليمن، وحينما نرى إجراءات ملموسة على الأرض، وعندما نرى تراجعًا عن مشروع الإرهاب في المنطقة، حينها يمكننا أخذها بمصداقية”.
ولا ينتظر الباحث في الشؤون الإيرانية حدوث تحوُّل في العلاقات الإيرانية بدول الخليج مع قدوم “رئيسي”؛ وذلك لكون خيوط السياسات الخارجية بالكامل في يد المرشد الأعلى.. ويقول في هذا الصدد: “أعتقد أن منصب المرشد الإيراني هو الأهم؛ فهو الذي يحدد ويرسم خطوط العمل للسياسة الخارجية، بينما منصب الرئيس لا يكون فارقًا في ذلك؛ فالرئيس والحكومة مجرد منفذَين للسياسة الخارجية التي يحددها المرشد؛ لذلك لا ينتظر حدوث تحول كبير في السياسة الخارجية الإيرانية مع قدوم الرئيس”.
ويدلل على ذلك تصريحات وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر مع نظيره النمساوي ألكسندر شالينبرغ في فيينا، ردًّا على سؤال عن كيف تنوي السعودية التعامل مع الحكومة الإيرانية الجديدة؛ إذ قال: “من وجهة نظرنا، السياسة الخارجية في إيران يديرها المرشد الأعلى (علي خامنئي)؛ ولذلك نبني تعاملنا تجاه إيران على حقيقة الوضع على أرض الواقع، وهذا ما سوف نحكم به على الحكومة الجديدة، بصرف النظر عمن يتولى السلطة”.
ويشاطر محمد العبادي، الخبير في الشأن الإيراني مدير مركز جدار للدراسات، “منسي” الرأي فيما يتعلق بتصريحات الرئيس الإيراني المنتخب حول العلاقات مع السعودية ودول الجوار، ويقول لـ”سبق” تعليقًا عليها: “تصريحات رئيسي دبلوماسية، وبها رسائل مبطنة، وإن كان تخللها إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار، ولكن هذا نهج الرؤساء في إيران، فعقب تسلمهم المنصب دائمًا يقولون إنهم يريدون علاقات جيدة مع الجوار، ويقصدون بذلك السعودية”. ويستدرك “عبادي” مضيفًا: “ولكن في الخطاب نفسه أطلق رئيسي 4 لاءات: أولها النفوذ الإقليمي في المنطقة والبرنامج الصاروخي، وهما أكثر شيئين يهددان دول الجوار، وأبقيا العلاقات متوترة مع تلك الدول؛ لذلك تبقى كلماته فارغة المضمون، مع تمسكه بهذه الملفات المقلقة لدول الجوار، منها دعم الإرهاب، ودعم الميليشيات المسلحة، والبرنامج الصاروخي”.
صدامات داخلية وخارجية
ومن المنتظر أن يصطدم “رئيسي” بعدد من الملفات الساخنة الداخلية والخارجية، وتركة ثقيلة تركها له سلفه حسن روحاني، منها الأزمة الاقتصادية المتفجرة، التي زادتها جائحة كورونا سوءًا، والغضب الشعبي من جراء الانتخابات الهزلية التي كان معروفًا سابقًا فوز “رئيسي” بها، كذلك ما يتعلق بالسياسة الخارجية على صعيد العلاقات المتوترة مع دول الجوار، والملف النووي والبرنامج الإيراني الصاروخي، وغيرهم من الملفات الشائكة على الصعيدين الداخلي والخارجي.. إلا أن الرئيس الإيراني المنتخب -بحسب ما يلفت إليه “عبادي”- لا يملك من قراره شيئًا، وهو مجرد دمية للمرشد الأعلى.. ويقول في هذا الصدد: “رئيسي نفسه لا يملك التحرك وإدارة ملفات المنطقة؛ لأن هذه الملفات الخاصة بالمنطقة في يد الحرس الثوري. فبحسب تسريبات محمد جواد ظريف قال إنهم صفر على اليسار فيما يخص ملفات المنطقة، وإن الحرس الثوري وقاسم سليماني هما من كان يفرض عليهم حتى في المفاوضات أي النقاط نركز، وأي نقاط ندعم؛ لذلك رئيسي الذي يعتبر واجهة الحرس أو دمية للحرس وخامنئي لا يملك القرار، ولا يملك أن يكون فاعلاً فيها”.
ويتابع بقوله: “عندما يأتي رئيس جديد فذلك ينعكس على الوضع الداخلي من حيث التشدد والانفتاح، أما العلاقات مع الخارج فلن يتغير شيء. ربما لن ينعكس على المنطقة في شيء، ولكن التغير لا بد أن يأتي من دول المنطقة بأن تُعدَّ خطة أو مشروعًا لتغيير الوضع؛ لأن طهران لن تتخلى عن مشروعها بقدوم رئيسي، ولا عن نفوذها، ولن تتخلى عن البرنامج الصاروخي، وستواصل مفاوضاتها مع الدول الغربية، وربما تتوصل لاتفاق تجنى من ورائه المليارات مرة أخرى كما حدث في عهد أوباما، وستستخدمها في دعم الميليشيات، وفي دعم تمددها ونفوذها في المنطقة، وفي دعم البرنامج الصاروخي والتسليح”.
أما فيما يتعلق بانعكاس انتخاب رئيسي على الملف النووي فيرى مدير مركز جدار للدراسات أن المرشد هو من يضع السياسات المتعلقة بالملف النووي؛ فهو ملف استراتيجي؛ لا يستطيع “رئيسي” أن يقدم فيه أو أن يؤخر؛ فالمرشد هو من يعطي الضوء الأخضر، ومجلس الأمن القومي هو من يتخذ القرارات الاستراتيجية فيما يخص المفاوضات، على حد قوله.
ويذكر “عبادي” محددَين، تتعامل بهما طهران فيما يخص الملف النووي: “المحدد الأول ضغط الداخل؛ فالشعب الإيراني بعد العقوبات الأمريكية مع سوء الإدارة والفساد لديه أزمة اقتصادية كبرى، وهذه الأزمة أدت إلى غضب شعبي ومظاهرات عارمة في 2017 و2019، وازداد الأمر مع مسرحية الانتخابات سوءًا؛ ما جعل من قطاعات واسعة غاضبة؛ فما لم تحدث انفراجة اقتصادية فقد تحدث ثورة خضراء في وجه النظام؛ لذلك فهم مجبرون بضغط الداخل على أن يكون هناك مرونة فيما يخص الملف النووي؛ حتى يتم الوصول إلى اتفاق، وما قد يعقب ذلك من انفراجة بعد رفع العقوبات”.
ويضيف: “أما المحدد الثاني فهو رغبة إدارة بايدن في الوصول لاتفاق مع إيران؛ فالفريق المفاوض أغلب أعضائه من الفريق المفاوض إبان حقبة أوباما، وبايدن يسير على خطى أوباما في الوصول لاتفاق مع إيران، ولكن هذا يتوقف على السلوك الإيراني في بعض الملفات؛ لذلك أرى أن القرار الاستراتيجي الإيراني في هذه المرحلة ربما يكون تجميد بعض الملفات الخلافية، مثل النفوذ في المنطقة والبرنامج الصاروخي، بشكل مؤقت، حتى الوصول لاتفاق، ومن ثم عودة إلى السلوك السابق؛ فطهران تحاول أن تحفظ ماء وجه بايدن، ومنحه الذريعة للاستمرار في المفاوضات”.
24 يونيو 2021 – 14 ذو القعدة 1442
01:32 AM
لم تمضِ إلا أيام قليلة على فوز القاضي المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية حتى بدأ في خطب ود السعودية عبر تصريحات ودية، أعلن فيها رغبته بعودة العلاقات مع السعودية، وذلك بعد أن قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران على خلفية اعتداء إيرانيين على السفارة والقنصلية السعوديتَين مطلع عام 2016م.
وفي أول مؤتمر صحفي له عقب الفوز بالرئاسة قال “رئيسي”: “نريد علاقات طيبة مع جميع دول الجوار، ولاسيما السعودية”. وهو ما قد يُفهم على أنه خطب لود دول الجوار، وبالأخص السعودية، إلا أن الأمر في حقيقته قد ينطوي على نهج رئاسي إيراني تقليدي ودبلوماسي، لا ينعكس على واقع السلوك الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، والداعم للإرهاب، بحسب خبراء.
