«رؤى لونا».. من الخوف إلى الحب – أخبار السعودية

«رؤى لونا».. من الخوف إلى الحب – أخبار السعودية

[ad_1]

العقل مثقل بالمعرفة، والروح خفيفة بالتحليق فوق كل هذا السطح الذي نعيشه، أي غلاف الحياة الهش. ذلك واحد من مفاعيل القراءة وتجل لفعل الأدب الرفيع، إذ إن من عاداتي السيئة ربما أن أقوم بقراءة أكثر من كتاب في الفترة الزمنية نفسها مع اختلاف مجالاتها (رواية، شعر، فلسفة، علوم..الخ) لغة مترجمة، أو لغة عربية قديمة.

كأن أقرأ الكلمات والأشياء مع طوق الحمامة، أو اليوتوبيا والأيديولوجيا مع جدارية محمود درويش، ولذلك تبقى بعض الكتب جواري لفترات طويلة وأحياناً مُتقطعة.

لكن يحدث أن ينجح كتاب في استلابي لأُكمله مُتناسية سواه. وهذا ما حدث مع رؤى لونا رواية فريدريك لونوار، تجربة قراءة نجحت في حبسي بين دفتيها، بعد تجارب فاشلة تتابعت خلال قراءتي لعدد من الروايات في الفترة الأخيرة.

حبستني هذه الرواية الطويلة بين دفتيها لألتهمها في وقت قصير. نعم أقول لأطفالي إن العقل أو الرأس يجوع مثلما يجوع البطن، لذلك نحن نلتهم بعض الكتب والمعارف التهاماً، إذ إن الكتب ليست إلا الشكل الأساسي للمعرفة؛ ففي التأمل معرفة، في الحوار معرفة، في الكثير مما يُصادفنا معرفة. وبذلك يتعلم الإنسان فن القراءة في كل أشكال الوجود.

سحرتني لونا برؤاها لجيوفاني بطل الرواية. جيوفاني القروي البسيط، العاشق، المُغامر، الفيلسوف، المُنجّم، السجين، الهارب، الراهب، الزاهد المُتنسِّك في جبال إيطاليا، العبد في سوق الرقيق بالجزائر، المُلحد، الباحث عن الله في الصوفية وفي القبلانية، في الأفلاك وفي الأقدار، في الحب والخوف، في العفو والانتقام.

الزمان عصر النهضة، المكان حوض المتوسط، ربما كل إشكالات التاريخ تدور بين هذين العنصرين، رغم ما في الرواية من إسهاب تاريخي، وربما معانٍ سقطت في الترجمة والتدقيق، رغم الجهد العظيم لنقل عمل عميق بهذا الحجم يتطلب خبرة معرفية أكبر من الخبرة اللغوية، إذ تنطلق الرواية من سؤال الإنسان الأول عن ذاته وعن خالقه، وهل هو مُسيَّر أم مُخيّر؟ كيف يكون الإنسان حُرّاً في حياته إذا كانت الأقدار مكتوبة؟ وكل ما بين تلك الأفكار من جدل وديالكتيك ولَّد الفلسفة والمعرفة والعلم وانطلق بها عبر العصور بانياً حضارات ورادماً أخرى، في سبيل السيطرة على مصيره الآني، وكل ما يُقلقه في وجوده التالي في حياة أخرى وعوالم بعيدة.

«الوجود واقع، وممارسة الحياة فن. مسار الحياة هو الانتقال من الخوف إلى الحب». هذهِ الخُلاصة التي تنتهي بها الرواية. الحب سبيل الخلق وخلاصة معنى الوجود والخلافة في الأرض.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply