[ad_1]
الفريق كان في أدنى مستوياته عندما تولى المدرّب المسؤولية عام 2018
لم يكن روبرتو مانشيني مطلقاً من نوعية المديرين الفنيين الذين يكتفون بالمشاركة في البطولات، ولكي نعرف طبيعة شخصيته نشير إلى أنه عندما كان في التاسعة من عمره، شعر بإحباط شديد بسبب خسارته مباراة في تنس الطاولة لدرجة أنه قذف بالمضرب الذي كان يلعب به في رأس ابن عمه! وعندما كان في الرابعة والعشرين من عمره، كان لاعباً بفريق سامبدوريا الذي فاز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز للمرة الأولى في تاريخ النادي، لكن مانشيني كان يتطلع بالفعل إلى ما هو أبعد من ذلك، فبمجرد أن بدأ موسم الدفاع عن اللقب أخبر مانشيني زملاءه في الفريق بأنه يتعين عليهم العمل بكل قوة من أجل اللعب في «كأس إنتركونتيننتال» (بطولة كانت تجمع الفائز بلقب دوري أبطال أوروبا والفائز ببطولة كأس ليبرتادوريس في أميركا الجنوبية).
لقد فشل سامبدوريا في تحقيق طموحه، وخسر أمام برشلونة في الوقت الإضافي من نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1992. لكن شعلة مانشيني التنافسية لم تخفت مطلقاً، فبعدما تولى القيادة الفنية لمنتخب إيطاليا في 2018، أعلن عن نيته أن يكون «مدرباً جيداً ويعيد المنتخب الوطني إلى صدارة العالم مرة أخرى». في الحقيقة، كان هذا الهدف يبدو بعيد المنال، حيث كان المنتخب الإيطالي لا يزال يعاني من تداعيات فشله في التأهل لنهائيات كأس العالم لأول مرة منذ 60 عاماً. وأقيل جيامبيرو فينتورا من منصبه مديراً فنياً للآزوري فور الخسارة في ملحق الصعود أمام السويد، لكنه لم يترك وراءه سوى فراغ هائل وفوضى عارمة. ولم يعلن الاتحاد الإيطالي لكرة القدم عن اسم المدير الفني الجديد لمدة 3 أشهر، وكان لا بد في هذه المرحلة من تصعيد لويغي دي بياجيو، المدير الفني لمنتخب إيطاليا تحت 21 عاماً، لتولي القيادة الفنية للمنتخب الأول بشكل مؤقت.
وحل مانشيني محله أخيراً في مايو (أيار) 2018، ليتولى قيادة منتخب يعاني بشدة، في الوقت الذي أعلن فيه كل من جورجيو كيليني، وجيجي بوفون، وآندريا بارزالي، ودانييل دي روسي، اعتزالهم اللعب الدولي، رغم أن كيليني عاد وغير رأيه في النهاية. لكن إذا نظرنا للأمور من زاوية مختلفة، فقد يكون مانشيني محظوظاً لأنه تولى قيادة الفريق في هذه الفترة، حيث لم يكن مضطراً لإحداث حالة من التوازن بين اللاعبين أصحاب الخبرات الكبيرة واللاعبين الصغار في السن، فبدأ يضم العديد من الوجوه الشابة والأسماء التي لم تنضم من قبل، لدرجة أنه ضم كلاً من نيكولو زانيولو وساندرو تونالي لقائمة المنتخب الإيطالي حتى قبل أن يلعبا أي مباراة في الدوري الإيطالي الممتاز.
وكانت السرعة التي كون بها مانشيني فريقاً قوياً للغاية بلاعبين جدد، مذهلة للغاية. وبدأ مانشيني مباراته الأولى في دوري الأمم الأوروبية بالتعادل مع بولندا، ثم الخسارة أمام البرتغال في سبتمبر (أيلول) 2018، لكن إيطاليا لم تخسر أي مباراة أخرى منذ ذلك الحين. وقاد مانشيني إيطاليا لخوض 28 مباراة دون أي خسارة حتى الآن، كما فازت إيطاليا بجميع مبارياتها العشر في التصفيات المؤهلة ليورو 2020 – وهي المرة الأولى التي تسجل فيها إيطاليا العلامة الكاملة في التصفيات المؤهلة لأي بطولة كبرى – مسجلة 37 هدفاً، في الوقت الذي لم تهتز فيه شباكها إلا 4 مرات فقط. وتصدر المنتخب الإيطالي مجموعته في دوري الأمم الأوروبية بموسم 2020 – 2021، متفوقاً على هولندا، كما حقق الفوز في المباريات الثلاثة التي لعبها في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم حتى الآن.
ويمكن لإيطاليا ضمان التقدم لأدوار خروج المهزوم ببطولة كأس أوروبا قبل مباراة على نهاية مرحلة المجموعات عندما تواجه سويسرا في روما اليوم. ويسود شعور بالحماس في إيطاليا عقب فوز مقنع 3 – صفر على تركيا في افتتاح البطولة وسط تطلعات بوصول فريق المدرب مانشيني لنقطة بعيدة. لقد نجح مانشيني في إعادة الهوية إلى المنتخب الإيطالي، من خلال الاعتماد على مجموعة من اللاعبين الذين اختارهم بنفسه، بدلاً من أن يُفرضوا عليه! ويضم خط الوسط 3 لاعبين رائعين هم جورجينو وماركو فيراتي ونيكولو باريلا، الذين يكمل بعضهم بعضاً، حيث يقوم واحد منهم بتنظيم اللعب، في حين يتولى الثاني القتال ضد المنافسين، في الوقت الذي يقوم فيه الثالث بإفساد هجمات المنافس وكسر التواصل بين خطوطه.
ويقدم كل من لورينزو إنسيني وفيديريكو كييزا مستويات استثنائية على الأطراف، حيث يعتمد مانشيني على طريقة 4 – 3 – 3، التي تتحول إلى 3 – 2 – 4 – 1 عند الاستحواذ على الكرة، ويتقدم أحد الظهيرين إلى الأمام في حين يلتزم الآخر بالنواحي الدفاعية. ورغم أن التشكيلة الأساسية لمنتخب إيطاليا تضم عدداً من اللاعبين المخضرمين، مثل كيليني وليوناردو بونوتشي في قلب الدفاع وتشيرو إيموبيلي في الأمام، فإن القوام الأساسي للفريق يعتمد على مجموعة من المواهب الشابة التي أضفت على الفريق قدراً كبيراً من الطاقة والحماس، الذي كان غائباً عن الآزوري لبعض الوقت.
وقبل كل شيء، يجب التأكيد على أن أكبر نجاح حققه مانشيني هو تكوين فريق قوي لا يعتمد على أي لاعب بمفرده مهما كانت قدراته، لكنه يعتمد على اللعب الجماعي، بالإضافة إلى نجاحه في إيجاد بديل لكل لاعب. وقبل ذلك، كان من الطبيعي أن يواجه المنتخب الإيطالي مشكلة كبيرة للغاية بعد الإصابة التي تعرض لها فيراتي خلال الاستعدادات لكأس الأمم الأوروبية، لكن في الفريق الحالي يمكن أن يلعب مانويل لوكاتيلي مكانه حتى يعود من الإصابة، بعد أن لعب لوكاتيلي بالفعل 4 مباريات دولية خلال العام الحالي.
وسيكون نجم روما، لورينزو بيليغريني، اختياراً سهلاً أيضاً، بعد أن شارك في مباراتين حقق فيهما المنتخب الإيطالي الفوز في تصفيات كأس العالم في مارس (آذار) الماضي. لكن إلى أي مدى أثرت تجارب مانشيني لاعباً على طريقة عمله مديراً فنياً للمنتخب الإيطالي؟ إن أكثر شيء يندم عليه مانشيني في كرة القدم هو أنه لم يشارك قط في كأس العالم. لقد استُدعي لقائمة المنتخب الإيطالي لكأس العالم عام 1990، لكنه لم يلعب أي دقيقة في مباريات المونديال.
وكان فشله في الظهور في بطولة أخرى نتيجة تصرفاته السيئة، فقد استُبعد في عام 1986 لأنه لم يعتذر للمدير الفني، إنزو بيرزوت، بعد أن مكث طوال الليل في جولة أميركية. لقد انسحب من نهائيات كأس العالم 1994 في نوبة من الغضب بعد أن أشركه أريغو ساكي لمدة 45 دقيقة فقط في مباراة ودية غاب عنها روبرتو باجيو؛ النجم الذي يبعده عن التشكيلة الأساسية معظم الوقت. وحتى قبل تعيين مانشيني مديراً فنياً لإيطاليا، تحدث بصراحة في مقابلات صحافية عن رغبته في تعويض الوقت الذي ضاع منه. وقال لصحيفة «غازيتا ديلو سبورت» في يناير (كانون الثاني) 2018: «لديّ حلم، وهو أن أفوز مدرباً بالشيء الذي لم أفز به لاعباً: كأس العالم».
لقد أصبح مانشيني أكثر هدوءاً وحذراً ممّا كان عليه في عام 2008 عندما كشف – قبل الأوان وبشكل مزعج – بعد الهزيمة أمام ليفربول في دوري أبطال أوروبا عن نيته ترك منصبه مديراً فنياً لإنتر ميلان في نهاية الموسم. لكن هذا لا يعني أن دوافعه قد تغيرت. لقد فاز بلقب الدوري مديراً فنياً في إيطاليا وإنجلترا، لكن هذه الإنجازات قد تكون طغت عليها النجاحات الكبيرة للمديرين الفنيين الذين خلفوه في منصبه: جوزيه مورينيو قاد إنتر ميلان للفوز بالثلاثية التاريخية، وجوسيب غوارديولا قاد مانشستر سيتي للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز 3 مرات خلال 4 سنوات.
لكن الوصول بإيطاليا إلى المراحل الأخيرة من كأس الأمم الأوروبية هذا الصيف سيكون إنجازاً رائعاً، نظراً لحالة الفوضى التي كانت تسيطر على الفريق قبل مجيئه. لكن مانشيني لديه هدف واحد فقط في ذهنه، ويقول عن ذلك: «الهدف الآن هو قضاء الصيف في بلدة بورتونوفو (بلدة ساحلية قريبة من المكان الذي نشأ فيه) وأنا أوقع أوتوغرافات بصفتي المدير الفني للمنتخب الفائز بكأس الأمم الأوروبية».
[ad_2]
Source link