فارغة المضمون
يقول إسلام منسي، الباحث في الشؤون الإيرانية، لـ”سبق” تعليقًا على تصريحات الرئيس الإيراني المنتخب: “تصريحات إبراهيم رئيسي لا يمكن الوثوق بها ما دامت لم تُترجم إلى أفعال على أرض الواقع، ولا يمكن أخذها بمصداقية”. مضيفًا: “يمكن الوثوق بإيران وتصريحاتها بخطب ود السعودية عندما نرى وقف التصعيد في اليمن، وحينما نرى إجراءات ملموسة على الأرض، وعندما نرى تراجعًا عن مشروع الإرهاب في المنطقة، حينها يمكننا أخذها بمصداقية”.
ولا ينتظر الباحث في الشؤون الإيرانية حدوث تحوُّل في العلاقات الإيرانية بدول الخليج مع قدوم “رئيسي”؛ وذلك لكون خيوط السياسات الخارجية بالكامل في يد المرشد الأعلى.. ويقول في هذا الصدد: “أعتقد أن منصب المرشد الإيراني هو الأهم؛ فهو الذي يحدد ويرسم خطوط العمل للسياسة الخارجية، بينما منصب الرئيس لا يكون فارقًا في ذلك؛ فالرئيس والحكومة مجرد منفذَين للسياسة الخارجية التي يحددها المرشد؛ لذلك لا ينتظر حدوث تحول كبير في السياسة الخارجية الإيرانية مع قدوم الرئيس”.
ويدلل على ذلك تصريحات وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر مع نظيره النمساوي ألكسندر شالينبرغ في فيينا، ردًّا على سؤال عن كيف تنوي السعودية التعامل مع الحكومة الإيرانية الجديدة؛ إذ قال: “من وجهة نظرنا، السياسة الخارجية في إيران يديرها المرشد الأعلى (علي خامنئي)؛ ولذلك نبني تعاملنا تجاه إيران على حقيقة الوضع على أرض الواقع، وهذا ما سوف نحكم به على الحكومة الجديدة، بصرف النظر عمن يتولى السلطة”.
ويشاطر محمد العبادي، الخبير في الشأن الإيراني مدير مركز جدار للدراسات، “منسي” الرأي فيما يتعلق بتصريحات الرئيس الإيراني المنتخب حول العلاقات مع السعودية ودول الجوار، ويقول لـ”سبق” تعليقًا عليها: “تصريحات رئيسي دبلوماسية، وبها رسائل مبطنة، وإن كان تخللها إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار، ولكن هذا نهج الرؤساء في إيران، فعقب تسلمهم المنصب دائمًا يقولون إنهم يريدون علاقات جيدة مع الجوار، ويقصدون بذلك السعودية”. ويستدرك “عبادي” مضيفًا: “ولكن في الخطاب نفسه أطلق رئيسي 4 لاءات: أولها النفوذ الإقليمي في المنطقة والبرنامج الصاروخي، وهما أكثر شيئين يهددان دول الجوار، وأبقيا العلاقات متوترة مع تلك الدول؛ لذلك تبقى كلماته فارغة المضمون، مع تمسكه بهذه الملفات المقلقة لدول الجوار، منها دعم الإرهاب، ودعم الميليشيات المسلحة، والبرنامج الصاروخي”.
صدامات داخلية وخارجية
ومن المنتظر أن يصطدم “رئيسي” بعدد من الملفات الساخنة الداخلية والخارجية، وتركة ثقيلة تركها له سلفه حسن روحاني، منها الأزمة الاقتصادية المتفجرة، التي زادتها جائحة كورونا سوءًا، والغضب الشعبي من جراء الانتخابات الهزلية التي كان معروفًا سابقًا فوز “رئيسي” بها، كذلك ما يتعلق بالسياسة الخارجية على صعيد العلاقات المتوترة مع دول الجوار، والملف النووي والبرنامج الإيراني الصاروخي، وغيرهم من الملفات الشائكة على الصعيدين الداخلي والخارجي.. إلا أن الرئيس الإيراني المنتخب -بحسب ما يلفت إليه “عبادي”- لا يملك من قراره شيئًا، وهو مجرد دمية للمرشد الأعلى.. ويقول في هذا الصدد: “رئيسي نفسه لا يملك التحرك وإدارة ملفات المنطقة؛ لأن هذه الملفات الخاصة بالمنطقة في يد الحرس الثوري. فبحسب تسريبات محمد جواد ظريف قال إنهم صفر على اليسار فيما يخص ملفات المنطقة، وإن الحرس الثوري وقاسم سليماني هما من كان يفرض عليهم حتى في المفاوضات أي النقاط نركز، وأي نقاط ندعم؛ لذلك رئيسي الذي يعتبر واجهة الحرس أو دمية للحرس وخامنئي لا يملك القرار، ولا يملك أن يكون فاعلاً فيها”.
ويتابع بقوله: “عندما يأتي رئيس جديد فذلك ينعكس على الوضع الداخلي من حيث التشدد والانفتاح، أما العلاقات مع الخارج فلن يتغير شيء. ربما لن ينعكس على المنطقة في شيء، ولكن التغير لا بد أن يأتي من دول المنطقة بأن تُعدَّ خطة أو مشروعًا لتغيير الوضع؛ لأن طهران لن تتخلى عن مشروعها بقدوم رئيسي، ولا عن نفوذها، ولن تتخلى عن البرنامج الصاروخي، وستواصل مفاوضاتها مع الدول الغربية، وربما تتوصل لاتفاق تجنى من ورائه المليارات مرة أخرى كما حدث في عهد أوباما، وستستخدمها في دعم الميليشيات، وفي دعم تمددها ونفوذها في المنطقة، وفي دعم البرنامج الصاروخي والتسليح”.
أما فيما يتعلق بانعكاس انتخاب رئيسي على الملف النووي فيرى مدير مركز جدار للدراسات أن المرشد هو من يضع السياسات المتعلقة بالملف النووي؛ فهو ملف استراتيجي؛ لا يستطيع “رئيسي” أن يقدم فيه أو أن يؤخر؛ فالمرشد هو من يعطي الضوء الأخضر، ومجلس الأمن القومي هو من يتخذ القرارات الاستراتيجية فيما يخص المفاوضات، على حد قوله.
ويذكر “عبادي” محددَين، تتعامل بهما طهران فيما يخص الملف النووي: “المحدد الأول ضغط الداخل؛ فالشعب الإيراني بعد العقوبات الأمريكية مع سوء الإدارة والفساد لديه أزمة اقتصادية كبرى، وهذه الأزمة أدت إلى غضب شعبي ومظاهرات عارمة في 2017 و2019، وازداد الأمر مع مسرحية الانتخابات سوءًا؛ ما جعل من قطاعات واسعة غاضبة؛ فما لم تحدث انفراجة اقتصادية فقد تحدث ثورة خضراء في وجه النظام؛ لذلك فهم مجبرون بضغط الداخل على أن يكون هناك مرونة فيما يخص الملف النووي؛ حتى يتم الوصول إلى اتفاق، وما قد يعقب ذلك من انفراجة بعد رفع العقوبات”.
ويضيف: “أما المحدد الثاني فهو رغبة إدارة بايدن في الوصول لاتفاق مع إيران؛ فالفريق المفاوض أغلب أعضائه من الفريق المفاوض إبان حقبة أوباما، وبايدن يسير على خطى أوباما في الوصول لاتفاق مع إيران، ولكن هذا يتوقف على السلوك الإيراني في بعض الملفات؛ لذلك أرى أن القرار الاستراتيجي الإيراني في هذه المرحلة ربما يكون تجميد بعض الملفات الخلافية، مثل النفوذ في المنطقة والبرنامج الصاروخي، بشكل مؤقت، حتى الوصول لاتفاق، ومن ثم عودة إلى السلوك السابق؛ فطهران تحاول أن تحفظ ماء وجه بايدن، ومنحه الذريعة للاستمرار في المفاوضات”.
window.fbAsyncInit = function() { FB.init({ appId : 636292179804270, autoLogAppEvents : true, xfbml : true, version : 'v2.10' }); FB.AppEvents.logPageView(); };
(function(d, s, id){ var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0]; if (d.getElementById(id)) {return;} js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = "https://connect.facebook.net/en_US/sdk.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); }(document, 'script', 'facebook-jssdk'));
[ad_2]
Source link